الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سُباعيّة تمثيليّة الديمقراطيّة التمثيليّة (سلسلة مقالات) الحلقة السابعة والأخيرة

حبيب يوسف الخوري

2013 / 10 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


حركة "الديمقراطية المباشرة" المعاصرة

تتّخذ "الديمقراطية المباشرة" في عالمنا اليوم أشكالاً مختلفة. فهي نمط حكم في حوالي نصف الولايات الامريكية ولكن ليس على مستوى الدولة الفيدرالية، وهي على مستوى الدولة في سويسرا وايسلندا ولكن بدرجة محدودة. كما وأنّها تتّخذ شكل استفتاءات ومبادرات شعبية في بلدان عديدة في العالم.

إلّا أنّ جوهرها الكامن، كبديل حقيقي للأنظمة السياسية السائدة عالميّاً وفي البلدان المختلفة، يتجلى كحركة جماهيرية متنامية تتّخذ شكل منظمات وانتفاضات شعبية أمثال حركة "احتل" الأممية، وأحزاب وتنظيمات متعددة تمثّل "الديمقراطية المباشرة" في عدد كبير ومتزايد من البلدان منها الولايات المتحدة والصين والبرازيل وروسيا وجميع البلدان الاوربية وتونس ولبنان وغيرها من البلدان في جميع قارات العالم (باستثناء القطب الجنوبي!)، إضافة الى منظمات تنسيقية اممية. كما وتتعاون مع حركة الديمقراطية المباشرة منظمات نقابية وحزبية وديمقراطية مختلفة منها حركة "الويكيليكس".

تتميّز أحزاب وحركات "الديمقراطية المباشرة" عن غيرها من الأحزاب والحركات السياسية في كون هدفها هو انشاء نظام حكم سياسي من نمط جديد في القرن الـ 21 ألا وهو نظام الديمقراطية المباشرة، ليحلّ محل أنظمة الديكتاتورية والديمقراطية التمثيلية المهيمنة في عصرنا والتي تميّز بها القرن الـ 20.

وتلاحماً مع عصرنا الالكتروني، وتلبية لمتطلبات الديناميكية في عمل "الديمقراطية المباشرة"، انبثقت حركة "الديمقراطية الالكترونية" كتنظيمات مستقلة في بعض البلدان وكعنصر في منظومة حركة "الديمقراطية المباشرة" في معظم البلدان.

إنّ انشاء نظام حكم "الديمقراطية المباشرة" يخلق واقعاً سياسياً أخلاقياً ثقافياً جديداً، ولذا نحتاج لشيء من الخيال لتصوّره. ولتحقيق ذلك ينبغي التحلي برؤية ديمقراطية خالصة والتخلي عن الرؤية السياسية المهيمنة اليوم وخاصة في بناء مفاهيم الاقتراع والمجلس التشريعي (مجلس النوّاب أو البرلمان) والمجلس التنفيذي (الحكومة) ومفهوم الأحزاب.


الاقتراع في ظل "الديمقراطية المباشرة"

يقتصر الاقتراع في "الديمقراطية التمثيلية" المهيمنة اليوم على قيام المواطنين بانتخاب نوّاب عنهم يمثّلونهم في مجلس التشريعي (مجلس النوّاب أو البرلمان)، وذلك مرّة واحدة كلّ أربع أو خمس سنوات (وهذا هو في الحقيقة فحوى "الديمقراطية التمثيلية" ومجمل ما تقتصر عليه).

أمّا في "الديمقراطية المباشرة" فلا يقوم المواطنون بانتخاب مجلس تشريعي (إذ هم أنفسهم جميعاً يشكّلون المجلس التشريعي)، إلّا أنّهم يقومون بانتخاب مجلس تنفيذي (وهو الحكومة أو مجلس النوّاب أو البرلمان بمفهوم "الديمقراطية المباشرة") يسهر على خدمتهم وتنفيذ القوانين والقرارات التي يسنّوها. أمّا القوانين والقرارات وبدءاً بالدستور وفقراته فيقوم جميع المواطنين (أي المجلس التشريعي في "الديمقراطية المباشرة") بالتصويت (الكترونياً) على مشاريعها مباشرة.


السلطة التشريعية في ظلّ "الديمقراطية المباشرة"

تتألف السلطة التشريعية في "الديمقراطية التمثيلية" من افراد أو أحزاب يجري انتخابهم مرة كلّ أربع أو خمس سنوات من قِبَل أغلبية الناخبين المشاركين فعلاً في التصويت، حتّى وإن كانوا يشكّلون الأقلية من العدد الإجمالي للمواطنين المؤهلين للانتخاب (إذ أنّ هذا النظام لا يدرج في حساباته المواطنين الّذين يمتنعون عن التصويت والّذين قد يبلغ عددهم أكثر من 50%). وممّا يُزيد من الطين بلّة وجود حالات تفشل فيها جميع الجهات في احراز الأغلبية (المشار اليها) من الأصوات، كما جرى في الانتخابات الأخيرة في المملكة المتحدة. فدخل كلّ من حزب المحافظين والحزب الليبرالي-الديمقراطي في ائتلاف (لم يُصَوِّت له أحد) أتاح لهما تشكيل حكومة لم يُصَوِّت لها أحد.

وحيث لا يوجد قانون يُجبِر الجهة المنتخَبة على الالتزام ببرنامجها الانتخابي ووعودها للناخبين، وحيث يوجد قانون استخباراتي يُجبِر النوّاب في المناصب العالية على الالتزام بتوجيهات المؤسسات الأمنية والاستخباراتية، وحيث يوجد ما يسمى بـ "اللوبي" أو مجموعات الضغط والتي أكبرها تمثّل الشركات الاحتكارية الكبرى، فيجري تقزيم أولئك النوّاب الى أبعد الحدود.

وهكذا يتحوّل النوّاب والمجلس التشريعي الى فئة طفيلية تخون ناخبيها لصالح الشركات القيادية في الاقتصاد والدولة التي تمثّل مصالح تلك الشركات. وهكذا يتحوّل النوّاب لا بل والعديد من السياسيين المساهمين في "الديمقراطية التمثيلية" الى كذّابين بالضرورة!!! فحتى سياسيي المعارضة الرسمية (أو معظمهم) مشتركين في تمثيلية (مسرحية) "الديمقراطية التمثيلية"، حيث أنّ هدفهم هو السلطة بمعزل عن الشعب.

أمّا سلطة الشعب فهي الديمقراطية الحقيقية، الديمقراطية المباشرة، الديمقراطية الخالصة، الديمقراطية بدون تمثيل وممثلين ولا هم يحزنون! فالسلطة التشريعية هي سلطة الشعب، هي الشعب ذاته ولذاته حيث يصوّت أبناؤه الراشدون على مشاريع القوانين والقرارات التي تحكم حياتهم.

أمّا مشاريع القوانين فيجري طرحها، بالتسلسل حسب أولويّتها وشموليّتها، من قُبّل جهات مختلفة (كأحزاب ومنظمات ونقابات وعلماء ومختصين وغيرهم) ويجري التصويت عليها الكترونياً. وهكذا فيمكن لمشروع قانون معيّن تطرحه جهة معينة أن ينال أغلبية الأصوات بينما ينال مشروع قانون آخر تطرحه جهة أخرى أغلبية الأصوات كذلك. وبهذا لا تعبّر لائحة القوانين المسنّة بالضرورة عن حزبية واحتكار جهة معيّنة بل قد تعكس تعددية في المصادر والآراء والنظريّات.


السلطة التنفيذية في ظلّ "الديمقراطية المباشرة"

بعكس السلطة التنفيذية (الحكومة) في ظلّ "الديمقراطية التمثيلية" حيث يجري تعيينها من قِبَل الحزب المنتخَب، يقوم الشعب في ظلّ "الديمقراطية المباشرة" بانتخاب السلطة التنفيذية لتنفّذ القرارات التي تشرّعها سلطة الشعب في خدمة الشعب.


الأحزاب في ظلّ "الديمقراطية المباشرة"

تقوم "الديمقراطية المباشرة" بإعادة بناء مفهوم "الأحزاب" راديكالياً وموضوعياً. فأحزاب القرن العشرين (إن كان في ظلّ "الديمقراطية التمثيلية" أم "الديكتاتورية التمثيلية") قامت على أساس هدف الوصول الى السلطة وفرض سياستها على المجتمع. أمّا في "الديمقراطية المباشرة" فيختفي بالضرورة الطابع السلطوي للأحزاب. ففي ظلّ سلطة الشعب التشريعية لا يوجد مكان للتسلّط الحزبي. فيصبح دور الأحزاب مقتصراً على العمل في وسط الجماهير لكسب اصواتها الى جانب المشاريع التي يطرحونها. وبتقويض الطابع السلطوي للأحزاب تزول انتهازيّتها ويتقوّض تأثيرها الدوغمائي والديماغوجي على أبناء المجتمع.


عضوية حركات "الديمقراطية المباشرة"

وهكذا يتّضح طابع حركات "الديمقراطية المباشرة" المتميّز عن جميع الأحزاب القائمة، من حيث أنّها تستهدف تغيير شكل الحكم من سلطة أحزاب الى سلطة الشعب. أمَا المضمون فستعكسه سياسة سلطة الشعب تلك، والمُصَوّت عليها ديمقراطياً ومباشرة من قِبَل الشعب.

وبناءً على ذلك فأنّ حركات "الديمقراطية المباشرة" معنيّة" بتغيير شكل الحكم وليس مضمونه، فاسحة المجال للشعب أن يقرر المضمون السياسي للحكم.

ولذلك يمكن بالضرورة لحركات "الديمقراطية المباشرة" أن تستوعب في عضويّتها حتى أعضاء الأحزاب والحركات الأخرى (أي الجميع بغض النظر عمّا اذا كانوا مستقلين أو منتمين لأحزاب أخرى). وفي الوقت الذي قد تتطلّع فيه العديد من قواعد الأحزاب المختلفة الى الانتماء الى هذه الحركات وتنظيماتها، فمن غير المستبعد أن تعرب قيادات تلك الأحزاب معارضتها لذلك وأن تفضّل الاصطفاف الى جانب النظام السياسي-الاقتصادي القائم وديماغوجيّته الإعلامية.

كان فيكتور هوجو قد قال، في مستهل نهاية سيادة نظام الحكم الديكتاتوري الاقطاعي-العبودي في العالم، إنّه هناك شيء واحد أقوى من جيوش العالم كلّها، ألا وهو فكرة قد حان وقتها!!! واليوم هناك طريق واحد لخلاص البشرية وشعبنا العراقي المعذّب، ألا وهو طريق "الديمقراطية المباشرة"!!! وللحديث شجون...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا لتفريق المحتجين| الأخبار


.. مؤشرات على اقتراب قيام الجيش الإسرائيلي بعملية برية في رفح




.. واشنطن تتهم الجيش الروسي باستخدام -سلاح كيميائي- ضد القوات ا


.. واشنطن.. روسيا استخدمت -سلاحا كيميائيا- ضد القوات الأوكرانية




.. بعد نحو 7 أشهر من الحرب.. ماذا يحدث في غزة؟| #الظهيرة