الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرهان المزدوج على الرضا الأمريكي

خالد الفيشاوي

2005 / 5 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


خلال شهر مايو، احتدمت المواجهات بين الحكومة المصرية و المعارضة، بعد أن أسفر التعديل الشكلي في المادة 76 من الدستور عن قيود تؤبد مصادرة حق أي راغب في الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية إلا بموافقة الحزب الوطني الحاكم.
لم تعد المظاهرات قاصرة على "كفاية"، ولا أحزاب المعارضة الرسمية، بعد دخول الإخوان المسلمين، بل وامتداد التذمر إلى القضاء المصري و نوادى هيئات التدريس في الجامعات.
واضطر الرئيس لخوض المعارك بنفسه ، فاتهم "كفاية" وبعض المرشحين والراغبين في الترشيح بالعمالة لأمريكا!!!، وهاجم الإخوان المسلمين ، وأطلقت الحكومة أجهزة دعايتها ووسائل إعلامها ضد (عملاء أمريكا) دون خشية أو حياء!!. وسيرت مظاهرات مدفوعة الأجر تحت حماية الأمن، تطالب ببقاء مبارك وابنه من بعده. وخرجت التصريحات العصبية من مبارك ، تندد بمظاهرات "كفاية" بدعوى أنها تعطل الإنتاج!!. باعتبار أن مظاهرات " مش كفاية" لا تعطل الإنتاج!!
وخلال زيارة أحمد نظيف لأمريكا ، الذي اعتاد مبارك وابنه القيام بها، صرح مبارك أنه لا يخضع لأي ضغوط خارجية أو داخلية!! وأكد جمال مبارك نفس المعنى ..
في الوقت نفسه، أعلنت الأحزاب السياسية الكبرى (إن صح التعبير) مقاطعة الاستفتاء، وطالبت الناس التزام منازلهم!! ولعلها المرة الأولى التي تطالب فيه المعارضة بفرض حظر تجول اختياري، وتحجيم ولجم حركات التململ والغضب، بدلا من تشجيع الناس على الرفض الإيجابي..
لكن موقف الأحزاب الرئيسية للمعارضة الرسمية، أثار هياج النظام، فحشد رجالته في هجوم منفلت عليهم..ولاشك أن هذا الموقف أحرج الدكتور نظيف خلال زيارته لأمريكا، التي ينتظر المسئولون المصريون نتائجها على أحر من الجمر.
من المفارقات أن تتبارى الحكومة والمعارضة على نتائج الزيارة.. الحكومة تؤكد رضا بوش وتأييده لمبارك ورغبته في "مش كفاية"، بينما أبرزت صحف المعارضة وغالبية الصحف المستقلة عدم الارتياح الأمريكي لأداء النظام المصري..
وبصرف النظر عن المبالغة في الموقفين،فانهما يعكسان حقيقة أن النظام والمعارضة يعولان أساسا على موقف البيت الأبيض، على عكس ما يدعونه من رفض التدخلات الخارجية.
إذا كان من الطبيعي أن يعول النظام على موقف الإدارة الأمريكية،فالغريب أن يكون ذلك موقف المعارضة، فالرهان على الموقف الأمريكي يحمل بذور الخطر، فالإدارة الأمريكية لا ترى في الديمقراطية ومؤازرة قوى المعارضة إعلاميا، سوى وسيلة محتملة للتخلص من نظم خدمت حتى شاخت، وحان أوان استبدالها بنظم تؤمن بوحدة النظام الدولي تحت القيادة الأمريكية المطلقة ومتحررة تماما من أوهام اللعب على التناقضات الدولية ولا تعترف بها.
وقد تكتفي الإدارة الأمريكية بممارسة الضغوط فقط لتغير النظم مواقفها، وتوسيع العلاقات الأمريكية بالقوى السياسية المختلفة، لتكون بديلا عند اللزوم، أو استثمار معارضتها لمجرد الضغط على النظام القائم .
في هذا الإطار من عدم الاستغناء تماما عن النظم الاستبدادية، ترى في العراق إصرار الاحتلال الأمريكي على الاستعانه ببعض قادة البعث ورجالة صدام السابقين في أجهزة الأمن والدفاع، رغم تحفظ حكومة الجعفري على ذلك.
كما نشهد الآن ، تعاون أمريكي سوداني وثيق، محوره أجهزة المخابرات في البلدين، في إطار الحرب ضد الإرهاب، وليس هناك أفضل من الحكومة السودانية في ذلك، حيث تتمتع بعلاقات وثيقة مع شبكات الإرهاب في العالم، وجاء ت اللحظة المناسبة لبيع معلوماتها للمخابرات الأمريكية ، فضلا عن فتح المجال أمام الشركات الأمريكية للاستثمار في النفط السوداني بدلا من الشركات الصينية، مقابل مد فترة خدمة نظام البشير.
ولعل في الديكتاتوريات العربية فوائد أخرى، ، منها إمكانبة إقامة قواعد وتقديم تسهيلات عسكرية للقوات الأمريكية ، لا يدري الرأي العام عنها شيئا، وعقد مؤتمرات دولية للمؤسسات المالية العالمية ، تعجز عن عقد إجنماعاتها بشكل آمن ، إلا في البيداء العربية ، مثل الدوحة والبحر الميت وشرم الشيخ، دون معارضة أو تظاهرات مناهضة للعولمة..وأهم فائدة للأنظمة الاستبدادية العربية خبراتها الطويلة في فرد جماعات الإسلام السياسي وطيها،دونما الاستغناء عنها ..
باختصار ، إذا كانت الدولة تصعد العنف، والهجوم الإعلامي ، ومظاهرات التأييد والتأبيد والتوريث، بدرك العامة أن تلك مظاهر الاضطراب و التخبط ، والمزيد من فقدان الشرعية، وقد ينتهي إلى صدامات بين مؤسسات الدولة نفسها، تشهد بوادره قي القضاء والجامعات. كما يدرك العامة أن مثل هذا النظام ليس أمامه سوى الرحيل، لكن القوى الديموقراطية لازالت أضعف من رفع أنقاضه حتى الآن. ولن تقوى اعتمادا على دعم أمريكي ، بل اعتمادا على اتساع حالة التذمر والاحتجاج، التي تفتقر للخبرات المتراكمة وللمؤسسات المستقلة ، نتيجة لقمع ومصادرة استمرت أكثر من نصف القرن ، وآن الأوان لأن تعيد القوى الاجتماعية والديموقراطية بناء مؤسساتها المستقلة…








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكبتاغون والكوكايين: سوريا -تهدد- الخليج وأمريكا اللاتينية


.. جانتي شعبان.. لقاء حصري لا يخلو من الطرافة والمعلومات المهمة




.. روسيا تعرض غنائم الحرب الغربية من أوكرانيا تزامنا مع احتفالا


.. غزة.. هل تستطيع إسرائيل الاستمرار في الحرب دون الأسلحة الأمر




.. احتجاجات في مالمو السويدية على مشاركة إسرائيل في مسابقة (يور