الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحمد ويحمان - شيخ كمنجة - والجمهورية الريفية

محمود بلحاج

2013 / 10 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


أحمد ويحمان " شيخ كمنجة " والجمهورية الريفية

استشري خلال العقدين الآخرين؛ خاصة مع بروز الحركة الأمازيغية بعد ميثاق أكادير سنة 1991، في الساحة السياسية والإعلامية بالمغرب استخدام مصطلح " المؤامرة " بشكل ملفت للانتباه لدرجة بدا معه أن الوطن يعيش بالفعل تهديدا حقيقيا، وهذا الشيوع قد دفع بالكثيرين إلى التساؤل عن مدى صحة هذا الكلام ؛ أي صحة وجود المؤامرة ، وعن الجهات التي تقف ورائها، وعن أسباب وجودها !؟ لابد من القول أن هذا المصطلح ( المؤامرة ) يعكس في العمق نوعا من الثقافة السائدة لدى النخبة المغربية على مختلف أطيافها ( السياسية والفكرية والمدنية والإعلامية..الخ ) ؛ وهي ثقافة العجز عن مواجهة المستجدات والتطورات التي يشهدها المجتمع المغربي على أكثر من صعيد، وعلى رئسها العجز عن مواجهة تطلعات الشباب ( الأجيال الجديدة) وأسئلتهم المرهقة والمستفزة عن الماضي والحاضر والمستقبل. وهي أسئلة مقلقة وشائكة - بلا شك – حيث لا يستطيع الفكر القومي المنغلق على نفسه أن يتعامل معها بهدوء وعقلانية في أفق أجاد الحلول المناسبة لها ، وبالتالي، احتضانها والعناية بها عبر فتح حوار وطني ديمقراطي بشأنها، وهو الأمر الذي يودي بصاحبه إلى التطرف واتهام الآخرين بشتى التهم الرخيصة والفاقدة للمعنى والمصداقية نتيجة تكرارها المستمر دون مبرر، وافتقارها لقوة الحجة والإثبات المادي.

تماما، كما فعل السيد أحمد ويحمان في حواره الأخير مع جريدة " الأسبوع " الذي لم يجد ما يقدمه للقارئ غير التهجم على بعض المناضلين الأمازيغيين الذين يشهد لهم الخصوم قبل الأصدقاء بالشجاعة والمواقف الديمقراطية، وأيضا بالإنتاج الأدبي والفكري القيم والشيق، بالإضافة طبعا إلى حضورهم الدائم والمستمر في المعارك النضالية التي تخوضها الحركة الأمازيغية إلى جانب كل الديمقراطيين والحداثيين المغاربة من أجل بناء دولة المساواة والمواطنة التي لا مكان فيها للفكر الاقصائي والطائفي، دولة خالية من التمييز العرقي والديني والجنسي واللغوي والمذهبي..الخ . كما تهجم أيضا على الجمهورية الريفية عبر اتهامه كل من يتحدث عنها بالتآمر عن الوطن والسعي إلى تقسيمه حسب تعبيره، لكون أن الموضوع ( الجمهورية الريفية) تقف وراءه إسرائيل يقول المتحدث (السيد ويحمان)، بل أكثر من هذا يقول المتحدث بوجود " حكومة الجمهورية الريفية " بالمنفي وان مسألة الإعلان عنها هي مسألة توقيت فقط، كما جاء في احد مقالاته ( انظر هسبريس/ يوم 17 أكتوبر 2012 )، هذا، علاوة على تعظيمه للذات والنفخ بها دون قياس.

وعليه، سوف لا نطالب السيد ويحمان بالأدلة ( المادية) التي تثبت صحة كلامه، التي ليست في حوزته أطلاقا ( هذا تحدي وليس مجرد كلام) ، فالأمر بالنسبة لي لا يهم بالأساس ؛ أي أن موضوع الحجج لا يهمني أطلاقا، فالمهم، والأساسي، في الموضوع بالنسبة لي شخصيا هو كيف تفكر " نخبتنا " في قضايا التنوع والتعدد التي يزخر بها بلادنا؟ وبالتالي، فالسؤال الذي يطرح نفسه بقوة في هذا السياق هو: هل يستطيع القوميون المغاربة على مختلف مشاربهم وأطيافهم أن يناقشوا قضايا الاختلاف والتنوع الثقافي والعرقي واللغوي والديني في بلادنا بعيدا عن منطق التخوين والمؤامرة ؟ صراحة، شخصيا لا اعتقد ذلك باستثناء قلة قليلة جدا من القوميين عموما، واليساريين على وجه الخصوص، الذين استطاعوا أن يقوموا بإعادة النظر ( النقد الذاتي) في القضايا الثقافية واللغوية والعرقية المتعايشة في البلد مند قرون خلت.

انطلاقا من هذه الاعتبارات، نقول أن هذه المقالة ليست ردا على السيد ويحمان ؛ رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، الذي اعتبر في حواره السالف أن مسالة تنامي الحديث عن جمهورية الريف خلال الآونة الأخيرة تقف وراءه إسرائيل، حيث أن الأمر بالنسبة له (ويحمان) يتعلق ب " مخطط أمريكي وإسرائيلي لتقسيم المغرب إلى دويلات ". طبعا هذا الكلام ليس جديدا، ولا غريبا، عن حياتنا الفكرية والسياسية والإعلامية حيث سمعناه مرات ومرات، وأكيد سنسمعه في المستقبل أيضا، فالأمر أصبح عاديا جدا لدى هؤلاء القوميين الذين لا يبصرون – مع الأسف - إلا بعين واحدة، بل وفي بعض الأحيان يبصرون بنصف العين. فالأمر يعبر في العمق ، كما اشرنا أعلاه، على الضعف والعجز المتجدر في العقل العربي الإسلامي عموما، وفي العقل المغربي خصوصا ، الذي يعيش حالة من الاستلاب والانفصال عن واقعه ؛ أي عن الواقع المغربي المعاش، نتيجة تبعيته للشرق العربي. وهذا ما يفسر عجزه على مسايرة التطورات التي يعرفها العالم على مختلف المجالات والمستويات المتلاحقة، فالقوميون المغاربة – إجمالا – مازالوا أسرى للفكر البعثي العروبي العنصري القائم على ثنائية " العروبة والإسلام "، وبالتالي، ماذا سننتظر من هؤلاء الانهزاميون غير الكلام السخيف والاختباء وراء الحديث عن المؤامرات والمخططات الخارجية لتقسيم الوطن ؟ فالسيد ويحمان – للأسف - يقدم لنا كلام فضفاض لا معنى ولا مبرر له أطلاقا، لا يقتنع به حتى الطفل الذي لم يلتحق بعد بالمدرسة.

وبناءا على ما سبق إبرازه نرى أن الكلام الذي جاء على لسان ويحمان في حواره مع الجريدة السالفة لا يستحق الرد والاهتمام أصلا، لكن رغم ذلك لا باس أن نوضح له بعض الأمور التي يجهلها ( ويحمان) كما يتضح من حواره. لهذا سنحاول أن نوضح له، ولكل من يعتقد باعتقاده الانتهازي والشوفيني، أمرين في الموضوع، أولهما: هو إذا كان هناك من الريفيين من يفكر ويسعى إلى أعادة تأسيس جمهورية الريف المجيدة، وهو أمر غير موجود لحدود الساعة كما هو واضح للعيان، فكاتب هذه الكلمات يعلن بكل اعتزاز وافتخار عن انضمامه الفوري والكامل لهؤلاء " الانفصاليين " من أجل العمل على أعادة المجد والكرامة للريف والريفيين، فبعد أزيد من ستة عقود من القمع والتهميش والإقصاء الممنهج ضد الريف والريفيين على أكثر من صعيد لم يعود لنا ما يكفي من النفس والرغبة في انتظار التغيير القادم من الرباط ونواحيها، الذي قد يأتي وقد لا يأتي ، أكثر مما انتظرناه من قبل، فكل شيء تبخر الآن أمام استمرار الاستبداد العربي الإسلامي الحاكم في بلادنا على نهجه القديم، وبالتالي ، فمن حق الريفيين وغيرهم من المغاربة، مبدئيا، أن يفكروا في الطرق والوسائل الممكنة لتطوير حياتهم وبناء مستقبلهم بأيديهم بعيدا عن وصايا وهيمنة الرباط التي لم تكن لها يوم ما أية نفوذ سياسية وأمنية ومؤسساتية على كامل التراب الوطني قبل مرحلة الاستقلال الشكلي سنة 1956، ومنها منطقة سوس والريف على وجه التحديد.

ومن هنا نقول للسيد ويحمان أذا كان هناك بالفعل بعض الريفيين ( افراد) يفكرون الآن في الانفصال فهذا من حقهم. هذا أولا، وثانيا هو أن الأمر السي ويحمان لا يتعلق بإسرائيل ولا أمريكا، وإنما يتعلق الأمر – أساسا- بفشل المخزن وأزلامه في إدارة شؤون البلد بشكل ديمقراطي وحداثي بحيث يستوعب التعدد والتنوع العرقي والثقافي واللغوي والجنسي القائم في البلد؛ أي أنه فشل في بناء دولة المواطنة والمساواة والحرية والعدالة الاجتماعية، وبالتالي، انطلاقا من هذه الأسباب الموضوعية يمكن فهم لماذا يفكر البعض في الحكم الذاتي سواء بالريف أو بسوس.

علاوة على هذا ندعوا السيد ويحمان وغيره من دعاة توزيع التهم والتشكيك في كل ما لا يوافق قناعاتهم وتوجهاتهم القومية أن يفكروا بهدوء في الأسئلة التالية : لماذا يريد مثلا بعض الريفيين " الانفصال " ؟ هل الأمر يتعلق فقط بالمخطط المزعوم ( مخطط أمريكي وإسرائيلي) أم أن الأمر يتعلق – أساسا - برغبة ذاتية للراغبين في " الانفصال " ؟ فالفرق بين الأمرين في غاية الأهمية والدلالة. أو بصيغة أخرى ما هي الأسباب والدوافع الحقيقية التي أدت بهؤلاء " الانفصاليين " أن يفكروا في " الانفصال " عن المخزن المركزي؟ وما هي مسؤولية المخزن في تغذية هذا الفكرة ؟ وهل مشروع الحكم الذاتي المقترح تطبيقه في الصحراء هو أيضا مخطط إسرائيلي؟ هل لما كانت بعض فصائل اليسار المغربي تنادي بالجمهورية وتناضل من اجل ذلك كان هذا أيضا ضمن المخطط الإسرائيلي( يبدو أن إسرائيل لا شغل لها غير تقسيم المغرب !!) ؟ ولماذا لم تصدر أي بيان ضد الملك واتهامه بالتطبيع على خلفية تكريمه للصهيوني مالكولم هوملين خلال شهر يوليوز المنصرم ؟ وإذا كنت تعتبر اليهود الذين استقبلهم عصيد خلال الأيام القليلة الماضية مستوطنين للأراضي الفلسطينية فكيف تعتبر التواجد العربي في شمال أفريقيا ؟، أليسوا مستوطنين ومستعمرين مثلهم مثل الصهاينة إذا ما نظرنا للموضوع من الزاوية التاريخية؟

وثانيهما ( الأمر الثاني): هو إذا كان مجرد التفكير في الجمهورية الريفية يعتبر " انفصالا " حسب السيد بويحمان، فإنني " انفصالي " وافتخر بذلك كما اشرنا أعلاه. وإذا كان " التعاون " الريفي الإسرائيلي المزعوم يهدف إلى أعادة تأسيس جمهورية الريف الخطابية بمشروعها السياسي والفكري القائم حينذاك ( 1921-1925 ) فأنني أعلن انضمامي الكامل إلى هذا " المشروع " الوهمي الذي لا يوجد إلى في مخيلة وتفكير صاحبه !!.

وفي الأخير ندعو السيد أحمد ويحمان أن يتعلم قبل أن يتكلم، حيث يبدو انه مازال لم يتخلص من لغة البيانات التي تقرأ من الأسفل إلى الأعلى حسب جريدة النهار المغربية ( انظر العدد 2883). وكفى من الاسترزاق والتسول بالقضايا العادلة للشعوب، ومن المهم جدا قبل أن تتحدث عن المناضلين الأمازيغيين والجمهورية الريفية والتطبيع أن تجب أولا عن السؤال التالي: لماذا تم طردك من وزارة الداخلية ؟ وثانيا عليك أن تحسم مع نفسك قبل أن تتحدث في الجمهورية الريفية والمناضلين الشرفاء. السي بويحمان أن تكن أمازيغي ومسلما في نفس الوقت مسألة مفهمة وعادية جدا، أو أن تكن عربيا ومسلما في نفس الوقت هي مسألة مفهمة أيضا، لكن أن تكن أمازيغيا وعربيا في نفس الوقت فالأمر غير مفهم نهائيا ولا معنى له أصلا، فهل أنت أمازيغي أم عربي ؟ حدد بوضوح من أنت أولا قبل أن تتحدث عن الآخرين ؟ كيف يمكن لك مثلا أن تكن أمازيغي الهوية وتتحدث عن ما يسمى بالوطن العربي بصيغة " وطننا العربي " ؟ ما هذا العبث السي بويحمان؟

باختصار السي بويحمان كفى من الاسترزاق والتسول باسم مناهضة التطبيع والحديث باسم الأمازيغ بالرغم انك لم تقدم أي شيء يذكر للأمازيغ والأمازيغية، وكفى من نشر البلبلة والكلام الفارع .

ملحوظة: الجزء الأول من عنوان المقال " احمد ويحمان " شيخ كمنجة " مقتبس من جريدة النهار المغربية العدد 2883 .

محمود بلحاج، لاهاي – هولندا
للتواصل :[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الى هيئة الحوار المتمدن
ميس اومازيغ ( 2013 / 10 / 7 - 12:09 )
اعتقد جازما ان تعليقي لم يكن يتضمن ما من شانه رفض نشره فهوتوظيح لشخصية الرجل صاحب المواقف موضوع مقال السيد محمد بلحاج بل ولبعض من امثال الرجل ممن يحاولون جهدهم امتطاء فكرة القومية العربية على حساب الهوية الأمازيغية للشعب المغربي وبالتالي كان من الواجب احتراما لحقي في ابداء رايي ان ينشر علما انني على استعداد لتحمل مسؤوليتي والدفاع عن رايي ويبقى الحكم للقارىء الكريم.
ان موضوع المسمى احمد وايحمان وامثاله ان كان نشطاء الحركة الأمازيغية لا يولونه اهتماما رحمة بهذا الأمازيغي المستلب فان فظح مواقفه بالشكل الذي سيوقفه عند عند امر واجب سيما انه يشيطن القائمين على الشان الأمازيغي وبالتالي وجب توظيح امره للغيورين على هذا الوطن.لا مجال بعد اليوم للسماح للأمثاله بتمرير مهاتراتهم تحت الزعم انهم يخدمون الوطن والوطنية منهم بريئة.

اخر الافلام

.. احتجاجات الطلبة في فرنسا ضد حرب غزة: هل تتسع رقعتها؟| المسائ


.. الرصيف البحري الأميركي المؤقت في غزة.. هل يغير من الواقع الإ




.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحكم في مستقبل الفورمولا؟ | #سك


.. خلافات صينية أميركية في ملفات عديدة وشائكة.. واتفاق على استم




.. جهود مكثفة لتجنب معركة رفح والتوصل لاتفاق هدنة وتبادل.. فهل