الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أرجوكم، لا تقتلوا السيسي!

محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)

2013 / 10 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


أرجوكم، لا تقتلوا السيسي!

القصر هو الذي يصنع الكوخ في غالب الأحوال، ولكن سكان الكوخ قد يتبرعون باعادة تأهيل سيد القصر قبل أن ينطلق في قيادة الوطن سواء اختار الطريق الصواب أمْ .. حاد عنه.

الغثيانيون هم فئة من البشرلا تـُـفـَـرِّق بين تلميع حذاء، وتلميع زعيم، وهم في كل الأحوال والمواكب، ويطلـّـون علينا في الفضائيات، ويـُـصدرون كتبا تجميعية لمقالات وحوادث، تماما كما يفعل نصف الأمي علىَ النت وهو يقص، ويلصق، وينتفخ كأن جائزة الدولة التقديرية لن تـُـمنح لغيره.

خرج الفريق أول عبد الفتاح السيسي بعدما فاض الكيل، وفشلت كل محاولات زحزحة الاخوان عن مواقعهم، وأعلنت عشرات الملايين عن رغبتها أن يتولى الجيش الاطاحة بالديكتاتورية الدينية حتى لو جازفنا بوصول ديكتاتورية عسكرية يستتب بها الأمن، ويعود المزايدون دينيا إلى جحورهم.
وكالعادة لا ينتظر المنافقون حتى تتضح الرؤية، فالمناصب محجوزة للمادحين، وتشهد كل العهود والعصور أن المُصفق الأول يضع ساقا فوق ساق في الصف الأمامي.

كم تمنيت، مخادعا نفسي، أن يستضيف التلفزيون المصري في عهد الفريق أول عبد الفتاح السسيسي ثلة من الذين تغزلوا في كل الأسياد، فيأتي ممتاز القط والشقيقان أديب وعبد الله كمال ولميس الحديدي وتامر بسيوني وخيري رمضان ومحمود سعد ومكرم محمد أحمد وعشرات غيرهم ليجهشوا بالبكاء أمامنا، ولا تسعف حفنة من المناديل لتجفيف دموعهم، ويُقسموا أنهم لن يعودوا لتلميع سيد القصر الجديد مرة أخرى.

لكن الذي يُحدث الآن أكبر من حالة التأهيل الغثيانية، وهي تضطرنا إلى حمل مشاعر توجس من السيسي بدلا من الترقب حتى نراه في صورته الكاملة والحقيقية والوطنية.
صف طويل بطول مدينة الانتاج الإعلامي وبطولة صحفيي كل الأزمان لنفخ الفريق أول فخشيت أن يتحول تعاطفي معه إلى مناهضة، فأنا وهؤلاء لا نلتقي إلا لــِـماما على أرضية واحدة.

إنهم يقتلون الرجل الذي أطاح بكتاتورية المرشد، وأسياد المقطم، وأحفاد البنا، وتلامذة الإرهاب.
إنهم ينفخون السيسي ويوحون إليه أنه يبلغ البرج طولا، ويخرق الأرض عُمقاً، وهذا عمل غير أخلاقي بالمرة، فالسيسي قائد في مرحلة الانتظار، فإذا أصبحت مصر آمنة، وتراجعت المزايدة الدينية، واحتوت زنزانات قذرة مبارك وأهله ورجاله وكلابه، وتطور الوطن، وعمَّت المساواة بين مسلميه وأقباطــه، وتساوى المسجد والكنيسة، واختفى أباطرة الفتاوى الفجة، ولم يعد في السجون والمعتقلات بريء، ولهث المصريون لمحو الأمية في وقت قياسي، وأصبحت مهانة المواطن في السجن أو في الشارع شيئاً نادراً، ووضعت أم الدنيا قدميها في بداية عصرها الذهبي، واستقل القرار المصري، وأعيد تعريب مصر بعدها أربك الانعزاليون هويتها، فهنا سنصفق للسيسي فرحين حتى تدمىَ أكفـُّـنا.

مرة أخرى، فأنا مع فضِّ الاعتصامين بالطريقة التي حدثت أو.. أشدّ، وأنا مع منع ترشح أي شخص يأتي إلى صندوق الانتخابات زاعما أن الله معه، فهذا غش وتدليس واحتيال.
شكرا للجنرال عبد الفتاح السيسي في ذكرى أكتوبر المجيد، لكنني مازلت في لحظات الترقب والانتظار لئلا يتم تصنيفي مع الغثيانيين.
أشعر بقرف شديد لصدور كتب تعيد الكرباج إلى يد مبارك فيلهب ظــهورنا به مرة أخرى، والبصقة إلىَ لعابه فيقذفها في وجوهنا كما كان يفعل طوال ثلاثين عاما.

أرجوكم، لا تقتلوا السيسي بمديحكم الأصفر كابتساماتكم البلهاء على الشاشة الصغيرة، فثلاثة طــغاة، مجرم إثر الآخر، مبارك والمشير ومرسي، كافية لتدمير مصر، فلا تضموا السيسي إليهم، فقدرات الرجل وآماله وطموحاته تتعطل تماما برفعكم إياه فوق الأعناق.
دعوه يعمل، وراقبوا عمله، وانتظروا النتائج، وبعدها افعلوا ما شاءت لكم ضمائركم.

الذكرى الأربعون لأكتوبر المجيد محجوزة فقط للجنود الصغار والشهداء والجرحى والمهندسين ومُحطــّـمي الخط الحصين الذين وضعهم المصريون في المكان الأصغر والمنسي من الذاكرة.
الذكرى الأربعون ليست للقيادة فقط ولأبطال الضربة الجوية وللنسور فوق الأكتاف، لكنها للجندي المجهول الذي عــَــبــَـر جحيم بارليف، فحصد النصر الجنرالات فقط.

أعود مرة أخرة للغثيانيين الذين جمعوا النفاق كله في كل العصور، ثم توجهوا الآن ناحية الفريق أول عبد الفتاح السياسي ليقتلوه بالمديح، ويفجــِّْروه بالنفخ، ويــُـبهتوه بالتلميع، وينسبوا إليه كل الانتصارات حتى قبل مولده.
وأنصح الفريق أول عبد الفتاح السيسي أن يَصُمَّ أذنيه عن الغثيانيين، ويُنصت فقط لجموع الشعب التي خرجت بعشرات الملايين تطلب منه إنقاذها من المُرسيـّـين المتخلفين، ويصنع مجتمع المدنية والتسامح والأمن والمساواة.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 6 أكتوبر 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية لكم و اتفاقا
عماد عبد الملك بولس ( 2013 / 10 / 6 - 14:50 )
أولا تحية لكم

ثانيا، شكرا علي مقالكم و أتفق معكم فالغرض الآن هو إيقاع السيسي و (الجيش من قبله) في الفخ الإسرائيلي الجهنمي الذي ما ينفك يفلت منه مرة تلو الأخري

الأمور كلها ليست هي ما تبدو بل هي حرب حقيقية خفية و فشل الأعداء هو الذي يجعل بعض مشاهدها جليا، لكن الحرب كلها وراء الكواليس و كل من يتكلم مدعيا الفهم و العلم اليومهو ببساطة لا يعلم

للسيسي دور قادم إذا نجح في مهمته التي ستستمر لا أقل من عامين من وجهة نظري

احتراما و تحية


2 - مٌنافقين كل عصر وأوان
سامى غطاس ( 2013 / 10 / 7 - 00:08 )
أستاذى الفاضل,
رغم توجيهى من وقت لأخر القليل من العتاب الرقيق لك, إلا إنك تثبت لنا دائما إنك تمتلك القدرة الفذة على التحليل ومناقشة الإمور.
تسبح أحياناً ضد التيار وترفض إلغاء عقلك والأيام أثبتت إنك دائماً كنت محقاً فى تصورك للأحداث .
رغم إعترافى بجسامة المهمة الملقاة على عاتق الرجل إلا إنه من المٌبكر جداً حتى نستطيع الحٌكم عليه وهل نجح أم فشل فى أداء تلك المهمة .
أما عن منافين ومطبلين كل العصور فهذه سٌنة الحياه علينا بكل أسف التعايش مع أمثالهم
تحياتى لشخصك الكريم


3 - كـلـمـة
غـسـان صـابـور ( 2013 / 10 / 7 - 14:25 )
رسالة بسيطة إلى السيد محمد عبد المجيد
كلمتك المنشورة على صفحات الحوار المتمدن, أجمل وأوضح وأحق ما قرأت من اسبوعين, حتى هذه اللحظة. حيث أن الخطرين الذين يداهمان مــصــر الرائعة, وكل البلاد العربية, هما الأخوان وما يتفرع عنهم ظاهرا ومخبوءا.. وتملق الأنتليجنسيا الاحترافية...
أتمنى لبلد مولدي ســوريـا, ولمصر الغالية على قلبي.. بعد هذا التسونامي من الكوارث التي تجتاحها بهذه السنوات المؤلمة الأخيرة.. ظهور جيل جديد نقي شـريف.. لا علاقة لـه بالسلطة ولا بالتحزبات المعارضة المهترئة الطائفية, أن تصل إلى مراكز قيادية تنويرية.. تعبر ببلادنا إلى بــر الأمان والتآخي والحريات الحقيقية.
وحتى نلتقي.. لك مني كل مودتي واحترامي.. وأصدق تحية مهذبة.
غـسـان صــابــور ــ لـيـون فــرنــســا


4 - عامان لا أكثر لتتضح الصورة
محمد عبد المجيد ( 2013 / 10 / 7 - 22:22 )
-;-العزيز عماد عبد الملك بولس،
أتفق معكَ تماما في أن السيسي يحتاج إلى عامين على الأقل، وأن الحرب خلف الكواليس هي الأشد.
وتقبل تحياتي
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 7 أكتوبر 2013


5 - عتاب كريم من أخٍ كريم
محمد عبد المجيد ( 2013 / 10 / 7 - 22:25 )
-;-شكرا جزيلا، العزيز سامي غطاس، على كلماتك الرقيقة، وإطرائك الكريم. أما عتابك بين الحين والآخر فآخذه في الاعتبار وأتعلم منه.
رعاك الــله

مع محبتي
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو 7 أكتوبر 2013


6 - سوريا في القلب
محمد عبد المجيد ( 2013 / 10 / 7 - 22:37 )
-;-كلمات تخجلني وتثلج صدري في الوقت عينه، العزيز غسان صابور، وأتفق معك بأن قضية الانتلجنسيا العربية هي الضلع الثاني لكارثة الأمة بعد التطرف الديني.
وأنا أقف مع سوريا وشعبها، وأحمل هموم معتقليها المظلومين والمعذبين لسنوات طويلة حتى عندما كتبت ( تمزيق أوراق عشق قديمة ) وأرسلت المقال في المجلة وفي رسالة خاصة، ثم أفرج الرئيس حافظ الأسد عن 2700 من المعتقلين، ظن القائمون على مجلة الفرسان ( دريد الأسد) في باريس أن لي علاقة بالقصر الجمهوري في دمشق، فأدهشه ردي هاتفيا بأنني لم أزر سوريا من قبل ( زرتها خمسة أيام في 1996) وليس لي أي علاقة غير حبي لقلب العروبة وخوفي عليها.
فتعجب من استجابة الرئيس لرسالتي.
وتقبل محبتي وشكري الخالص
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 7 أكتوبر 2013

اخر الافلام

.. رغم تحذيرات الحكومة من تلوث مياهها... شواطئ مغربية تعج بالمص


.. كأس أمم أوروبا: فرنسا تسعى لتأكيد تفوقها أمام بلجيكا في ثمن




.. بوليتيكو: ماكرون قد يدفع ثمن رهاناته على الانتخابات التشريعي


.. ردود الفعل على قرار الإفراج عن مدير مجمع الشفاء الدكتور محمد




.. موقع ناشونال إنترست: السيناريوهات المطروحة بين حزب الله وإسر