الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن ضرورة البطل

السمّاح عبد الله
شاعر

(Alsammah Abdollah)

2013 / 10 / 9
الادب والفن




لم يكن لثورة مصر الحديثة بموجتيها في الخامس والعشرين من يناير 2011 والثلاثين من يونيو 2013 قائد واحد، حيث سقطت نظرية جمال حمدان عن فكرة "الرأس الكاسح والجسد الكسيح"، انقلب الحال وأصبح الجسد كاسحا يهدر في الميادين ويكسح الرأس الكبير، فعل هذا مرتين، وانفرد بين شعرب العالم كلها بأنه نحّى رئيسا وعزل رئيسا وسجنهما معا، وأنهى الحكم العسكري والحكم الديني خلال ثلاثين شهرا، ولم يتبق أمامه غير الحكم المدني.

وخلال الفترة البينية التي تفصل ما بين الموجتين تشكلت بفعل التدافع الوجداني الفوار للشعب المصري ملامح البطل الشعبي متمثلة في الفريق أول عبد الفتاح السيسي، حيث تخلقت ملامحه من ملامح السياسي المحنك والمفاوض الأكبر سعد باشا زغلول، والعسكري القائد جمال عبد الناصر، آخر الأبطال الشعبيين المتربعين في قلوب الشعوب العربية كلها من المحيط للخليج، هكذا وبلا مقدمات طفت على السطح السياسي شخصية عبد الفتاح السيسي الذي رأى فيه الشعب المصري سمات الفارس الشجاع الذي يملك فائضا من البطولة الحقيقية بلا اصطناع أو استعراض، بالإضافة إلى وطنية جامحة لمسها المواطنون في نبرات صوته الحانية التي تجذب القلوب وتملك الوجدان، هذا غير مقدرته الفائقة على منح الأمل في الغد والتأكيد على مقدرة المصريين على مواجهة الأخطار، حتى إذا ما حانت اللحظة الكبرى، لحظة الثلاثين من يونيو، كانت صورته مرفوعة في كل يد ومعلقة عبى كل شباك وقبلهما مطبوعة في كل قلب، ومع كل مشهد ثوري كانت صوره تزداد بريقا حدث هذا في الثالث وحدث يوم التفويض ومازال يحدث ولا أظنه إلا سيزداد، فحب الجماهير شيء لا يستطيع أحد الوقوف أمامه خاصة أنه صادق وحقيقي وعميق، لذا كان من الطبيعي أن تظهر على السطح السياسي حملة "كمّل جميلك" وهي جملة معيبة فليس لأحد أيا كان جميل أو فضل على مصر أو على شعبها وكان يمكن تعديلها إلى "كمّل دورك" لكن ما حيلتنا أمام هذا الطوفان العارم من المحبة الطاغية تجاه هذا الرجل النبيل؟ حتى أن أحد محلات وكالة البلح على كورنيش النيل أوقف صورة كبيرة للسيسي بطول واجهة المحل وكتب أسفلها : "اللهم اجعل هذا الرجل الصادق رئيسا لمصر" وبرغم التأكيدات المتوالية للسيسي نفسه بأنه لا ينوي الترشح إطلاقا لمنصب رئيس الجمهورية، مؤكدا بأن شرف حماية أمن مصر وحدودها أهم من شرف حكم مصر، إلا أن هذه المحبة الطاغية له من كافة أطياف الشعب المصري، وهذا الضغط العاطفي عليه من كثير من التكتلات السياسية، وهذا الخواء المرعب الذي يظهر عليه مرشحو الرئاسة المحتملين، كل ذلك يجعل فرص ترشيح السيسي للمنصب كثيرة جدا.

وأنا لا أخشى من الضغط العاطفي للتكتلات السياسية ولا من الخواء المرعب الذي يظهر عليه مرشحو الرئاسة المحتملون، فكل هذا مقدور عليه، أما الذي لا يستطيع أحد مواجهته على الإطلاق هو هذه المحبة الطاغية من كافة أطياف الشعب المصري له، الذين يمكنهم أن يذهبوا لصناديق الاقتراع ويضعوا اسمه بصرف النظر عما إذا كان مرشحا أم لا، فقد سبق منذ قرابة القرن عندما شكك الانجليز في التوكيلات الممنوحة لسعد باشا زغلول أن هبطوا إلى القرى والنجوع ليتأكدوا من صحة هذه التوكيلات، وكانوا يستوقفون الرجل ويسألونه: ما اسمك؟ فيجيب: اسألوا سعد باشا، ويسألون آخر: أين تسكن؟ فيجيب: اسألوا سعد باشا، ويسألون الثالث عن عدد أولاده فيؤكد لهم أن سعد باشا هو الذي يملك الإجابة، هكذا تفعل المحبة في قلوب المصريين عندما يتأكدون من صدق وقوة وأمانة رجل ما فيتعلقون به تعلق الغريق بالقشة.

ذكرت في بداية هذه المقالة بأننا نجحنا من خلال موجتَيْ ثورتنا في أن ننهي الحكم العسكري والحكم الديني ولم يتبق أمامنا غير الحكم المدني، فما سبيلنا والحال كذلك إلى تحقيق هذا الحلم؟.

ظني أن قيام السيد المستشار عدلي منصور بترشيح نفسه لمقعد رئاسة الجمهورية هو الحل السهل والبسيط والأكثر ملاءمة لظروفنا الراهنة، فالرجل رجل قانون، وسيضمن الشعب المصري على نفسه معه، فرجل القانون يعرف واجباته قبل أن يعرف حقوقه، ومن ثم فهو يعرف حقوق الشعب ومتطلباته التي لا يرجو سواها، وخلال الفترة الماضية أظهر الرجل قدرا كبيرا من الجدية والالتزام – رغم أنه رئيس مؤقت وبلا صلاحيات – وإطلالاته القليلة التي أطل بها علينا من شاشة التليفزيون أكدت لنا أنه بالفعل رئيس جاد ومحدد الكلمات يعي دوره ويعرف مسئوليته تجاه الدولة وتجاه المواطنين.

فإن اتفقنا عليه، بعد أن خاب أملنا في المرشحين المحتملين، ووقف الجيش معه ومعنا، نستطيع ساعتئذ أن نعبر إلى حلمنا المنشود الذي آن أوان تحقيقه، هذا الحلم الذي قدمنا من أجل تحقيقه تضحيات كبرى.

السمّاح عبد الله
رئيس تحرير "ديوان الشعر العربي"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل