الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحيل المطرب محمد رشدي: خايف؟.. لا واللاه ما انا خايف.. ما انا من زمان شايف

هويدا طه

2005 / 5 / 28
الادب والفن


عادة.. يكون الفنانون ولاعبو كرة القدم.. أكثر شهرة من الشخصيات العامة الأخرى، لذلك يهتم الناس بأخبار زواجهم وطلاقهم وثرواتهم ومعاركهم.. وكذلك أخبار رحيلهم، لكن حتى بين هؤلاء.. هناك من طافت شهرته الآفاق.. فيكون لخبر رحيله وقع كبير على الجماهير، بينما بعضهم يرحل.. بلا ضجيج! حتى الموت.. لا تتساوى فيه الرؤوس.. عند الأحياء! وفي الأسبوع الماضي رحل عن عالمنا.. فنان مصري.. من فئة تسمى(المطربين الشعبيين).. محمد رشدي، أو.. العرباوي.. نسبة إلى أغنية بدأ بها حياته الفنية كان اسمها.. عرباوي، كان مطربا من هؤلاء المطربين.. ذوي الصوت القوي الجميل، وكانت أغانيه من تلك الأغاني التي تعالج الحياة الشعبية المصرية.. بمفردات الشارع العادية، مثل غزله لمحبوبته- الممتلئ شقاوة- في أغنيته(كعب الغزال يا متحني.. كعب الغزال.. ما تبطل تمشي بحنّية.. لا يقوم زلزال)! أو أغنيته الجميلة(رمشك سرقني من اصحابي.. وأنا واد صياد)! وكان حظه العاثر.. كما غيره من مطربين جيدين آخرين.. أنه تواجد على ساحة الغناء في وقت اكتسحها فيه عبد الحليم حافظ.. فلم يستطع مثل كثيرين غيره.. أن يحفر لنفسه مكانة ترقى إلى مكانة العندليب الأسمر، تماما كما بقيت في الظل أسماء مطربات صاحبات صوت جميل.. عندما كان صوت أم كلثوم الفائق الجمال.. طاغيا مهيمنا.. على قلوب ونفوس وعقول الجماهير، وعندما خلت الساحة من صوت عبد الحليم.. كان محمد رشدي قد تخطى مرحلة صناعة النجم، وفضّلت ساحة الغناء كما فضّل المستمعون.. الأصوات الجديدة.
رحل محمد رشدي بعد عذاب طويل مع المرض.. رحل بعد أن تخطى السبعين، لكنه كان في صورته التي حفرت له في ذاكرتنا منذ الصغر.. شابا وسيما.. تراه في الأغاني القديمة المصورة أبيض وأسود.. مبتسما دائما، يفيض حيوية وشبابا.. ثم انقطع عن الغناء فترة طويلة.. شغلنا فيها بعشرات المطربين الآخرين.. وبهتت صورته وابتسامته في ذاكرتنا.. وعندما أعلن خبر رحيله.. راحت تتكرر على مدار اليوم في قناة مزيكا..أغنيته الأخيرة الحزينة(قطر الحياة)، فإذا به كهلا.. نظرته ساهمة.. صوته كما هو قوي ومعبّر.. لكن حزنا شديدا يقطر منه.. كلمات الأغنية فائقة الروعة في التعبير عن مرحلة.. ما قبل الرحيل، يبدو أن كاتبها مصطفى كامل.. كتبها خصيصا له.. ليغنيها قبل انسحابه من الحياة.. شاكيا من أزمته مع المرض.. ومشوار الكفاح في الحياة.. لا تجد في هذه الأغنية ذلك الشاب الوسيم المبتسم.. لكنك تجد فيها عجوزا حزينا ينتظر الموت بتسليم هادئ.. يسأله الكورس(خايف؟؟.. لا واللاه ما أنا خايف.. شايف؟؟ ما أنا من زمان شايف).. أغنية تبكيك مرتين.. مرة على ذلك المنسحب من الحياة.. الذي كان جزء من طفولتنا وصبانا.. بدا لقلوبنا الصغيرة حينها.. وكأنه إحدى الظواهر العادية في الوطن المعذب.. ومرة لأنها تنبهك.. أنك في الغالب ستعيش اللحظة الصعبة كما عاشها.. تنتبه وأنت تستمع إلى الأغنية الحزينة.. أنك.. ستموت ذات يوم! تتساءل.. كيف ستكون ملامحي حينها.. فهذا العجوز الساهم.. الجالس وحيدا على أريكة في حديقة.. يغني بصوت قوي وقلب ضعيف.. غير مكترث كثيرا على ما يبدو.. بالكاميرا التي تصوره.. كان ذات يوم.. شابا متفائلا بالحياة مثلي.. يا إلهي.. كم هو قاس انتظار الموت بتلك المباشرة الفجة.. يغني محمد رشدي مخاطبا الزمن(على فين.. ما تقوللي ياقطر رايح.. على فين.. حترجّعلي شبابي.. واللا حتزيد عذابي.. قوللي أعمل حسابي.. نفسي أفرحلي يومين).. يؤديها العجوز بحسرة:(والجاي مش أكتر م الرايح.. والسكة مبقتش طويلة)تلك الحسرة التي تمنح الحكمة في نهايات العمر.. (جرح السنين جاي ورايح.. والفرح جياته قليلة)! وتلك المخاوف من مرحلة ما بعد الموت.. الموت.. اليقين الوحيد في الحياة!.. (يا ترى اللي جاي أمل زايف.. واللا اللي جاي.. دنيا جميلة).. لا نسأل أنفسنا عادة بينما نتفجر شبابا وحياة.. إن كان الآتي .. أملا زائفا أو جنة.. على صورة دنيا.. حلمنا دون جدوى أن تكون.. جميلة! وعندما نشعر بدنو الأجل.. نتساءل.. خايف؟؟.. نكابر.. لا واللاه ما أنا خايف.. شايف؟؟.. ما أنا من زمان شايف! عندما نكبر.. نشيخ.. وتفلت من بين أيدينا الحياة.. بهذه القسوة.. (دنيا.. واللاه ولا الساقية.. مين اللي قال باقية)نتساءل عما دفعناه من ثمن.. خلال العمر.. كي نحصل على.. تفاهات.. يغني محمد رشدي في ختام أغنيته.. وختام حياته.. وربما نرددها بعده.. في ختام حياتنا: الحمد لله يا ليالي.. غاليين.. ومرخصناش ليلة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس التونسي: بعض المهرجانات الفنية لا ترتقي بالذوق العام


.. ظهور حمادة هلال بعد الوعكة الصحية في زفاف ابنة صديقة الشاعر




.. كل يوم - -ثقافة الاحترام مهمة جدا في المجتمع -..محمد شردي يش


.. انتظروا حلقة خاصة من #ON_Set عن فيلم عصابة الماكس ولقاءات حص




.. الموسيقار العراقي نصير شمة يتحدث عن تاريخ آلة العود