الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العوامل الاربعة للانفراج المقبل

بودريس درهمان

2013 / 9 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


الى حدود فصل ربيع 2014 ستعرف المنطقة المغاربية انفراجا سياسيا جراء انخفاض الضغوطات الدولية عليها و هذا الانفراج سيسمح لحكومات المنطقة و دولها الانصراف الى تنفيذ برامجها الوطنية خارج الضغوطات و خارج التدخلات المجحفة. انخفاض حدة التدخلات الدولية في المنطقة سببه يعود الى عدة عوامل اقليمية و دولية نلخص اهمها في العوامل الاربعة التالية:
العامل الاول هو دخول الولايات المتحدة الامريكية في شبه حالة انحلال فدرالي انطلاقا من يوم السابع عشر من اكتوبر القادم و ذلك جراء الاختلاف الايديولوجي القوي الحاصل ما بين الرئيس أوباما و الحزب الجمهوري حول السياسة المالية للولايات المتحدة الامريكية. بسبب هذا الاختلاف الايديولوجي القوي رفضت الغرفة السفلى للبرلمان الامريكي التي يسيطر عليها الجمهوريون التصويت على الرفع من سقف المديونية و المصادقة على برنامج الرئيس أوباما في القطاع الصحي. الاختلاف الايديولوجي الحاصل حول السياسة المالية للولايات المتحدة الامريكية بين الحزب الجمهوري و الرئيس اوباما يتلخص في اعطاء الحزب الجمهوري الاولوية للعرض( الانتاج و المقاولات و ارباب الشركات) على حساب الطلب(الاستهلاك، العمال و الموظفون). الرئيس أوباما يرى بأنه من الضروري الرفع من الاجور و من التغطية الصحية للأمريكيين حتى يستطيع هؤلاء الاقبال على شراء المنتوجات و مواكبة عروض الاسواق. في احدى تدخلاته أكد بان شريحة واحدة من المجتمع تشكل اقل من واحد في المئة من المجتمع الامريكي هي التي ارتفعت عائداتها اربع مرات ما بين سنتي 1979 و 2007 في حين عائدات العائلات الامريكية المتوسطة بالكاد تململت خلال نفس الفترة. وجهة نظر الرئيس اوباما المستلهمة من افكار الاقتصادي ستيكليتز الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد يدعمها كاتب الدولة في الخزينة الامريكية جاك لو الذي وجه رسالة الى الكونغريس الامريكي خلال الاسبوع الجاري بالضبط يوم السبت 28 شتنبر أكد فيها انه في حالة عدم الرفع من سقف المديونية فان مدخرات الخزينة التي هي في حدود ثلاثون مليار دولار سيتم صرفها فقط خلال المدة الفاصلة بين يومي 22 اكتوبر و الثلاثون منه. دخول الولايات المتحدة الامريكية في ازمة سياسية و اقتصادية حادة سيجعلها تعرف انكماشا سياسيا و ديبلوماسيا على الاقل الى حدود فصل الربيع المقبل.
العامل الثاني هو دخول الجمهورية المصرية مع مبتدآ فصل الربيع المقبل نهاية المرحلة الاولى لانتقالها الديموقراطي المتمثل في تهييئ دستور ديمقراطي توافقي يحدد صلاحيات مختلف السلط بما فيها سلطة الجيش بداخل النظام السياسي المصري. هذا الدستور الجديد يتم تهييئه من طرف لجنة الخمسين التي تشكلت بداخلها لجنة ثانية مصغرة مكلفة بتحديد صلاحيات الجيش المصري بداخل هياكل الدولة. منهجية عملية تهييئ الدستور المصري الجديد عرفت استحسانا قويا من طرف معظم الحساسيات السياسية و الفكرية و الثقافية و هذه المنهجية هي عكس تجربة الاخوان المسلمين في تهييئ الدستور المصري لأنها اعتمدت على الاستعلاء و الاقصاء بالإضافة الى التركيز على التمرير الايديولوجي الغير مراع لقناعات و تصورات كل المصريين.
العامل الثالث هو تراجع امكانيات تنظيم القاعدة في الغرب الاسلامي جراء امتناع قوى محلية كثيرة الاستثمار في الفكر الجهادي الغير منتج لا اقتصاديا و لا حضاريا. هذا الامتناع ترتب عنه تحول تنظيم القاعدة من تنظيم عالمي يقوم بأجرأة اهداف و قيم العولمة الى تنظيم تقليدي يعتمد فقط على الامكانيات المحلية المتمثلة في الدعاية و التشهير بالشخصيات العمومية بالإضافة الى استعمال الاحزمة الناسفة و تفخيخ العربات التقليدية كما حدث في منطقة كيدال بمالي يوم السبت الماضي (28 شتنبر).
العامل الرابع هو التعديلات الدستورية للجمهورية الجزائرية التي اقتفت اثار المملكة المغربية و صممت العزم ضدا على قناعاتها السابقة الاعتراف باللغة الأمازيغية كلغة وطنية جزائرية. هذا التعديل الدستوري سيساهم في قطع الطريق على تنظيم القاعدة الذي ركز منذ سنة 2010 على استغلال غضب منطقة القبائل و عمل على استقطاب ابنائها من الشباب العاطل.
هذه العوامل الاربعة ستساهم في خفض حدة تدخل القوى الاجنبية في المنطقة المغاربية، على الاقل الى حدود فصل الربيع القادم، و هذا الانخفاض في حدة التدخل سيسمح لدول المنطقة التحكم في توازناتها السياسية و اتباع برامجها التنموية التي عرقلتها اللوبيات الضاغطة المستعينة بالقوى الاجنبية و المتحالفة مع السماسرة المحليين.
هذا الانفراج المرتقب لا محالة استشعرته اللوبيات المحلية الضاغطة و استشعرته كذلك القوى المستفيدة من حالات الضغط الرهيب الممارس على الدول فعملت على خلق ظروف استمرار الوضع كما هو عن طريق تأزيم الحياة السياسية و الاقتصادية اكثر مما هي متأزمة و ذلك حتى لا تستطيع الفئات المنتجة و العاملة بداخل المجتمع المطالبة بتوازنات جديدة ما بين مردوديتها في العمل و حقوقها في الاجور عن طريق الرفع منها و الرفع من نوعية و جودة التغطية الصحية المصينة للكرامة الانسانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ظل التحول الرقمي العالمي.. أي مستقبل للكتب الإلكترونية في


.. صناعة الأزياء.. ما تأثير -الموضة السريعة- على البيئة؟




.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا


.. تصاعد ملحوظ في وتيرة العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل




.. اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة الخليل لتأمين اقتحامات