الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يهودية الدولة بين الحقيقة والوهم !

عبدالله أبو شرخ
(Abdallah M Abusharekh)

2013 / 9 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


يصر اليمين الإسرائيلي على ضرورة اعتراف العالم بيهودية دولة إسرائيل، بحسبان إسرائيل دولة ( للشعب / اليهودي )، فهل هناك ما يمكن تسميته شعب يهودي واحد أم أنهم شعوباً ينتمون لقوميات وهويات مختلفة ؟؟!

دعونا نفترض جدلاً وجود شعب يهودي واحد ( مؤقتاً )، فما الذي يمكن أن تعنيه " يهودية " الدولة ؟! هل مجرد الإعلان عن جملة من الأعياد الدينية التي ترتبط وتنبع من خرافات يجعل من الدولة يهودية ؟! وكيف تجعل " يهودية " الدولة من إسرائيل دولة مميزة عن باقي دول العالم ؟! وهل تجعل المعتقدات اليهودية من أصحابها متميزون عن باقي شعوب العالم ( الجوييم ) التي جعلها الله عبيداً لليهود ؟؟!

قد يتخيل السامع باصطلاح " يهودية الدولة " أن ثمة ما يميز إسرائيل عن باقي دول العالم، ولهذا نتساءل. هل توجد علوم يهودية مثلاً ؟! قد يبدو مضحكاً افتراض وجود أعداد يهودية أو إلكترونات يهودية أو إشارات مرور يهودية ! أم لعل الأبقار والماعز التي كان يربيها شارون يهودية ! بعد قيام الدولة العبرية عام 1948 سيطرت إسرائيل على بيارات البرتقال في حيفا ويافا واللد وصفد والرملة والجليل، فهل أصبح البرتقال يهودياً كذلك ؟!

ثم دعونا نتساءل أيضاً. ما الذي يجعل من اليهودي فرداً يتميز عن باقي الشعوب على هذا الكوكب ؟! هل اليهودي له أكثر من عينين اثنتين أو أكثر من قدمين، أم لعل معدة اليهودي تفرز حامضاً غير الهيدروكلوريك أو أن غدة البنكرياس لدى نتنياهو تفرز مادة أخرى غير الأنسولين ؟؟!

إن وهم تميز اليهود عن باقي شعوب العالم بحيث يصبح اعتناق دينهم قومية وعرق هو أمر غير منطقي ولا يمكن تفهمه، وإن يهودية الدولة هي وهم آخر يضاف لعقدة العنصرية، فالتقدم التكنولوجي والزراعي والصناعي ليس حكراً على اليهود، وأن اليابانيين " الجوييم " هم أكثر تقدماً من اليهود، رغم أنني لا أنكر وجود مبدعين كبار يهود على مستوى العالم ولكن ليس لاعتناقهم الدين اليهودي أي دور في إبداعهم، فالإبداع سمة إنسانية لا يتميز به أتباع دين أو عرق، مع التأكيد بأن اليهودية مجرد ديانة انتشرت في العالم عن طريق التبشير وليست عرق أو قومية.

من جهة أخرى فإن افتراض دين معين كهوية للدولة، ينفي عن القوميات الأخرى وسكان البلاد الأصليين الحق في العيش على قدم المساواة مع المواطنين اليهود، وهو ما يهبط بإسرائيل كدولة عنصرية صافية من الطراز الأول.

لا يوجد سيارات يهودية ولا رياضيات يهودية ولا فيزياء يهودية ولا رصيف مشاة يهودي. الدولة هي المؤسسات والخدمات المادية والمعنوية التي تقدم للناس، وليس ثمة ما يمنع أن تكون الدولة ثنائية القومية أو ثلاثية أو حتى خماسية، فالشعوب الصينية مثلاً تتألف من ستة وخمسين قومية مختلفة، ورغم ذلك فالصين تتفوق على جميع دول العالم في معدلات النمو الاقتصادي.

إن التحدي الحقيقي للبشرية الآن هو القدرة على حل النزاعات بطرق سلمية بعيداً عن الحروب الدامية التي يدفع ثمنها الأبرياء، فلماذا قامت الدولة العبرية بالدماء واستمرت بالدماء ووجودها مرهون بقدرتها على إراقة الدماء ؟! اليمين الصهيوني المتطرف عنصري ويكره غير اليهود " الجوييم " ويصر على مصادرة الأرض الفلسطينية بقوة السلاح. حتى وعد بلفور اشترط أن يعيش اليهود بسلام مع سكان البلاد الأصليين. لا ذنب للشعب الفلسطيني في رفض التقسيم وفق القرار 181 الذي يقسم فلسطين إلى دولة عربية ودولة يهودية، وإن كنت في معظم كتاباتي أطلق على إسرائيل ( الدولة العبرية ) نسبة إلى اللغة الرسمية المعتمدة. جهل القيادة الفلسطينية آنذاك حال بينها وبين قراءة ما ستؤول إليه الحرب العالمية. انتصر الحلفاء على المحور وكان اليهود من ضمن التحالف الغربي ضد النازية، وبعد أن وضعت الحرب أوزارها تقاسم المنتصرون تركة المهزومين وكانت فلسطين غنيمة لبريطانيا فوهبتها لليهود.

وعودٌ على بدء، فإن يهودية الدولة ليست إلا وهماً يضحكون به على السذج، فالدولة العلمانية الديمقراطية يمكن أن تتسع للشعبين معاً ليعم السلام الكامل والشامل، لا أن يستأثر شعب بجميع المقدرات فيما يعيش الشعب الآخر في مخيمات ومعازل وجيتوهات لا تشبه إلا الجيتوهات اليهودية التي أنشأها النازيون !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كأس أمم أوروبا: إسبانيا تكتسح جورجيا وإنكلترا تفوز بصعوبة عل


.. الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية: نتائج ودعوات




.. أولمرت: إذا اندلعت حرب شاملة مع حزب الله قد يختفي لبنان.. وا


.. إسرائيل تتحدث عن جاهزية خطط اليوم التالي للحرب وتختبر نموذجا




.. ميليشيا عراقية تهدد باستهداف أنبوب النفط المتجه إلى الأردن|