الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استقطاب جِهادي

حمودة إسماعيلي

2013 / 10 / 5
الادب والفن


وقف أمامي، مدّ (كلتا) يديه ليصافحني مبتسما :

ـ السلام عليكم
ـ وعليكم السلام

هو والشخصان اللذان ظلا خلفه يرتدون نفسه "القميص" الأبيض، ونفس الحذاء الجلدي الأسود، هو فقط يلبس طاقية ملونة بالأخضر والأبيض، أما الآخران اللذان ينتظرانه من مسافة ليس ببعيدة، فيرتدي كل منهما عمامة صفراء.

ـ أُعرّفك بنفسي، أنا اسمي خالد، قاطن جديد هنا بالحي، داعية ديني.. أراك دائما تجلس بهذه الحديقة، وتبدو شخصا طيبا لهذا وددت التعرف إليك.

لم أدري بماذا أرد :

ـ تشرفت بمعرفتك سيد خالد، أنا اسمي سفيان، اقطن مع عائلتي، منزلي هناك .. ذاك الذي فوق حانوت العطّار.
ـ سيد سفيان، هل تصلي ؟
ـ أحيانا !

تبسم وقال :

الصلاة شيء مهم ياسفيان، والمسجد قريب من البيت، وأنت تجلس أغلب الأوقات بالحديقة هنا أمام المجسد، لن تأخد الصلاة منك أكثر من 5 دقائق.. وأجرها عظيم عند الرب سبحانه.
ـ فعلا ما تقول، غير أنني لا أحب أن أصلي ثم أنقطع عن الصلاة، اطلب لي الهداية لعل الله يقويني عليها.

تبسم ثانية وأردف :

سيهديك الرب انشاء الله يا سفيان، أنا أقوم بجلسات مع بعض الإخوة في البيت، نسمع أحاديث دينية ونذكر ربنا تبارك وتعالى.. هل مازلت تدرس ؟
ـ نعم، شعبة الاقتصاد.
ـ ما شاء الله، إن لم تكن منشغلا فلما لا تأتي معنا ليذكرنا الله ؟ فهو يقول : "اذكروني اذكركم".
ـ صدق الله العظيم.

صعدنا للطابق العلوي، فتح الباب .. وما ان دخلنا الصالة، حتى رأيت ما يقارب 5 أو 6 أشخاص بلحياتهم الكثيفة وملابسهم التي تدل على سلفيتهم.

حيّا خالد أصدقاءه وهو يقول :

ـ أقدم لكم أخانا الجديد، سيد سفيان.. طالب بشعبة الاقتصاد

ابشرت وجوه الجميع وهم يصيحون :

أهلا بك..
مرحبا بالبطل ..
بارك الله بالشباب ..
تعال اجلس بجانبي ..

بعد المصافحات، وعناق بعضهم لبعض أو بعضنا لبعض ! .. استرسل احدهم في الحديث، وكان يبدو أنه تكملة لما كان يقوله قبل مجيئنا.

"رسول الله هناك ينتظرنا .. آه لو تعلمون يا أخوتي كما يحبنا، كم تعذب من أجلنا.. كيف سنلاقيه ؟ كيف سننظر إلى وجهه عندما يسألنا عن حال الإسلام ؟ وعمّا قمنا به لأجل هذا الدين.. "

كان الجميع ينصت له بخشوع، إلا واحدا منهم، ظل طوال الجلسة ينظر إلي، وكأنه لا يرتاح إلى حضوري، رجل في الخمسينيات بلحية بيضاء قصيرة ودرهم أسود في جبهته.
حتى عندما يلتفت فسرعان ما يعود للنظر إلي وكأنه مكلف بالمراقبة !! .

أجهش أحدهم بالبكاء، وهو شاب صغير في السن ربما يبلغ 17 أو 18 سنة.

ـ انه سريع التأثر (همس لي خالد قرب اذني) ويَغِير كثيرا على الدين.

همست بدوري لخالد :

ـ سيأتي صديقي بعد قليل إلى بيتي ولن يجدني، سأذهب لملاقاته وأعود.. سأحضره معي إن كان هذا الأمر لا يزعجكم.
ـ إطلاقا، أنتم الشباب هم عماد هذا الدين، ونحن نعتمد عليكم.

تجمعوا حول الفتى ليخففوا عنه، وكنت متأكدا أن وجه "الدرهم" ينظر إلي وأنا أغادر الصالون مع خالد.

رافقني حتى الباب وهو يحاول أن يُفهمني، أن جماعته جماعة دعوية دينية، لا علاقة لها لا بالسياسة ولا تنخرط بأي تنظيم أو تحزب.

ـ أنت الآن صرت واحدا منا يا سفيان، جماعتنا لا تهدف إلا للخير، في زمن ضاع فيه المجتمع والناس. الفساد يملأ الأرض، ونحن فقط نقوم برسالتنا في الحياة وهي توجيه الناس لطريق الله والخير. وأكرر أن هذا الأمر لن يحدث إلا بمساعدة الشباب أمثالك.
ـ بارك الله فيه

أدخل يده في جيبه، ومد إلي -10 دولارات-.

ـ خدها يا سفيان، حتى تذهب وتعود في سيارة أجرة.
ـ لا أرجوك، المنزل قريب.
ـ لا تخجل مني، أنا مثل أخاك الكبير..
وإن احتجت إلى اي شيء فلا تردد بسؤالي، مهما كان المبلغ الذي تحتاجه.

كان سيدخل معي في نقاشات حول الزواج، لكني انسللت منه بحجة أن صديقي سيغضب مني اذا ظل ينتظر لمدة طويلة.

ما إن تجاوزت المنزل بعدة أمتار حتى أخرجت هاتفي :

ـ سعيد، إن الجماعة التي كنت مكلفاً بمراقبتها تبيّن أنها ليست جماعة دينية عادية، ويبدو أن لها علاقة بتنظيم ارهابي تستقطب له مُتطوعين. لقد لمحت احد المستهدفين الذين نبحث عنهم مُتخفيا بينهم، انه موجود لقد تأكدت من الأمر بنفسي وهو الخيط الذي سيوصلنا للباقين.. لا أستطيع أن أشرح أكثر إنها قصة غريبة سأرويها لك لاحقا، ليس لدينا وقت.. أعلِم الطاقم أن يحضروا حالا قبل أن يفلت منا.. ستجد العنوان في رسالة نصية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - الزمالك كان في زنقة وربنا سترها مع جوميز.. النا


.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ




.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت