الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرصاصة لا تزال في جيب محمود ياسين

مختار سعد شحاته

2013 / 10 / 5
كتابات ساخرة


النهارده كام في الشهر؟:
"يا خبر!! بسرعة كده؟!" قال صديقى حين سمع نادل المقهى يخبر زبونًا بأن اليوم هو ( ذكرى أكتوبر)، وقتها سألته عن الجرائد اليومية التى احتفظ بها - كعادته - والتى صدرت الأمس ، وجدت خبرًا أوحدًا يعلن عن تهنئة مقتضبة من السيد وزير الدفاع والسيد وزير الداخلية - اللى بقى كلامنا خفيف عليهم - ودهشت، كانت لغة الخبر نفسها اللغة التى رسمت كهنوت هذه التهنئة فى عصر ما قبل الثورة المجيدة، وأنا الآخر لى عاداتى العجيبة، إذ تذكرت "النهارده ذكرى النصر فى 73 ؟".

استدعاء آلي:
وبدأت تساؤلاتى تأتى من بعيد، ما قبل الثورة كنا نُشَنّف من قبل إعلامنا - اللى ربنا عالم بيه- بأغنية " أول طلعة جوية"، وكذلك لا يمكنهم أن يفوتوا علينا الجملة التى قالها محمود ياسين بنمط غير مسبوق فى فيلم الرصاصة لا تزال فى جيبى، حيث تجد "أرق وأطعم الله أكبر" بما يمكن أن تحمله من ترقيق يصل لحد التركيك، فيشعرك أننا كنا فى حرب لفريق الباليه المائى للفتيات تحت 14 سنة.

ما علينا، المهم، اختفى محمود ياسين وجملته وسوالفه العجيبة، ويبدو أنه تبقت الرصاصة فى جيبه فأهداها لصاحب الطلعة الجوية، فلم يتوان عن إطلاقها نحو صدور هؤلاء الشباب الذين غيروا معيار هذا اليوم فى تاريخنا الواقعى، فصرنا نرى الامور تاخذ بعدًا جديدًا، فذاك اليوم الذى انتصرت فيها إرادتنا، وحررتنا رصاصة محمود ياسين حين كظم غيظه وعفا عن مصرى آخر غصبه حبيبته "ماما نجوى" ، وصار يومًا أسودًا فى تاريخ الكيان الصهيونى المعادى، رأينا صاحب اول طلعة جوية بمنطق عجيب يهديهم بدلا عن الرصاصة التى لاتزال فى جيوبنا النفسية لنوجهها نحوهم متى زاد اخطبوط أمبرياليتهم الصهيونية فى حصد أبرياء الجليل ورفح وغزة ورام الله، يهديهم غازنا، لتنير مصابحهم فى هذا اليوم الأسود فتضاء بيوتهم بزهو نصرهم الاستيراتيجى المرتسم فى تطبيعه القمىء معهم وكل نظامه ورجالاته الفاسدين يدعمون ويباركون صفقات التعادل الاستراتيجى، فلا يصير العاشر من رمضان يومًا اسودًا..

أكتوبر الآني:
لكن فى أكتوبر الآن هذا ينقلب المشهد رأسًا على عقب، فترى المخلوع ونظامه خلف القفص يكدح بعض المحامين - مش عارف وصفهم المناسب إيه - يدشنون خطط دفاعاتهم ويبررون: لم اطلقوا الرصاصة التى كنا لانزال نحتفظ بها فى جيوبنا النفسية رمزًا لانتصارنا- نحو " الورد اللى فتح فى جناين مصر"؟؟! وفي النهاية "حكمت المحكمة ببراءة الرجل من بعض ما نسب إليه ويخلى سبيله بعد تجاوز مدة الحبس الاحتياطي قبل صدور القانون العجيب بقرار رئيس الجمهورية المؤقت بإلغاء المدة فيتمكن النظام من حبس معارضيه لمدى العمر احتياطيا على ذمة قضايا قد تنتهي لثغرات قانونية بنفس مآل صاحب أول طلعة جوية.
بعده تم عزل نظامًا آخر، اعتبر العبور وأكتوبر وما تلاها عملا لا يصح الاحتفال به، بل قرب قاتل صانع الحرب وقتها وأجلسهم في صفوفه الأولى،والعجيب أنه يأتي على إثر ثورة حاولت أن تعيد لنا روحًا جديدة لهذا اليوم، وأن تعتذر عن دماء الشهداء وملفات الأسرى وغيرها مما يشين حقبة حكمه وحكوماته ورجالات أعماله، فلا تجد عوضًا سوى تقديم مجرى صغير من دماء شهداء جدد ، لتفجر هذا السد العظيم الذى بناه بآليات الحصار والغاز والرضوح القمىء للإملاءات المسماه "خيار السلام الاستراتيجى".

مشهد موازي:
والعجيب فى المشهد الموازى ترى الأهازيج فى عقر دار العدو تبتهج وتستلهم هذا الفيض الربانى النابع من تضحيات الورد الذى ضحى بين شهيد وإصابة، لتستلهم روح ثورتنا فترفع شعاراتنا بالحرف ضد نظامهم الفاسد - كما يزعمون - ويبتهجون بكونهم تعلموا السلمية سلمية من هؤلاء الذين تلقوا رصاصة محمود ياسين، وفى المقابل يختفى الفيلم بكامله من المشهد ولا تذاع أول طلعة جوية، ولا تذاع صور هؤلاء الذين قالوا بأن الوطن ليس مفهومًا من مفاهيم العقيدة والدين، وهكذا يبدو قد فتحت علينا باب العبودية له ولطلعته، بل تذاع جلسات الخمسين علنية، وتكشف عوارًا نفسيًا في فهم حقيقة ما حدث في يوم أكتوبر وما تلاه من عبور النظام المباركي ثم الإخواني على الترتيب؛ ويحل عوضأ عن"ماما نجوى" ومحمود ياسين اللذين فرحا بالنصر فى آخر الفيلم، لترى (الجزيرة مباشر مصر) تتاجر بالكذب مرة والافتراء مرات، وكذلك القنوات الأخرى، تعرض أسرة مكلومة فى يومها هذا وقد غاب عنها محمود ياسين، وما يعني الطرفان لا محمود ياسين ولا ماما نجوى، بقدر ما يعنيهم مزايداتهم وخرفنتهم على الطرفين ومزايدات هنا بالدين وهناك بالوطن.. وهكذا تظل بلوزة ماما نجوى إبراهيم بها بعض الطين من "القناية"، وستظل يد محمد أفندي ممدودة نحوها دون أن تنسى نفس الرصاصة التى عاد بها من النصر فى أكتوبر.

الكورة أجوان:
أعد ترتيب المشاهد والكادرات من فضلك بحيادية مطلقة ، لكن بعيدًا عن حيادية اتحاد الكرة المصرى وأحمد شوبير حين يعلق على ماتشات الاهلى، دقق الصورة : ستجد صوت الطائرات الهادر فى هذا اليوم تسكته صوت طلقات القناصة والمطاطى والغاز المسيل، وسيعلو صراخ الثوار وتكبيراتهم تكبيرة محمود ياسين "الطِعِمة" لكنها تكبيرة داخلهم فقط تعرف المعنى الحقيقي للثورة لا الحشد المخرب، ولا تظهر دباباتتنا التى صنعت أعظم الملاحم فى عصرنا الحديث حيث اكتفى صاحب الرصاصة باستبدالها بعربات الامن المركزى ومجنزرات الحرس الجمهورى ثم الجمال والبغال والحمير ممن خططوا لكل هذا أو من أطلقوا الانفجارات والاغتيالات حتى للأطفال فوق أسطح المنازل، وتابع بدقة إيقاع الفيلم لترى الحزن الأسود والظلام الذى يسيطر على هذه البؤرة الصهيونية، ينير بالغاز المصرى ومطالباتهم خلال اعتصاماتهم لعودة الغاز فقد تعودوا النور مع مجىء سراج المخلوع ورجالاته، وبات ليلهم نهارًا ازداد زينة ونورًا حين سرقوا زينة ثورتنا "سلمية سلمية والشعب يريد..".

مشاهد ختامية:
فى المشهد قبل الأخير لن ترى السرير الطائر ولن تتاكد أن بمصر لأول مرة إسعافًا طائرًا، وتطالع شخوصًا "قرفتنا" لعقود لتزيد قرفنا بأفعالهم الواضحة البجاحة" فترى أصابع تعبث بانف فى قذارة غريبة لا تليق ولو بمخلوع، ومشيات متعجرفة، وتحيات عسكرية لهؤلاء الذين اطلقوا الرصاصة التى كانت لاتزال فى جيبنا نحو اولادنا فى ممشى يضاهى ممشى مهرجان كان السينمائى، وذلك لاحساسك بفيلم ميل جيبسون (نظرية المؤامرة) والذى تسود أجواؤه فى كل الزوايا،،

وتختم طعامك مع هذه الاسرة او يوم الذكرى بين الكثير من الأسر بدون من أحبوهم وضحوا لأجل أن تبقى الرصاصة فى الجيب، ويصدمك تتر النهاية بنزول صوت العزابى " .. ...ولا يغدينى ولا فى مصلحة بينه وبينى"، ليتركك" مجلس التحكيم" فى هذه الدورة من مهرجان أفلام الصيف، لتكتشف انها أصدق ما قيل فى حقه، فلا هو يومًا حاول ان يلتقى بنا، ولا فكر فى غداءنا او عشاءنا، ولم تكن له بنا اية مصلحة تربطه بنا، فقد كان سموه والبرنس والباشا يركبون الميراج، فوق رءوس الجميع، وحلت ماما أخرى مقام "ماما نجوى فى الختام"، لكنها لن تظهر فهى فى غاية الانشغال بلوحات فنية أو دكتوراه فخرية، أو مشاهدة حفلات من النفاق ولو كان بوسط معرض الكتاب ومكتبة الاسرة أو بمجموعة الدقون الشعثاء حين تتصدر المشهد وتتهدج أصواتها بغرائبية، وأظنها لن تتورع عن زيارة الهلال الأحمر الذى منعته عن إغاثة أولادنا وأصحابنا ومعارفنا ممن سمعناهم يهتفون بنفس هتاف محمود ياسين " الله اكبر" لكنها بصوت هادر هذه المرة، فرات أنهم يستحقون ألا تسعفهم السيارات وأن تغلق فى وجوههم المستفيات.

هنا صاح صديقى" هيه" هتشرب شاى ولا زبادى خلاط؟، قلت له "قهوة سادة". فحتى الآن لم ناخذ بثأر شهداء العاشر من رمضان وقد غُيبوا عنا كما نُغيّب الآن عن ثأر من صححوا مسار دمائهم الزكية، بفعل فاعل.

ملحوظة للمخرج:
الرصاصة التى فى جيب محمود ياسين لم تكن رصاصة وزارة الداخلية كما قالت الاحراز.. مخرج الفيلم..

إضاءة لصالة العرض، لكن بدون تصفيق أو تعليق، فقط تعلو الجميع نفس نظرة "عوكل" حين انهار متسائلا " إيه اللى جاب القلعة جنب البحر"
يا ترى حد عرف إيه اللى جاب القلعة جنب البحر؟، أم سنتحسّس الرصاصة لعلها لا تزال فى جيوبكم لاننى لا أجدها فى جيب محمود ياسين، ولا فى جيبى، ولا فى كل حرز مقدم للإطلاع عليه..
رمضان كريم على كل من وجد الرصاصة لاتزال فى جيبه.

مختار سعد شحاته.
Bo Mima
روائي.
مصر/ إسكندرية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خطبة باللغة العربية.. ما الرسائل التي أراد المرشد الإيراني إ


.. تاريخ كبير للفنان الفلسطيني???? كامل الباشا ?? #معكم_منى_الش




.. سر حب الفنان الفلسطيني???? كامل الباشا للمسرح منذ الطفولة #م


.. إسرائـ.يل سجنتني سنتين??.. قصة صعبة للفنان الفلسطيني كامل ال




.. الفنان الفلسطيني الكبير كامل الباشا يكشف لحظة حصوله على جائز