الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات النيابية في العراق بين الدعوة للمشاركة أو المقاطعة

مناضل البصري

2013 / 10 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


منذ احتلال العراق سنة 2003 من قبل ولايات المتحدة الامريكية و تفكيك مؤسسات الدولة العراقية من قبل حاكمها العسكري بريمر سبقها تدمير البنى التحتية تدميرا شبه كامل خلال حرب الاحتلال, وضع بريمر الأسس و الخطوات التي يجب ان تسير عليها العملية السياسية و حدد اتجاهاتها مسبقا بما يخدم مخططات الامبريالية الامريكية في العراق و المنطقة للسنوات القادمة بجعل جزء من خيوط هذه العملية السياسية بيد الدول الاقليمية المحيطة بالعراق و التي تمثل دول ذات مصالح متناقضة فيما بينها من خلال نخب سياسية جاءت مع الاحتلال او من الداخل و قدمت ولاءها لها مما يجعل العراق يمر برحلة تمزق نسيجه الاجتماعي و ترسيخ ثقافة همجية متخلفة تسيطر على افراد الشعب العراقي ربما لعقود من الزمن ثقافة تستنزف قواه و تشتتها ليرسخ تحت طائلة حروب داخلية بين مكوناته الطائفية و الاثنية تزيد من حددتها الدول الاقليمية المحيطة و المتغيرات التي ستحصل في دول المنطقة , فصاغت دستور من خلال عملاءها بما يخدم اهداف هذه العملية و ربطت مصالح القوى السياسية التي اختارتهم بسيرورة العملية السياسية بشكلها المحدد مسبقا من قبلها و ما اختلافاتهم و اتفاقاتهم الا لترتيب مصالحهم التي هي مرتبطة ارتباط وثيق بهذه العملية السياسية و اهدافها بحيث اي خروج عن مسارها سيضر بمصالحهم و ربما يؤدي الى نهياتهم ليقاتلوا بشراسة حتى الموت لبقاء هذه العملية بشكلها المرسوم من قبل الامبريالية الامريكية كما اسلفنا , فاختلافاتهم او اتفاقاتهم بخصوص قانون الانتخابات الا لضمان ان تفرز الانتخابات برلمان مناسب يخدم سيرورة العملية السياسية بحيث اتؤدي الى مزيد من التخلف و التمزق للشعب العراقي و عدم استقرار البلد سواء انتج نفس الوجوه او بعض التغيير فتبادل الادوار يكون ضروري في بعض الاحيان على ان لا يخرج عن المنهج العام للعملية السياسية و اهدافها .
ان الامبريالية الامريكية حولت العراق و شعبه من خلال العملية السياسية بما تتضمنه من دستور و نخب سياسية و دينية و قوانين الى كومونات طائفية و عرقية و عصبوية و جعلت عمل الحكومة الرئيسي و تشريعات البرلمان حماية هذا التوجه سواء من خلال اجهزتها الامنية و الجيش التي بنتها على اسس طائفية مقيتة او من خلال اعطاء غطاء لعصابات و ميلشيات طائفية تضرب بيد من حديد و بقسوة تفوق اي تصور لاي خروج عن هذا النهج من قبل اي تذمر شعبي قد يطرأ أو اي اتجاه سياسي قد يظهر يعبر عن مصالح جماهير الشعب .
ان مركبة العملية السياسية تسير قدما على اشلاء الشعب العراقي و ضمن مسارها المرسوم و ان اي عائق قد يظهر امامها تسحقه دون رحمة و نخبها المصطفين فيها يقوم كل منهم بدوره لضمان سيرها و دون غرقها و يغلقوا اذانهم لأي صوت معارض قد يخرج من افواه فقراء و المضطهدين من الشعب العراق و امتدت جذورهم عميقا داخل هذه العملية و خلقوا لانفسهم دائرة مصالح مع الطبقة البرجوازبة المحيطة بهم و التي تمييزت بجشعها الغير اعتيادي و عدم ارتباطها بالبلد الا ارتباط مؤقت بزيادة ثرواتهم و تهريبها للخارج دون استثمارها داخل الوطن فالبرجوازية التي نشأت بعد الاحتلال برجوازية غير وطنية لا تسعى لتطوير الاقتصاد الوطني بل الى زيادة تخلفه بنشر ثقافة الفساد و سرقة المال العام فالعراق يتمتع بثروات نفطية تجلب له ايرادات طائلة تذهب النسبة الاكبر منها لدعم هذه العملية و اغناء رجالها .
هناك اصوات نسمعها من قبل ساسة محسوبين على الليبرالين او ديمقراطيين و شباب مثقف و اعلاميين و حتى يساريين مثل الحزب الشيوعي عن تصحيح مسار العملية السياسية من داخلها و المشاركة في الانتخابات و حجز مقاعد في البرلمان لتكوين منبر وطني ديمقراطي داخله و توسيعه مستقبلا اعتمادا على ما سيوفره من دعاية لصوت جديد يدعو الى طرح برامج اقتصادية و اجتماعية وطنية تخدم جماهير الشعب , ان هذا الطرح جدير بالمناقشة لمعرفة جدواه من عدمه و هل سيصب في خدمة مصالح الشعب او له اثار عكسية حيث سيعطي شرعية للعملية السياسية الموجودة دون تغييرها و انحرافها عن اهدافها المرسومة لها أو قد يؤدي الى ترسيخها لتمد جذورها اكثر بالمجتمع و تحول نسيجه الى نسيج مشوه بعيد كل البعد عن اسسه الطبقية و التي هي ضرورية لاجراء التغيير مستقبلا .
كما اسلفنا اعلاه ان العملية السياسية الحالية لها اسسها و قوانينها و سياقاتها و تقاليدها بحيث فرضت نفسها على عموم الساحة السياسية في العراق ساعد ترسيخها الفراغ السياسي الذي كان يعاني منه العراق عقود من الزمن و سيادة ثقافة القطيع لدى الشعب العراقي التي فرضها النظام السابق و لاستمرارها وفق نفس المنهج اصبح لها رجالها فهي تفرز رجالا بمواصفات معينة بحيث تمتزج مصالحهم باستمرار هذه العملية دون تغيير جذري فما الرواتب الخيالية للصفوة و الامتيازات التي تفوق حد التصور و خلق مجالات سرقة المال العام لهم الا ارضية لفرز رجالا ملائمين و منسجمين لهذه العملية السياسية و استمرارها فهم سيقفون بوجه اي تغيير جذري و ضد اي محاولة لتقليل مساحات هذه الارضية فاصبح الانسجام عالي جدا يصل الى حد التلاحم بين العملية السياسية و بين هؤلاء الرجال و اي محاولة كسر هذا التلاحم او اضعافه سيجابه بالقوة سواء بالاجهزة الامنية الرسمية او الميلشيات الغير رسمية او ببث سمومهم بالتأجيج الطائفي او العرقي ليغطي على اي ثقافة جديدة لها توجهات وطنية قد تظهر داخل البرلمان او خارجه ستساعدهم في ذلك جميع المخابرات الاقليمية و المخابرات الامريكية ليبقى الوضع كما هو مرسوم له و بمساعدة هذا المخابرات اصبحوا يخطون خطوات استباقية لاي تذمر شعبي او اتجاه سياسي وطني قد يظهر لكي لا يتركوا اي ثغرة قد تتوسع و تؤدي الى حراك شعبي وطني ممكن ان يفرز تيار سياسي معارض قد يربك العملية السياسية و عدم تحقيق اهدافها , فانفصلت العملية السياسيا كليا عن جماهير الشعب الكادحة و لن تحتاجها كاحتياجها في بداية العملية السياسية بعد ان بنت اجهزتها القمعية الرسمية و الغير رسمية فاصبح عدم الثقة بينهما هي السائدة فاصبح الفصل واضح جدا بين العملية السياسية و رجالها و بين جماهير الشعب فالجماهير لم تعد تثق باي سياسي مهما كان صوته او برنامجه بل اصبح تعتبره دجال و سارق للمال العام و حتى قاتل او مساهم في قتل و ابادة الشعب العراقي المبرمج , لقد كان هذا واضحا في عزوف الجماهير عن المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة التي لم تصل نسبة المشاركة الى 50% من لهم حق التصويت علما ان هذه النسبة هي الرسمية و الغير حقيقية حيث لم تصل بالحقيقة الى نسبة 40%.
ان اي دخول في العملية السياسية حاليا سيخضع لقوانينها و سياقاتها كذلك سيحاسب عليها جماهيريا مهما كانت شعاراته او برامجه سيكون بالنسبة للجماهير قد انتقل الى الجهة الاخرى البعيدة عن مصالحها , و ان النضال الحقيقي يجب ان يكون مع جهة الجماهير و ان يتلاحم معها و يزيد من وعيها و يخلق ثقافة و ممارسات نضالية جديدة لها تستطيع من خلالها ان يكون لها صوت يعبر عن مصالحها و ان تكون مهيأة لاي هجمة فاشية ارهابية من قبل رجال العملية السياسية , فالسلطة و رجال العملية السياسية الان بعد ان وصلوا الى حقيقة اتساع الهوة بينها و بين الجماهير و اتضح ذلك بمقاطعة انتخاباتهم الاخيرة في مجالس المحافظات كما اسلفنا اعلاه باشروا بخططهم الاستباقية بتأجيج النعرات الطائفية و المباشرة باطلاق صيحات جديدة و هي تاسيس لجان شعبية مسلحة لحماية المناطق لدعم الاجهزة الامنية بحجة الارهاب بحيث تسيطر على هذه اللجان احزابهم و ميلشياتهم لتجثوا على صدور الجماهير العزل , هذه الخطوات الاستباقية في الاعلان عن هذا التوجه ليحتاطوا عن اي عزوف جماهيري كبير للانتخابات المقبلة و الذي لو حصل سيكون بمثابة عصيان مدني و سيعتبر انهيار كامل للعملية السياسية فيبادروا بالسيطرة على هذه الجماهير من خلال هذه اللجان بقوة السلاح , لذلك فان اي مشاركة في الانتخابات حاليا من قبل الوطنيين و الديمقراطيين يعتبر اعطاء الحياة للعملية السياسية الكريهة و اطالة عمرها و اعطاء الشرعية لها كذلك يعتبر انتحارا سياسيا و تاريخيا للجهة التي ستشارك في الانتخابات , اما مقاطعتها و الدعوة للمقاطعة يعتبر اعلان رفض لكل الجرائم المرتكبة من قبل العملية السياسية بحق الشعب العراقي , باختصارتعتبر المشاركة بالانتخابات صعود و تشبث بمركبة العملية السياسية المحددة الاهداف و التي لا يمكن اصلاحها و تغيير مسارها كما اسلفنا .
فالنضال الثوري الحقيقي يجب ان يأخذ شكلا جديدا بعيدا عن الساحة السياسية السائدة فالساحة السياسية في العراق الان سيطر عليها رجال العملية السياسية الحالية بعد نجحوا في ترسيخ ثقافتهم الطائفية و العرقية بما يمتلكوه من اموال سواءا جاءتهم كدعم لهم من الخارج او من سرقاتهم للمال العام سخروها لبث هاذه الثقافة مستخدمين الاعلام المرئي و السمعي و اعتماد المنابر الدينية و انشاء منظمات مجتمع مدني لتغطي بذلك جميع مساحات المجتمع العراقي فاصبح صوتهم يطغي على اي صوت اخر ليكون الصوت الوحيد المسموع في المجتمع فالمعركة السياسية معهم ستكون غير متكافئة فهم يمتلكون المال و الاعلام بكل اشكاله لا تستطيع الاحزاب اليسارية الثورية امتلاكها و ليس معنى ذلك اهمال هذه الفعاليات بل بالعكس استخدام هذا الشكل من النضال بقدر المستطاع و لكن التركيز الاكبر يجب ان يتجه نحو النضال الاجتماعي بين جميع شرائح المجتمع من عمال و فلاحين و شباب و نساء و طلبة و اتباع الاعلام الشعبي و تاسيس اتحادات و نقابات و مجالس ثقافية و اجتماعية بين تلك الشرائح و القيام بفغاليات اجتماعية و ثقافية توعوية و الدعوة و المساهمة في التظاهرات ذات الاهداف اجتماعية شعبية و وطنية و طبع و توزيع بوسترات و نشرات تثقيفية لاظهار المشاكل الاقتصادية و الاجتماعية و كيفية علاجها و تقديم احصاءيات تبرز ضياع الثروة الوطنية و سرقتها من قبل رجال السلطة و تقديم برامج بديلة توضح كيفية ادارة الدولة و تحقيق التنمية الاقتصادية و العدالة الاجتماعية و رفع المستوى التعليمي و الصحي و فضح المؤمرات الامبريالية في ترسيخ الطائفية و اثنية و تجزءة العراق و اهمية التضامن الاممي مع شعوب العالم كل ذلك بصيغة الاعلام الشعبي الذي يكون بصيغة وضع عبارة بنهاية كل منشور او بوستر ( ان كنت مقتنع انسخ بقدر استطاعتك و وزع لنكون يدا واحدة ) او عبارات مشابهة , ان هذا الاعلام الشعبي له اثار و فوائد كبيرة حيث سيخلق تلاحم بين افراد الشعب و جدية لديهم , و من الممكن التوسع بالنشاط بخلق ورش اقتصادية بسيطة حرفية و زراعية جماعية منتجة و مربحة و بتمويل جماعي بسيط و توسيعها تدريجيا لخلق ثقافة الملكية الجماعية , ان هذا النضال الاجتماعي بكل اشكاله هو نضال سياسي ثوري سيساهم في خلق وعي طبقي و سيتطور ليأخذ اشكالا اخرى حسب كل ضرف و سيساهم بدعم البرامج السياسية للحركات الثورية مستقبلا , و يجب ان لا ننسى ان ضروف العراق و المنطقة ككل و في ظل الهجمة الامبريالية و محاولة فرض برامجها باعادة ترتيب هذه المنطقة ستشهد تغيرات كبيرة و تأخذ مسارات متغيرة و متقلبة احيانا حسب موازين قوى بين دول الامبريالية المختلفة مما قد يؤدي الى انتفاضات جماهيرية عفوية غير محسوبة مما يخلق فرصة جيدة لليسار الثوري للتفاعل معها في حالة وجود صوت له بينها مسبقا .

مناضل البصري
9/10/2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحقيق لصحيفة إسرائيلية بشأن الفشل الاستخباراتي يوم السابع من


.. حريق ناجم عن سقوط صاروخ على مستوطنة شلومي بالجليل الغربي




.. قناة إسرائيلية: هناك فجوات في مفاوضات صفقة التبادل وعملية رف


.. AA + COVER.mp4




.. -يفضل انتصار حماس-..أعضاء بالكونغرس الأميركي يهاجمون الرئيس