الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا أفنت أمريكا صدام فيما امتنعت عن ضرب بشار؟

آلان كيكاني

2013 / 10 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


بالأمس دكت أمريكا نظام صدام حسين وقضت عليه اعتماداً على الظن بوجود أسلحة كيماوية لديه بينما تمتنع اليوم عن ضرب نظام بشار الأسد بعد أن تيقنت من امتلاكه كمية هائلة من السلاح الكيماوي وأثبتت استخدامه له في حربه ضد معارضيه. المعادلة بالفعل غير متوازنة، فالأسد إضافة إلى امتلاكه واستخدامه للسلاح الكيماوي هو الأقرب إلى إسرائيل جغرافياً وله حدود برية معها، ولديه نفوذ واسع في لبنان، وسيطرة واضحة على العديد من المنظمات الفلسطينية التي تسعى إلى تدمير إسرائيل، وعليه كان من المفترض أن يكون هدفاً مشروعاً للقوات الأمريكية، ولكننا ،وعلى عكس ما توقعنا، رأينا تماطلاً واضحاً من قبل الإدراة الأمريكية في التعامل معه عسكرياً. ترى ما سبب هذه المفارقة؟
من الحكمة أن نذكر هنا أن قرار الإدراة الأمريكية، في شن الحروب لا يعود إلى نزوة شخصية من الرئيس أو إلى ميل في مزاجه إلى النزول إلى ساحات الوغى طمعاً في تحقيق نصر يتزين به كما هو الحال لدى قادة بلدان العالم الثالث، وإنما اتخاذ مثل هذا القرار الخطير يرجع إلى عوامل تتعلق بمجملها بمستقبل الأمبراطورية الأمريكية أو مصير الحضارة الغربية بشكل عام إن كان الأمر يتعلق بالتعامل مع الأمم التي لا تنتمي إلى هذه الحضارة. أي أن قرار الحرب في أمريكا هو تعبير عن ضمير الأمة الأمريكية وترجمة لتطلعاتها وآمالها وسبيلٌ لتحقيق مصالحها. وليس غريباً، والحال هذه، أن نجد سكوكاً أمريكياً يبدو نشازاً في طبيعته غير أنه لاحقاً وبعد سنوات يتكشف لنا أن ذاك السلوك كان تمهيداً لأمر جليل ومهم خُططَ له بعناية ودقة.
وقد قيل الكثير عن أسباب الغزو الأمريكي للعراق، واجتهد كبار المنظرين في هذا المجال وأدلوا بدلوهم، وقال البعض منهم أن السبب هو سعي أمريكا الدائم إلى وضع يدها على مصادر الثروة في العالم والمتعلقة منها بالطاقة على وجه التحديد، واعتقدَ البعض أن الغاية هي محاصرة إيران وخنقها بين فكي كماشة أمريكية أي بين أفغانستان والعراق المحتلتين من قبل الجنود الأمريكيين، وذهب البعض إلى أن تهديد صدام حسين لإسرائيل كان وراء الغزو الأمريكي للعراق، بل وراح البعض الآخر إلى الاعتقاد بأن الحرب شنها جورج بوش الأبن لينتقم من صدام حسين الذي كان قد حاول اغتيال أبيه عندما زار الكويت بعد تحريرها.
وبعد مرور عشر سنوات على الحرب يبدو أن أياً من الاجتهادات السابقة لم يكن صائباً ودقيقاً، وأن وقوع العراق في قبضة إيران لم يكن أحد مساوئ وعقابيل هذه الحرب، وإنما كان هو الهدف الذي كانت تسعى إليه الإدارة الأمريكية من خلال احتلالها للعراق.
بانهيار الاتحاد السوفياتي وتفككه وجد الغرب نفسه في مواجهة مليار مسلم يكنون لثقافته وحضارته العداء ويتسلحون بعقيدة قوية تدعوهم إلى الجهاد في سبيل الله سعياً لاسترداد العهود الذهبية من تاريخ المسلمين دون أن يردعم في ذلك رادعٌ، ويعتمدون في حربهم على أساليب غير تقليدية تتسم بالخسة والنذالة وغياب الأخلاق من قبيل توجيه طائرات مدنية إلى مراكز عالمية مأهولة أو الانتحار بأحزمة ناسفة وسط المدنيين لقتل أكبر عدد ممكن من الأبرياء ناهيك عن تنظيمهم لأنفسهم في خلايا وجماعات منعزلة يصعب السيطرة عليها، وقد أدخل هؤلاء الإسلاميون الرعب في قلوب الغرب بأعمالهم الوحشية في أفغانستان والعراق ومن خلال أحداث الحادي عشر من سبتمبر في نيويوك حتى أن الصحفية الإيطالية الشهيرة أوريانا فلاتشي قالت عنهم "أنهم متضامنون في الإرهاب وهم أتباع ديانة بشعة وفاسدة ويتكاثرون كالفئران" وكانت أقوالها هذه نشرت في كتاب بيعت منه ملايين النسخ في فترة وجيزة. وسرعان ما وجدت أمريكا نفسها في حربها مع هذا العدو الخطير وقد دخلت في حلقة معيبة وهي تقوم باستهلاك نفسها في صراع قذر يبدو لا نهاية له ولا نتائج مشرفة، وكان لا بد من التفكير بحرب بديلة يقضي على أعدائها دون أن يكلفها شيئاً، وهل هناك خير من القاعدة الاستعمارية الذهبية التي تعتمد على قتل الكلب بالكلب؟
برأيي أن أمريكا تسعى وبشكل ثابت وممنهج إلى تقوية إيران في المنطقة وتوسيع مناطق نفوذها رغم العداء الظاهري الذي نلحظه منذ سنين بينهما، وما التقارب الحالي بين الدولتين إلا دليل قاطع على ما نذهب إليه، فهي، أي أمريكا، سلمت العراق لإيران ليتشكل محورٌ شيعي مؤلف من إيران والعراق وسوريا ولبنان، وبهذا التمكين لإيران تكون أمريكا قد خلقت عالماً شيعياً قوياً ومنافساً للجناح السني من المسلمين وما يمكن أن ينجم عن هذا من حروب بين السنة والشيعة والتي ستعود فوائدها إلى أمريكا خصيصاً والعالم الغربي بشكل عام، وأولى هذه الفوائد هي أن ديمومة الصراع بين المسلمين أنفسهم تلهيهم ببعضهم وتقي العالم الغربي العجوز والميال إلى الهدوء والسكينة والدعة والرقي من شرورهم بعد أن ملّ هذا العالم الحروب في صراعات استهلكت منها مئات الملايين من البشر وكميات هائلة من الأموال في القرون الماضية. وثانية هذه الفوائد هي تأمين سوق دائم للسلاح ليتمكن الأمريكان من صرف منتجاتهم العسكرية فيه، أي إيجاد فرص عمل لمصانعها العسكرية التي تكاد تتعطل عن العمل نتيجة قلة الحروب في العالم.
إلا أن الثورة السورية جاءت ضد الخطة الأمريكية في العالم الإسلامي وأدخلت أمريكا في حيرة حقيقة بين متابعة مشروعها وقيامها بواجبها الإنساني، وخاصة بعد استخدام الأسد للكيماوي ضد المدنيين من شعبه ويبدو أن أمريكا وجدت حلاً وسطاً في هذه المسألة وهو نزع الكيماوي من الأسد مقابل استمراره في السلطة، والشعب السوري له الله!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف يتصرف الألمان عندما يمرضون؟ | يوروماكس


.. لمى الدوري: -العراق يذخر بالمواقع الأثرية، وما تم اكتشافه حت




.. الهدنة في غزة على نار حامية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مسلسل المانغا - بون- : وحدة تسافر عبر الزمن وتحي الموتى




.. -طبيب العطور- بدبي.. رجل يُعيد رائحة الأحبة الغائبين في قارو