الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جيفارا الإنسان .. المقاتل .. الأسطورة

يوسف فواضلة

2013 / 10 / 13
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


جيفارا الإنسان .. المقاتل .. الأسطورة

في التاسع من تشرين الأول قبل 46 عاماً، قتل الثائر وقائد حرب العصابات أرنستو تشي جيفارا برصاص الجيش البوليفي في مدينة لا هيجويرا، ليتحول هذا الثائر بعد موته إلى رمز للحرية لكل إنسان فيه الروح الثورية، في حين وصفه الفيلسوف جان بول سارتر بأنه " أكثر الناس كمالاً في عصره ".

انطلاقاً من مسؤوليته الاجتماعية وعشقه لمساعدة الفقراء ولاسيما المرضى منهم بدأ مشواره وصديقه " ألبيرتو غرانادو " في أمريكا اللاتينية. ففي عام 1952 وعلى متن دراجته البخارية، انطلق متطوعاً لمساعدة الفقراء والمظلومين، لم يعلم أحد آنذاك بأن الثورة ستشتعل في قلب هذا الطبيب ضد الظلم الذي يرزح بكل ثقله على اكتاف الفقراء والمضطهدين. لكن آرنستو نفسه كان مؤمناً بأن الخلاص لن يلوح في الأفق إذا لم تعطه الدم.

ولد أرنستو جيفارا الملقب بـ " تشي " يوم 14 يونيو 1928م في مدينة روزاريو الارجنتينية، وكان الاكبر بين خمس أطفال في عائلة من أصول إيرلندية وأسبانية، كان مصاباً بمرض الربو المزمن الأمر الذي حال دون التحاقه بالخدمة العسكرية.

من ثم التحق جيفارا عام 1948 بجامعة "بيونس آيرس" لدراسة الطب، وتخرج منها طبيباً في 1953، وحال إنهائه دراسته تزوج من هيلدا جاديا أكوستاو وأنجب منها طفلة، والجدير بالذكر أن أكوستاو كانت زوجته الأولى، في حين له أربعة أطفال من زوجته الثانية أليدا مارش.

بدأت حياة جيفارا الثورية عقب تخرجه طبياً عام 1953م، حيث توجه الى جواتيمالا لدعم نظام الرئيس "أربينز" التي أطاحت به لاحقاً الولايات المتحدة الامريكية، الأمر الذي ساهم في بلورة فكرة النضال لديه لتحرير دول أمريكيا اللاتينية من قبضة الاستعمار الغربي وبالتحديد الأمريكي.

غادر جواتيمالا متوجهاً الى المكسيك، وقابل هناك الزعيم الكوبي فيدل كاسترو وعدد من الكوبين الفاريين من نظام "باتيستا"، وقد أدخلوا السجن بسبب نشاطاتهم الثورية، ثم قاموا بتأسيس "حركة 26 يوليو" بعد خروجهم من السجن، ليتمكنوا بعد ذلك من قيادة ثورة شعبية مسلحة ضد حكم "باتيستا" الذي تدعمه الولايات المتحدة الامريكية وأجهزة مخابراتها، ورغم قلة العدد والعتاد من جانب الثوار إلا أن أستعدادهم العالي للتضحية والقتال مكنهم من أسقاط حكم الطاغية "باتيستا" عام 1959.

سطع بريق جيفارا المتمرد، ليصبح لجموع الفلاحين والبسطاء رمزاً للأنسانية الذي ناضل ومات في سبيلها، مجسداً بذلك مقولته الشهيرة "لا يهمني متى وأين أموت، لكن همي الوحيد أن لا ينام البرجوازين بكل ثقلهم فوق أجساد الاطفال الفقراء والمعذبين، وأن لا يغفو العالم بكل ثقله على أجساد البائسين".

لم يتراجع المقاتل الكوبي لحظة واحدة عن قراره بتكريس حياته للثورة ونصرة الفقراء والمظلومين حول العالم. من كوبا، كانت وجهته التالية أفريقيا وبالتحديد "الكونغو"، ورغم مرض الربو الذي جعل من مهمة القتال غاية صعبة نتيجة للجو الافريقي، كما أن لون بشرته البيضاء شكلت عائقاً بينه وبين السكان الأفارقة التي حالت دون كسب ثقتهم ودعمهم لثورته، بالأضافة الى أن الظروف الموضوعية في الكونغو لم تكن ناضجة ومستوية للثورة، ناهيك عن الشبح الامريكي الذي كان يلاحق جيفارا بشراسة أينما وجد، ساعياً لقتل روحه الثائرة المتمردة على طغيانهم و جبروتهم.

إنني أحس على وجهي بألم كل صفعة توجه الى مظلوم في هذه الدنيا، فأينما وجد الظلم فذاك هو وطني ..

وإيماناً منه أن الثوار لا ينامون على الوسائد الحريرية، وأن الثورة وحدها الكفيلة بخلق عالم أكثر أنسانية، ولأن الثورة شكلت الهاجس الاكبر في حياته النضالية، قرر الحج مجدداً الى جبال "السيرا مايسترا" في بوليفيا مكملاً مسيرته الثورية التي بدأها ضد الظلم والاستغلال والفساد، وخاض مع عموم الفلاحين والعمال معارك طاحنة ضد نظام الجنرال رينيه بارينتوس الذي أرعبه قدوم جيفارا الى بوليفيا. وفي نهاية المطاف تمكن الجيش البوليفي من إلقاء القبض على الثائر جيفارا مصاباً بجروح في السابع من تشرين الأول عام 1959.

ليصبح جيفارا رمزاً للثورة في كافة أنحاء العالم

في يوم إعدامه ولد جيفارا مجدداً، هل يموت من أنحاز وقاتل لأجل الفقراء والمضطهدين والبسطاء، أيستطيع قاتله ببضعة رصاصات قتل من أحبه وعشقه ملايين الفلاحين والعمال. لم يخطر في مخيلة قاتله أن جيفارا الثائر والمقاتل سيكون ملهم الملايين من الشباب جيلاً بعد جيل، ورمزاً يهتدى به لثوراتهم على مر التاريخ.

غير ان أرنستو تشي جيفارا وهب حياته للأفكار والقيم الانسانية التي ناضل وحلم من أجلها، حاملاً مشروعاً سياسياً ذو أفكار ثورية تحمل في طياتها نزعة أنسانية وفلسفية عميقة، ورغم مرور ما يزيد عن أربع عقود على رحيل جيفارا إلا أنه لا زال حاضراً بثوريته التي لا تغيب.

جيفارا يواجه قاتله ماريو تيران مجدداً

يوم التاسع من أكتوبر 1967 نفذ "ماريو تيران" حكم الاعدام بحق المناضل جيفارا، مات الآرنستو ولم تمت أفكاره الثورية، بل أصبح رمزاً لها.

في عام 2004 نفذت كوبا بدعم من فنزويلا حملة أطلقت عليها "المعجزة" ضمن برنامج إنساني لإجراء عمليات جراحية مجانية للفقراء فاقدي البصر في أمريكا اللاتينية، وقد تمكن 600 ألف شخص من استعادة بصرهم في أكثر من 28 دولة، والأمر اللافت، أن ضابط الصف في الجيش البوليفي ماريو تيران قاتل جيفارا كان واحد ممن أستعادوا بصرهم!

عندما مات جيفارا لم يكن حلمه قد أكتمل، لكن أفكاره وشجاعته وأخلاقه وتضحياته نمت في أفعال الملايين من تلاميذه ومحبيه في العالم، ناشرة روحه الثورية في سماء الظلم .. وها هو جيفارا يربح مجدداً معركة أخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا