الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهي هواجس؟ ، أم خوف ورعب من الغول الكوردي ؟ !!!!!

عوني الداوودي

2002 / 11 / 9
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


               

 

كدت أصاب بوجع البطن من الضحك بين إلحاح ابنتي الصغيرة المدللة وآخر العنقود " سماح " وهي تشدني من عنقي لمعرفة سبب ضحكي، وأنا أقرأ مقالين هستيريين منشورين في موقع النهرين رداً على كلمات لي دون أن تذكر اسمي كتبتها متعمداً لكشف واختبار مصداقية أولئك الذين يحشرون كلمة " إخواننا الأكراد " بين عشرات الشتائم والاتهامات في مقالات بائسة  ضد الكورد كبشر وتاريخ وجغرافية وتراث وأصالة راسخة في المنطقة منذ آلاف السنين، وبالذات في كركوك، ولست مجبراً على سرد الوقائع التاريخية فالذي يجهل هذه الحقيقة عليه أن ينقب بدافع الفضول الإيجابي لمعرفة الحقيقة، أما المتجاهل فليس لي معه شأن، فالشمس لا تحجب بغربال. والغريب في الأمر لبعض تلك الأقلام " ونزولاً لرغبة أحدهم بأن لا نذكر الأسماء في أحدى المقالتين " ومن حقي أن أستغرب هو إعطاء هؤلاء لأنفسهم شرعية مهاجمة الآخرين شعوباً وأفراد دون ضوابط والحفاظ على الحد الأدنى من اللياقة الأدبية للنيل من  "خصومهم" أو بعبارة أخرى من الذين يختلفون معهم في الرأي، وإذا ما بادر أحد ضحايا الأرهاب الفكري الذي يمارسونه على الضحية بالدفاع عن نفسه أو شرح فكرته، يجن جنونهم وتأتي مقالاتهم كقنابل لا تميز بين الصالح والطالح، ويتصورون أنهم بذلك يستطيعون تكميم الأفواه وتخريسها، وينطبق عليهم المثل العراقي الدارج " فركاس ما ينداس ". وأن دل هذا على شئ يدل على عدم النضوج السياسي والفكري لتلك الشريحة التي أبتلى بها العراقيين خلال السبعين سنة المنصرمة من تاريخ العراق المعاصر، لأن الخطاب هو ذاته والشعارات هي نفسها، لكن هذه المرة من خارج السلطة. فباعتقادي أن عراق المستقبل سوف لا يقبل بين صفوفه هذا النوع المحاربين لبناء المستقبل لأنهم سيهدمون حتى ما تبقى، ولأن العراقيين خبروا وجربوا أمثال هؤلاء من أي طينة هم، والحالة المزرية التي نجترعها بفضل تلك السياسات الحمقاء لهي خير دليل على بؤس وضحالة الأفكار والنظريات التي طبقت فيما مضى، فعجلة التاريخ تسير إلى الأمام ولا يمكن أن توقفها هذيانات وهواجس مريضة تحاول نقل العدوى إلى الأصحاء من ذوي العقول الحكيمة والقلوب العامرة بالمحبة والخير.

والذي يختزن هذا الكم الهائل من الحقد والكره اتجاه الآخر، لا يمكن أن يكون نصيراً لأي من كان حتى لإبناء جلدته، وشعبنا العراقي بجميع أطيافه وألوانه أخذ من الدرس بما فيه الكفاية ولا تنطلي عليه هذه الشعارات الرنانة حول حب العراق ومصطلح الأمة العراقية " البراقة " واستجداء العطف من هذه الشريحة أو تلك، و محاولة دق الأسفين بين القوميات المتعايشة في العراق وفي كركوك بالذات، وتأليب هذا على ذاك، لا أعتقد بأنه سيجد آذاناً صاغية، فالغالبية العظمى من أبناء شعبنا أكتووا بنار الفتنة والفرقة بما فيه الكفاية، و سوف لا يجدون أمامهم للعيش بكرامة في عراق المستقبل سوى التعايش السلمي بروح الأخوة والتسامح .

أما بالنسبة لمشكلة كركوك وهذه الحملة الظالمة ضد أبناء هذه المدينة المنكوبة من الكورد والتركمان والآشورييين والعرب. والصراخ الذي سيمزق حناجر أصحاب الحملة قبل أن تخدش مسامع الآخرين حول التطهير العرقي الكوردي ضد العرب، والأصح هو إن إزالة آثار التعريب ليست سياسة تطهير عرقي بحق العرب، بل هي واحدة من المهام الملحة التي تنتظر الحل العادل في عراق المستقبل، كما هو بالضبط القضاء على السياسة الطائفية في العراق، وعودة المرحلين والمهجرين من الأهوار إلى مناطق سكناهم، فأهالي كركوك يعرفون جيداً ويميزون بين العرب الذين سكنوا كركوك تاريخياً ومرتزقة صدام هؤلاء الذين أستوطنوا كركوك في العقود الأخيرة تماشياً مع سياسة التعريب وسياسة التطهير العرقي الحقيقي بحق أبناء كركوك من الكورد والتركمان والآشوريين فغالبية العرب  في كركوك في الوقت الحاظر ليسوا هم إلا أدواة لهذه السياسة المقيتة، وينتمون في غالبيتهم العظمى إلى رجال الأمن والاستخبارات والمفارز الخاصة ومن العشائر العربية الموالية للنظام، وهم ساهموا في الخراب والدمار الذي لحق بالعراق بلداً وشعباً، وهم الذين كانوا السبب في هروب ملايين العراقيين إلى خارج الوطن، وهم الآن يطبقون على صدور أهلنا وأحبائنا في الوطن، ولم ينزحوا إلى كركوك وينقلوا سجلات نفوسهم إلا بدافع الطمع والمغريات المادية والوظيفية التي بذلها نظام صدام لهم، وأنه سيكون السيف المسلط على رقاب من يحاول قول كلمة... لا للنظام، فينطبق عليهم مصطلح المرتزقة بكل ما تحمله الكلمة من معاني، ونحن نعتقد بأن على هؤلاء الرحيل إلى من حيث أتوا  ليس بدافع الحقد والعداء للعرب كما يحاول البعض تصويره، بل لان الكوردي أو التركماني أو الآشوري المرحل قسراً من كركوك، يجب أن يتمتع بحق العودة إلى مدينته ومسقط رأسه. فأين سيسكن هؤلاء العائدون ؟ أليس من حق هذا المهجر من أرضه وبيته ومدينته أن يعود ويطرق باب بيته ويقول لهذا الذي أستحوذ على بيته وأملاكه عذراً هذا بيتي وها قد عدت الآن أرجو أن تجد لك مكاناً آخر؟  وأليس من حق الفلاح الكوردي والتركماني الذي أعطيت أراضيه إلى آخرين أن يعود لاسترجاع أرضه وحقوقه التي سلبت وأن يقول لهذا أو ذاك بأن هذه هي أرضي وأنك امتلكتها من دون وجهة حق والطابو هذا هو في جيبي؟ أليس من حق هذا المواطن الكركوكي العودة من المخميات في بردة قارمان في السليمانية وبنه سلاوه في اربيل الذين يعيشون الآن في خيام بسيطة تفتقر إلى الحد الأدنى من وسائل العيش إلى مسقط رأسه ليمارس حياته الطبيعية ويباشر بزراعة أرضه وللعيش بكرامة، ناهيك عن المبعدين إلى وسط وجنوب العراق، فأي منطق وأي عدل هذا الذي يدعو إلى بقاء الأوضاع الحالية كما هي عليه الآن.

وهل ستسمي عودة الملاكين والفلاحين العراقيين العرب الذين سيعودون لا محالة لإسترجاع بساتينهم وأراضيهم التي أستحوذ عليها خيرالله طلفاح وكبار رجال مخابرات صدام في أطراف بغداد والخالص وبعقوبة بسياسة تطهير عرقي ضد أزلام النظام؟ أو المئات والألوف من أبناء العراق في بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية الذين أختاروا حياة المنفى مجبيرن أو هجروا إلى إيران والذين صادر النظام دورهم وأملاكهم ووزعها على جلاوزته حين عودتهم ومطالبتهم بحقوقهم وأملاكهم وطرد من ليس له الحق بإمتلاكها بسياسة تطهير عرقي ضد مخابرات صدام؟ أليس هذا الخطاب هو نوع من الإزدواجية التي تتحايل على الكلمة لطرق شغاف القلب لاستجداء العطف وتأليب البعض على الآخر وخلق حالة من العداء والتوجس بين أبناء شعبنا.

إن قضية كركوك وحق عودة المرحلين والمهجرين الذين يقدر عددهم بمئات الألوف وتعويضهم عما لحق بهم من خسائر مادية ومعنوية، وإزالة آثار التعريب والتي من ضمنها إعادة هؤلاء الذين جاءوا إلى كركوك للأسباب التي ذكرناها إلى مناطق سكناهم الأصلية  وتوفير السكن لهم وتعويضهم تنتظر الحل العادل في عراق المستقبل وإلا سيجد أي نظام مستقبلي في العراق نفسه أمام مأزق أخلاقي إن لم يحاول إعادة الأوضاع الطبيعية إلى سابق عهدها، كما يقع على عاتق المثقفين العراقيين ورجال العلم والقانون مسؤولية تاريخية وأخلاقية لنبذ هذه السياسة الجوفاء والاصطفاف بجانب الضحية لا التستر على جرائم النظام ومحاولة ديمومتها، وهي تحتاج إلى قدر من الحرص والصدق مع النفس ونكران الذات، والقضاء على هذه الفتنة التي من الممكن أن تنفجر في أي لحظة.       

ومن يريد الضحك على ذقون الآخرين، فبالنتيجة لا يضحك سوى على ذقنه .  

 

                                                                                     عوني الداوودي

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تزايد اهتمام المغرب وإسبانيا بتنفيذ مشروع الربط القاري بينهم


.. انقسام داخل إسرائيل بشأن العملية العسكرية البرية في رفح




.. الجيش الإسرائيلي يصدر مزيدا من أوامر التهجير لسكان رفح


.. تصاعد وتيرة الغارات الإسرائيلية على وسط قطاع غزة




.. مشاهد لعاصفة شمسية -شديدة- ضربت الأرض لأول مرة منذ 21 عاماً