الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- مجهول- أحدث روايات -يوسف القعيد-

أماني فؤاد

2013 / 10 / 8
الادب والفن


"مجهول"
صدر منذ أيام عن "روايات الهلال" رواية " مجهول" للروائي الكبير الأستاذ: "يوسف القعيد"، وهو النص الذي استمر الكاتب في إبداعه، وإعداده، وتغيير شكله النهائي لأكثر من عشر سنوات كاملة، منذ أن صدرت أخر رواياته "قسمة الغرماء" عام 2006 م، ونالت جائزة ساويرس عن أفضل نص روائي.
يتخير الروائي لنصه اسما نكرة، وإذا اضيف لعدم تحدده وتعيينه معناه المعجمي الغيبي المتوجس؛ لأدركنا مباشرة قدر الحيرة والتخبط والاحتمالية، وفقدان الأمل الذي يعيشه أبطال النص، ويعيشه الروائي المهموم بقضايا بلده ، كما يكتوي به بر مصر كله، منذ مايقرب من عشرين سنة ماضية.
تدور الرواية عن اختفاء "حسن أبو علي" في ظروف غامضة، بعد أن أشاع أهل القرية أنه وجد كنزا في داره القديمة، لتبدأ لعبة التكهنات التي لا تنتهي، ثم تحطمها مع ركود الواقع وتعفنه.
حين كنت اقرأ الرواية لمحت خيطا عبثيا يتداخل مع تصوير الروائي للواقع، ويشع بعدا عرفانيا ، كما بدت أطياف من أعمال إبداعية لروائي العالم: " في انتظار جودو " لألبير كامو، انتظار مالا سيأتي ، كما حلقت رمزية وعمق فكرة "الكنز" عند "باولو كويلو" في "السيميائي".
يرجح النص اختفاء "حسن أبو علي" في بحر النيل حيث ندهته النداهة، أو في المقابر، أو الرحيل للزواج من أجل أن يرزق بالولد، أو عند المعبد في أعلي الجبل، ولذا يعتمد السرد علي تقنية عرض احتمالية والتدليل عليها، ثم ما يلبث السارد العليم أن يقوضها ؛ ليقيم فرضا آخر، ثم يدعو إلي الشك فيه، وهكذا.. هنا ندرك حجم وقوع السرد في منطقة صعبة وحائرة، فيها استطاع الروائي من خلال تقنياته واساليبه، أن ينقل لقارئه هذه الحيرة والتخبط بين الاحتمالات، وما يترتب علي هذا من افتقاد الحلم بمستقبل يمكن أن نثق فيه.
وعلي قدر مايخرج هذا النص من صميم الريف المصري وعالمه وموروثاته إلا أن الروائي يخرج بواقعيته في معظم نصوصه السابقة عن طبيعتها الخالصة، ليحمُّلها في هذه الرواية عالما من الرمز العالق بالأساطير والموروثات، الخارج من جوف ثقافة ريفية شديدة القِدم، كما أنها شديدة الاستسلام لكل ما هو غير عقلاني.
أخضع " القعيد" نصه لتقسيم شبه فصلي غريب، يأخذ مسميات مستحدثة، لكنها تنقل عالما واقعيا عبثيا ، كأن يسمي : كفر المرحوم، حقل المستخبي، نصف بيت، كفر الغيب، الجبل، والمعبد، وتحت كل واحدة من التقاسيم السابقة تتعدد المسميات التي تقدم الواقع الذي يقترب من التراجديات العميقة، التي تسرد العقل الجمعي الريفي شديد الخصوصية، كما يدلل علي واقع مصر كلها، وأزماتها السياسية و الاجتماعية والثقافية .
يتميز عالم "القعيد" بقدرته علي نقل عالم القرية المصرية من أسفل، لا من موقع المتفرج المتعالي، يقص التفاصيل من عمق تجاعيد الزمن الطويل، الذي تعاقب علي الفلاح المصري و شكل تحولاته، وتسعفه علي ذلك لغة، وذاكرة محملة بروائح الريف وطقوسه، ورائحة زروعه، وطبقات طميه، كأن نجد مفردات وتعابير من قبيل " استعد من بكة الشمس"، "مع اخر نسيرة من شعاع الشمس".. وهكذا
ونظرا لهذا العالم مجهول الملامح الذي يصوره الكاتب، تجلي بالسرد خيط ظلال من اللامعقول، الذي يحوط حكاية الاختفاءات المتكررة بالنص، كما يحوط بعض شخوصه، ولذا يتكرر بالسرد ملمح فني في قص الأحداث، يشعر القارئ فيه أن الروائي يشكل فقراته ومشاهده وكأنه يحمل كاميرا لمخرج تجريدي ما بعد حداثي، مثل أن يقول وهو يقص حكاية أحمدة ابنة حسن أبو علي مع ابن خالتها الديب، حين أشاع أهل القرية أن الديب هو من خطف حسن والكنز: ".. ولكن ليجعله طعما يضعه في سنارة يوشوشها ويطلب منها أن تصيد أحمدة، حبه وغايته، أقسم للسنارة أنه لن يكمل نصف دينه إلا بها.."
مرحبا بعودة روائية مبدعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حوار من المسافة صفر | المسرحية والأكاديمية عليّة الخاليدي |


.. قصيدة الشاعر العقيد مشعل الحارثي أمام ولي العهد السعودي في ح




.. لأي عملاق يحلم عبدالله رويشد بالغناء ؟


.. بطريقة سينمائية.. 20 لصاً يقتحمون متجر مجوهرات وينهبونه في د




.. حبيها حتى لو كانت عدوتك .. أغلى نصيحة من الفنان محمود مرسى ل