الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأساة الامازيغيين عبر التاريخ

عبد الرزاق صطيلي

2013 / 10 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


لا أحد يجادل في أن الأمازيغ قد لقووا إقصاء وتهميشا منذ غابر الأزمان،والجميع يعلم حجم الحصار الذي مورس على "سكان المغرب الأقدمون"حسب تعبير الكتاب المدرسي"،والذي لم يضعف مفعوله إلا قبل سنين،بعد جهد عسير من لدن الحركات الأمازيغية.
إن القارئ لتاريخ الأمازيغ،سيجده مليئ بالأمجاد والانتصارات أحيانا، وبالانكسارات و الأحزان في أحايين كثيرة، لقد حاربهم الفنيقيون و الفراعنة والرومان و الو ندال و بعدهم البيزنطيون ثم العرب(ولتجاوز أي نقاش بيزنطي في هذا الصدد،نشير أننا نقصد أؤلئك العرب الذين لم يكن الإسلام إلا مطية لهم لتحقيق مآربهم،أؤلئك الذين تنبأ لهم الرسول عليه السلام، فخاطبهم بحديثه المأثور:" لا فرق بين أعجمي وعربي إلا بالتقوى")أؤلئك الجشعين من الأمويين الذين كانوا يرسلون الى ولاتهم بالمغرب مواصفات للحسناوات من بنو مازيغ، الشئ الذي جعل هؤلاء العمال لا يتوانون في" تخميس البربر" لاغتنام "الحور العين" وشحنهن الى المشرق،رغم دخولهن حظيرة الإسلام ،لسنا هنا بصدد المحاسبة،لأن التاريخ كفيل بمحاسبة الجميع...
لقد عانى الامازيغ الأمرين،فهم كانوا مسلمين من الدرجة الثانية (العجم)في عهد الإمبراطورية الإسلامية إبان حكم الاموين،ولعل ذلك كان السبب وراء ما ذكره ابن خلدون، من كونهم كانوا يتمردون ضد كل نظام،فلا يكادون ينصبون حاكما حتى يعودوا إليه ثائرين، حتما لم يكن الحكام يصونون العهود!
لعل ما يدعم أن الامازيغ كانوا مسلمين" دوزيام كلاص"هو ما أورده" محمد شفيق في كتابه عن تاريخ الامازيغ" حيث أن كل امازيغي تواق للسلطة، كان يهجر بلدته حتى تنقطع أخباره،ويمشي في أقاصي الأرض ليتعلم اللغة العربية و يتقن السليقة اتقانا ،ليبدل بعد ذلك اسمه و هويته و ينكر كل ما يربطه بتامزغا إلى الأبد، ثم ۥ-;-يزور ويستقدم بعد ذلك شجرة أنساب تثبت أن نسبه من الجزيرة العربية أو من أبناء علي ابن أبي طالب،ليعود بعد ذلك، فتفتح له الأبواب الموصدة و يقطف من ثمار السلطة كما يشاء،فيستقبل بعد ذلك بطلا عربيا " شريفيا" ترجى بركته وتقبل شفاعته ،هي مفارقة غريبة وعجيبة أن يغير الفرد جِلده ليحكم بني جلدته،"لكن رب كل ضارة نافعة"فربما لولا هذه التنازلات التي قدمها الامازيغ الأوائل، لكانت حضارتهم الآن في حكم النسيان،ما يهمنا استقراؤه هنا، هو الاقتراب من سيكولوجية الإنسان الامازيغي الذي وجد بين عشية وضحاها شرعيات جديدة، تمثلت في الإسلام و الشرفاء، حصل على الأولى بمجرد إسلامه و احتار في الثانية بسبب " بربريته" ،لذلك اعتمد "التقية" ليتحايل عليها، عسى أن يظفر بالسلطة.
جاء الاستعمار الامبريالي بعد حين من الدهر، فعتا و تجبر،فلم يجد مقاومة باسلة إلا من الامازيغ ،الذين قاوموه بالسيوف و الصدور المكشوفة قبل البنادق والمدافع الرشاشة،و اجبروه على الركوع و الخنوع، لولا شماتة الخائنين الذين باعوا الأرض و هلكوا النسل وأفسدوا الحرث.
إن هذه البطولات التي اعترف بها العدو قبل الصديق،لهي الكفيلة للرد على كل هؤلاء الذين يتهمون الامازيغ بالاستقواء بالأجنبي،لو صح هذا لاستقبلوه أول الأمر بالورود و"الزغاريد"(تغريت) و فرشوا له الأرض بزرابي من تنغير، خصوصا انه كان يتودد إليهم، والكل في المغرب يعرف - بالمقلوب- ما سمي" بالظهير البربري". لكن الامازيغ رفضوا _ وهم الأحرار_ أن يصافحوا المحتل، فما وجد منهم إلا التمرد و العصيان.
كفانا مزايدة على الامازيغ،أكلما انتشئوا بالنصر جاءتهم سهام من السموم ينفثها عليهم كل مناع أثيم. هل حكموا حتى يحاكموا ؟ هل أفسدوا حتى يحاسبوا ؟
لقد أصبح من الموضة-مؤخرا- إلقاء التحية بأزول (أزض أول) والتي تعني اقترب من القلب، هي لا تنفي تحية الإسلام و لكن هي دعوة من الامازيغ للجميع، بالاقتراب أكثر و التحدث بلغة القلوب عساها تمحي ما ترسب من ضغائن في الصدور، ورغم كل هذه الزوبعة التي أثيرت في موضوع الامازيغية مؤخرا فهذا لا يعني أن الامازيغ "قطعوا الواد و نشفوا رجليهم" بل هم في بداية المشوار،وسأذكر بعض التفاصيل التي نمر عليها و لا نلقي لها بالا:
_عندما يتزوج الامازيغي عربية فالأبناء يتحدثون غالبا العربية ولن يتكلموا الامازيغية.
_عندما تتزوج الامازيغية عربيا فقطعا سيتحدث الأبناء العربية كذلك.
_عندما يتزوج الامازيغي أمازيغية و ينتقلون للعيش بالمدن -الكبرى- فالأبناء سيتحدثون لا محالة العربية فقط إلا قليل.
هذه أمور يعرفها الجميع بعيدا عن المزايدات،و السبب فيها لا يعود إلى اليوم بل هو نتاج لعصور من الظلم و القهر تلته سياسات ممنهجة لمحو كل أثر للامازيغية في بلاد تمازغا كان أشدها وضوحا ما نهجه القذافي في العلن من محاربة لأبسط الحقوق وهي المنع من التعبير باللغة الأم.
كل هذا لم يساهم في إيقاف قطار أحفاد مسينيسا و يوغرتن ولم تفلح كل المحاولات مقصودة كانت أم غير مقصودة في تقليص نفوذها الثقافي،و تجدر الإشارة أنه إلى حدود السنوات الأخيرة، -قبل الصحوة الامازيغية- كان الإنسان الامازيغي البسيط، يستحيي من التحدث أمام الناس بلغته،بحكم ذلك الكم المهول من "الحڭ-;-رة" ، و أتذكر إلى حدود التسعينيات، كيف كان" البعض" يفعل المستحيل لتغيير نبرته و لكنته حتى لا يتهم بكونه "شلحا"أراد أن يستعرب، لقد كانت الحمولة السلبية لكلمة"الشلح" قوية و تحمل اهانة قاسية يصل صداها إلى الأعماق.
لماذا إذا يا ترى،نريد أن تغرب شمس يوم أما زيغي بعد أن أشرقت من جديد؟
لماذا كل هذا التكالب على الامازيغ،حتى أصبح الخطأ في الامازيغية فرض كفاية إذا ارتكبه البعض سقط اللوم على الجميع؟
ألا تكفي كل هذه النكبات التي تعرض لها هذا الشعب العظيم،الذي حافظ على لغته رغم انقراض مثيلاتها ومعاصراتها منذ أمد بعيد؟
ألا تكفي كل هذه العذابات و المآسي و الأحزان التي ما زالت تعيشها دواوير نائية،وكأن قدرها أن تواصل مشوار المعاناة كلوحة واقعية تعيد لنا مآسي هذا الإنسان المقهور...
أسئلة ستخبرنا بإجابتها الأيام، هي أيام نداولها بين الناس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نصيحة
شاكر شكور ( 2013 / 10 / 9 - 06:57 )
قالوا في صاحب الحق ( لا يضيع حق وراءه مطالب ) ، جاء بدو الصحراء كالجراد للغزو بقوة السيف وليدمروا الحضارة الأمازيغية بحجة نشر الدين ومخفين اطماعهم في السلب والنهب وأخذ السبايا ووصل اعتدائهم حتى على من كان يعبد الله ففرضوا عليه دفع الجزية وهو صاغر ، ارجوك لا تداري ولا تحاول ان تبرئ رسول المصائب والخراب لأنه هو الذي قال من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات على شعبة من نفاق وهو الذي شرّع جهاد الطلب في وقت السلم فكان قدوة سيئه لمن استلم القيادة من بعده ، الأسلام لا يعرف غير لغة السيف خذوا الدرس من الجنوب السوداني لكي تحصلوا على حقوقكم ولكي تعيشوا بكرامة مجاهرين بلغتكم دون خوف من المحتلين ، تحياتي ومودتي


2 - ازول للكاتب والعزيز شاكر شكور
ميس اومازيغ ( 2013 / 10 / 9 - 09:29 )
ازول)التحية الأنسانية لا هي دينية ولا كلمة سر حربية كلمة تعني خفقان القلب )
palptations du coeur
وهي تلقى شفويا على قرب من الملقاة عليه او من بعيد ومعلوم كيف تجنب بذلك انتقال الأمراض.انها ليست تحية تشابك الكفين الأسلامية التي هي كلمة سر بين تبع محمد الحاملة لمعنى الأعتناء باركان الأسلام الخمسة ولا هي تحية تقبيل الخدين التي هي احالة على المقولة المسيحية (اذا ضربك على خدك الأيمن فاعطيه خدك الأيسر) ولا هي قول (السلام عليكم) التي هي كلمة سر بين تبع محمد للتمييز بينهم وبين الكفار من خلال رد الملقاة عليه الحية.ولا تقبيل الفم الخليجية التي تحيل على الأعتراف بالجميل للمقبل لجهوده في نشر الدين شفويا و تقبيل الكتف او الراس او الكف والتي تحيل كل منها الى كونها اداة استعملت لخدة الأسلام.

فازول (ⴰ-;-ⵣ-;-ⵓ-;-ⵍ-;-) للكاتب والعزيز شاكر شكور


3 - الأخ العزيز ميس اومازيغ المحترم
شاكر شكور ( 2013 / 10 / 9 - 13:18 )
شكرا لك ايضا يا اخي العزيز ميس وشكرا للأخ الكاتب وأنا من قراء مقالاتكم الحكيمة وتعليقاتكم المركزة الجميلة ويجب على كل من له ضمير حي ان يناصر قضية الأمازيغ هذا الشعب المحتل والمظلوم فأنتم اصحاب حق وجذوركم ممتدة في اعماق ارضكم المسلوبة والذين يحكموكم من الغزاة هم محتلين وبثقافة بدوية وهي ادنى من ثقافتكم وتاريخكم العريق ونتمنى ان تنظفوا ارضكم من هؤلاء المعتدين ليرجعوا الى جزيرتهم ويعودوا الى عادات مسح المؤخرات بثلاثة حجرات ، تحياتنا


4 - رد الى العزيز شاكر شكور
ميس اومازيغ ( 2013 / 10 / 9 - 15:31 )
عزيزي شاكر شكور اقدر لك انسانيتك واهتمامك بحق اخينا الأنسان في تحقيق انيته والتخلص من المستبد باسم الدين او قومية مزيفة/
عزيزي ان مصيبتنا نحن الأمازيغ في شمال افريقيا اننا لا نقاوم دخيلا اجنبيا لعدم وجود هذا الدخيل لأعتبارت موضوعية وواقعية التي منها بعد القول بان من الغزاة من مات وانتهى امره خلال الحروب ومن عاد الى مستقره ومن بقي منهم كما من جاء مهاجرا من مثل بني هلال وبني سليم مضى على تواجد سلالتهم ما يقرب 1400 سنة بحيث انعدم مبرر القول بوجود عرق لهم نقيا خالصا لما تعرضوا لهم من انصهار وتمازج مع ابناء الأرض الذين شكلوا ويشكلون الأغلبية فاصبحت ثقافتهم محض افريقية حتى ان اسلامهم هو اسلام اسلاف ابناء الأرض الذين صاغوه وفق هواهم ووفق ما لا يتعارض مع عاداتهم وتقاليدهم بل وحتى معتقداتهم السابقة وقد لا اكون مخطأ ان انا قلت ان اسلامهم مجرد القول بالشهادتين.اما هؤلاء الذين يحاولون تجريدنا من هويتنا فهم ثلة من ابناء جلدتنا المغيبين عن طريق البرامج التعليمية وخطب المساجد لعصابات حاكمة ارتأت عدم ايقاظهم وتعرفهم على الحقائق التاريخية والجغرافية لما قد ينتج عن ذلك من جهر بالكفر بعقيدة الغزاة

اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو