الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نُذُر أزمة اقتصادية عالمية جديدة!

جواد البشيتي

2013 / 10 / 7
الادارة و الاقتصاد



شئنا أم أبينا، الولايات المتحدة هي محرِّك الاقتصاد العالمي، تُحرِّكه صعوداً أو هبوطاً؛ وإذا لم يأتِ السابع عشر من تشرين الأوَّل (أكتوبر) الجاري باتفاق بين البيت الأبيض والكونغرس (بين الديمقراطيين والجمهوريين) على رَفْع سَقْف الدَّيْن الحكومي (وعدم الاتفاق هو أمر استصعب توقُّع حدوثه إلاَّ إذا استبدَّت الشمشونية بطرفي النزاع) فربَّما يسقط الاقتصاد العالمي في هاوية كمثل هاوية 2008، إنْ لم تكن الهاوية هذه المرَّة أشد خطورة.
ذات مرَّة، قال آخر رئيس للاتحاد السوفياتي غورباتشيوف إنَّ بلاده، وإذا ما شعرت بتهديد جِدِّي لأمنها القومي، متأتٍّ من خروج الولايات المتحدة من سباق التسلُّح النووي والإستراتيجي معها متفوِّقةً عليها، فإنَّها يمكن أنْ تَفْعَل شيئاً واحداً بسيطاً هو أنْ تدمِّر بنفسها، وفوق أراضيها، مخزونها النووي، فتكون العاقبة دمار العالم كله؛ والولايات المتحدة يمكنها، إذا ما شعرت بتهديد جِدِّي لأمنها الاقتصادي العالمي، أو لمركزها الاقتصادي العالمي، أنْ تُفجِّر مخزونها من "القنابل النووية الاقتصادية"، والذي هو كناية عن أزمات اقتصادية من قبيل "أزمة ضعف (أو إضعاف) الدولار"، و"أزمة العجز عن سداد ديونها (وما أكثرها وأعظمها)"، فتصيب من الاقتصاد العالمي (ومن اقتصاد منافسيها الاقتصاديين الكبار على وجه الخصوص) مقتلاً.
"الموازنة الاتحادية" هي دائماً في عجزٍ، هو الآن الأكبر في تاريخها، وإنْ نجحت إدارة الرئيس أوباما في خفضه ولو قليلاً؛ و"الضرائب" مع "الانفاق" هي دائماً مدار صراعٍ (مُغْرِض سياسياً وانتخابياً) بين الديمقراطيين والجمهوريين (الذين "يُكفِّرون" كلَّ داعٍ إلى زيادة الضرائب، ناظرين إلى كلِّ صغيرة وكبيرة في اقتصاد بلادهم بعين "منحنى لافر").
إنَّ البيت الأبيض، ومعه "معسكر الديمقراطيين"، يتَّخِذ دائماً من مشاريعه الإصلاحية في قطاعي الصحة والتعليم، وفي "قانون الهجرة"، طريقاً إلى اكتساب مزيد من النفوذ السياسي والانتخابي والشعبي؛ لكنَّ تمويل هذه المشاريع الإصلاحية يصطدم دائماً بعقبة العجز المزمن والمتنامي في "الموازنة الاتحادية"؛ وللتغلُّب على هذه العقبة يسعى في زيادة إيرادات الحكومة الضريبية ضِمْن مشروعه للإصلاح الضريبي؛ كما يسعى إلى إقناع الكونغرس، وخصومه الجمهوريين، برفع سَقْف الدَّيْن الحكومي؛ وإنَّ أسوأ خيار للبيت الأبيض هو زيادة الضرائب وخفض الإنفاق (وفي قطاعي الصحة والتعليم على وجه الخصوص) في آن.
الجمهوريون، وعلى جاري عادتهم، ينظرون إلى هذه "الحلول (الديمقراطية)" على أنَّها شَرٌّ مستطير، وخصم مبين لهم، ولفئة الرأسماليين التي يمثِّلون، والتي لها دائماً مصلحة في خفض الضرائب ومعدَّلاتها؛ فإنَّ "الصفر" هو نسبة الضريبة التي يُفضِّلون.
انتخابياً، يُغْري "الجمهوريون" الناخبين بمزيدٍ من الخفض في معدَّلات الضريبة؛ أمَّا "الديمقراطيون" فيُغْرونهم بمزيدٍ من الانفاق الحكومي في الصحة والتعليم، وفي سائر القطاعات الاجتماعية.
الآن، وإلى أنْ يتَّفِق "الخصمان" على حلٍّ لأزمة العجز في الموازنة، والذي بلغ حدَّه الأقصى، من طريق قبول الكونغرس و"الجمهوريين" رَفْع سَقْف الدَّيْن الحكومي، سنَشْهَد مزيداً من الأزمات المتولِّدة عن "ضعف (وزيادة ضعف) الدولار"، وعما تبديه الحكومة الاتحادية من عجزٍ (أو من بداية عجزٍ) عن سداد ديونها (فالولايات المتحدة، على وجه العموم، هي أكبر مَدين في العالَم، وفي التاريخ).
كل السلع المقوَّمة بالدولار شرعت أسعارها تتراجع؛ ولسوف تستفيد الصادرات (أيْ صادرات الولايات المتحدة) ولكن إلى حين من تراجع الدولار أمام العملات الصعبة الأخرى؛ ولكم أنْ تتصوَّروا حجم الخسائر التي ستلحق بدولٍ (كبعض دولنا العربية) تُمثِّل "الورقة الخضراء" الجزء الأعظم من احتياطها النقدي (من القطع النادر) وتَسْتَوْرِد كثيراً من السلع من الاتحاد الأوروبي واليابان والصين..
الآن، لا أموال لدى الحكومة؛ ولن يكون في وسعها، من ثمَّ، سداد ديونها ودَفْع فوائد السندات الحكومية؛ وهذا إنَّما يعني أنَّ المستثمرين في سندات الخزينة من دول (كالصين واليابان) ومن مصارف سيشتد لديهم الميل إلى التخلُّص من مخزوناتها من هذه السندات ببيعها. وإنَّ أسوأ ما يمكن أنْ تتعرَّض له هذه المصارف بسبب احتفاظها بهذه السندات، أو بيعها رخيصةً، هو انكماش حجم سيولتها المالية، وعجزها، من ثمَّ، عن تلبية الحاجة إلى الاقتراض (منها).
المداواة لن تكون إلاَّ بشيءٍ مِمَّا تسبَّب بالدَّاء؛ فإنَّ على طرفي النزاع أنْ يتَّفِقا على رَفْع سَقْف الدَّيْن الحكومي؛ وهذا إنَّما يعني أنْ يستعيد الدولار شيئاً من قوَّته من طريق رَفْع أسعار الفائدة؛ فلا مُقْرِض للحكومة إنْ لم تُرْفَع أسعار الفائدة؛ ورَفْعها قد يحل مؤقتاً أزمة العجز في الموازنة؛ لكنه لن ينزل برداً وسلاماً على اقتصاد ما زال محاصَراً بضغوط الركود؛ لا بَلْ الكساد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تداعيات حرب غزة على الاقتصاد الإسرائيلي.. تعرف إليها


.. ده أهم ملف.. لميس: الصناعة يجب أن تكون قاطرة الاقتصاد الحقيق




.. كلمة أخيرة - الاحتياطي النقدي وصل لمستوى تاريخي.. إيه فايدته


.. لميس بعد ارتفاع الاحتياطي النقدي لمستوى تاريخي: المهم تحسين




.. طلعت عبد القوى لتليفزيون اليوم السابع الحوار الوطنى سيفعل ت