الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بشار الذي جَعَل من تدمير -ترسانته الكيميائية- سبباً للبقاء!

جواد البشيتي

2013 / 10 / 8
مواضيع وابحاث سياسية



على كثرة كلام وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري في "الأزمة السورية"، فإنَّ "الآذان السياسية" لم تسمعه إلاَّ مرَّتين اثنتين: لَمَّا تكلَّم عن قبول بشار الأسد تسليم وتدمير ترسانته الكيميائية، ولَمَّا تكلَّم عن "فضيلة" بشار في "التنفيذ".
في كلامه الأوَّل، والذي فُسِّر، بدايةً، على أنَّه "زلَّة لسان"، أو "قِلَّة دِقَّة ووضوح" في التعبير عمَّا أراد قوله، بدا كيري متأكِّداً أنَّ بشار لن يشتري "عدم ضَرْبه" بهذا "الثَّمَن الغالي"، ألا وهو قبوله تسليم وتدمير ترسانته الكيميائية؛ لكنَّ بشار فَعَلَها، وقَبِلَ، "مُخيِّباً ظَنَّ" كيري؛ ثمَّ شرعت إدارة الرئيس أوباما تَبْحَث عن "نَصْرٍ"، ولو صغير، في "تخاذلها الكبير"، فتفتَّق ذهنها عن فكرةٍ مؤدَّاها أنَّ بشار الأسد ما كان ليُذْعِن ويستخذي، ويَقْبَل التخلِّي عن ترسانته الكيميائية، لو لم تُلوِّح الولايات المتحدة بـ "الضربة العسكرية (المحدودة)"؛ فقبوله إنَّما كان عن اضطِّرار؛ وليس في الاضطِّرار فضيلة (على ما يعتقد أهل المنطق).
أمَّا في كلامه الثاني، فَضَرَب كيري صَفْحاً عن فكرة "القبول عن اضطِّرار"، قائلاً إنَّ بشار الأسد "يَسْتَحِق الثناء" على ما أبداه (حتى الآن) من التزام (أيْ من قوَّة وحُسْن التزام، ومن صِدْقية) في التخلُّص من ترسانته الكيميائية؛ وكأنَّ كيري يريد لـ "المهزلة"، التي كانت "مأساة (هي مأساة غوطة دمشق)"، قَبْل أنْ يُحوِّلها هو إلى "مهزلة"، أنْ تَبْلُغ منتهاها؛ فمُرْتَكِب الجريمة، التي لا ريب في وقوعها، ولا ريب في ارتكابه هو لها، يشتري "نجاته من العقاب" بثَمَنٍ بخس، هو "قبوله تسليم أداة الجريمة"؛ ثمَّ يُمْتَدَح، ويُثْنى عليه، ويُشاد به؛ ورُبَّما يُقام له تمثال، بعد اتمامه "المُهمَّة"، والتي هي تدمير كل ترسانته الكيميائية، ويُنْقَش في قاعدته عبارة "الفضيلة التي التبس علينا أمرها"!
وتتوفَّر إدارة الرئيس أوباما الآن على جَعْل "الجريمة الكيميائية" في غوطتى دمشق الشرقية والغربية مَصْدَراً لـ "شرعيةٍ"، تحتاج إليها في سَتْر "عورتها"؛ فهي تَنْفُث في روع الشعب السوري فكرةً مؤدَّاها أنَّ التخلُّص من ترسانة بشار الكيميائية هو مَعْروفٌ تسديه الولايات المتحدة إلى هذا الشعب، الذي جَرَّب "الموت الكيميائي" حتى أعاد تعريف ثورته قائلاً إنَّها التَّسْليم بكل ما من شأنه أنْ يقود إلى خلاصه النهائي من هذه "الترسانة الرَّجيمة"؛ فإنَّ "الشَّرْعي" من "المواقف" الآن إنَّما هو كل ما من شأنه أنْ يقي المدنيين السوريين العُزَّل من "موت كيميائي" آخر، ويقضي نهائياً على "أسباب" هذا الموت بتفكيك وتدمير ترسانة بشار الكيميائية.
ومن هذه "المواقف"، التي تَسْتَمِدُّ "شرعية" من ذاك "المَصْدَر"، أنْ يَقْبَل الشعب السوري بقاء الأسد في الحُكْم، ولو بصفة كونه "شَرَّاً لا بُدَّ منه"؛ فهو، لا غيره، مَنْ في مقدوره المضي قُدُماً في تفكيك وتدمير هذه الترسانة اللعينة؛ ولقد أثبتَ ذلك، فاستحقَّ ثناء كيري عليه؛ وعملاً بمبدأ "الضرورات تبيح المحظورات"، ينبغي للشعب السوري أنْ يَنْظُر إلى بقاء الأسد في الحُكْم حتى "إنجاز المهمَّة"، وهي تدمير "ترسانته الكيميائية"، على أنَّه "الضرورة التي تبيح كل محظور"، وأنْ يَفْهَم "العمل الثوري الحكيم" الآن على أنَّه كل عمل، أو قرار، أو موقف، يمكن أنْ يُغْري الأسد بنزع مزيدٍ من أنيابه الكيميائية، ولا يعطيه "ذريعة" للتباطؤ أو التوقُّف!
حتى القتال (بميادينه واسلحته وشدَّته) يجب أنْ يُخاض ويُدار بما لا يُفْقِد الخبراء والمفتِّشين الدوليين المكلَّفين بتدمير هذه الترسانة شعورهم بالأمن والأمان؛ فبشار يمكنه، إذا ما شعر بخطورة تغيير عسكري ميداني ما، أنْ يُحاصِر بالنيران أماكن ومناطق عمل هؤلاء الخبراء والمفتِّشين، مُدَّعياً أنْ مقاتلي المعارَضة هُم الذين زَجُّوا بتلك الأماكن والمناطق في المعارِك.
"خِدْمَةً للشعب السوري"، الذي له "مصلحة حقيقية وحيوية في نزع أنياب الأسد الكيميائية"، يحب أنْ يبقى بشار في الحُكْم حتى (ومن أجل) إنجاز "المهمَّة"؛ فإذا عُقِد "مؤتمر جنيف"، ولَمْ تَنْتَهِ أعماله، قبل التدمير الكامل للترسانة الكيميائية، وقبل حلول انتخابات الرئاسة في سورية، فإنَّ على الشعب السوري أنْ يَقْبَل، عندئذٍ، ولو على مضضض، وبدعوى "الضرورات تبيح المحظورات"، التمديد لرئاسة بشار سنة أو سنتين..؛ ورُبَّما تكون الصَّفقة المقترَحة ألاَّ تُجْرى انتخابات الرئاسة (والتي لا شيء يمنع الأسد من التَّرَشُّح لها) في موعدها مقابِل التمديد لرئاسة بشار سنة أو سنتين..؛ وإذا لم يتمخَّض "مؤتمر جنيف"، إذا ما عُقِد، أو لم تتمخَّض محادثاته، عن قيام "حكومة انتقالية"، تُنْقَل إليها (من بشار في المقام الأوَّل) السلطة التنفيذية كاملةً، فقد يُدَّعى، عندئذٍ، أنَّ بقاء بشار (قبل التمديد، وبعده) مُمْسِكاً بزمام الحُكْم هو ضرورة (أو شَرٌّ لا بدَّ منه) لإنجاز مهمَّة تفكيك وتدمير ترسانته الكيميائية!
أمَّا "الحكومة الانتقالية نفسها"، وإذا ما قامت، فلا مهمَّة سياسية عظيمة لها إلاَّ أنْ يتعاوَن "الطَّرفان" في التأسيس لسورية التي لا مكان فيها لتنظيم "القاعدة"، وأشباهه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يتمسك بترشيحه في الانتخابات الرئاسية| #أميركا_اليوم


.. تفاؤل أميركي -نادر-: رد حماس يحرك الاتفاق المقترح إلى الأمام




.. حريق في سقف مركز تجاري في عكا عقب سقوط شظايا


.. هل أجبرت عمليات فصائل المقاومة إسرائيل على العودة إلى مسار ا




.. شاهد| ذعر الفلسطينيين أثناء استهداف مركز إيواء في خان يونس