الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوهابية فى مصر من محمد على إلى حسنى مبارك ..... الجزء الحادى والعشرون...- الثورة والسعودية والجماعة الوهابية 1952: 1970-

محمود جابر

2013 / 10 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


الفصــل الرابـــع
الثورة والسعودية والجماعة الوهابية 1952: 1970

"... كان عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية فى فترة مخاض عسيرة ومرحلة إحلال بين قوى عالمية شاخت ولابد لها أن تترك مكانها كبريطانيا وفرنسا، وأخرى فتية شابة تستعد للقيادة والصدارة كأمريكا...
وبدأت بريطانيا تخلى مواقعها لأمريكا.. فبالنسبة للدول غير العربية أنشأت ما يعرف بالكومنولث البريطاني.. وتركت لأمريكا حرية التصرف فى الدول العربية التي بدأت من فورها فى رحلات لاستكشاف الوضع فى هذه البلدان فجاء مايلز كوبلاند وآخرون إلى مصر وكان الهاجس المسيطر عليهم هو مقاومة الشيوعية ووقف أي زحف لها فى مصر.. وتحدثوا مع الملك فاروق (وكان بليداً فى السياسة) واقترحوا عليه إنشاء حزب جديد باسم "حزب الفلاح" وتوزيع الأراضي على الفلاحين.. وبالفعل بدأ فاروق فى تنفيذ بعض هذه المقترحات ولكن الوقت لم يسعفه.
أيضاً ومن خلال دراسة أمريكا للحالة المصرية وجدوا أن الشيوعية فيها منحصرة جداً، وأن الشارع المصري بفطرته وتدينه غير متقبل للشيوعية...

وفى الوقت ذاته بدت حرب ما نستطيع أن نطلق عليه حرب تكسير العظام بين المخابرات البريطانية والأمريكية كما حدث فى عدة انقلابات شهدتها سوريا برعاية أجهزة المخابرات فى كلتا الدولتين ردا على انقلاب ترعاه أجهزة المخابرات فى الدولة الأخرى.
وبالجملة كان الوضع مضطربا جداً وفى حالة مخاض عسرة كما قلت .. وبدت الحالة وكأنها مهيأة لعمل ما وتنتظر مولوداً جديداً... وكان هذا المولود هو الثورة...."

ومن المعروف سلفا أن الوهابية قامت في مصر كجماعة دينية تعمل في مجال الدعوة و وترسيخ مفاهيم جديدة حول الإسلام تخليص الإسلام، ومن أجل ذلك استغلت حركة النقد والتصحيح التي بدأت على يد العديد من رجالات الازهر والصوفية بداية من الإمام الشعراني حتى محمد عبده، ولا ننكر أنها – الوهابية - بذلك كسبت أرضية واسعة فى المجتمع، كما قامت جماعة الإخوان المسلمين – الجناح السياسي للوهابية – باستغلال حالة الفوران السياسي التي أعقبت ثورة سنة 1919 وانتشار الاستعمار الأوروبي فى المنطقة ومن ثم تصاعد حركة المقاومة، وقدمت نفسها – في وقت مبكر جدا - كتيار صالح للاستخدام من جانب الملك وأحياناً من جانب البريطانيين أنفسهم لضرب تيارات أخرى وفى مقدمتها حزب الأغلبية من أجل إفساد الحياة النيابية المصرية بشكل عام.
وفى هذا السياق ارتبطت الجماعة بعلاقات متنامية مع الملك فاروق الذي رأى فيها عونا كبيرا له باعتبارها تنظيما يقاوم النشاط الشيوعي، وكان الملك فاروق فى نفس الوقت يعمل على دعم وتمويل الجماعة لمواجهة حزب الوفد، وتعتبر جماعة الإخوان المسلمين هي الجماعة الوحيدة التي تحتكم إلى قواعد شعبية تستطيع أن تنافس الوفد فى شعبيته، ومن الصدف العجيبة أنه فى تاريخنا القريب جدا كان أنور السادات يتبع نفس الأسلوب الملكي، ولكن بخلاف بسيط؛ هو أنه استخدم هذه الجماعة لمواجهة الناصريين مع انقلاب مايو 1971.
عندما اختلف النحاس باشا مع القصر خرجت الجماهير تهتف: " الشعب مع النحاس " فسيّر حسن البنا رجاله هاتفين: " الله مع الملك".
وكتب أحمد حسين:" إن حسن البنا أداة فى يد الرجعية، وفى يد الرأسمالية اليهودية، وفى يد الإنجليز وصدقي باشا" .
ومن المعروف إن حسن البنا " مؤسس الجماعة ومرشدها قتل بعد أن ساءت العلاقة بينه وبين القصر، وظلت العلاقة على حالها إلى أن توسط مزراحى باشا كما تقول جريدة اللواء الجديد وتم اختيار الهضيبى .
ورغم إعلان الجماعة أنها وراء نجاح الثورة بيد أنهم لم صدروا بيانا مؤيدا إلا بعد تأكدهم من خروج فاروق من مصر، وقد صدر بيانهم في يوم 37 يوليو، وكان بيانا في غاية الاقتضاب.

كان موقف الجماعة مؤيدا بدرجة المشاركة فى الثورة، بيد أن هذا لم يكن كافيا فالمطلوب أن تكون الثورة ثورة وهابية وهو ما أتضح بعد ذلك، أما العربية السعودية فقد رأت في ضباط يوليو استمرارا لمشروعها لعدة أسباب منها: أن العديد من الضباط الذين شاركوا في الثورة كانوا ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين ، وكما هو معلوم، فإن هؤلاء الأخيرين يعتبرون فرعاً للوهابية في مصر . الأمر الثاني، أن الثورة عند بدايتها وضعت شخصيتين في مركز الصدارة، تعرفهما الأسرة السعودية، وأدى وجودهما إلى إزالة أي هاجس قد يعتريها تجاه الثورة، وهما:على ماهر الذي شغل أول رئيس وزراء بعد الثورة، وهو الذي أعاد العلاقات المصرية السعودية إلى مجراها، فضلا عن انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين، أما الثانى فهو اللواء محمد نجيب والذين التقوا به حينما أدى فريضة الحج عام 1950 . كما ارتبط بعلاقات وثيقة مع الأمير عبد الله الفيصل بصفة خاصة ، هذا فضلاً عن انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين ،ولقد بلغ حبه للأمراء السعوديين، أن ذهب إلى المطار كي يستقبل الأمير مشعل وزير الدفاع استقبالاً رسمياً، مع أن الأمير المذكور لم يكن في زيارة رسمية، كما أنه – الأمير – يصنف على أنه أمير من الدرجة الثانية ، وكذلك الأمير نواف، وكيل وزارة الدفاع مما يتعارض مع هيبة منصب نجيب كرئيس للجمهورية . بل إنه حينما ذهب إلى المملكة السعودية في شهر أغسطس 1953 ولم يجد الملك عبد العزيز في استقباله في مطار جدة، فذهب إليه في مدينة الطائف .

الثالث: موقف الثورة المعادى من حلف بغداد والذي رأت فيه السعودية أنه مؤامرة مصرية للإطاحة بعرش السعودية لصالح الهاشميين . هذا بالإضافة لمشكلة البريمي التي بدأت تداعياتها عام 1949 حينما شرعت شركة البترول البريطانية في التنقيب عن البترول في تلك المنطقة ، وهذا كان يعنى بدء تناقض بين السعودية وبريطانيا، وفى الوقت ذاته تنامي العلاقات الأمريكية السعودية، التي كانت لها موقفا ايجابيا من ثورة يوليو بشكل عام ويرجع تاريخ العلاقات بين البلدين إلى 14 فبراير 1945، حينما التقى الملك عبد العزيز بالرئيس روزفلت، حيث أخذ يناديه بــ " شقيقي التوأم " .
ثم أنه أخذ يلح، بعد ذلك، على السفير الأمريكي في جدة لإقامة علاقات عسكرية واقتصادية أوثق مع حكومته.

وفي أحد المشاهد ظهر يوسف ياسين، رئيس الشعبة السياسية في وزارة الخارجية، وهو يطلب من قائد قاعدة الظهران، ومعاونيه، في حضور الملك " أن يضعوا في حسبانهم أن المملكة السعودية جزء من أرضهم (أمريكا) عندما يقوموا بتطوير خططهم الدفاعية " .
ولدى لقاءه بالمستر " ماكجي " مساعد وزير الخارجية، نبه الملك إلى " أن يضع في تقديره أن المملكة السعودية والولايات المتحدة دولة واحدة " مما يعني أن الملك قد قرر من تلقاء نفسه أن يؤدي دوراً تابعاً للولايات المتحدة، والتصرف ضمن إستراتيجيتها .
كانت الولايات المتحدة تحاول احتواء الثورة عن طريق السعودية في الخارج والتيار الوهابي المتمثل في جماعة الإخوان المسلمين وبعض المساندات من جمعيات أخرى وشخصيات، وقد طالب جمال عبد الناصر من الإخوان أن يشاركوا في تشكيل الحكومة إلا أنهم لعبوا لعبت المناورات غير الحسنة مما دفع الأمور إلى الأزمة، وفى لقاء تالي بعد قيام لثورة بأقل من أسبوع عقد لقاء بين جمال عبد الناصر ومكتب الإرشاد والمرشد العام " الهضيبى" طلب من جمال عبد الناصر أن يطبق إحكام الشريعة الإسلامية، وأن يصدر قرار فوري بالحجاب ومنع النساء من الخروج سافرات وإغلاق دور المسرح والسينما رجاء الملاحظة مدى التشابه بين الإخوان فى مصر وجماعة طالبان فى أفغانستان، ولما لم يجبه عبد الناصر لشىء من هذا، أدرك الإخوان والسعودية عجزهم عن عملية الاحتواء، ومن ثم بدأت سياسات الصراع والتناقض تطفو على سطح الأحداث، وكان حادث حل جماعة الإخوان المسلمين هو الحادث الذي فجر كل التناقضات رغم أن هناك أسباب متعددة دفعت مجلس قيادة الثورة لاتخاذ هذا القرار وكانت مسببات القرار تتمثل في تقاعس المرشد العام للإخوان المسلمين في تأييد الثورة، ولم يتم هذا إلا بعد خروج الملك فاروق من مصر. وكذلك عدم تأييد الجماعة لقانون الإصلاح الزراعي، والمطالبة برفع الحد الأقصى للملكية الزراعية فى حالة تطبيق القانون إلى خمسمائة فدان. ومحاولة الجماعة فرض الوصاية على الثورة بعد حل الأحزاب السياسية القديمة. واتخاذ موقف المعارضة من هيئة التحرير ( التنظيم السياسي ).
وبدء التسرب إلى الجيش والبوليس وقيام الجماعة بتشكيل خلايا سرية تحت إشراف المرشد العام للجماعة مباشرة ( المسئولين العسكريين كانوا أبو المكارم عبد الحى وعبد المنعم عبد الرءوف وحسين حمودة وصلاح شادي ) وتشكيل جهاز سرى جديد بعد حل الجهاز السري القديم.

وتم اتصال بين المستر إيفانز المستشار الشرقي فى السفارة البريطانية بالقاهرة فى خلال شهر مايو سنة1953 مع كل من منير دلة وصالح أبو رقيق ثم مع حسن الهضيبى بعد ذلك.

زيارة حسن عشماوى يوم الأحد 10يناير1954 للمستر كروزويل الوزير المفوض بالسفارة البريطانية بالقاهرة مرتين فى نفس اليوم، الأولى الساعة الرابعة والثانية فى الساعة الحادية عشر مساء.
والأغرب من ذلك أنهم طلبوا تسوية سلمية مع إسرائيل.. وهنا يثور أكثر من تساؤل حول علاقة الإخوان باليهود؛ وقد اعترف على عبده عشماوى العضو القيادي فى جماعة الإخوان المسلمين بوجود علاقة بين الإخوان واليهود منذ نشأة الإخوان، وكان الإخوان يتصورون أن اللواء محمد نجيب مستعد لعقد اتفاقية سرية مع اليهود وهذا سبب تأيدهم لمحمد نجيب، ولكن العقبة كانت جمال عبد الناصر.

رابط الجزء السابق :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=378583
البريد الإلكترونى : [email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائقة تفقد السيطرة على شاحنة وتتدلى من جسر بعد اصطدام سيارة


.. خطة إسرائيل بشأن -ممر نتساريم- تكشف عن مشروع لإعادة تشكيل غز




.. واشنطن: بدء تسليم المساعدات الإنسانية انطلاقاً من الرصيف الب


.. مراسل الجزيرة: استشهاد فلسطينيين اثنين بقصف إسرائيلي استهدف




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش إرهاق وإجهاد الجنود وعودة حماس إ