الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سُباعيّة تمثيليّة الديمقراطيّة التمثيليّة (سلسلة مقالات) الحلقة السادسة

حبيب يوسف الخوري

2013 / 10 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


واقع "الديمقراطية التمثيلية" في العصر الراهن

إذا أخذنا بنظر الاعتبار جهل معظم الناس لماهيّة "الديمقراطيّة المباشرة" وتجاهل وسائل الاعلام والتعليم لهذه الموضوعة، لعلّنا لا نبالغ إذا قلنا إن الأغلبية الساحقة في عالمنا لا تعرف نظاماً سياسياً أكثر عدالةً وإنصافاً من النظام الديمقراطيّ التمثيلي السائد في عصرنا. وربما يعتقد العديدون ببديهية ذلك لدى مقارنة هذا النظام مع الأنظمة الديكتاتورية التي عرفها التاريخ، والتي قامت وتقوم بمسخ شخصية الفرد التوّاقة للحريّة واحتواء حركته وسلب دوره في سن القوانين التي تحكم حياته ومجتمعه. وتقوم الأجهزة الإعلامية والتعليمية الرسميّة في البلدان الرأسماليّة القياديّة بأدلجة هذه المقارنة وغرس هذا الفهم في أذهان الناس وخاصة في لاوعيهم.

ويؤدي التباين في أجور (رواتب) الشغيلة ومستويات معيشتهم من منطقة الى أخرى وقطّاع عمل الى آخر الى تباين في طبيعة علاقتهم مع النظام الاقتصادي-السياسي.

ومع ذلك فهذه "الديمقراطية التمثيلية" لا تشكل عموماً عنصراً فعّالاً يرتبط عضوياً بحياة الجماهير، اذ أنّها لا تتعدى في الواقع الفعلي لحظة انتخابية واحدة مرة كل أربع أو خمس سنوات. وفي الحقيقة تشير الاحصائيّات الى تضاءل نسبة الناخبين، عِبر التاريخ، قياساً بعدد المسجَلين رسمياً للانتخاب. وتعزو الدراسات الميدانية ذلك الى تزايد انعدام الثقة بجدوى العملية الانتخابية، وتعمّق الشك بإمكانية النظام الاقتصادي-السياسي على ضمان ضرورات الحياة من حيث المأكل والمشرب والملبس والمسكن وتوفير مستوى معيشة لائق.

ويمكن ملاحظة ذلك من العيّنات أدناه*: (وهي بالترتيب التالي: اسم البلد المعني: (سنة انتخابية معينة - نسبة الناخبين فيها**) و (سنة انتخابية أخرى - نسبة الناخبين فيها**)


+ الولايات المتحدة الأمريكيّة: (1968 - 89.66%) و (2010 - 41.59%)
+ المملكة المتحدة: (1950 - 83.61%) و (2010 - 65.77%)
+ فرنسا: (1956 - 82.69%) و (2012 - 55.40%)
+ اليابان: (1952 - 76.43%) و (2012 - 59.32%)
+ البرتغال: (1975 - 91.73%) و (2011 - 58.03%)
+ جمهوريّة التشيك: (1990 - 96.33%) و (2010 - 62.60%)
+ بلغاريا: (1991 - 83.87%) و (2013 - 52.49%)
+ المملكة المغربيّة: (1970 - 85.34%) و (2011 - 45.40%)

* المصدر: موقع "idea.international" الالكتروني

**يرجى ملاحظة إنّ نسبة الناخبين المدوّنة أعلاه هي من عدد المسجلين رسميّاً للانتخاب، أمّا نسبتهم من العدد الاجماليّ للمؤهلين للانتخاب فهي أوطئ من ذلك.

إنّ الجماهير في ظلّ الديمقراطيّة السائدة باتت تدرك أكثر فأكثر وجيل بعد اَخر حقيقة أنّه مهما تغيّرت الأحزاب الحاكمة وتباينت فيما بينها فسياستها تصبّ في الجوهر وبالدرجة الأولى في خدمة الشركات الكبرى وتراكم رأس المال، وليس في خدمة الناخبين ومستوى معيشتهم وضمان مستقبلهم ومستقبل اطفالهم. ويتضح أنّ الدوّل الرأسماليّة القياديّة قد خسرت وتخسر المعركة في محاولاتها الديماغوجيّة لطمس هذه الحقيقة عِبر مختلف الوسائل الإعلاميّة الابداعيّة وعِبر محاربتها للمنظمات النقابيّة والمهنيّة.


صمّام أمان المصالح الرأسمالية في "الديمقراطية التمثيلية"

رُبّ سائل يسأل عن كيفية تمكّن النظام الاقتصادي-السياسي القائم من ضمان وقوف السلطة التشريعية (أي أعضاء البرلمان، المنتخبين من قِبَل الناس) الى جانب مصالح الكيانات الرأسمالية التي يمثّلها.

هناك عوامل عديدة تلعب دوراً مؤثراً في ذلك، إلّا أنّ أهمها هو الدستور والقانون والسلطة القضائية من جهة، والقوّات المسلّحة والاستخبارات والسلطة التنفيذية من جهة أخرى. أو بعبارة أخرى تلاحم ووحدة السلطات الثلاث، ويضاف الى ذلك كلّه الدعم "المبدع" من قِبل السلطة الرابعة.

أمّا العامل الأهم في اَليّة تحقيق ذلك فهو ما يدعى بـ "قانون التجسس" في الولايات المتحدة الأمريكية أو "قانون الأسرار الرسميّة" في المملكة المتّحدة أو مرادفاتها في الدوّل الرأسمالية القيادية الأخرى. وهذا القانون يُلزِم الأناس في المواقع الحسّاسة في الدولة (وعلى رأسهم رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء وكبار موظفي الخدمة المدنية) على عدم الإفصاح عن فحوى المعلومات والتوجيهات الاستخباراتية التي يزّوَدون بها والعمل وفقها. ومثال، ولو تبسيطي، على ذلك هو استلام رئيس دولة معينة أو رئيس وزرائها معلومات سريّة رسميّة تدعوه لدعم الولايات المتحدة في موقف سياسي معيّن (كاحتلال العراق في سبيل المثال). فيكون من واجب ذلك الرئيس أن يقنع مجلس النوّاب (أو البرلمان) بتبني قرار كهذا. ويقوم بذلك عن طريق شتّى الوسائل كالتحالفات والاكاذيب والمساومات وغيرها. أمّا إذا لم يفلح في ذلك فربّما عليه أن يقدّم استقالته، أو يُجبَر على ذلك عن طريق "فضيحة ما" أو فبركة شيء من هذا القبيل.

إنّ مفعول هذه القوانين يسري على مدى حياة الفرد المعيّن، أي حتّى بعد تركه للمنصب الذي كبّله بقيود ذلك القانون. وإنّ خرْق هذا القانون قد يُعتبَر خيانة عظمى، أمّا وقوف رئيس دولة، في سبيل المثال، ضده فقد يؤّدي الأمر الى اغتياله.

أمّا في البلدان التي لا يسمح ضعف تطوّرها بالتطبيق المبدع لقوانين كهذه، فأمّا تقوم الدوّل الرأسمالية القيادية بزرع (أو دعم) نظام حكم ديكتاتوري فيها (حتى وإن تطلّب الأمر الإطاحة بحكومة مُنتخَبة ديمقراطيّاً كما حدث في تشيلي عام 1973، أو تعتمد على جيشها في فرض ديكتاتورية ما، أو إن تمكّنت من زرع "ديمقراطية تمثيلية" فتزرع كذلك عملاءً لها في ذلك البلد وخاصة في برلمانه، وقد يشمل ذلك رئيس (أو-و رئيس وزراء) تلك الدولة أيضاً. وذلك إضافة الى، كما تمّ ذكره أعلاه، استخدام شتّى الوسائل الأخرى من اقتصادية وإعلامية وغيرها.

وعامل اَخر لا يقلّ أهميّة عن القانون الاستخباراتي المشار اليه أعلاه، لا بل وإنّه الوجه الاَخر من العملة نفسها، يكمن في عدم وجود قانون يجبر السياسيين على الالتزام بتطبيق برنامجهم الانتخابي وعودهم للناخبين والتي يجرى انتخابهم على أساسها. ففي حالات مماثلة في مجالات أخرى قد يؤدي عدم الالتزام بالوعود اتّهام الجانب المخّل بجريمة "الاحتيال"، أمّا السياسيون فهم معصومون من ذلك ممّا يتيح لهم إمكانية الكذب على الشعب بأكمله بقضايا مصيرية (من أجل تحقيق متطلبات القوانين الاستخباراتية في مصلحة تراكم رأس المال)، ويفلتون من ذلك بدون عقاب!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران