الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


( الحلقة السابعة ) يوميات سكين

باسم محمد حبيب

2013 / 10 / 5
الادب والفن


رواية في حلقات

نجحت المهدئات التي أعطاها الطبيب لي في منحي قسطا من النوم ، ولكن ليس قسطا من الراحة ، بسبب الانقطاعات المتكررة للكهرباء ، والتي جعلتني أتصارع مع النوم كما يتصارع المصارع مع ثور هائج ، ولم يكن الوقت يعنيني بشيء ، بقدر ما يعنيني ان احضى بقدر من النوم ، يعيد إلى جسمي بعض التوازن الذي فقدته في الأيام الماضية ، وعندما استيقظت من ذلك النوم غير المريح ، شعرت ببعض التحسن ، وبأنني ربما تخلصت من تلك الكوابيس التي قضت مضجعي ، في اثناء ذلك ، سمعت صوتا قادما من المجهول ، يطلب من الركاب النزول من السيارة ، أخذ الركاب بالنزول وأيديهم مرفوعة إلى أعلى ، يحيط بهم رجال ملثمون مدججون بالسلاح ، أوقف الركاب في مكان بعيد عن الطريق ، خلف تله عالية ، كانوا مجموعة متنوعة من الرجال والشباب والأطفال والنساء ، الذين بدوا وكأنهم فقدوا كل معالم الحياة ، فبينهم الباكي وبينهم المتوسل ، فيما أخذ بعضهم يردد الأدعية والآيات القرأنية ، وبينما هم على هذه الحالة من الخوف والرعب تقدم القيادي نحوهم ثم قال :
- من منكم مسلم
رفع الجميع ايديهم بما في ذلك الأطفال ، وما ان لمحهم القيادي حتى سألهم مرة أخرى :
- من منكم .... ( مذهبنا )
هنا رفع بعضهم يده ولم يرفعها البعض الآخر ، فشعر القيادي ان هناك من يكذب في تحديد مذهبه ، فطلب من احدنا التأكد من الهويات ، وفصل من هم من مذهبنا عن اتباع المذهب الآخر ، ففعل صاحبنا ذلك بمهارة عالية ، ولم تسلم من تفتيشه حتى النساء ، وبعد ان قسم الركاب إلى مجموعتين ، أمر القيادي بذبح جميع اتباع المذهب الآخر ، على ان يبدأ بالأطفال قبل الكبار وبالنساء قبل الرجال ، لكن قبل ذلك أعلن ان إحدى الفتيات ستكون جاريته ، فسحبها من الجمع وأوقفها خلفه ، فصاح احد الركاب ( انها ابنتي اتركها ) ، فخاطبه أحدنا لا تخشى عليها لن تذبح مثلكم ، فصاح الرجل ( خير لي ان تذبح من ان تكون جارية لهذا الآفاك ) ، أنزعج القيادي من وصفه بالأفاك ، فطلب البدء به ، فما كان من الأخير إلا ان قام بسحب عقاله ، وبدء يضرب كل من يتقدم إليه ، ونظرا لكبر سنه ، فقد تمكن احدنا من مسك العقال وسحبه منه ، ومن ثم قام بإلقاءه أرضا في وسط بكاء عال من ابنته الواقفة خلف القيادي ، ومن طفل يقف مع المهيئين للقتل ، بقي الرجل يقاوم على الرغم مما واجهه من لكمات من مهاجمه ، ومن ضربات تأتيه من آخرين هرعوا لمساعدة زميلهم ، ثم توقفت حركته بعد ان أصيب بالإنهاك ، هنا دعاني القيادي إلى الإجهاز عليه مرددا :
- سيكون ثوابك عظيما يا أخي
ترددت قليلا ، فكيف لي ان اقتل رجلا يدافع عن شرفه ؟ هل يعني هذا انني استهين بالشرف ؟ ، شعر القيادي بترددي ، فصوب نظراته نحوي ،
- لماذا تتردد ؟ هل تجد طلبي صعبا ؟
- لا بل لدي شك في أني افعل الشيء الصحيح
تذمرت المجموعة من كلامي ، إذ بان ذلك من نظراتهم المنزعجة وأصواتهم المستهجنة ، فيما أخذ بعضهم يوصمني بالمروق والجبن ، اما القيادي فلم ينجرف إلى الغضب الذي قد يطيح برأسي ، بل لقد أوضح لهم حقي في الإستفسار حتى لا أكون جاهلا بتكليفي وحدود ديني ، ثم خاطبني بهدوء ورزانة :
- وما الذي يجعلك تشك ؟
- سيدي : قال الرسول ( ص) ان من مات دون عرضه فهو شهيد ، وهذا الرجل يموت دون عرضه ، فهو في حكم الشهيد
ابتسم القيادي وقال :
- أرأيتم اخواني ، ان لديه فهم خاطيء لأحكام الدين ، ولذلك من واجبنا ان نعلمه ، حتى يتصرف عن رضا واقتناع ، فهو يعتقد ان الرجل الذي حكمنا بموته ، ينطبق عليه وصف الشهيد ، لأنه اعترض على جعل ابنته جارية لنا ، وما اود ان أوضحه لأخي ، ان هذا الرجل اعترض على حق شرعه الله تعالى لنا ، لذلك فهو يستحق العقوبة ليس بوصفه مارق عن الدين وحسب بل ومعترض على حكمنا الذي يرتبط بتنفيذ حد من حدود الله أيضا ، فأطمئن أخي وقر عينا .
وعلى الرغم من كلمات القيادي فأنني لم اشعر بالراحة ، لكنني شعرت ان أي اعتراض آخر من قبلي سوف يطيح حتما برأسي ، وهو لن ينقذ الرجل الذي سيموت سواء بيدي او بيد غيري ، لذلك قررت ان أنفذ ما طلب مني حتى لا يكون لهم علي سبيل ، نظرت إلى الرجل الملقى على الأرض والممسوك بقوة ، فهالني منظره الساكن ، فهل استسلم الرجل فجأة بعد ان أعياه دفاعه عن نفسه ام انه فقد صوابه بعد ان عرف مصيره ؟ قربت سكيني منه ، وفي تلك اللحظة المربكة ، لمحت دمعة تتسلل من أحد عينيه ، لا ادري ان كانت دمعة خوف ام حزن ، ام دمعة خرجت دون إرادة منه ، وبينما كنت انازع أرتباكي وحيرتي ، باغتني صوت زوجتي وهي تدعوني للطعام ، لقد كان بحق كابوسا مريعا .

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب


.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا




.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ


.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث




.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم