الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا يغير الله ما بقوم حتى ...... !!!

عبدالسلام سامي محمد

2013 / 10 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


بين حين و اخر نسمع ببعض الروايات و الاحاديث الغريبة و العجيبة من اخواننا المسلمين البسطاء فكريا سواءا الساكنين منهم في بلاد الغرب الكافرة !! او المقيمين في اوطانهم المبتلية بالفقر و الفتنة و الفساد, كما نسمع و بشكل خاص تلك الاحاديث من ملاليهم و شيوخهم و ائمتهم الصالحين !! من خلال خطبهم اليومية و الاسبوعية التي يلقونها في المساجد و الجوامع , او من خلال لقاءاتهم الكثيرة مع وسائل الاءعلام و القنوات الفضائية الشرقية المسمومة المختلفة , نسمع منهم باءستمرا باءن سبب رقي و ازدهار المجتمعات الغربية و عدالة انظمتها يرجع الى اءلتزام هذه الاخيرة بتطبيق ما ورد من حكمة و موعظة و علم و ثقافة و عدالة و نزاهة و حرية و مساواة في القران الكريم و الشريعة الاسلامية , كما انهم يفسرون دوما باءن ابتعاد مجتمعاتهم و انظمتهم الفاسدة و حكامهم و شعوبهم عن الدين و الشعائر الدينية و اءنشغالهم الكبير بمسائل دنيوية جانبية غير مجدية هي التي ادخلتهم و ادخلت شعوبهم في هذه الحالة التعيسة المتدنية التي لا يحسد عليها حاسد !!! , هذا هو التفكير و الاعتقاد السطحي السائد لدى الكثير من افراد الجالية المسلمة في بلاد الغرب و الكثير من اخواننا المسلمين و اءئمتهم و علمائهم داخل اوطانهم او خارجها , و هذا هو الاعتقاد السائد غير المستند الى اءية حقيقة علمية و موضوعية لديهم بماهية الاسباب الكامنة وراء تخلف مجتمعاتهم الشرقية الاءسلامية و تقدم المجتمعات الانسانية الاخرى !!! فكل فكرة جميلة و مثمرة , و كل نظرية علمية جديدة , و كل عمل مفيد و بناء ,و كل اختراع و اكتشاف ناجح و جديد يظهر في هذا العالم , و كل تقدم و تطور يحرزه الغير فاءن الاسلام حسب اعتقادهم يقف من وراء ذلك , كما ان معظم مصائب الافراد و الجماعات و الشعوب و الاقوام , السابقة او الحالية, و كل ماسي الدنيا و العالم , و جميع الكوارث الطبيعية و الاصطناعية , و كل انواع الظلم و التعسف التي الحقت بالبشرية و تلحق بها يظنون ان الدافع من ورائها هو اهمالها و تجاهلها للقيم الدينية الغيبية و ابتعادها عن شرائع الله السماوية المقدسة . اءي قصر في النظر , و اي تحجر في الافكار و العقول , و اي تحليل غير علمي و غير منطقي هو هذا !!! و اذا اخذنا بنظر الاعتبار صحة افتراضاتهم باءن اسباب تقدم و ازدهار المجتمعات الغربية تعود الى الاسلام , يعني ذلك ان الغرب تخلت عن عقيدتها المسيحية كليا منذ زمن بعيد و بالتحديد منذ قيام الثورة الفرنسية عام 1789 , اي ان تلك الثورة التاريخية العظيمة - التي برزت فيها العقد الاءجتماعي , و رفعت من شعار الحرية و العدالة و المساواة و الديمقراطية و حقوق الشعب و المواطنة , و الغاء الملكية المطلقة و الاءمتيازات الاءقطاعية للطبقة الارستقراطية , و مواجهة النفوذ الديني القوي لرجال الدين الكاثوليك - مبدئا لها كانت افكارها مستنبطة و وقائعها مستمدة من القران الكريم و الشريعة الاسلامية , و هذا يعني ايضا باءن منظري و فلاسفة الغرب وعلى وجه التحديد منظر و فيلسوف الثورة الفرنسية جان جاك روسو و كل من سبقوه و اءتوا من بعده لابد وان تخلوا عن عقيدتهم الدينية المسيحية و استندوا في فلسفتهم الفكرية على شريعة و فلسفة و عقيدة الاسلام و افكار شيوخها و فقهائها و ملاليها , كما يعني ذلك ان اختراع الالة البخارية على يد العالم الانكليزي جيمس واط , و التحولات العلمية و التقنية و المواصلاتية و انتشار خطوط الكهرباء و البرق و الهاتف و سكك الحديد و قيام الثورة الصناعية و الاقتصادية و التحولات الاجتماعية الاخرى في اوربا كانت جميعها بسبب دخول هذه الشعوب و علمائها و مفكريها و مخترعيها و بمحض ارادتهم في الدين الجديد و بالرغم من انكارهم لذلك !!!! , الدين الذي لا يشك ادعياءه و تابعيه و مريديه باءنه قام فعلا بفتح ابواب الحكمة و العقل و العدل و القيم و الاختراعات العلمية الكثيرة و الهائلة واءبواب التقدم و الرقي على مصراعيها امام هذه الشعوب الكافرة !! , و يفهم من ذلك ايضا باءن جميع الكنائس و المعامل و المصانع و منظمات المجتمع المدني و الدوائر الحكومية و الخدمية و الوزرات و البرلمانات الغربية و المدارس و روضات الاطفال و المعاهد و الجامعات و الهيئات و المنظمات ترتكز في عملها و مناهجها الدراسية و العلمية و التعليمية و التربوية و الخدمية و الصناعية حتى الان على الاءسس و الاساليب التربوية و التعليمية و مناهج المعتقد الاسلامي لا غيرها !!!! نقول لاءدعياء هذه النظرية المشوهة و المعوقة و الخاطئة و العرجة و لهذا العقل المنغلق المتقوقع المتحجر , باءن الديانة المسيحية و لحسن الحظ هي و لحد الان موجودة و قائمة في اوربا و هي الديانة السائدة للمجتمعات الغربية ( مع اننا كمسلمين قائمين في هذه البلدان لا نحس بذلك ابدا ), و نقول لهم ايضا ان كنتم تريدون سماع اراء مختلفة , فاءن السبب الرئيسي وراء تقدم هذه المجتمعات و الشعوب تكمن في بروز افكار فلسفية تحررية جديدة لفلاسفة اوربيين عظام تمكنوا بحكم دهائهم تعرية الافكار اللاهوتية القديمة البالية و فضح افكار الشعوذة و الخرافات التي كانت سائدة و مفروضة على المجتمعات الغربية في القرون الوسطى و ما قبلها و التي كانت تفرض من قبل الطبقات الارستقراطية الحاكمة و المدعومة من قبل الكنيسة و رجالها على الجميع و بدون استثناء و بقوة الحديد و النار , تلك الافكارالغيبية المتخلفة مضيفا اليها عامل الظلم و الاضطهاد الطبقي و الفكري و التعسف كان بمثابة المانع الاءكبر لعدم تبلور و انتشار افكار الفلاسفة التحررية الموجودة انذاك و عدم تحرر و نهوض المجتمعات و الشعوب الغربية لمئات من السنين , لكن و بالرغم من حالة التعسف الكبيرة و القيود المفروضة على كل فكر جديد ومستنير, فاءن شعوب اوربا ادركت و احست بمشكلتها الاساسية و رفضت على نفسها الانصياع و الخضوع لتلك الحالة المزرية و الى الابد و بداءت تبحث و تنحاز الى الافكار الجديدة المناهضة لاءفكار العبودية و الاستغلال و اخذت على عاتقها مسؤولية نشر تلك الافكار بين الناس و بين صفوف الفقراء و المعدومين و بادرت بتحفيز الجماهير الشعبية الواسعة لتنظيم نفسها و تعبئة قواها و التصدي بنجاح لعرش الحكام المستبدين من الطبقات المالكة و الحاكمة في اءول ثورة طبقية تحررية لها قامت بها شعوبها عبر اندلاع الثورة الفرنسية الشهيرة عام 1789, و بعد نجاح هذه الثورة الجماهيرية في فرنسا و انتقال مضمونها الانساني الى الشعوب الاوربية الاخرى التهمت نيران الثورات العادلة واحدة تلو الاخرى بعروش حكام اوربا المستبدين في البلدان المجاورة و بها تمكنت اوربا و الغرب من الانتقال النوعي من مرحلة العبودية المقيتة الى مرحلة تاريخية جديدة , وبفضل قوة التمرد الكبيرة التي كانت سائدة في المجتمعات الاوربية بسبب سوء احوالها المعيشية و الحياتية انذاك نمت و تقوت في نفوس ابنائها الاءيمان و الجراءة ايضا للتصدي و مواجهة و ردع اية محاولة تريد و تنوي ارجاع عجلة التاريخ الى الوراء و الى الحالة القديمة السابقة , وبذلك تمكنت الشعوب الاوربية من سد الابواب و الى الابد على تلك الفترة التاريخية السوداء التي مرت بها شعوبها لمئات من السنين , تلك الفترة التي اتسمت بالظلم و القهر و الرعب و التعسف و الفقر و الجوع و المرض على ايادي القياصرة و النبلاء و بدعم و مساندة الكنيسة القوية كما ذكرت , و بعد الانتهاء من تلك الفترة المظلمة اصبحت مساءلة فصل الدين عن الدولة ضرورة حياتية ملحة و قابلة للتحقيق في جميع بلدان اوربا , و جدير ذكره ايضا اءن الشعوب الاوربية وصلت الى هذه المرحلة المتقدمة من التطور من خلال تاريخها النضالي الطويل و عن طريق التضحيات الجسام التي قدمتها على درب التحرر من العبودية المقيتة و كذلك من خلال الاستفادة من تجاربها المريرة و حروبها التاريخية الدموية الكثيرة و المدمرة , و بعد اجتيازها لتلك المراحل الصعبة و الدموية , فما كانت لها الا و ان تدخل و عبر ابواب مفتوحة في عصر جديد يبشرها بغد افضل و مستقبل مشرق و زاهر , فاءنطلقت شعوبها و دخلت معترك الحياة من خلال التسلح بالعلم و المعرفة و اتباع اساليب و مناهج تربوية و تعليمية متقدمة ساعدتها في تطوير ذاتها و رفع قدراتها و بناء انظمتها السياسية المتقدمة و تطوير مؤسساتها المختلفة و ترسيخ حقوق المواطنة و الاءستناد الى الديمقراطية كنهج بديل و عادل لاءقامة انظمة حكم اكثر انسانية و عدالة يكون فيها حرية التعبير و المعتقد و قيمة الانسان و احترام كرامته من مبادئها واولوياتها الاساسية !!!! , اي و باءختصار شديد ان اوربا تطورت من خلال الكفاح و التضحيات و النضال و الالهام بالافكارالعصرية الجديدة و فصل الدين عن السياسة و العمل المضني و الاستناد الى العلم و المعرفة في بناء مجتمعاتها المتطورة , و ليس كما نسمع دائما من اخواننا المسلمين و ائمتهم و فقهائهم المعافين المخلصين !!! , لاءنه اذا اعتبرنا ان الفضل يعود للاسلام في تقدم هذه المجتمعات فمعناه ان الصومال والسودان و افغانستان و باكستان و السعودية و العراق و ايران و جميع الدول الاسلامية الاخرى التي تبنت الاسلام كمعتقدها الديني الاول و اصبح الاسلام الدين الرئيسي في بلادها و منذ اكثر من 1400 عام فما كانت عليها في هذه الحالة الا و ان تتقدم على جميع دول العالم و منها العالم الغربي والصين و اليابان و كوريا الجنوبية و غيرها, لكن العكس هو الصحيح كما يتبين ذلك من الحقائق فما زالت الدول الاسلامية و شعوبها و انظمتها و من خلال دعم كبير من فقهائها الفطاحل و شيوخها العظام تؤمن بالشعوذة و الخرافات و تكرس الجهل و الاءمية و الايدولوجيات العنصرية و الطائفية و المذهبية و العرقية و القومية القاتلة و المدمرة بين صفوف مجتمعاتها كما كان عليه الوضع سابقا في اوربا في القرون الوسطى و ما قبلها , فلم يجد العلم و المعرفة و الكرامة و الحرية و العدالة و المساواة و احترام حقوق الانسان و لحد الان اي مكان له في هذه المجتمعات , فحكام المنطقة و شيوخها وائمتها و ملاليها ما فكروا يوما و على مدى التاريخ الطويل الا بمصالحهم الخبيثة و في منافسة بعضهم البعض في اعداد و اشكال و الوان و انواع الجواري و ايجاد اسماء عصرية و طرق جديدة للنكاح و النبوغ في اصدار الفتاوى التكفيرية و الجنسية و التحريض على القتل و الحروب و الغزوات و سرقة المال العام و اللحاق بالفتن و الفساد و تكريس الطائفية و المذهبية وسحق كل ما يتعلق بحرية و كرامة و تقدم الانسان و البلاد , و لهذا فعلى كل من يدعي باءن الاسلام هو من وراء كل هذا التطور الحاصل في الغرب , فعليه ان يطلع و يفهم و يدرس اولا و بصورة حيادية و نقدية و موضوعية تاريخ الشعوب المتقدمة و يقارنها بتاريخ شعوبنا المسلمة و حكامها و افكار علمائها و شيوخها التي اخذت من بول البعير اساسا للعلم و التجربة في الوصول الى تحضير الادوية الشافية لعلاح جميع الاءمراض و الاءوباء البسيطة منها و الخبيثة , ثم بعدها يمكن له فهم و ادراك الحقائق والاجابة على السؤال التالي : لماذا تطورت و تتقدم شعوب العالم و لماذا ظلت و ستظل شعوبنا المسلمة في هذه الحالة الماءساوية القذرة ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض ضغوط عضو مجلس الحرب بيني غانتس لتقديم خطة واضحة


.. ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سو




.. جامعة أمريكية تفرض رسائل اعتذار على الطلاب الحراك المؤيد لفل


.. سعيد زياد: الخلافات الداخلية في إسرائيل تعمقها ضربات المقاوم




.. مخيم تضامني مع غزة في حرم جامعة بون الألمانية