الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أيتها الشعوب إذا كنت غير راضية بالموجود، فلتجربي البديل

وليد الميموني

2013 / 9 / 30
الثورات والانتفاضات الجماهيرية



أفضل من وصف زئبقية الشعوب غوستاف لوبون في كتابه "سيكولوجية الجماهير". وقد أثبتت الأيام أنه كان على حق عندما صورها على أنها مجرد قطيع يمكن أن تقوده ذات اليمين وذات الشمال. وعندما ننظر إلى تصرفات الشعوب في أكثر من مكان نجدها قابلة للتطويع كالعجينة، خاصة في ظل وجود وسائل إعلام شيطانية قادرة حتى على إقناع الشعوب بأن الأبيض أسود، والأسود أبيض.
صحيح أن حكم الشعوب يقوم بالدرجة الأولى على خداعها حتى في الديمقراطيات الغربية، لكن عملية الخداع الحاصلة في بلدان الربيع العربي لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء لم يسبق لها مثيل في التاريخ من حيث قذارتها وفجاجتها، خاصة على صعيد استخدام البعبع الإسلامي لإعادة الشعوب إلى حظيرة الطاعة القديمة.
فقد أثبتت الأيام أنه كانت هناك خطة أصبحت واضحة للعيان لإفشال الثورات العربية. وتتمثل الخطة في الدفع بالإسلاميين إلى الواجهة ليكونوا القوة البديلة للأنظمة الساقطة والمتساقطة. وبعد ذلك يبدأ العمل على شيطنتهم وإظهارهم بمظهر البديل الأسوأ للأنظمة القديمة، ناهيك عن أن الإسلاميين أنفسهم ساهموا في هذه الخطة بسبب فشلهم الذر يع في إدارة المراحل الانتقالية وتصرفات بعضهم التي نفرّت الشعوب منهم، مما جعل الناس تحن إلى العهود القديمة، أو ترضى بالموجود. الخطة التي أطلقها أعداء الثورات نجحت حتى الآن، وعنوانها الرئيسي: أيتها الشعوب إذا كنت غير راضية بالموجود، فلتجربي البديل.
فلو حاولت الجماعات الإسلامية في أي مكان الاتحاد تحت قيادة موحدة لعمل الآخرون على دق ألف إسفين وإسفين فيما بينها. تذكروا كيف راحوا يدقون الأسافين بين المجاهدين الأفغان بعد أن انتصروا على السوفيات، فقد كانت مهمتهم محصورة في المساعدة على طرد السوفيات من أفغانستان. وعندما أنجزوا المهمة كان لابد من تفريقهم وشق صفوفهم على أيدي نفس الجهات التي دعمتهم ضد السوفيات.
فلنلاحظ أن كل المداولات الدولية حول سوريا ليست مهتمة أبدا بوضع الشعب السوري وماذا يريد، فهي فقط تركز على ضمان مصالح روسيا وإيران وأمريكا في سوريا، وكأن الثورة السورية قامت من أجل تدمير الكيماوي من أجل إسرائيل، والتخلص من نووي إيران مقابل ضمان بقاء النظام السوري في السلطة خدمة للمصالح الإيرانية. هذا هو المطروح. وليعلم السوريون أنهم خارج اللعبة الدولية تماماً. فهل سيسمحون لهذا السيناريو القميء أن يمر؟ بكل الأحوال، الأرض ستكذّب المتآمرين على محنة الشعب السوري.
ادن لنكن واقعيين: هناك تحالف شيعي صلب يمتد من إيران عبر العراق فسوريا فلبنان. وهو حلف ذو كثافة وأكثرية سكانية هائلة، ناهيك عن أنه على قلب قيادة وأهداف واحدة. وهو أكثر تنظيماً وتعاضداً من غيره، خاصة وأنه أنجز حلماً راوده لمئات السنين بأن يصبح سيد المنطقة. وبناء على ذلك، فمن الصعب جداً أن يتنازل عن إنجازاته الرهيبة لأحد، ولا شك أنه سيتمسك بها بأسنانه. ومن الواضح أنه بات يحظى بمباركة أمريكية لا تخطئها عين. وما التقارب الأمريكي الإيراني إلا دليل على قوة الحلف وتصاعد نفوذه في المنطقة.

على العكس من ذلك نجد أن الأحزاب والجماعات السنية في المنطقة تتآمر على بعضها البعض بالغالي والرخيص. الأمثلة كثيرة أمامكم، فما أن تظهر جماعة أو حزب سني إلا وتبدأ الجماعات السنية الأخرى بضربه وإخراجه من الساحة حتى لو كان منتخبا شعبياً، بينما الحلف الشيعي يفرك يديه فرحاً بهذا الاشتباك السني السني القاتل. ولم يخطئ بعض الساخرين عندما علق قائلاً: إن أفضل من يخدم الحلف الشيعي في المنطقة هي الأحزاب والجماعات السنية المتناحرة.

ليس المقصود من الكلام أعلاه سوى إيضاح حقيقية إستراتيجية وجيوسياسية أصبحت واضحة كعين الشمس. ولا يسعنا أن نقول سوى: حلال على هدا، ولا عزاء للمتناحرين الذين يطلقون النار على أرجلهم، ثم يشتكون من تآمر الآخرين عليهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Human Rights - To Your Left: Palestine | عن حقوق الإنسان - ع


.. لمحات من نضالات الطبقة العاملة مع امين عام اتحاد نقابات العم




.. كلمات ادريس الراضي وخديجة الهلالي وعبد الإله بن عبد السلام.


.. الشرطة الأمريكية تعتدي على متظاهرين داعمين لغزة أمام متحف جا




.. الشرطة الأميركية تواجه المتظاهرين بدراجات هوائية