الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-من أجل مصلحة الوطن- مقولة حق أريد بها الباطل المستطير

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

2013 / 10 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو أن مقولة "من أجل مصلحة الوطن" لم يعد أي معنى مفهوم في القائمين على الأمور في "المغرب السعيد" وسياسييه. الجميع يريد أن يوهم المغاربة أن ما يقوم به أو ما يصدر من قرارات ومن مواقف ومن ممارسات وأفعال ومبادرات، كل هذا مبني على قاعدة "من أجل مصلحة الوطن". فعن أي وطن يتحدثون؟ فهل "المغرب السعيد" وطن واحد أم أوطان متعددة ومختلفة لذلك تباينت معاني ومضامين مقولة "من أجل مصلحة الوطن"، القاعدة التي يرتكزون عليها كلهم؟
فما هو هذا الوطن – المغرب - الذي تتضارب حوله الإجراءات والممارسات والقرارات إلى حد التناقض والتضاد والتنافر، علما أن أصحابها يقرون أنها من أجل مصلحة الوطن ؟
انسحب حزب الاستقلال "الشباطي" من الحكومة و غادر الائتلاف الحكومي في فترة حرجة تمر منها البلاد، وهذا بدعوى " من أجل مصلحة الوطن". وقبل
عبد الاله بن كيران تحالفات رفضها بقوة بالأمس القريب استنادا عن قناعات راسخة – كما قيل - وهذا بدعوى " من أجل مصلحة الوطن".
وتملق حزب العدالة والتنمية لساسة كان يعتبرهم بالأمس القريب نموذج للفساد والتسيب، وهذا بدعوى " من أجل مصلحة الوطن".
وتمّ الإقرار بالزيادة في ثمن المحروقات رغم أنه مس بشكل بين القدرة الشرائية للمواطن المغربي وذلك أيضا بدعوى " من أجل مصلحة الوطن".
كما تمّ تجميد 15 مليار درهم من الميزانية الموجه للاستثمار والتخلي عن المشاريع التي رصدت لها هذه الأموال، وهذا بدعوى " من أجل مصلحة الوطن".
وهل منح لعدد من الأطفال - اغلبهم قاصرين - ونساء، مبلغ مالي يتراوح ما بين 50 إلى 150 درهماً، لدفعهم لتضخيم صفوف المسيرة ضد الحكومة بالرباط للاحتجاج عليها، من قبيل دعوى " من أجل مصلحة الوطن"؟
وهل جلب حمير لـ "مسيرة الغضب"، يدخل في نطاق " من أجل مصلحة الوطن"؟
وهل قمع و سحق و تعذيب معنوي جهنمي فظيع للشباب المعطلين الذين يطالبون بموقع "آدمي يليق بالبشر" تحث شمس وطنهم، هؤلاء تمّ اختزال حياتهم الراهنة في انتظار و ملل... لا مستقبل و لا أمل... و فراغ قاتل... حزن أسود ولا أفق ... الجميع ينتظر الانتماء للوطن... بؤس و فقر و حكم مؤبد بالعطالة المستدامة، كل هذا هل هو من قبيل دعوى " من أجل مصلحة الوطن"؟
وتمّ إعفاء كبار الفلاحين وملاكي الأراضي الفلاحية الشاسعة من الضرائب والإبقاء على المزيد من إثقال كاهل الفقراء وذوي الدخل المحدود، وهذا تحت يافطة " من أجل مصلحة الوطن".
وظل الإسرار على صرف الأموال العمومية الطائلة على مهرجانات رغم التنديد الجماهيري الواسع والاحتجاجات عليها، وهذا بدعوى " من أجل مصلحة الوطن".
ولم يتم سنة 2002، إصلاح صندوق المقاصة – والذي كان ضروريا وملحا- خوفًا من المسؤولين حينها ،على فقدان شعبيتهم، وهذا بدعوى " من أجل مصلحة الوطن".
وتمّ غض الطرف عن الفساد ومهادنة ومداهنة الفاسدين والمفسدين بدعوى " من أجل مصلحة الوطن".
وتحت يافطة " من أجل مصلحة الوطن" ابتدعت نخبنا السياسية الحالية أساليب شتم وسب إلى حد أضحى فنا تتقنه وتتنافس فيه من أجل إهانة الآخر، وتطوره وتحسنه، ، وتحاسب أنفسها إن قصرت في رد الإساءة. بدعوى " من أجل مصلحة الوطن" أضحى غضب سياسيينا كالبركان، يحرق ويدمر ويخرب، يثور فجأة، وتتصاعد حممه بسرعة، وتعلو ألسنتهم كالشياطين، ولسانهم كالكلاشينكوف، سريعُ الطلقات لا يتوقف ولا يتعثر، ولا يستريح ولا يستكين، جاهزة ومستعدة على الدوام، متأهبة للنيل من المُستهدف وكل الأساليب مباحة دون حرج. إن سياسيينا أضحوا يتبارون فيما بينهم ، أيهم يكون أسرع غضباً، وأشد لعناً، وأقسى وجعاً وإيلاماً. قاموسهم ثريٌ زاخر، مفرداته كثيرة وغزيرة، وقرائحهم لا تنضب ولا تجف، وقدرتهم على الإبداع والخلق في هذا المجال عالية، ولديهم القدرة على التركيب والتبديل والتغيير، لتكون الشتائم واللعنات بليغةً قاسية، غريبةً عجيبة، شتائمٌ لا يعرفها السابقون، وهذا بدعوى " من أجل مصلحة الوطن".
تحت يافطة " من أجل مصلحة الوطن" الشرطي يشتم، والموظف يرفع صوته ويصخب، والبرلماني يسب ويلعن، و السياسي يهدد ويتوعد. في هذا السياق،
المثقف كما الجاهل يستويان ولا يختلفان، يلعنان ويشتمان ويسبان، والمتعلمون كما الأميين يتساوون ويتطابقون بهذا الخصوص ، فتتلاشى الفوارق، وتسقط الفوارق، فيتباريان أيهم أسرع غضباً، وأشد سباً ولعناً. أليست هذه المظاهر غريبة وعجيبة، ومستنكرة ومدانة، ومرفوضة وغير مقبولة، سيما وأنها تصدر بدعوى " من أجل مصلحة الوطن.
فأي وطن يعنون وهم يقومون بما ذكر أعلاه من أجل مصلحته؟
فما نعرفه عن الوطن هو مساحة جغرافية لها حدود طبيعية وأخرى مرسومة متعارف عليها عالميا تتوفر على خيرات باطنية وأخرى سطحية، وشعب يعيش فوق هذه الرقعة الجغرافية ونظام سياسي وحكومة وبرلمان ومؤسسات أخرى موازية، تكون في خدمة ذلك الشعب للرقي بأوضاعه الاجتماعية والاقتصادية وتوفر له مناخ الحريات والديمقراطية والعزة بالنفس وتشجع على التآخي بين أفراده وزرع قيم التضامن والوضوح والشفافية والمساواة بين كل أفراده ...
فكم وطن يوجد في المغرب ؟وهل هناك مفهوم آخر للوطن – غاب عن علمنا وفهمنا- ولا يوجد إلاّ في عرف هؤلاء ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا