الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام العربي :خطأ العالم المصحح بإستمرار

محمد خضير سلطان

2005 / 5 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


كيف يمكن النظر إلى القضية العراقية في سياقها العراقي مثلما يجب أن ينظر الفرد الجزائري في جبهة الإنقاذ أو الفرد المصري إلى قضيته في سياقها المحلي الخاص، لأن سياقات النظر "العروبوية" لا تريد أن تدعم قضية مجاورة للقضية (العربية الكبرى) وبالتالي تضيع وتذوب قسراً في ركاب وأقبية النظام العربي، وبالقدر الذي يجعلنا نتكلم عن قضيتنا العراقية كوننا عرباً لابد للآخر العربي ذي الخصوصية أن يصغي بالقدر الذي نسكت فيه إذا تحدث الجنوبي – السوداني لأن لا أحد يأخذ دور الكلام بالنيابة عن ذي الشأن بدعوى السياقات العربية.
لقد تراكم على القضايا متكلمو النيابة من دون أن يدركوا شيئاً لأنهم نتاج موقف عمل على تغذيته وإحيائه نظام الحاكم العربي.
هناك دائماً قضية كبرى دون بنى أرضية وأساسية موحدة ويتم النظر إليها بتجريد عبر تخطي الحواجز التي تتهيكل فيها الأنظمة العربية. إن جميع هذه الأنظمة تتفق على التجريد والحل الزائف الوهمي وتتعامل من جانب آخر على أساس قطري محلي بتشخيص مع المعطى الواقعي، إنها واقعية في محليتها بسدة الحكم والسيطرة، وخيالية تجريدية في مواجهة الموقف الموحد، وعلى هذا النحو فإن القضية الكبرى المزعومة تصبح ما يشبه المطهر السياسي من أجل عبور المآزق الداخلية وقد ابتلعت جميع القضايا " الصغرى " وانزوت وراء الأسوار التي يقيمها الحاكم العربي من أجل طمس المشاكل وإبقاء التسامي الفج كحالة دائمة. أما إذا تكلم العروبوي فلا ينطلق في كلامه إلا من خلال حالة التسامي في نظرية الحاكم العربي، تلك التي تزيح كل المشاكل والمعضلات المحلية وتتمترس وراء القضية الكبرى.
إنه النظام الباحث عن أثره بعد سقوط الخلافة العثمانية وجلاء القوات الفرنسية والبريطانية والإيطالية وأقباس الإسلام السياسي ودولة الجزيرة العربية واشتراط ثورات العالم وأحداث مستقبلية أخرى.
إنه نظام يستطيع أن يتلفت بآلية مرنة في كل الأنحاء، يملأ سجونه بمعتقلي الرأي ويبث في إعلامه أجلى صور الفضيلة، إنه القدرة على انتقال الصورة بومض خاطف من محراب المسجد إلى زنزانة التعذيب وموائد القمار.
إنه النظام الذي يبدد أمواله على أمنه ولا يهمه نظام التعليم دون أن يشعر بوخز أو أن يحمله أحد على الشعور بالوخز.
لا أحد يفهم النظام العربي بحق إلا دوائر ضيقة في منظمات حقوق الإنسان الدولية والخبراء الستراتيجيين، إنه نظام يدور مع العجلة العالمية ويرمي بأثقاله تحت دورانها ويصبح خطاءً عالمياً مصححاً باستمرار وعملية سحقه الكارتونية هي ذاتها عملية استعادته بعد مسافة زمنية، إنه عالم أدب الأطفال والنظام الوحيد في الأرض الذي تصل تحالفاته مع العالم ومنذ أكثر من نصف قرن إلى طريق مسدود ومريب بالرغم من أن الحلفاء العرب لا يسعون إلى غضاضة مقصودة مع حلفائهم ولم يفكروا يوماً بصورة تجعلهم غير مقبولين للآفاق العالمية ومع ذلك تتهشم بوصلة القافلة على هدى نجم القطب. إنه النظام الأكثر صلاحية للتسويق في نشرات الأخبار دون أن يصل إلى مستوى الوقائع.
هل أن الواقع العربي وعلى هذا النحو يمكن أن يكون سرمدياً ينحو فيه النظام العربي إلى ابتكار لغات عديدة ولكن ليس بوسعه كسر صيغة الاستبداد وتظل الواقعة العربية الحقيقية مؤجلة على الدوام بحيث لا تأتي في زمنها إلا بعد أن تستنفد الزمن ذاته، حينها يرحل الاستبداد بقناعة المستبد، هل هو واقع يمكر بالصيرورة أم يحيلها إلى فكرة متحفية.
إن التشكيل القمعي الضاغط على القوى الاجتماعية ودلالتها السياسية يجعل من المستحيل أن تستعيد تلك البنيات اهليتها وسيرها التاريخي والطبيعي لتتوافق مع الزمن الحقيقي وتعدل زمنها الخاص، وإذا كانت بعض القوى المهاجرة في قارات وأوطان أخرى تستطيع أن تجد نافذة للتعبير الحر؛ إلا أنها لم تشكل برنامجاً ثقافياً بتعبير أدونيس، ينشد التغيير ولم تخلق الظروف الملائمة لتكون ظاهرة، بل بالعكس، أن الحاكم العربي وراء المهجر مثلما هو في المقر والإنتلجنسيا العربية في الخارج لم تخرج عن الحاكم العربي حتى لو كانت ضده، ومن المفارقة أن المثقف مزدوج الجنسية في أكثر الأحيان يعمل على نطاق واسع في تفكيك السلطة والمعرفة عند الغرب الكولونيالي ويحتفظ بالشكل التجريدي الزائف للسلطة العربية إزاء تحديات المعرفة، أي أن التحدي المعرفي ممكن مع الغرب ومعدوم إزاء الحاكم العربي.
إن منتج المعرفة المثقف يحيا قبل المعرفة في المجتمع العربي وينتج الرأي في الحالة التي يحيا فيها ما قبل الرأي فلا حاجة للخوض في قناة فارغة وبذلك ينطوي نقد المثقف المهاجر على جميع العناصر المعرفية التي تجعل المعرفة كلمة ليست عربية وهو العارف الذي لايجرؤ على مقارعة الحاكم العربي بالرغم من الهروب منه، وطبعا لا يشمل الأمر هذا جميع المنفيين العرب.
إن الحاكم العربي يتحول إلى مفهوم ثقافي غريب منذ ارتكاس الأنظمة كلها وفي حالتها الراهنة إلى النظام الأبوي، كما ليس من المستبعد أن ينتج حلاً لمشاكله ولكنه يعمل على تكييف الحل بالقمع، وتظل المشاكل مثل النبت الوحشي الذي يكتسح الأرض بين حين وآخر وإذا ما استنبتت دلالة جديدة فأنها النمو العشوائي في أجواء مكيفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن في الرياض.. إلى أين وصل مسار التطبيع بين إسرائيل والس


.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين يرفضون إخلاء خيمهم في جامعة كولومبيا




.. واشنطن تحذر من -مذبحة- وشيكة في مدينة الفاشر السودانية


.. مصر: -خليها تعفن-.. حملة لمقاطعة شراء الأسماك في بور سعيد




.. مصر متفائلة وتنتظر الرد على النسخة المعدلة لاقتراح الهدنة في