الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا،بين الاصلاح والعبث الأمني

سامر عبد الحميد

2005 / 5 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


يرفض فريق من قوى المعارضة السورية فكرة وجود تيار أو جناح "إصلاحي" في السلطة.وتعتبر هذه القوى بأن الرهان على وجود مثل هذا التيار في السلطة هو رهان خاسر،وهو تضليل في تضليل!.ويستند هذا الفريق إلى تجربته خلال السنوات الخمس من حكم الرئيس بشار،التي لم تتقدم خلالها العملية الاصلاحية بأية خطوات ملموسة وذات شأن.وهكذا يرون بأن الخمس السنوات الماضية كانت كافية للتيار الاصلاحي المزعوم كي يثبت وجوده،على رأي القول الشائع:لو كانت السماء ستمطر لكنا شاهدنا الغيم!.
غير أن القلة الآخذة بالتناقص يوماً بعد يوم،والتي مازالت ترى بأن الاصلاحيين في السلطة لم يأخذوا دورهم الكامل،ولم يمتلكوا زمام الأمور بعد،ترى بأن من طبيعة الأنظمة على الدوام وجود قوى متعارضة في المصالح والرؤى والتوجهات.تفرضها مواقع تلك القوى في المنظومةالاقتصادية والاجتماعية.وبالتالي فبمقدار ماتتسع تلك التعارضات والتناقضات بين أطراف القوى السلطوية،بمقدار ماينعكس ذلك على ضعف أداء النظام ككل على المستويات الأمنية والسياسية والاجتماعية وغيرها.
ولانعتبر هنا على الاطلاق توصيف"التيار الاصلاحي"بأنه نوع من التقييم الأخلاقي الايجابي لصالح هذا التيار.
فنحن نقصد بالتيار الاصلاحي في السلطة هم مجموعة الأفراد أو القوى السياسية أو الاقتصادية التي ترى بأن النظام في خطر.وبأن السياسات السابقة لم تعد تجاري المتغيرات الموضوعية المحيطة به.وبالتالي فإنه ومن الضروري أن يبحث هذا النظام عن مواطن الخلل في سياساته،وتصحيحها بغية إعادة انتاج نفسه بما يتناسب مع المستجدات الحالية،وبما يجعله يستعيد سلطته المقلقلة.
إذاً فإن مانسميه تياراً إصلاحياً هو في الحقيقة تيار الانحناء للعاصفة.
والعاصفة المقصودة،هي الضغوطات الأمريكية الهائلة،التي تحاول قصقصة أجنحة النظام ومنعه من معاودة التحليق على الساحة الاقليمية.ودفعه بالتالي إلى تقديم المزيد من التنازلات لصالح عملية التسوية،وغيرها من الاستحقاقات التي ترى الادارة الأمريكية بأنه على النظام أن يؤديها فوراً!.
إضافة للضغوط الأمريكية يواجه النظام مجموعة من التحديات الداخلية أيضاً،وعلى رأسها التحديات الاقتصادية التي أوصلته إليها مجمل سياساته الاقتصادية الخاطئة السابقة.
كذلك التحديات السياسية التي تتمثل في تململ المثقفين وقوى المعارضة من الضغط الأمني وقوانين الطوارئ وسيطرة الحزب الواحد وغيرها من الممارسات المستمرة منذ أكثر من أربعين عاماً.
غير أنه وبغياب الشفافية،فإنه من الصعوبة بمكان أن نعرف من هي هذه القوى الاصلاحية،ومامدى قوتها،ومن هم رموزها،وماهي الفئات التي تستند إليها.
يعتبر عدد كبير من النقاد والمحللين الغربيين والمحليين بأن الرئيس بشار هو القائد لهذا التيار الاصلاحي الذي نتحدث عنه.وهو المؤهل أيضاً،لأسباب كثيرة،لاجراء الاصلاحات المطلوبة.
غير أن الارث الثقيل الذي ورثه عن المرحلة السابقة،وكمية الشعارات والثوابت التي تشكلت في زمن مختلف،تجعل عملية السير في الاصلاحات بغاية الصعوبة،وهو مايفسر سبب البطء بهذه الاصلاحات حتى الآن.
إضافة إلى ممانعة مراكز القوى أو مايسمى بالحرس القديم الذي تشكل أثناء حكم الراحل حافظ الأسد.والذي تشعبت مصالحه وتنوعت لدرجة يستحيل فيها عدم أخذ هذه المصالح بعين الاعتبار عن إجراء التغييرات المنشودة.
ويقع الجهاز الأمني المتضخم الموروث في مرتبة القلب من هذا الحرس القديم،وذلك بحكم كونه المستفيد الأكبر من الابقاء على الوضع كما هو،وغياب أية مشاريع للاصلاح أو التغيير.
ولهذا،تطل المؤسسة الأمنية برأسها بين حين وآخر لقمع الحراك الضئيل المتاح من خلال فسحة الحرية الحاليةالتي هيأتها مجمل الظروف.فتعتقل هذا المعارض أوذاك لفترة وجيزة من الزمن.وتستدعي هذا المثقف أو ذاك.بهدف إثبات أنه (مازلنا هنا)!!.
غير أن الوضع لم يعد يحتمل مزيداً من العبث الأمني.فبعد ماألحقه العقل الأمني السوري من أذى للنظام بالدرجة الأولى،على الساحة اللبنانية،وماتسببته هذه الأجهزة من تدمير للعلاقات السورية اللبنانية على المدى القصير والمتوسط،وبسبب الممارسات المرعبة التي كان الأمن يمارسها،والأخطاء المرتكبة على تللك الساحة،كذلك ماتسببته هذه الأجهزة بممارساتها على الصعيد الداخلي من تفتيت للمجتمع وابعاده عن السياسة وقمعه وارهابه لدرجة خطيرة،فإن على مركز القرار السياسي (الاصلاحي)، وبالتحديد على الرئيس بشار العمل على لجم هذه الأجهزة وقوننة عملها،كخطوة أساسية وضرورية ولابد منها من أجل الاصلاح المرجو.وذلك لمصلحة الاستقرار السوري وتقوية اللحمة الوطنية أمام ضغوطات الخارج.
كما أنه من الضروري أن يمد (إصلاحيو السلطة)يدهم للمعارضة بأقصى سرعة،وإنشاء نوع من(التحالف)المؤقت،لمجابهة الضغوطات الخارجية من ناحية،وللعمل على تجريد قوى الجمود والفساد على الصعيد الداخلي،من براثنها وأنيابها.
أما إن تركت الساحة السورية للعبث الأمني غير المسؤول،ولمافيات الفساد المرعبة،ولبيروقراطيات الجمود...عندها ماعلينا إلا أن نقول:على سوريا السلام!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة.. الجيش الإسرائيلي يدعو السكان لإخلاء شرق رفح فورا


.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما ولا تقدم في محادثات التهدئة




.. مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين بغارات إسرائيلية على رفح


.. غزة: تطور لافت في الموقف الأمريكي وتلويح إسرائيلي بدخول وشيك




.. الرئيس الصيني يقوم بزيارة دولة إلى فرنسا.. ما برنامج الزيارة