الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحق في مستوى مناسب من المعيشة

محمد ثامر السعدون

2013 / 10 / 1
حقوق الانسان


تناول الاعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة 1948 في المادة 25 منه حق الانسان في مستوى ملائم من المعيشة وذلك في الفقرة الاولى بقوله (( لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولاسرته ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة , وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن ارادته )) .
يمكن القول إن المواد العاشرة والحادية عشر من العهد الدولي الخاص بالحقوق لاجتماعية والاقتصادية والثقافية تحدثت عن حق الانسان في مستوى عالي من المعيشة ولكن الصياغة التي جاءت بها هاتان المادتان هي صياغة متداخلة بين حق الانسان كانسان في مستوى معيشي ملائم وحق الانسان وهو رب اسرة أو عضو فيها إن يعيش وفق هذا النسق الاسري في مستوى معيشي ملائم ويمكن إن نوجز سمات هاتين المادتين بما يلي :-
1- توفير ضمانات قانونية تمثل حماية طبيعية ومساعدة لتاسيس الاسرة ابتداء ولمنحها مقومات البقاء .
2- تأمين التحرر من الجوع .
3- يجب إن يتم بناء الاسرة عن طريق الاختيار الحر .
4- تلتزم الدولة بتوفير حماية للام قبل الولادة وبعدها خصوصا فيما يتعلق بضمان الاجر وضمان التضامن الاجتماعي اثناء هذه الفترة .
5- تلتزم الدولة بسن القوانين التي تمنع استغلال الأطفال اقتصاديا واجتماعيا وتجريم كل شخص يستخدم الأطفال في اعمال تلحق الاضرار بهم ايا كانت صورة هذا الضرر.
6- تلتزم الدولة بضمان مستوى المعيشة مناسب لكل فرد بمفرده ولكل اسرة اذا كان هذا الفرد عضوا في تلك الاسرة وتشمل كلمة المستوى المعيشي (( المسكن و المأكل والغذاء )) .
7- تلتزم الدولة بالعمل على تحسين المستوى المعاشي (( المسكن والغذاء والملبس )) باستمرار .
8- تلتزم الدولة بالعمل على تحسين وسائل الانتاج وحفظ وتوزيع الاغذية ونشر المعرفة بمبادئ التغذية .
9- تطوير الموارد الطبيعية واستثمار الثروات الزراعية واصلاح القطاع الزراعي بشكل خاص .
10- تأمين توزيع عادل للحقوق الغذائية في العالم تبعا للحاجة مع الاخذ بالحسبان مشاكل البلدان المستوردة .
الخاتمة
اذا كان ثمة فرق بين الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فانه فرق بسيط ينحصر في الاجراءات ومدى استجابة الدول ولا يتعلق بجوهر هذه الحقوق أو مدى اهميتها والدليل على ذلك إن كلا العهدين دخلا دور النفاذ في ذات العام وهو 1976 بل إن العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والاقتصادية دخل دور النفاذ في 3 كانون الثاني في حين دخل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية دور النفاذ في 23 اذار من ذات العام الا إن درجة استجابة الدول من خلال المصادقة تركزت بفارق قليل على الاخير .
إن الجزم بان هذه الحقوق تخرج عن الطبيعة السياسية للانظمة الحاكمة في الدول هو جزم يجانب الصواب اذ إن هذه الحقوق تعتمد بشكل كبير على الاجراءات التي يجب إن تتخذها الدول لوضع هذه الحقوق موضع التطبيق وهذا ما هو منصوص عليه في جوهر العهد الدولي الخاص بها كما إن طبيعة الية التنفيذ التي اعتمدها هذا العهد استندت إلى نظام التقاريرولم تستند إلى نظام الشكاوى أو العرائض المعمول به في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بل إن الدول حتى في تطبيقها لنصوص هذا العهد حاولت إن لاتخرج عن الاشارة أو التجسيد لما تعتنقه من مبادئ وافكار وايدلوجبات وقد ظهر الامر جليا في تعامل الدول مع حق الانسان في العمل وبشكل اكثر وضوح مع حق الانسان في التعليم .
إن الملفت للنظر في موضوع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إن بعض نصوص هذا العهد ربطت بين هذه الحقوق والامن والسلم الدوليين واذا كنت تستغرب أول الامر من هذا الربط فانك لا محالة ستيقن تمام اليقين إن هذه الحقوق اذا ما توفرت فان من شان ذلك إن يقيم دعامات لحفظ الامن والسلم الدولي وقبل ذلك المجتمعي والمثال الواضح على ذلك هو الحق في التعليم الذي تمت الاشارة فيه إلى إن هذا الحق يجب إن يعمل على حفظ الامن والسلم الدوليين وان ينمي قدرة الشعوب على اقامة حكومات ديقلراطية تعزز حقوق الانسان , وبالفعل إن الشعوب والاسر وحتى على مستوى الافراد لا يمكن إن تلجا إلى العنف والقوة والنزاع الا كحل اخير اذا كان متسلحا بالعلم والمعرفة وما يصح على الافراد يصح على الشعوب والامم . وهو رأي في غاية الاهمية والصواب على الجميع العمل عليه ومساندته واظهار الجانب الايجابي فيه.
إن الاختلاف الذي رافق اقرار هذه الفئة من الحقوق ظل ملازم حتى في تحديد مفرداتها ولذلك نلاحظ إن بعض الحقوق على الرغم من الاعتراف بها في الاعلان العالمي لحقوق الانسان الا انها لم ترد في أي من العهدين أو انها لم ترد لا في الاعلان العالمي ولا في العهدين بل وردت في الاتفاقيات الاقليمية كما هو الحال مع الحرية الاكاديمية التي ظهرت اول الامر في ميثاق الحقوق الاساسية للاتحاد الاوربي لسنة 2000 وهذا يعكس سمة أخرى لبنود هذا العهد وهي سمة التطور المستمر نظرا لأن بنوده ذات تماس مباشر بحياة الانسان بل هي افراز من افرازات تعايش الانسان مع الانسان والاشياء, حتى إن نظرية الجيل الثالث للحقوق ظهرت من رحم هذه الحقوق وربما تسفر عن ظهور الجيل الرابع والذي بدأت ملامحه في الظهور في الاتفاقيات الاقليمية خصوصا الاتفاقية الاوربية التي اوردت النص على جملة من الحقوق ابرزها حق الانسان في الادارة الجيدة والذي لم تتم الاشارة له في هذا الكتاب نظرا لعدم نضوجه ولوروده في نص واحد فقط هوالميثاق الاساسي للاتحاد الاوربي لسنة 2000
.
يمكن الاشارة إلى جملة من الاستنتاجات في نهاية هذه الخاتمة :-
1- تمس هذه الحقوق وبشكل مباشر امن الفرد والاسرة والمجتمع وحتى الامن والسلم الدوليين لذلك فمن مصلحة الجميع الحرص على ضمانها ويجب على الدول خصوصا المتقدمة منها إلمساعدة في توفيرها لغيرها من الدول .
2- بدأت الدول تطرح مصطلحا اخر يشمل كل هذه الحقوق هو مصطلح الرفاهية .
3- إن بعض هذه الحقوق سبقت العهد الدولي في اقراراها مثل حقوق العمال والاقليات والتعليم وهذا يعكس مدى اهمية هذه الحقوق وحاجة المجتمعات لها .
4- إن مجمل هذه الحقوق تتطلب من الدول القيام بعمل ايجابي عكس الحقوق المدنية والسياسية التي قد تتطلب من الدول مجرد الامتناع .
5- لم يرد النص على هذه الحقوق في بعض الدساتير العربية ودستور جمهورية العراق ولم تصدر بشانها حتى مجرد قوانين أو تعليمات أو اعلانات .
6- يمكن للمنظمات غير الحكومية إن تؤدي دور ملحوضا في اقرار هذه الحقوق وضمان تنفيذها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف المجريين يتظاهرون في بودابست دعما لرئيس الوزراء أوربان


.. إسرائيل وافقت على قبول 33 محتجزا حيا أو ميتا في المرحلة الأو




.. مظاهرات لعدة أيام ضد المهاجرين الجزائريين في جزر مايوركا الإ


.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يتظاهرون في باريس بفرنسا




.. فوضى عارمة في شوارع تل أبيب بسبب احتجاجات أهالي الأسرى