الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إمكانات وتحديّات تطبيق الليبراليّة في مصر والدول العربيّة

كلكامش نبيل

2013 / 9 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


الليبراليّة شمسٌ بدأت تُشرق على منطقة الشرق الأوسط حديثا وسط أجواء ضبابيّة ومخاوف الكثيرين من التغيّرات التي عَصَفت وتَعصف بالمنطقة عقب أحداث ما يُعرف بالربيع العربي، فعلى الرغم من أنّ المعطيات الإجتماعيّة الحاليّة في أغلب دول المنطقة تُشير إلى أنّ فُرص الأحزاب اليمينيّة والمحافظة تبدو الأكثر إلاّ أنّ مثل هذه الأجواء تُشكّل فرصة مناسبة لجميع الأفكار كي تتبلور وتنتشر، وهذا يتطلّب إعلاما قويّا يبشّر بهذه الأفكار وصحف تستقطب المفكّرين الليبراليّين وتدعمهم في نشر أفكارهم. قد يتساءل أحدهم لماذا الليبراليّة وهل هي النموذج الأفضل في العالم، وهي تساؤلات مبرّرة يمكن توضيحها من خلال نظرة إلى واقع الدول التي تنتهج هذا الفكر، فكل هذه الدول متقدّمة علميّا وإجتماعيّا وإقتصادها قوي ولها نفوذ سياسي كبير على المستوى العالمي، ويعود هذا كلّه إلى قِيم الحريّة الإجتماعيّة والإقتصاديّة السائدة فيها والتي تخلق أجواءا ملائمة للفكر الحر وللعقل كي يُحلّق في أجواء الخيال اللامحدود فيعود إلى أرض الواقع بإبتكارات تسهم في سعادة أبناء الإنسانيّة. وكدليل على أنّ مثل هذه الدول هي النموذج العالمي الأمثل في الوقت الحالي – فالفكر الإنساني في حالة نمو مستمر ولم تخلق التجربة المثلى لحدّ الآن ولا يمكن أن توجد فهنالك تجربة أمثل لكل عصر من العصور التاريخيّة – كدليل على ذلك يمكن ملاحظة العدد الهائل من العقول الفذّة في دول العالم الثالث والتي تطمح إلى الهجرة إلى فضاءات الحريّة تلك مؤمنةً بأنّها ستوفّر لها الفرصة السانحة لتحقيق أحلامها، وحتّى بالنسبة للعمالة البسيطة التي تداعب أفكارها أحلام الرفاهيّة الممكنة في تلك الدول، وعلى الصعيد الدولي نرى تسابق دول شرق أوربا والمعسكر الشيوعي السابق إلى الإنضمام إلى الإتّحاد الأوربي وتبني مباديء الليبراليّة والإستفادة من مناخات الحريّة الإقتصاديّة والإجتماعيّة التي تكفلها لها تلك النظم.

بالنسبة للفكر الليبرالي في مصر فبعضٌ ممّن يسمّون أنفسهم بالليبراليّين العرب هم في الحقيقة ليبراليّون بالنسبة إلى المجتمع المحافظ وربّما يُمكن وصفهم بالتيار الوسطي أو حتّى المحافظ إذا ما تمّ النظر إلى أفكارهم وفق المقاييس الغربيّة، أمّا المؤمنون بالليبراليّة الحقّة فهم نسبة صغيرة ولكنّها يمكن أن تكون فاعلة، غير أنّ العقبات الآن واسعة وصعبة بسبب تنامي المدّ الديني وصعود التيارات المحافظة، لكنّ ما حدث في 30 يونيو-حزيران جدّد الأمل في قوّة المجتمع المدني وفاعليّته في مصر وإن بدعم الجيش، وهذه خطوة جيّدة لأنّ المرحلة الإنتقاليّة لا بدّ أن تفرز دستورا يحترم مباديء الديمقراطيّة التي لا تعني صندوق الإنتخاب وحده، بل هي نظام متكامل مبني على إحترام الحريّات العامّة وبناء دولة تؤمن بقيم الحداثة وهذا ما لم يكن ممكنا مع حكومة تهيمن عليها الأحزاب الدينيّة التي تحمل أفكارا ومشاريع لا تؤمن بالديمقراطيّة في واقع الأمر. لكنّ هذه المرحلة قد تكون تعديل للمسار في الطريق الصحيح، لتفرز دستورا يعزّز القيم الليبراليّة ويضع الأسس الصحيحة لعمليّة ديمقراطيّة ثابتة بشكل يضمن عدم قدرة أي رئيس منتخب في المستقبل تغيير شكل الدولة وفق أفكاره الخاصّة أو أفكار حزبه الذي ينتمي إليه، وهذا مهم بالنسبة لأي دولة عصريّة، ألاّ يكون للرئيس الصلاحيّات الواسعة في تغيّير شكل الدولة وأسسها العامّة.

في النصف الأوّل من القرن العشرين كان إقبال دول المنطقة في مصر والعراق والشام وشمال أفريقيا على الثقافة الغربيّة كبيرا وأسرع بكثير ممّا لاقته من إقبال في دول أخرى كالصين مثلا، أو على الأقل النُخب الإجتماعيّة في هذه الدول، وقد كانت هذه النخب ذات نفوذ كبير بشكل يطغى على تأثير أغلبيّة الشعب الصامتة، لكنّ إنتشار التعليم وصعود طبقات جديدة وإثراء أخرى من دون تغيّير ثقافي هو ما أدّى إلى تراجع المنطقة. طبعا إنتشار التعليم هو أهم مقوّمات بلد متمدّن ومتحضّر معتمد على نفسه، ولكن طبيعة المناهج التعليميّة هي المشكلة، فهي تعتمد طرائق قديمة ونادرا ما تمنح الطالب فرصة التفكير الذاتي وخلق أسئلة جديدة وبالتالي تقف عائقا أمام تفجير طاقات إبداعيّة جديدة، فهي تعوّد الأجيال على مبدأ تلقّي المعلومة الجاهزة والإعتماد على الكتب المدرسيّة والتلفاز والأهل كمصادر أخرى للمعلومة، فطريقة التعليم في معظم دول المنطقة مضادّة تماما لروح البحث العلمي والتفكير الحر، يجب أن يكون التعليم كما يقول الشاعر والكاتب المسرحي الإنجليزي ويليام بتلر ييتس "ليس التعليم مليء وعاء وإنّما إيقاد شعلة" وهي مقولة مشابهة لما قاله الفيلسوف سقراط من قبل. التعليم هو الأساس لتغيير المجتمع، فإذا ما أردنا تنشئة جيل جديد مثقّف وقادر على الإبداع، فعلينا أن نستثمر في التعليم، أن نوفّر للجميع تعليما ذا أسس ليبراليّة تؤمن بالحريّات والفكر الذي يتجاوز كل التابوهات وأن يكسر كل طفل في داخله ذلك الخوف من أن يفكّر بحريّة ويطرح كل الأسئلة والقضايا للنقاش وأن لا يخشى من التعبير عن النتيجة التي سينتهي إليه تفكيره وفق المنطق الذي إتّبعه. إنّ توفير هذا النوع من التعليم يحتّم على الدولة النهوض بواقع المعلّم والمدرسة لتوفير أجواء تجعل المدرسة واحة للفكر لا التلقي الأحادي الطرف فحسب، المهمّة صعبة ولكنّها ليست مستحيلة أبدا وضروريّة لأي دولة تروم النهضة والتقدّم، لأنّ هذا الإستثمار هو أفضل ما قد تقدم عليه أمّة من الأمم، ونذكر في هذا الصدد مقولة للفيلسوف الصيني كونفوشيوس "إن كنت تخطط لسنةٍ واحدة، ازرع رزاً، وإن كنت تخطط لعشر سنوات، ازرع أشجاراً. أما إن كنت تخطط لمائة عام، علِّم الناس.".

إنّ نجاح المصريّين في إزالة الحُكم بعد سنة من الإنتخابات يعود إلى وجود طبقة كبيرة نشأت في مدارس ذات تعليم جيّد وقادرة على التفكير بحريّة، هذا بالإضافة إلى إنعدام فكرة الخوف من الدكتاتوريّة الدمويّة الموجودة في دول أخرى كثيرة في المنطقة والتي قتلت أي روح طامحة للحريّة لدى تلك الشعوب، ومن هنا نرى أهميّة تنوّع أشكال المدارس والتعليم في مصر ويمكن إستقراء مدى التأثير الممكن لو أصبح ذلك النوع من التعليم الليبرالي متاحا لأكبر طبقة ممكنة من أبناء الشعب – إن إستحال توفيره للجميع – فللمدرسة تأثير لا يستهان به في تنشئة الأجيال وتغيّيرهم حتّى في ظل وجود التأثير الأسري، فمن ينشأ على أسس حرّة سيكون من الصعوبة إخضاعه لما هو خارج عن إرادته. كما يجب أن نتذكّر بأنّ تغيّير المجتمع بأسره أمر مستحيل ولا تزال هنالك فئات محافظة في أكثر الدول تقدّما، لكن الهدف خلق طبقة مؤثّرة قادرة على الإختيار الحر لبدأ مرحلة ديمقراطيّة حقيقيّة يكون فيها صندوق الإنتخابات معبّرا عن حاجة الجماهير الواقعيّة ولا يمكن لأي مرشّح أن يؤثّر في الناخبين عن طريق التلاعب بمشاعرهم الدينيّة التي لن تحقّق للأمّة حاجاتها الحقيقيّة والتي تغفل عنها الجموع الغفيرة من الطبقة البسيطة المحرومة من التعليم العالي الجودة والمحرومة من أن تكون قادرة على معرفة أحلامها أو أن تحلم في خلق واقع جديد يليق بالكرامة الإنسانيّة.

قد تبدو المهمّة صعبة ولكنّ نظرة إلى التاريخ الأوربي في العصور الوسطى وكيف كانت تلك الدول تتلظّى بنيران الحروب الدينيّة والطائفيّة وما كان يتعرّض له المفكّرون الأحرار والأقليّات التي كانت تقتل بالآلاف أو تضطر للهجرة إلى العالم الجديد خشية القتل أو الطرد، ونظرة إلى واقع إحترام حقوق الإنسان في هذه الدول اليوم والتي تحلم كل الطبقات الطموحة في دولنا إلى محاكاته يثبت أنّ التغيّرات تأتي بالتدريج، فقد بدأت أوربا الخطوات في دعوات للإصلاح الديني في عهد الملكة إليزابيث الأولى ودعوات جون لوك للتسامح الديني وخطوات مماثلة في عدّة دول أوربيّة مَنحت اليهود حقوق طبع الكتب والأقليّات الأخرى حقوق ممارسة الشعائر الدينيّة ومن ثمّ منح المرأة حقوقها السياسيّة في عصور لاحقة، كل هذا يؤكّد أنّ النهضة تبدأ بالتدريج وقد خطت دولنا الكثير نحو التمدّن الكامل وكانت دولا عصريّة في إطار محافظ في القرن الماضي، هذا يثبت أنّ المهمّة أسهل بكثير في الوقت الحالي، لكنّ التراجع كان سببه تقييد الحريّات السياسيّة وغياب فكر سياسي واضح المعالم في العقدين الأخيرين بشكل أدّى إلى تصاعد دور الأحزاب المحافظة من جديد، كما أنّ البعض أصابه الملل من ذلك الركود وخصوصا مع شعور متزايد بتردّي الواقع الإقتصادي وتدهور أوضاع البلاد، لكنّ النقطة الأساسيّة التي تقف وراء ذلك هي أنّ التجربة السابقة تمّ تصديرها جاهزة من الدول الغربيّة فإنتقل الشعب بسرعة من واقع الدولة المحافظة أيّام حكم العثمانيّين إلى واقع دول تحاكي الطابع الغربي – مع عدم إغفال دور العديد من المفكّرين وروّاد النهضة العربيّة في مطلع القرن العشرين ودور العديد من الصحف التقدّميّة في ذلك الوقت – إلاّ أنّ التجربة لم تكن ذاتيّة ممّا أدّى إلى سرعة إنحسارها، فإذا أردنا لتجربة أن تنجح فلا بدّ أن تكون ذاتيّة ويكون المفكّرين الداعين لها من أبناء المنطقة وعارفين بأمورها وبالقضايا التي تعيق تقدّم مجتمعاتهم ونقدها بطريقة بنّاءة تؤدي بالنتيجة إلى الهدف المنشود، هذه الفكرة يؤيّدها الفيلسوف الفرنسي السويسري المولد جان جاك روسّو في كتابه "العقد الإجتماعي" إذ يرى أنّ نهضة روسيا الحديثة وإنتقالها السريع في عهد بطرس الأكبر الذي كان مفتونا بالنموذج الغربي قد أعاق الروس عن تطورهم الطبيعي التدريجي الذي كانوا سيكونونه يوما ما. لكنّ تلك التجربة ستجعل المهمّة أسهل بكثير وتختصر الكثير من الجهود، فشعوب المنطقة ذات تاريخ حضاري عريق وهي مقبلة على الحياة العصريّة وقيمها والمشاكل التي تواجه إنتشار الفكر الليبرالي تكاد تكون محصورة في قضايا معيّنة ويمكن لتوفير تعليم جيّد ودعم للمفكّرين وتفاعلهم مع كل فئات الشعب ومغادرة أبراجهم العاجيّة وإيجاد وسائل تكفل إيصال أفكارهم بأساليب بسيطة إلى آخر قريّة في البلد سيسهم في تغيّير المجتمع.

قد يقول البعض لماذا علينا أن نغيّر واقع المجتمع، لكنّ المسألة واضحة فعندما تسود قيم الليبراليّة ستزول تدريجيّا الكثير من المشاكل الإجتماعيّة وستسود مباديء المواطنة وتشعر كل فئات الشعب بأنّها شريك في الوطن ولها نفس الحقوق وعليها نفس الواجبات، ومن شأن ذلك الشعور بالعدالة والمساواة إمتصاص كل المشاكل العرقيّة والطائفيّة ليسود سلم مجتمعي على أسس رصينة لا يمكن إختراقها أو زعزعتها، كما أنّ ذلك السلم والشعور بالعدالة لكل الفئات الطبقيّة أيضا سينجم عنه تغيّر في إستعداد الفرد لخدمة وطنه وإخلاصه في العمل ممّا يؤدّي إلى نهضة إقتصاديّة واعدة. المجتمع بحاجة إلى أن يشيع فيه المفهوم الليبرالي للحريّة وأن يدرك الجميع بأنّ حريّتهم تنتهي عندما تبدأ حريّة الآخرين وهذا يحتاج إلى تغيّير في نوعيّة التفكير الجمعي للشعب فيعرف بأنّه لا يحق له إنتقاد أمور تدخل في إطار الحريّة الشخصيّة وكونها شأنٌ خاص لا حق للآخر في التدخّل فيه، وهذا يقتضي وجود قوانين ليبراليّة تكفل الحريّة الفكريّة والإجتماعيّة والإقتصاديّة والسياسيّة للجميع بما لا يضر بالآخرين أو بالدولة ككيان، فالكل يعرف بأنّ الفكرة العامّة في دول المنطقة تتيح لهم التدخل في شؤون الآخرين الخاصّة كالملبس وغيره ولكنّهم لا يتدخّلون في نصح من يقوم بمخالفة مروريّة أو يقوم بإلقاء المهملات في الشارع، إنّها مسألة ثقافة تحتاج إلى تغيّير كامل، أن يتعلّم المواطن الإهتمام بما يمس الشأن العام وترك الأمور الخاصّة والتي لا تمس إلاّ صاحبها، وتحتاج تغيير الثقافة إلى صبر وجهد مستمر لأشخاص مؤمنين برسالتهم ولا يصيبهم الكلل أو الملل.

إنّ العامل الآخر المساوي تماما في أهميّته لأهميّة التعليم في إحداث التغيّير المنشود، هو النهوض بواقع المرأة، قد يظن البعض أنّ وصول المرأة إلى مناصب حكوميّة عليا ومشاركتها في الإنتخابات هو الهدف فقط، وقد يظن المراقب العام بأنّ المرأة متعلّمة وتشكل نسبة كبيرة من طلبة أعلى الكليّات في الوطن، إلاّ أنّ هذه النظرة غير مكتملة فلا تزال نسبة النساء المتعلّمات منخفضة ولا تزال مجتمعات كاملة في الأرياف تعاني فيها المرأة من الفقر والجهل والإضطهاد والعنف الأسري، وهذا أحد أهم الأسباب التي تقف عائقا أمام نهضة المجتمع، لطالما آمنت بأنّ "المرأة كلّ المجتمع، فهي نصفه في الإحصاءات و سبب وجود النصف الآخر و الأكثر تأثيرا فيه." ولا سبيل إلى بناء مجتمع حرّ من دون تحرير المرأة فيه وتحقيقها إستقلالها الإقتصادي والإجتماعي، فلن تنشيء إمرأة مستعبدة إلاّ أجيالا من العبيد. وقد أثبتت المرأة المصريّة المتعلّمة بأنّها قويّة ومحبّة لوطنها ومستعدّة للموت في سبيله من خلال مشاركتها بقوّة في كل التظاهرات والأنشطة السياسيّة في الآونة الأخيرة وقد أبرز هذا الأمر بوضوح سبب خوف الأيديولوجيّات الرجعيّة من المرأة وحرصهم على إستعبادها لأنّ تحريرها بمثابة بذرة زوال هيمنتهم مستقبلا. ويحتاج هذا الهدف إلى جهود نساء قويّات مؤثّرات في مجتمعهنّ لأنّ المهمّة صعبة أيضا خصوصا مع شيوع ثقافة لدى النساء عبر الأزمنة ترى في الإنتقاص من ذات المرأة حقّا كاملا وهبة لا يمكن مناقشتها. وتاريخ المنطقة القديم حافل بالملكات العظيمات وهذا يؤكّد أنّ المجتمع بطبيعته قد تقبّل في الماضي وجود المرأة في أعلى المناصب ويمكن أن تهزم العقليّة الأبويّة السائدة الآن مستقبلا.

ومن أجل إحداث تغيّير لا يمكن أن يتراجع يوما ما يجب أن تسود ثقافة الفكر الحر والحوار الهاديء المبني على تقبّل الرأي المخالف فكما يقول أرسطو "علامة العقل المتعلم هو قدرته على تداول الفكرة دون أن يتقبلها." وإذا ما شاع هذا النوع من التفكير على نطاق واسع – فالمنطق يقول أنّ قدرة البشر تختلف ومن غير الواقعي أن نحلم في أن يفكّر الجميع بهذه الطريقة – فإنّ من شأنه أن يمتص الكثير من المشاكل وإيجاد حلول لها بطرق هادئة بعيدة عن الإنفعالات فيسود جو من الوئام والتفاهم، وسيكون العالم أكثر سلميّة إذا ما إبتعد عن العقائد الدوغمائيّة التي تصرّ على وضع حدود فاصلة للخير والشر وتصنيف الأمور وفقها والتعصّب الأعمى للرأي المبنى على وجهة نظر مسبقة غير قابلة للتفاهم، العالم بحق يحتاج إلى أن يفكّر بمبدأ الفيلسوف الفرنسي فولتير عندما قال "إنني لا اتفق معك فيما تقول , ولكنني على استعداد لأن أضحي بحياتي دفاعا عن حقك في أن تقوله." سيكون لإنتشار مثل هذه الأفكار دور في خلق عالم أكثر أمنا ومبني على إحترام الجميع وعدم فرض وجهة نظر ما على العالم بأسره.

سيكون لقيام مجتمع يؤمن بالليبراليّة اثر إقتصادي كبير، فستساهم الأجواء الإجتماعيّة الجديدة في جذب المستثمرين وتزيد من ثقتهم في مؤسّسات الدولة، كما سيدعم جو السلم الأهلي والتفاهم المجتمعي إستقرار السوق بشكل يجذب المزيد من السيّاح والمستثمرين بما يعود على الوطن والمجتمع بالنفع والخير الكثير، فلشيوع النزعة الليبراليّة في الإقتصاد تسهيل عمل المستثمرين الأجانب وتشجيعهم على بناء مصانع جديدة توفّر فرص عمل للآلاف من أبناء الوطن وتقليل البطالة، وهذا بدوره يحسّن الواقع المعاشي للشعب. قد يكون للليبراليّة الإقتصاديّة مضار أحيانا ولكنّ هذا موجود في كل فكر في العالم والحل لا يعني رفض ذلك الفكر بل العمل على تقليل المضار والتركيز على الجوانب الإيجابيّة منه وتعزيزها. ولتحقيق كل هذا لا بد من النهوض بالإنسان أوّلا فبالنهوض به ينهض الإقتصاد وتتطوّر السياسة لأنّ الإنسان يبقى الثروة الأهم والأسمى والأبقى لأي أمّة من الأمم.

كلكامش نبيل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعقيب
عبدالغني زيدان ( 2013 / 9 / 29 - 19:04 )
اعتقد انك بعيد جدا عن الفكر العصري الحديث اخي العزيز الانسان الغربي والذي ارتبط ارتابطا كليا بالعملية الحداثية والعلمانية والليبرالية بدا يطرح فكر ما بعد الحداثة وما بعد الليبرالية وما بعد وما بعد
هذا الفكر ان دل على شيء يدل على ضعف الانسان في قيادة زمام الانسانية للوصول الى الكمال
ثم اخي العزيز النظرة النسبية اعتبرها استخفاف بالعقول واذا خرجت من مفكر فانني اعتبرها شتيمة لاصحاب العققول الحرة بالنسبة لي فضلا عن انني اتعبت راسي في قراءة لاباء الفكر الحداثي والليبرالي ومطالعت المقالات النابعة من بعض المفكريين الليبراليين فانني ببساطة بفهمي ووعي البسيط والمعرب بعكسكم اعتبر ان الليبرالية هي المطلق المستبد للانسان فاذا وصلت الدولة وتشكلت في ضل هذا المفهوم فاننا سنسقط فعليا بمصطلح ما بعد فضلا اعتقد ان الفكر الغربي ما ان وصل الى هذا المصطلح ( ما بعد ) فانه يخلق ميتافيزيقيا مستقبلية ) فضلا عن انه يرفض اي ميتافيزيقيا تاريخية او شمولية او تسير بمسار شمولي اسمى من الواقع البشري لهذا مقالك بعيد جدا عن الواقع ومتطلبات الحاضر لو كان طرح فكري متجرد لكان افضل ش

اخر الافلام

.. الخارجية الروسية: أي جنود فرنسيين يتم إرسالهم لأوكرانيا سنعت


.. تأجيل محاكمة ترامب في قضية الوثائق السرية | #أميركا_اليوم




.. دبابة إسرائيلية تفجّر محطة غاز في منطقة الشوكة شرق رفح


.. بايدن: لن تحصل إسرائيل على دعمنا إذا دخلت المناطق السكانية ف




.. وصول عدد من جثامين القصف الإسرائيلي على حي التفاح إلى المستش