الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مطلوب سيسيقار

خالد غميرو

2013 / 10 / 6
كتابات ساخرة


إذا إبتعدنا قليلا عن بعض المبادرات التي تقودها مجموعة من الأصوات والمجموعات الشابة خصوصا في مصر، فإن أغنيتنا العربية إبتعدت كثيرا عن الموسيقى التي نحتاج أن تكون حاضرة بقوة في هذه المرحلة وهذا الوضع السياسي والإجتماعي الذي تعيشه المنطقة، لتكون صوتا يعبر عن قضايانا وأحلامنا وواقعنا، و تنتقد ما أفسدته السياسة. ففي الكثير من مراحل التاريخ المضطربة كان الفن عموما، والأغنية خصوصا تقلق راحة السياسين وتلعب دورا مهما لرفع الوعي والذوق الجمالي عند الناس، ليتذوقوا مدى مرارة وضعهم الإجتماعي وقرارات سياسييهم، و لقد كانت فترة الستينات إلى أواخر السبعينات شاهدة على "النهضة" (مع وقف التنفيد لاحقا) التي إنطلقت بالأساس من الموسيقى والأغنية، فأعطتنا محاولات مهمة، مثل الشيخ إمام ، ومارسيل خليفة ، وفرقة الميادين، وناس الغيوان، واحمد قعبور، وفيروز والإخوة الرحباني...والعديد من الموسيقيين والمجموعات الغنائية اللذين كانوا ملتفين حول قضايا الوطن والإنسان و تحرير الارض، وهذا ما نفتقده الآن كثيرا مع هذا الوضع "الثورجي" الذي نعيشه، وفي المقابل لذلك يُقدم لنا النوع الواحد الفارغ والمتكرر في المسابقات المخصصة لذلك على انه تنوع...
ويقدم لنا هذا "التنوع الموسيقي" كما تقدم الأكلات السريعة في مطعم "ماكدونالد"، فالمنظر والتقديم يبدو جميلا، لكن المظمون سخيف وتافه ومشكوك في جودته، وبما أن أذوقنا تعرضت للكثير من الهجمات، فإننا نستطعم هذه الأكلات السريعة بل يمكن أن ندمن عليها، وهذا حاصل حتى مع المجتمع الأمريكي الدي يعتبر "متقدما" وربما بدرجة أكبر، فهو كما صدر لنا "ماكدونالد" صدر لنا معه الأغنية السريعة بمبرر "العولمة"، فأصبحت لنا أذواق جديدة لا تفرق بين الأكل و الموسيقى..
و من سيئات التكنولوجية الحديثة على الموسيقى، أنها شجعت مجموعة من العاطلين عن العمل لكي يجربوا أن يكونوا مغنيين، فأصبح الشعار العام للمرحلة هو " إن كنت لا تعرف ما تفعل فإتجه للغناء، فليس مهم الجميع الآن يغني" ، ولا تخف فالآلة ستوفر لك كل شيء حتى المظهر الدي يناسبك لكي تكون مغنيا، فتحولنا نحن إلى فئران للتجارب، يجرب علينا كل "مغني" قدرته على النعيق. أما بالنسبة للكلمات فلاتعتل هما فلا احد يهتم بها، فمن سيئات لغتنا العربية سامحها الله، أنها تعطيك القدرة على الكلام كثيرا بدون أن تقول شيئا، وبحكم أننا ورثنا آذانا تتأثر سريعا بنشوة اللغة، خصوصا إذا كانت المسألة متعلقة بالحب ، لهذا أصبح لنا "شعراء تحت طلب الحب" على قفا مين يشيل، ولا أحد من هؤلاء الشعراء والمغنيين يريد أن يفهم، أن الشعر والموسيقى يقابلهم العقل والجمال والذوق.
تقول كلمات إحدى الأغنيات الأمريكية القديمة، التي لم يصدرها لنا الأمريكان مع "ماكدونالد"، "إذا كنت تشعر بالكآبة فأنصت لأغنية"، لكنك الآن إن أردت أن تنصت إلى الأغاني التي تبث يوميا على الفضائيات، وحتى الأغاني "الثورجية" التي جاءت كرد فعل على الوضع السياسي، فإنك ستشعر بالمزيد من الكآبة وستعرف أننا نعيش خطر فقداننا لحاسة الذوق والسمع، وتجد كل من يريد أن يستمع فعلا للموسيقى يعود إلى الأجيال السابقة من الموسيقيين والمغنيين سواء عندنا أو عند المجتمعات الأخرى، لذا أقول أن الموسيقى والأغنية العربية، في أمس الحاجة إلى "سيسيقار" يقود إنقلابا على هذا الهجوم الفتاك على أذواقنا، ويأسس نادي يجتمع فيه كل من لم تعد طبلة أذنهم تتحمل هذا "الضجيج الملحن" ، لتكون مهمة النادي هي القبض على كل عاطل تأتيه فكرة الغناء علنا، وتقديمه للمحاكمة بتهمة ثلويت البيئة وتهديد الذوق العام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا