الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقطة نظام / المخطط الأمريكي بين الوهم والحقيقة

ايمن محمد احمد عيد

2013 / 10 / 13
الارهاب, الحرب والسلام


بعد مرور 12 عام على نجاح الإرهابيين في تدمير مركز التجارة العالمي في مانهاتن بنيويورك والهجوم على مقر وزارة الدفاع البنتاجون – وهما مركزا القوة الاقتصادية والعسكرية لها – ثم قيامها بحشد دول العالم وعلى رأسه حلف الأطلنطي في حرب عالمية أسمتها بالحرب ضد الإرهاب استمرت عدة سنوات، عادت الولايات المتحدة الأمريكية للعب من جديد مع الإرهابيين والتعاون من منظماتهم بل والدفاع عنها ، ووصل الأمر إلى تمويل هذه المنظمات بملايين الدولارات لمساعدتها في الوصول للسلطة ، وهو ما حدث في مصر عندما قامت إدارة الرئيس أوباما بتقديم مساعدات مالية ضخمة لجماعة الإخوان المسلمين من أجل الفوز في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المصرية
وتجدر الإشارة هنا إلى أن العلاقة بين أمريكا وجماعة الإخوان المسلمين تأرجحت طوال الستين عام الماضية بين التحالف والعداء، حيث تميزت العلاقة بين الجماعة وأمريكا والغرب بالتنسيق والتحالف عند قيام ثورة 23 يوليو عام 1952 حيث كان يجمع الإخوان مصلحة مشتركة مع أمريكا وبريطانيا في العداء ضد النظام الجديد الذى أفرزته ثورة يوليو بقيادة الرئيس عبد الناصر ووصل التنسيق إلى ذروته في عام 1956 وما بعدها في مرحلة الستينات ، ثم جاءت فترة حكم الرئيس السادات حيث قام بإخراج قيادات الجماعة من السجون وبدأ تأسيس ما يسمى بالميلاد الثاني للإخوان في منتصف السبعينات والتي ظهر فيها الجيل الجديد من الإخوان وتميزت هذه المرحلة بفتور العلاقات بين الإسلاميين وعلى رأسهم الإخوان والغرب وأمريكا بسبب صعود النبرة الداعية للجهاد ضد أمريكا والغرب بسبب مساندتهم وحمايتهم لإسرائيل ، أما في عهد الرئيس السابق حسنى مبارك فقد تميزت فترة حكمه بأنه نجح إلى حد كبير في تحجيم العلاقة بين الإخوان وأمريكا بعد أن نجح النظام الحاكم في مصر بقيادة مبارك في تخويف أمريكا والغرب من خطر الإخوان والإسلاميين ، وأن استقرار المجتمع وأمانه له الأولوية القصوى قبل البحث عن الديمقراطية، في الوقت الذى شهدت حقبة التسعينات تزايد العنف المسلح من الجماعات الإسلامية ضد الدولة المصرية ونجحت يد الإرهاب أن تصل إلى قيادات الدولة المصرية وعلى رأسها مبارك نفسه عندما حاولت المنظمات الإرهابية اغتياله في أديس أبابا ، كما حاولوا اغتيال رئيس الوزراء عاطف صدقي وصفوت الشريف ووزير الداخلية في ذلك الوقت حسن الألفي وتصاعدت حدة الإرهاب حتى نجح الإرهابيين في قتل 60 سائخ في معبد الكرنك بالأقصر، ولم يقف خطر الإرهاب على مصر بل وصل عقر دار الأمريكيين عندما قام عمر عبد الرحمن وأتباعه بارتكاب أعمال إرهابية وتفجيرات في أوكلاهوما عام 1993 ، ثم حاولوا تفجير مركز التجارة عام 1995 ، كما شن الإرهابيين هجمات متعددة ضد السفارات والمصالح الأمريكية حول العالم كان أشهرها تفجير السفارة الامريكية في العاصمة الكينية نيروبي عام 1998 ، إلا أن الامور تغيرت تماما بعد تفجيرات 11 سبتمبر التي هزت الأمريكيين بقوة ، وأخذوا يبحثون عن إجابة لسؤال رددوه كثيرا وفحواه : لماذا يكرهوننا ، ورغم أن امريكا أعلنت حربا عالمية ضد الإرهاب واشترك في هذه الحرب ما يقرب من 30 دولة وحلف الأطلنطي وتم غزو أفغانستان وبعدها العراق، إلا أن أمريكا كانت قد بدأت فتح أبواب للحوار مع الإسلاميين خاصة جماعة الإخوان المسلمين ، وبدأت هذه الاتصالات في عام 2003 وتصاعدت واستمرت هذه الاتصالات بين أمريكا والإخوان ووصلت ذروتها في عام 2005 بين مسئولين أمريكيين وقيادات من جماعة الإخوان ، واستمرت هذه الاتصالات بين الأمريكان والإخوان رغم الاحتجاجات المتكررة من نظام حسنى مبارك ، ووصل الأمر بأن ردت كوناليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية على انتقادات نظام مبارك وعدد من الأنظمة العربية أثناء محاضرة لها في الجامعة الأمريكية في القاهرة عام 2006 وقالت أن الإدارة الأمريكية لم تعد تخشى فزاعة الإسلاميين التي يرفعها الحكام العرب في وجه الامريكيين وأن البيت الأبيض على استعداد لقبول الإسلاميين إذا وصلوا للسلطة عن طريق الديمقراطية وصناديق الانتخاب ، وكان أولى ثمار هذه السياسة التي اتبعتها أمريكا هو فوز حركة حماس عام 2006 في الانتخابات الفلسطينية وهزيمة حركة فتح ، وهو الامر الذى لم يتحمله الإسرائيليين والامريكيين ، وقاموا بفرض حصار على حماس في قطاع غزة ما زال مستمرا حتى الان.
ولعل هذا التناقض الغريب في السياسة الامريكية يطرح سؤالا هاما عن السبب الذى يجعل البيت الأبيض يساند ويساعد أكثر أعداء أمريكا والغرب وهى جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين وبقية الجماعات الإرهابية التي خرجت جميعها من تحت عباءتها منذ أكثر من 40 عام وترفع جميعها راية الجهاد والكفاح المسلح ضد أمريكا والغرب الكافر ، ولعل الإجابة ببساطة هي أن أمريكا لا تعرف غير لغة المصالح ، وهى تدور وراء مصالحها حيث دارت ، بل أنها على استعداد للتحالف والتعاون مع ألد أعدائها إذا كان ذلك سيحقق مصلحتها ومصلحة طفلها المدلل المسمى بإسرائيل والذى قامت بإيداعه في دار حضانة الشرق الاوسط.
ولعل السؤال الذى يطرح نفسه ايضاً عن ماهية المصالح التي يمكن أن تجعل أمريكا والغرب يتحالف ويتعاون مع منظمات الإرهاب المعادية لهم ، والجواب هو أن المصلحة التي تجمع الطرفين هي إقامة ما يسمى الشرق الأوسط الجديد وإعادة رسم خريطة المنطقة العربية من جديد في سايكس بيكو جديدة بعد مرور مائة عام على سايكس بيكو الأولى والتي لم تعد صالحة لهذا الزمان ، وأصبحت الظروف الجيوسياسية تتطلب إعادة رسم الحدود من جديد لتجعل من إسرائيل قوة عظمى على حساب جيرانها العرب بعد أن يتم اقتطاع أجزاء من الدول العربية وضمها للدولة العبرية ، وإقامة كيانات أو كانتونات هزيلة وغير متماسكة للفلسطينيين بعد إعادة توطينهم في أجزاء من دول الجوار خاصة في مصر والأردن بحيث يتم اقتطاع المنطقة المسماة ج في معاهدة كامب ديفيد والتي تقع شرق الخط الطولي الممتد من العريش شمالا إلى رأس محمد جنوبا في سيناء ليتم فيه توطين الفلسطينيين ، وكانت جماعة الإخوان المسلمين توافق على هذه الخطة لخدمة أهدافها الأيديولوجية وهى إقامة إمارة غزة الإسلامية الكبرى تحت حكم حماس ابنة جماعة الإخوان ووكيلها الحصري في فلسطين
وهذه الخطة الأمريكية الإخوانية كانت أحد الأسباب التي جعلت الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع قد أصدر قرارا في عهد محمد مرسى أكد فيه حظر تملك الأراضي الواقعة على الحدود الشرقية لمصر في سيناء وحصر الاستفادة بها على حق الانتفاع والإيجار ، كما كانت الخطة الأمريكية الإخوانية الإسرائيلية تقضى بالإسراع بإنهاء مشكلة فلسطين عن طريق ما يسمى تبادل الأراضي وإعادة ترسيم الحدود تمهيدا لإعلان مصالحة تاريخية بين العرب وإسرائيل ، وكان من المقرر بموجب هذه الخطة تبادل الأراضي بين إسرائيل والفلسطينيين يتم بموجبها إخراج منطقة القدس نهائيا من نطاق مطالبة الفلسطينيين بها ، كما كان سيتم إنهاء قضية عودة الفلسطينيين المهجرين منذ عام 1948 والمطالبة بتعويضهم من إسرائيل بموجب القرار 194 الصادر من الأمم المتحدة ، وكانت الخطة تقضى بتوطينهم في دول الجوار العربي في الأردن وسوريا ولبنان ، في حين تتولى دول الخليج وعلى رأسها قطر دفع الاموال التي تكفل مساعدة الفلسطينيين في التوطين في المناطق الجديدة لهم في سيناء والأردن.
الطريف في الأمر أن هذه الخطة الأمريكية موضوعة وجاهزة قبل أن تأتى إدارة الرئيس أوباما للبيت الأبيض ، وسبق أن بشرت وزيرة الخارجية الأمريكية السابق كونداليزا رايس منذ أكثر من عشر سنوات ، وقالت أن بلادها تسعى لبناء شرق أوسط جديد يمكن أن تكون فيه دولة إسرائيل عضوا في جامعة الدول العربية
والجدير بالملاحظة أيضا أن مشروع الشرق الأوسط الجديد والذى تأجل تنفيذه طوال العشر سنوات الماضية بسبب الرفض المصري القاطع له ، قامت كونداليزا رايس بإعلانه من على منبر الجامعة الأمريكية بالقاهرة في الوقت الذى كانت القوات الامريكية غارقة حتى أذنيها في المستنقع الأفغاني والذى تورط فيه الجيش الأمريكي وجاء من أقصى غرب الكرة الأرضية إلى أقصى الشرق في أفغانستان ليحارب الإرهاب والجماعات التكفيرية والإرهابية التي يرأسها أسامة بن لادن وأيمن الظواهري والتي خرجت جميعها من تحت عباءة جماعة الإخوان المسلمين بوصفها الجماعة الام للإرهاب التي أنجبت كل هذه المنظمات التي تنتشر الأن في عدد من البلدان ، حيث تقوم بتكفير الناس وشن الهجمات الإرهابية استنادا إلى الفكر والمنهج الذى وضع بذرته قيادات الإخوان المسلمين وعلى رأسهم سيد قطب وشقيقه محمد قطب في عدد من الكتب التي يتخذها الإرهابيين دستورا لهم وعلى رأسها كتابي معالم على الطريق ، ومن هنا نبدأ ، والتي أضافت التنظيمات الجهادية كتب أخرى لها ومنها العمدة في إعداد العدة لمفتي الجهاد سيد إمام الشهير بالدكتور فضل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف