الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشرعية -السحرية- أو اختطاف الديمقراطية.

إقبال الغربي

2013 / 10 / 1
مواضيع وابحاث سياسية



أثار خطاب الرئيس السابق محمد مرسي ،الذي كرر فيه عشرات المرات مصطلح الشرعية ،اهتمام علماء النفس أكثر من اهتمام رجال السياسة ‏.
فقد بدت كلمة "الشرعية" كلمة سحرية قادرة على تغيير الواقع و قوانينه.
فالتفكير السحري الذي يوجد عند الطفل و عند البدائي يتميز بعدم التفرقة بين الأفكار والأفعال، وبين الواقع والأحلام والخيالات، وبغياب السببية والمنطق، وبعدم القدرة على وضع احتمالات بديلة...
فهذا النمط من التفكير هو تفكير كلي الجبروت قائم على مقولة " كن فيكون" و الكلمة تتحول فيه إلى رقية قادرة على التحكم في المحيط و السيطرة عليه و بالتالي تتداخل الرقية بالتفكير لصناعة عالم من أحلام الخيال منفلت من كل عقال.
فالشرعية الانتخابية هي مصطلح لا يمكن فهمه إلا من خلال شبكة من مصطلحات الفلسفة السياسية تكون الجهاز المفاهيمي للمنظومة الديمقراطية الشاملة و المعقدة.

تعني الديمقراطية من حيث المبدأ المفهوم شعبيا: حكم الأغلبية, حيث أن الفريق الذي يملك اكبر عدد من الأصوات هو الذي يفوز وهو بالتالي الذي يمرر مشروعه وإرادته. وهكذا، عندما يقال أن "صناديق الاقتراع تكلمت" أو "ينبغي احترام إرادة الشعب"، فان التعبير عن إرادة الشعب يكون عادة عبر صوت الأغلبية.
بيد انه من المتفق عليه أيضا أن الديمقراطية هي شكل من أشكال الحكم تناط فيه السلطة العليا بالشعب مباشرة أو من خلال أشخاص يمثلون هذا الشعب بهدف الوصول إلى مجتمع تحرري يتسم بالمساواة في الحقوق والامتيازات.
و هذا يعني أن الديمقراطية ليست مجرد أداة للوصول إلى الحكم . و أن الانخراط في المنطق الديمقراطي يترتب عنه العديد من الالتزامات القانونية و الأخلاقية. وانه لا يمكن اختزال الديمقراطية في عملية الاقتراع العام و أن الاقتراع ليس سوى ركن إجرائي و بسيط من أركان المنظومة الديمقراطية الشاملة التي لا تقتصر على مجرد الانتخابات‏,‏ وإنما تقوم أساسا على منظومة من الأفكار والقيم التحررية مثل قبول وجود الآخر المختلف‏,‏ ونسبية الحقيقة‏,‏ واحترام الأغلبية للأقلية‏,‏ وقبول الأقلية لحكم الأغلبية‏,‏ وحريات الاعتقاد والتعبير والاختلاف‏.‏
و هنا لا يسعنا إلا أن نذكر أن تجارب القرن العشرين السياسية و ظهور أشكال الشمولية و الفاشية علمتنا أن سيادة الشعب يمكن أن تتحول إلى نقيض ما تنشده و هو ما يسمى "بطغيان الأغلبية".
و على هذا الأساس جاء مبدأ تقيد السلطة ومنعها من الاستبداد والتعسف وهو شرط أساسي لتحقيق الديمقراطية و حاجزا تخوفا من طغيان الأغلبية .
ففي عالمنا هذا لا يمكن مثلا للفريق الغالب أن يستعمل نفوذه لانتهاك حقوق المواطنين أو أن يتخذ قرارا يلغي الانتخابات أو أن يحرم الإضرابات العمالية أو أن يسن قوانين شاذة ضد الأقليات العرقية أو الدينية تنتهك منظومة حقوق الإنسان الدولية .
فهل من الواقعي مثلا أن يعيد الفريق الغالب و الذي يحض بكامل الشرعية القانونية إنتاج نظام الرق البغيض أو أن ينادي بإحياء أسواق الإماء و ملك اليمين بتعلية أن هذه النظم المقيتة هي مطالب شعبية .
قطعا لا . لان لسيادة الإرادة العامة حدود و خطوط حمراء تتمثل في حقوق الإنسان المؤسسة أخلاقيا و هنا يكمن التماسك الداخلي بين السيادة الشعبية من جهة و حقوق الإنسان من جهة أخرى لان ذلك هو الأمر الذي سينتج عنه بناء العقد الاجتماعي السليم و الدائم .
فمن الواضح أن الديمقراطية تضمن التعبير عن الإرادة الشعبية من خلال حكم الأغلبية، لكن من الواضح أيضا أنها يجب أن تضمن أن الغالبية لن تستخدم قوتها و نفوذها و سيطرتها على دواليب الدولة لانتهاك الحقوق الأساسية للأقلية . لذلك يجب أن تملك الأقلية، أي القوى السياسية التي ليست في الحكومة الحق في السعي لتصبح أغلبية وأن تمتلك جميع الحقوق اللازمة للتنافس في الانتخابات مثل حياد الإدارة و الأمن و الجيش و كذلك حق التعبير والتجمع والتنظم.
فالديمقراطية إذن و حقوق الإنسان هما متلازمان كوجه الورقة و قفاها . بل إن احترام هذه الحقوق هو الذي يعطي للديمقراطية شرعيتها النهائية و يحمي في نفس الوقت سيادة الشعب من الانزلاق في طغيان الأغلبية. و بتعبير آخر إن حقوق الإنسان يفترض منها أن تكون بمثابة سد شرعي يحول دون دوس الإرادة العامة ذات السيادة لفضاء الحريات الفردية على خد تعبير الفيلسوف هابرماس
ولهذا الغرض أفرزت النظم الديمقراطية مؤسسات إشراف ومراقبة رسمية وغير رسمية تراقب وتشرف على السلطات وتفحص إذا كانت هذه السلطات تعمل وفقا لمعايير المواطنة و حقوق الإنسان حتّى لا تقوم السّلطة الحاكمة باستغلال نفوذها بشكل سلبيّ، وهي:
أجهزة مراقبة رسمية مثل آلية الانتخابات و المحاكم الدستورية و مبدأ فصل السلطات
و أجهزة مراقبة غير رسمية مثل الرأي العام و وسائل الإعلام و المنظمات الحقوقية
التي تشرف على طريقة عمل و أداء السلطة و تنقد و تراقب الحكام و تمنع الاستبداد بحقوق الأفراد و الأقليات من طرف السلطة المتغولة.

و هنا لا يسعنا إلا أن نذكر أن تجارب القرن العشرين السياسية و ظهور أشكال الشمولية و الفاشية علمتنا أن سيادة الشعب يمكن أن تتحول إلى نقيض ما تنشده و هو ما يسمى "بطغيان الأغلبية"
على طريقة عمل و أداء السلطة و تنقد و تراقب الحكام و تمنع الاستبداد بحقوق الأفراد و الأقليات
________________________________________








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مستشرق إسرائيلي يرفع الكوفية: أنا فلسطيني والقدس لنا | #السؤ


.. رئيسة جامعة كولومبيا.. أكاديمية أميركية من أصول مصرية في عين




.. فخ أميركي جديد لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة؟ | #التاسعة


.. أين مقر حماس الجديد؟ الحركة ورحلة العواصم الثلاث.. القصة الك




.. مستشفى الأمل يعيد تشغيل قسم الطوارئ والولادة وأقسام العمليات