الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعر الرافديني المعاصر ما بين الفصحى والعامية

محسن حبيب فجر
(Mohsen H. Fagr)

2013 / 10 / 13
الادب والفن


ان الانتشار الكبير للشعر الشعبي في أوساط مجتمع ما وتمدده على حساب الشعر الفصيح مؤشر على انحسار اللغة الام (الفصحى) عن التداول وبالتالي عن التأثير والفاعلية الاجتماعية مما يؤشر بدوره الى الانحسار الثقافي والتقهقر الحضاري لذلك المجتمع لان اللغة الفصحى وآدابها والتي يأتي في مقدمتها شعرها هي الإناء الحقيقي الذي تصب فيه أي امة نتاجها وتسوِّق نفسها من خلاله في مرحلة لاحقة الى الأمم الأخرى تفاعلا او ترجمة. وكلما خلا اناء امة كلما غابت عن مائدة الفعل الحضاري الإنساني، وهو ما تعيشه الامة الرافدينية حاليا بدرجة مخيفة يكاد يتوقف عندها القلب عن الخفق لشدة اشفاقه. وبالنسبة لانائنا فليت الامر يقف عند خوائه لحساب اللهجة الشعبية وشعرها بل يتعدى ذلك الى محاولات ملئه بفوضى طفولية لقصيدة النثر، تلك التي فتح بلند الحيدري لها باب الدخول لساحة الشعر العربي وأراد لها ادونيس ان تزاحم القوالب الفراهيدية وتثبت لها محلا في ادب العربية كما فعل السياب ونازك الملائكة في القصيدة الحرة، لكنها تحولت بسبب الغرباء الداخلين عنوة لساحة الشعر الى وبال كبير وداء خطير يجب التخلص منه، بل حتى ان ادونيس نفسه يرى ان ما يكتب هؤلاء ليس سوى تراكم كمي سيء وليس في مصلحة قصيدة النثر!. لقد استغل الفاشلون في اختبار صلاحية شعرهم الفصيح ما فتحته قصيدة النثر من باب التجاوز ل او التخلي عن الموسيقى بعد تجاوز القصيدة الحرة لقالب البيت الواحد، ولكن فاتهم ان المؤسسين المتجاوزين انما يعللون فعلهم ذاك بالصناعة المضنية على الصورة في قصيدتهم الجديدة مما يدفعهم الى تغليب الصورة على الموسيقى، وهو محل كلام الى الآن ومؤاخذة على من يحسن هذه الصناعة الجديدة فكيف بمن هب ودب سالكا كل مسلك، من انغلاق الفهم والتهويم والابهام وضياع الدلالات عنه قبل ضياعها عن المتلقي، سبيلا الى فرض فوضاه علينا على انها صناعة شعر. ان عجز شعرنا الفصيح بقالبيه العمودي والحر عن القدرة على اثراء الذائقة المتلقية وتحشيدها الى جانبه من جهة، وهجمة الغير مفهوم من نتاج لاتستسيغ تلك الذائقة تسميته بالشعر من جهة أخرى هما حدّا نصل شوّه وجهنا الثقافي والحضاري مما دفع الانسان الرافديني المعاصر الى الارتماء في أحضان الشعر الشعبي اضطرارا لتعويض النقص الكبير في ترنيمة الحياة وموسيقاها التي لايمكن لاي فرد او جماعة العيش بدونها، اعتقد ان صحافتنا المقروءة ورقيا او الكترونيا مدعوة الى تحمل مسؤولية كبرى تتمثل في التصدي لمحاولات تمدد الفورة الغريبة عن ادبنا والتي اخذت تحتل مساحات غير قليلة من الصفحات الثقافية في ما ينشر عندنا لان انتشارها هذا مؤشر سلبي على مقياس ثقافتنا. ودعوة أخرى من صميم قلبي الى الأساتذة المختصين في آداب لغتنا الى التصدي لشخبطات غير مفهومة يصر أصحابها على تسميتها شعرا لتنقيح اناء اللغة من محاولات ملئه الخاطئة تمهيدا لانطلاقهم لمعالجة ازمة الخواء وإعادة تقديم ما دسم من عطاء امة كثيرا ما قيل عنها انها تتنفس الشعر... تلك هي امة الرافدين.
القوافي الغُرُّ صوتٌ للإبا كلُّ حرفٍ فيه يغدو كوكبا
إن سما، يبدُ لخيرٍ فألُهُ او هوى، يبدُ بنحسٍ قرُبا
يا رياضَ الشعر كوني حَكَماً يا رواةَ الشعر فُكّوا الجُعَبا
وبصدرِ الشعر إن راوٍ لغى يا قوافي الشعر كوني مخلبا
يقتل الشعر غريرٌ جاهلٌ في رياض الشعر يوماً وَقَبا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد عز يقترب من انتهاء تصوير فيلم -فرقة الموت- ويدخل غرف ال


.. كلمة أخيرة - الروايات التاريخية هل لازم تعرض التاريخ بدقة؟..




.. تفاعلكم الحلقة كاملة | حوار مع الكاتب السعودي أسامة المسلم و


.. تفاعلكم | الناقد طارق الشناوي يرد على القضية المرفوعة ضده من




.. ياسمين سمير: كواليس دواعى السفر كلها لطيفة.. وأمير عيد فنان