الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخوف من التسييس لمؤسسات المجتمع المدني

عبدالرحمن النعيمي

2005 / 5 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


تتردد في الاوساط الحكومية وبعض المؤسسات الاهلية ولدى بعض المخلصين مسألة تسييس واقعنا بكل تفاصيله، الى الدرجة التي بات التسييس بعبعاً لدى البعض، فرئيس مجلس النواب، اتهم الجمعيات السياسية بأنها سيست البحر، اما رئيسة جامعة البحرين فانها اتهمت الجمعيات السياسية بأنها وراء افساد الانتخابات.. وقد شاهدنا خلال المؤتمر التأسيسي لاتحاد العام لنقابات العمال في البحرين تلك الحملة الغريبة العجيبة من قبل جمعيات سياسية ونشطاء سياسيين ناهيك عن السلطة من اتهم الآخر بتسييس الوضع العمالي!! بل ان بعض المرشحين للجمعيات المهنية (والبعض أعضاء في جمعيات سياسية) من يرى بأن برنامجه هو ابعاد الجمعية عن العمل السياسي!!

هل يمكن القول بأن الجميع مخطئ، ومتفق مع بعضه في مواجهة القوى السياسية التي تريد اشاعة السياسة (أي الدفاع عن حقوق الشعب والوطن) وسط المواطنين، وان يكون البحر مسيساً كما هي جمعية الاطباء كما هي جمعية البيئة .. كما هو الاتحاد الوطني لطلبة البحرين .. الخ من المؤسسات!!. بل كيف نفهم التسييس ؟

يمكننا القول بأن المنابع التي انطلق منها كل طرف وتوصل الى هذه النتيجة (الابتعاد عن السياسة.. أي الابتعاد عن المعارضة!!) مختلفة عن بعضها البعض.. ولا بد بالتالي من الوقوف امام هذه الهجمة المسلطة على القوى السياسية.. لتوضيح اسبابها أولاً، ثم معرفة ماهو صائب وما هو خاطئ .. وكيف نتعامل مع هذه الاشكالية الراهنة.

بالنسبة للسلطة.. ولكل من يمت الى السلطة بصلة.. والى كل من يعادي القوى الوطنية المعارضة.. ويصب في معسكر السلطة.. فان نقطة الانطلاق هي حرمان الشعب من التفكير المستقل.. أي أنها تريد انساناً بليداً، (يبعد عن الشر ويغني له!!) ويطيع أولى الامر.. ويقبل بالبرنامج الذي يضعه المسؤولون في كل مرفق من مرافق الدولة والمجتمع.. وبالتالي ليس من حقك ان تقول بأن موقف الجامعة خاطئ في عدم السماح بتشكيل الاتحاد الوطني لطلبة البحرين، وليس من حقك ان تشكل نقابات في القطاع الحكومي.. ويفتخر رئيس مجلس النواب بأنهم (أي النواب) لا يتعاطون السياسة!! أي لا يسمعون للقوى المعارضة في البلاد!!

وبالتالي فان السلطة تريد الناس، كل الناس، أن يسيروا في دبر السياسات التي ترسمها لهم، والا يعارضوا والا يتكتلوا والا يوقعوا عرائض تطالب بحقوقهم… والا ينتقدوا أو يعصوا أولوا الامر.. الذين هم كافة المسؤولون من المدير الصغير الى جلالة الملك… بينما الحركة الوطنية الديمقراطية بشكل خاص، تريد الناس احراراً يفكرون انطلاقاً من مصالحهم الطبقية ومصلحة الوطن ومصلحة الشعب والامة.. وبالتالي يناقشون ويعبرون عن آرائهم ومواقفهم، ويتكتلون ويدافعون عن حقوقهم بمختلف الوسائل السلمية. والجمعيات الوطنية الديمقراطية تريد نشر الوعي الوطني لا الطائفي، لا العرقي، لا التمييزي، وتحض على محاربة الفساد وعلى مواجهة سياسة تكميم الافواه، وتطالب بالمساواة والعدالة والديمقراطية.. كما ان الجمعيات السياسية الوطنية الديمقراطية.. يتوجب ان يكون لديها مواقف واضحة في كافة القضايا التي تمس المجتمع، وبالتالي يعرف اعضاؤها موقف جمعيتهم من هذه المسالة او تلك.. ويدافعون عن هذا الموقف .. سواء في المسالة القضية الوطنية.. أوالقضية القومية (الاحتلال الصهيوني لفلسطين والاحتلال الامريكي للعراق ومخططات الهيمنة الامريكية الغربية على وطننا العربي) بالاضافة الى الموقف الاممي المتعلق بالتضامن والدفاع عن كل الشعوب الفقيرة والمتضررة من السياسات الامبريالية الامريكية وسياسات الشركات المتعددة الجنسيات التي باتت هي المتحكمة في مسيرة العالم.

وبالتالي فان الجمعيات السياسية الديمقراطية تثقف اعضائها بالمواقف التي تراها صائبة بحيث يكون لديهم برنامج واضح في الوسط العاملين فيه، ولديهم وعي وطني وقومي وأممي يسترشدون به في قراراتهم ومؤتمراتهم الداخلية والخارجية.. بحيث يقفون موقفاً صائباً من العدو الصهيوني والعدو الامبريالي والسياسات الجائرة للدول الاستعمارية… فهل يرفض اعضاؤنا ذلك.. بحيث يطالب البعض ابعاد الجمعيات المهنية عن السياسة!!



الموقف الثاني ردة الفعل من الصراعات بين الجمعيات السياسية

يتمنى الكثير من المخلصين في بلادنا وحدة التيار الديمقراطي، وكذلك وحدة قوى المعارضة الدستورية.. بل وحدة المخلصين من مختلف الاتجاهات لمواجهة تعنت السلطة وفسادها وما سنته من قوانين بالاضافة الى الاشكالية الدستورية التي أوقعت البلاد بها، بحيث حولت بلادنا الجميلة الى ملكية مطلقة ..

الا ان الحركة السياسية الراهنة تعاني من مشاكل.. من تأسس بعضها على اساس طائفي.. بحيث بات البعض وهو في جمعية مهنية يريد معرفة موقف مرجعه الديني في قضية تتعلق بالجمعية مثلاَ مما يثير خلافات مع بقية اصحابه… أو تأسس على اساس وضعية تاريخية سابقة.. او تأسس على ردود فعل من الجمعيات الاخرى.. والبعض من الحركة السياسية لم يتمكن من تجاوز الصراعات التاريخية ولا ينظر الى المستقبل.. بل مشدود الى الماضي… وبالتالي فان اجواء الصراع طاغية بحيث يرى البعض بأن من الافضل الابتعاد عن (السياسة ، أي الجمعيات السياسة) في الشأن المهني او النقابي او المجتعي، ويتمنى الا تتعاون الجمعيات السياسية مع بعضها في انتخابات الطلبة او الاطباء او العمال.. وتترك الحبل على القارب.. وتبتعد الجمعيات عن الوصاية على هذه القطاعات الشعبية.. خاصة اذا كانت هناك جهات حزبية تريد فرض آرائها على الجمعيات او النقابات بطريقة قسرية معبرة عن مصلحة حزبية ضيقة..

هذه الوضعية غير السليمة التي تعيشها حركتنا السياسية تعكس نفسها سلباً على الاعضاء وعلى المواطنين.. الذين يعتقد بعضهم بأن الجمعيات السياسية مناكفة او يريد اعضائها التسلق والحصول على بعض المكاسب.. الا ان هذه الاشكاليات او الطفولة في الحركة السياسية (بمعنى انها لاتزال في بداياتها) لايلغي او يغير من ضرورة تسييس المجتمع وقطاعاته بحيث نصل الى وضعية المجتمعات الديمقراطية التي يعتبر كل مواطن نفسه مسؤول .. ولا نسمع هذه النبرة المقيتة (التسييس) من قبل السلطة او من يريد تضليل الناس وابعادهم عن المواقع الصحيحة المعبرة عن مصالحهم.

وبالتالي فان من الضروري ان يكون هناك مقاييس للعمل وسط المجتمع ووسط مؤسسات المجتمع المدني وسط ظروفنا الراهنة .. وهذه المقاييس تعتمد على الاطراف الفاعلة في المجتمع.. سواء الدينية او المذهبية او السياسية.. ومن حقنا بالتالي ان نقول وجهة نظرنا والمقاييس التي نراها صحيحة :

أولاً: ان من الضروري التفتيش عن الشخصيات الفاعلة النشطة المخلصة في الميدان الذي تنشط فيه الجمعية او النقابة او المؤسسة الاجتماعية.. وهذه الشخصية تتمتع بالنزاهة والاخلاص وحب العمل وتبتعد عن الامراض التي نعاني منها وبالتحديد الطائفية والعرقية والتعصب والعداء للمرأة.

ثانياً: من واجب الجمعيات السياسية ان تضع مرئياتها للوسط الاجتماعي او المهني وبالتالي يتم الاتفاق على برامج، ويتم التنافس على برامج.. ولا يتم التنافس بين المرشحين على اساس طائفي او عرقي او مناطقي.. او حزبي ضيق .. ومن المؤسف اننا نعيش هذه الوضعية في مختلف مؤسسات المجتمع المدني.. بحيث لاترى للتكتلات طعماً سوى الجانب الطائفي او الحزبي الضيق والابتعاد عن المصلحة الحقيقية للفئة الاجتماعية.. أي عدم وجود برامج للتكتلات الانتخابية.. وكذلك الحال في الجمعيات السياسية التي لا ترى صراعات وسط صفوفها على اساس برنامجي.. وانما هناك طائفية حزبية او ولاء أعمى لقيادة تاريخية.. ولا ترى منافسة على اساس برامج واضحة لما يجب ان تقوم به الجمعية في الفترة القادمة.. وبالتالي يتنافس الاعضاء على برامج ويريدون كسب الاعضاء على اساسها..دون ان يترك الفشل سلبيات في العلاقات بين الاعضاء.. فالبعض ممن لا ينجح في الانتخابات يصور الامر على ان الآخرين معادين له.. وقد يدفعه ذلك الى الاستقالة من الجمعية بحجة ان هناك مؤامرة ضده !!

وأخيراً

نحن مع التسييس الصحيح.. مع البرامج المعبرة عن مصالح الفئات الاجتماعية.. مع التحالفات على اساس البرامج.. ضد التكتلات الطائفية والعرقية .. مع المساهمة الفعالة في مؤسسات المجتمع المدني.. ونشر الوعي الوطني في مواجهة الطائفي الذي يشكل أكبر خطر على المجتمع.. تتحمل السلطة مسؤوليته نتيجة سياساتها التمييزية .. وعلينا اصلاح اوضاعنا في الجمعيات السياسية بحيث يكون كل عضو في جمعية سياسية نشطاً واعياً يدرك سياسات جمعيته وبرامجها في المجال العمالي والطلابي والنسائي والمناطق وغيرها.. يعمل على تكتيل الناس على اساس هذه البرامج.. ويعبر عن ايمانه الحقيقي بالديمقراطية واحترام الآخر.. ومحاربته للفساد والمحسوبية والطائفية.. واصلاح ما يمكن اصلاحه بتقديم المثل للاخرين..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا