الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسرحية قصيرة بعنوان ( قطار الموت )

حسب الله يحيى

2013 / 10 / 2
الادب والفن


مسرحية قصيرة
قطار المـوت
تأليف : حسب الله يحيى
المشهد الاول
قاعة سجن ، عدد من السجناء يلتفون حول (عباس) ويتلهفون الى حديثه.
عباس : لست نادما على مافعلته ابدا ،انا واحد وهم اكثر من خمسين ، وللجماعة حق على الفرد.
سجين 1: ولماذا القيت نفسك في التهلكة؟
عباس: وهل تريد مني ايقاع (52) انسانا في التهلكة من اجل ان اعيش ؟
سجين2: ولكن هذا خارج عن مسؤوليتك .. انت مجرد سائق قطار ، لاتعنيك الحمولة، ولا الاشخاص .. انت تنفذ الاوامر فقط.
عباس: وهل كان علي قيادة قطار يقود ركابه الى الموت المحتم!؟
سجين3: هذه جريمة يتحمل عاقبتها من اصدر الاوامر .. وانت لاتحاسب على ما اقترفه سواك.
عباس:ولكن سواي ، تخلى عن انسانيته ، وتحول الى مجرم .. فهل اسكت وانفذ اوامر جائرة تودي بأثنين وخمسين رجلا في عز شبابهم؟
دعوني انقل اليكم ما جرى .. دعوني اصحبكم الى الحدث..الى ما كان .
المشهد الثاني:
(عباس) يرتدي ملابس سائق قطار زرقاء اللون، ومساعده بملابس مشابهة. خلفية المشهد ، قطار يسير وسط صحراء.
عباس الى مساعده خلف: خلف انني اسمع ضربات قوية على صفيح العربات مصحوبة باصوات خشنة احيانا وذابلة احيانا اخرى.. اصغ (اصوات نداءات استغاثة وضربات قوية)
خلف : (يصغي) انها اصوات بشرية تستغيث .. هل يمكن ان يكون داخل العربات المقفلة والمطلية بالقار.. بشر؟
عباس: هل يحتمل انسان العيش داخل صفائح حديدية خالية من الشبابيك ومن اي مصدر للتنفس وارضيتها مطلية بالقار.. هل يمكن للانسان ان يحيا في مكان كهذا وفي جو تموز اللاهب متوجها الى البصرة؟
خلف: لا .. الى السماوة.
عباس: لافرق بين السماوة او الامتداد الى البصرة.
(الاصوات تتعالى ، الضربات على الصفيح تزداد).
ما العمل .. كيف ننقذ هذه الارواح البشرية؟
خلف: حتى لو كانت قطيعا من الاغنام .. لا بد ان نفعل شيئا لانقاذها!
عباس: ليس امامنا سوى ان نسرع ، ان نزيد سرعةالقطار ، ونتوقف قرب محطة .. في المحاويل.
خلف: ولكنهم ابلغونا بان لا تتجاوز سرعة سيرنا اكثر من خمسين كيلو مترا في الساعة.
عباس: هذا يعني اننا لا نصل الى المحاويل .. الا وقد زهقت كل الارواح!
خلف : لكننا سنعاقب ، والحراس المسلحون سيمنعون ما نحن قادمون عليه .. سيشهدون ضدنا ، ويقودوننا الى السجن بتهمة عدم تنفيذ الاوامر!
عباس : (متألماً ، قلقا، حذرا) خلف ، السجن اهون من قتل كائن .. اي كائن ..انسانا ،حيوانا ، وحتى نباتاً.
خلف: (خائفاً) انت المسؤول ، انت قائد القطار وسائقه ، لست سوى مساعد لك.
عباس: ساعدني بصمتك ، ان عجزت عن مساعدتك و بحثي عن اتخاذ القرار الوحيد لانقاذ حمولتنا..
خلف : قف الان .. لنعرف ما يجري في العربة الخلفية..
عباس: هل انت عاقل ، هل اقف في صحراء قفر ، لاماء ولا هواء ولاظل..
خف: (صامتا) ماذا نحن فاعلون.
عباس: شكرا لانك قلت نحن .. يعني انا وانت من يتحمل المسؤولية ، نحن كلانا نغامر بحياتنا لانقاذ هذه الكائنات المحبوسة في هذه العربة الحديدية .. التي لا يمكن وصفها الا كونها جهنم .
خلف : (قلقا) لا نملك خيارا آخر.
(القطار يسرع ، صوت سرعته على السكة يبدو جليا .. ثم بعد طول مسار يخفف السرعة ، ويتوقف).
عباس : ها قد وصلنا المحاويل .. هيا اسرع بالنزول لنعرف ما بداخل العربة..
خلف : الحراس سيمنعوننا..
عباس: (متوجها الى العربة الحديدية) يتقدم اليه شاب بلهفة..
الشاب: عمي في العربة بشر ، الحكومة تريد ان تقتلهم بربك انقذهم..
شاب 2: اخي .. المسألة تحتاج الى تضحية ، افتح لهم باب العربة ..
(يتقدم الحراس الى سائق القطار (عباس) ، يحثونه على معاودة السير).
حارس: عجل بالسير .. لماذا توقفت؟
حارس2: (الى عباس) انت مسؤول عن وقوفك غير القانوني ..
الم يتم تبليغك بعدم توقفك في ايه محطة الا في السماوة؟
(في هذه الاثناء ، يتقدم عدد من الناس المتواجدون في محطة المحاويل .. الى باب العربة لكسر اقفالها .. يتقدم شاب بقضيب حديدي ويكسرها).
(الحراس في وضع حذر وترقب وحائر بين الناس والرجال المتواجدون في العربة الحديدية وهم في حالة اغماء وعاجزون عن الحركة الا القليل)
(يصيح احد المتواجدين في العربة) .. اخوان انا طبيب لا تنزعوا ثيابكم ستفقدون السوائل من اجسامكم وتموتون .. لاتشربوا الماء البارد ، اخوان ارجوكم اعطونا ملحا وماءً دافئا حتى لا نموت.. اخوان اسمعوني..
(الناس يتقدمون بكميات من الملح وصفائح من الماء)
(الحراس يحثون السائق على التوجه الى قيادة القطار للاسراع بالحركة)
(الحراس يقفون عند باب العربة ويمنعون الاحتكاك بين المودعين في العربة والناس خارج العربة .. ولكن بهدوء ، وباد عليهم قدر من التعاطف مع الآم المودعين ..الحراس يبقون على باب العربة مفتوحا ويسدونه باحسامهم من دون ان يمنعوا قدرا من الهواء يمر بالعربة).
المشهد الثالث:
عباس: (مع السجناء في القاعة) واسرعت ، جعلت السرعة تمضي الى اقصاها .. فيما القطار يسير كما لو انه يريد ان ينطلق..
صار خلف يشجعني على المضي باقصى سرعة متجاوزا التعليمات والاوامر كافة .. لم يعد يخاف.. صار الخوف وراءنا وتحول الخوف الى شجاعة .. شجاعة ان نضحي من اجل سوانا نحن اثنان .. والعدد كما عرفت من الحراس(52) شخصا معتقلون ويراد موتهم في هذه العربة ومن يبقى منهم ينقل فورا الى سجن نقرة السلمان الصحراوي.. سألت حارسا .. ماذا فعل هؤلاء ، هل هم قتلة ، لصوص ، قطاع طرق ، شاذون سيئوا الخلق.. اجابني اكثر من حارس دفعة واحدة :لماذا تسأل ما شأنك .. انهم اطباء ومهندسون ومدرسون وادباء وصحفيون واساتذة وطلبة جامعة يعارضون الحكومة يريدون ان يعامل الاغنياء والفقراء بميزان واحد .. يريدون ان يأكل الجميع وان لا يجوع احد ..
ويريدون ان يقولوا ما يشاءون.
كانت هذه المعرفة التي حصلت عليها اثناء وقوفي في محطة المحاويل .. مشجعة لي على انقاذ هذا الجمع من الناس الذين بدأت اصفهم بالخيرين والشرفاء ..كنت لااعرف احدا منهم .. لكن الصوت الذي نادى انا طبيب.. ووجه نصائحه الى زملائه ..يرن في اذني ويؤكد ما قاله الحراس الذين وجدت فيهم قدرا من التعاطف ، وقدرا من الخوف والحذر .
الامر الذي شجعني على المضي قدما في الاسراع والوصول في اقرب وقت ممكن الى محطة السماوة .. علني انقذ .. من تبقى من هؤلاء الخيرين .
وصلنا السماوة .. كانت هناك جموع تنتظر ، وحراس كثيرون والموقف حذر والتوتر على اشده..
والناس كانوا قد احضروا الطعام والماء والشاي .. الشاي.. وعاد الطيب ينادي .. خذوا الملح والماء الحار قبل البارد انتبهوا اسمعوني..
تنبه الناس الى احدهم ملقى، قد فارق الحياة .. حملوه فيما الحرس في حالة قلقة ,, يحتاطون للامر، حائرون بين تنفيذ الاوامر والتمرد عليها .. حراس جدد يضافون لاحقا يلقون القبض علي وعلى مساعدي .. فيما الاخرون يتوجهون الى المعتقلين ويقدونهم الى باصات اعدت لحملهم..
سجين 1: وهكذا اصبحت بيننا . ولست افضل منا.. كلنا داخل هذه الجدران ، متساوون في الحقوق والواجبات.
سجين 2: انا نادم على ما فعلت .. واستحق العقوبة
سجين 3: وانا لست نادما سأفعل ما فعلت ، حال انهاء محكوميتي ، ذلك ان الذين يعاملوننا ينظرون الينا وكأننا حيوانات لا بوصفنا بشرا.. سأنتقم منهم.
عباس : الانتقام لا يصلح الامور ..
سجين 3 : ألا تنتقم ممن اعتقلوك .. وانت من انقذ الاخرين !
عباس: لا .. انا لست نادما ولاناقما ، ذلك انني فعلت ما تقتضيه الاعراف الانسانية.
سجين 2: ولكنك تخليت عن مساعدك.
عباس: ابدا، ولكنهم قادوه الى مكان آخر .
سجين 1: نحن مخطئون .. الست مخطئا وانت تتجاوز التعليمات..؟
عباس: من الشجاعة التجاوز على اي قانون يمارس تعسفا ضد الانسان .. ولذلك اجد نفسي قد فعلت ما يمليه علي ضميري وموقفي وانسانيتي...
سجين 1: الست متفقا مع اولئك الذين عارضوا الحكومة؟
عباس : لا اعرف احدا منهم .. صدقني .. وصدقني انني سأظل في كامل سعادتي وانا افلح في انقاذهم..
سجين 3: (طعام السجن يحضر) .. هيا .. تناول الطعام معنا
عباس : حصتي لم تأت .. هذه حصتكم .. كلوا انتم بالعافية .. انا لااتناول حصة غيري ..
(السجناء الثلاثة يحيطون عباس ويلزمونه بتناول الطعام معهم ).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟


.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا




.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس