الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المليشيات المتشددة في سوريا: الدروس العراقية والليبية

جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)

2013 / 10 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


المليشيات المتشددة في سوريا: الدروس العراقية والليبية
فرانسوا بورغا ورومان كاية مقطع من كتاب قيد الطبع تحت عنوان:" حرب عصابات إسلامية؟"
François Burgat et Romain Caillet “Une guérilla islamiste ?”

ترجمة د. جواد بشارة

إن مصير الثورة السورية، التي بدأت في آذار 2011، سوف يتحدد جزئياً، إن لم يكن قد تحدد فعلياً، بناءاً على مصداقية المعارضة السورية، السياسية والعسكرية بشكل خاص، التي قد تنجح في الحصول عليها أم لا، لدى من تعتمد عليهم في تقديم الدعم المالي واللوجستيكي لها. وبعد ترددات مستمر، بات من الواضح اليوم أنه، لا الولايات المتحدة الأمريكية ولا أوروبا، كانوا مستعدين بجدية لتحمل مسؤولية وتبعات اتخاذ الخيار الوحيد الذي من شأنه التأثير بشكل ملموس على نتيجة الصراع الدامي الدائر في سورية الآن، ألا وهو منح المعارضة الإمكانيات العسكرية التي تتيح لها تحقيق انتصارها. وبخلاف ذلك فإن هذا الأمر سيحدث بدون الغربيين وربما ضدهم. وإذا صار هذا هو المخرج، فإن آثاره على علاقات سوريا مع أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية ستكون صماء وستأخذ منعطفاً سيكون على النقيض من الاهتمامات التي من المفترض أنها هي التي تقود أو توجه استراتيجيات هذين الأخيرين. ففيما عدا تصلب وعناد فلاديمير بوتين، نجد أن التردد الغربي في تبني دعم فعال للمعارضة السورية يتغذى من نفور الغرب وامتعاضه من تشدد وتعصب الجهاديين الإسلاميين أو جزء من مقاتليهم. والمفارقة هي أنه لو وفر الغرب دعماً أكثر فعالية ونجاعة للائتلاف الوطني السوري لكان من شأنه أن يقدم فرصاً قوبة لكبح تنامي قوة الجماعات الإسلامية الأكثر راديكالية وتطرفاً. وامتداداً للاندفاع العسكري للائتلاف الوطني السوري المعارض الذي تحقق في الأشهر الأخيرة من عام 2011، فإن مساعدة من هذا النوع، كان يمكن أن تقلل الخلل في التوازن العسكري القائم لصالح معسكر واحد يستخدم الأسلحة الثقيلة والطيران، ولكان من نتائج هذه المساعدة أن تعكس مسار توزنات القوى لصالح المعارضة. المثال الليبي بشأن الخشية المهووسة من تحول المساعدة العسكرية إلى أيدي المتطرفين ليس استدلالاً معقولاً. فاغتيال السفير الأمريكي، الذي قتل بسلاح آر بي جي هو الأكثر انتشاراً في العالم، أو تجاوزات الجهاديين، الذي تسلحوا من مخازن الجيش الليبي وليس من أسلحة حلف الناتو، في ساحات القتال في مالي التي كانت تشهد أزمات حتى قبل سقوط القذافي، هي أمثلة ولكن هل هي كافية لتبرير سقوط عشرات الآلاف من السوريين، ومئات الآلاف من المصابين والجرحى، وحالات الدمار والخراب الواسعة، وملايين المهجرين، والانزلاق المميت الذي غرقت فيه سورية برمتها اليوم؟ مهما كانت صعوبة وبطء ديناميكية البناء المؤسسي الجاري حالياً في ليبيا، فإن مجمل الميليشيات الراديكالية التي ولدت جراء عسكرة المعارضة الليبية، توافقت وقبلت بنتائج الجولة الأولى للانتخابات الليبية التي لم توفر غالبية للقوى التي تستخدم المصطلحات والمفردات الإسلامية. المثال العراقي يظهر هو الآخر أنه مهما كانت القوة التي ستكتسبها الجماعات الطائفية، في أجواء حرب أهلية، حتى لو تمكنت من التجذر اجتماعياً، وهو الأمر الذي لم تتمكن من تحقيقه الجماعات المقاتلة الشيشانية في سوريا، التي، حتى وإن لم تختف من المشهد السوري، إلا أنها لم تصل إلى أبواب السلطة. فإن هذه التشخيصات الواقعية، لو كانت تغلبت على المخاوف العاطفية من أسلمة المعارضة السورية، لأتاحت بلا شك تجنب الاستراتيجية التي راح ضحيتها كل أطراف المعارضة وآلاف المدنيين معها، الذين سحقوا بالأسلحة الثقيلة بدلا من أخذ المخاطرة في رؤيتها تأخذ اتجاهاً سيئاً في نهاية الأزمة. أليس المجتمع السوري قادراً، بعد تحرره من الطوق أو الغل التسلطي للنظام، على إيجاد توازناته الداخلية بنفسه وتهميش متطرفيه؟ يبدو أن المجموعة الدولية رفضت منحه هذه الثقة، سواء للأفضل أو للأسوأ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - خليك فالفضاء احسنلك
نور الحرية ( 2013 / 10 / 9 - 10:21 )
اه للاسف الشديد يا استاذ بشارة قد كنت نبراسا لنا في مقالاتك العلمية الرصينة والمعمقة والممتعة .فما بالك اليوم قد حشرت نفسك في موضوع سياسي معقد لم تفلح فيه البتة. اناشدك الله -ولو اني لا اؤمن به- هل حقيقة تصدق ان شعوبنا العربية ومن بينها السوري يؤمنون فعلا بالديمقراطية وحرية المعتقد والعلمانية وسيمارسونها ان مكنوا من الحكم ثم ضربك مثلا بليبيا فالتعلم ان من وصل للبرلمان الليبي كلهم من خلفية دينية متزمة وهم الان يطالبون بتبيق حرفي للشريعة الهمجية.

اخر الافلام

.. الأميركيون العرب -غاضبون من بايدن ولا يطيقون ترامب- | الأخبا


.. اسرائيل تغتال مجدداً قيادياً في حزب الله، والحزب يتوعد | الأ




.. روسيا ترفع رؤوسها النووية والناتو يرفع المليارات.. | #ملف_ال


.. تباين مواقف الأطراف المعنية بمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة




.. القصف التركي شمالي العراق يعطل انتعاش السياحة الداخلية الموس