الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حذار من النهج النيوليبرالي ومن أدوات العولمة القاتلة

عليان عليان

2013 / 10 / 3
العولمة وتطورات العالم المعاصر



تعاني العديد من دول العالم الثالث ، أزمة مديونية هائلة ، جراء ارتهانها لصندوق النقد والبنك الدوليين ، فتراها تطبق وصفاتهما بدقة متناهية حتى تحصل على القروض المطلوبة ، وعندما تعجز عن سداد هذه القروض ، تهرع إلى ناديي باريس ولندن لجدولة الديون والفوائد المترتبة عليها ، وبدلاً من سداد الديون ، تصبح هذه الدول عاجزة عن سداد فوائدها ، ما يدفعها إلى الخضوع لبرنامج الصندوق والبنك " المسمى ببرنامج التصحيح الاقتصادي ، الذي هو عبارة عن وصفة مذلة لهذه الدولة أو تلك ، يلزمها بتحجيم القطاع العام وإلغائه ووقف الدعم عن السلع الأساسية ، وغيرها من شروط الإذلال والتبعية التي يتضمنها " تفاهم واشنطن " و" ونقرير ليبرسون .
والمضحك المبكي أن هذه الدول غدت تتباهى بالحصول على شهادة حسن سلوك ، من صندوق النقد والبنك الدوليين في أنها التزمت بوصفاتهما بدقة في مجال إفقار شعبها ، عبر شطب قطاعها العام وإلغاء الدعم .. ألخ ، أي أنها تتباهى بخضوعها للاستعمار الجديد وبوقوعها في فخ الخضوع والتبعية لأدوات الإمبريالية ، ما يولد احتقانات اجتماعية ، تشكل مقدمة لهبات وثورات اجتماعية كما يحصل في السودان حالياً بعد رفع سعر الوقود بنسبة 75 في المائة ، وكما حصل في مصر في عهد السادات عام 1977 ، عندما تم رفع أسعار الخبز ، وكما حصل في الأردن عامي 1989 و 1997 ،عندما تم رفع أسعار الوقود والخبز ، وكما حصل في البرازيل من احتقانات قبل وصول حزب العمال البرازيلي اليساري بقيادة " لويس إيناسيو لولا دا سيلفا " الشهير ب " لولا " للحكم ، وكما حصل في العديد من الدول في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية .
واللافت للنظر أن الدول التي تسعى للتنمية المستقلة ، وفق قرار سياسي وطني مستقل ، تستطيع أن تتحرر بالتدريج من القيود المذلة لصندوق النقد والبنك الدوليين ، حيث حققت البرازيل بقيادة الرئيس اليساري لولا دا سيلفا - الذي وصل للحكم عبر صندوق الاقتراع عام 2003 - أنموذجاً يحتذى به في هذا المجال ، حيث تمكنت البرازيل من التخلص من ديونها الموروثة لصندوق النقد الدولي عام 2005 ، أي قبل عامين من الموعد المحدد للسداد ، ونجح لولا في استعادة ثقة الأسواق ببلاده وهبط مؤشر المخاطر إلى نحو 250 نقطة ، كما نجحت حكومته في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي لبلاده .
ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد ، بل أصبحت البرازيل ، في عهد " ديلما روسيف " التي خلفت لولا في قيادة الحزب والدولة عام 2010 أصبحت عام 2011 سادس أقوى اقتصاد في العالم ، متقدمةً على بريطانيا ، وحققت نموا بنسبة تقترب من (3) في المائة ، مقارنة بنسبة نمو في بريطانيا أقل من (1) في المائة .
تجدر الإشارة هنا أن دول أمريكا اللاتينية التي تلتزم بالنهج البوليفاري الاشتراكي ، أسقطت النهج النيوليبرالي ، وبدأت هي الأخرى تتحرر من قيود صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ، بعد أن شكلت فنزويلا إقليم قاعدة لدعم النهج البوليفاري في عموم القارة اللاتينية كما أن العديد من الدول العربية مثل مصر في عهد عبد الناصر ، والعراق سابقاً ، وسوريا لم ترهن نفسها إطلاقاً لصندوق النقد والبنك الدوليين .
لقد تميز الخطاب النيوليبرالي الامبريالي بأدواته المختلفة- كما قال المفكر العربي د. سمير أمين - بالإغراق في الطوباوية حيث يسعى إلى تنفيذ حلم الرأسمالية بالسيطرة على العالم ، وإخضاعه لآليات الربح ، بحيث تسود مفاهيم المنافسة والربح ، الحياة الاجتماعية وليغزو هذا الحلم جميع أوجه الحياة الاجتماعية ، ويخضعها لقانون الربحية ، وبالتالي بدأ هذا الحلم ، يغزو قطاعات ، ومؤسسات كانت بعيدة عن حلم تراكم رأس المال ، مثل المؤسسات الصحية والتعليمية.
وقديماً كنا نرى في البنك الدولي ، وصندوق النقد الدوليي ، أداتين رئيسيتين لهيمنة رأس المال، والآن هناك منظمة أقوى وأخطر منهما، وهي منظمة التجارة العالمية ، التي تهدف إلى فتح الأسواق المحلية ، وصيانة مباديء المنافسة السليمة وحماية احتكارات الشمال والشركات متعددة الجنسية.
والهدف المركزي والأساسي لهذه المنظمة - كما يقول د . سمير أمين - هو إخضاع العالم للقوى النيوليبرالية المعولمة وربما يتطور مجلس إدارة هذه المنظمة مستقبلاً ، ليحل محل الأمم المتحدة ، ولا يمكن أن يدار هذا النظام العالمي دون تدخل عسكري ، وهو ما يحدث عبر الذراع العسكري للمنظمة ( حلف الناتو ) ، وما حدث في الخليج ويوغسلافيا وغيرهما يؤكد هذه الحقيقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الفكرة والعمل
رائد الحواري ( 2013 / 10 / 4 - 04:28 )
الفكرة البسيطة والتي تحتاج الى عمل عظيم، هنا تكمن المشكلة العربية،حيث اننا بسنا يحاجة الى اموال البنك الدولى،فالخير ولفر عند دول الخليج، وحتى لوكانت هناك حاجة فلا داعي لاغراق البلد والمواطن بالديون، في المجمل تذهب في غير مكانها

اخر الافلام

.. الحكومة المصرية الجديدة تؤدي اليمين الدستورية | #عاجل


.. إسرائيل تعرض خطة لإدارة قطاع غزة بالتعاون مع عشائرَ محلية |




.. أصوات ديمقراطية تطالب الرئيس بايدن بالانسحاب من السباق الانت


.. انتهاء مهلة تسجيل أسماء المرشحين للجولة الثانية من الانتخابا




.. إيلي كوهين: الوقت قد حان لتدفيع لبنان الثمن كي تتمكن إسرائيل