الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين يُضلل المثقف المنافق المجتمع عن رؤية الدكتاتور

مثنى حميد مجيد

2013 / 10 / 14
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كان صدام نموذجاً للدكتاتور الطاووس الباذخ المتبختر الذي تفتنه الأهواء النرجسية والأبخرة والأضواء والشهوات ويطربه المديح والإطراء ويحلم بالخلود إلى درجة إصدار الأوامر بنقش إسمة على طابوق خرائب بابل الأثرية فرأت أمريكا أن آن الأوان لإستبداله بدجاجة كسيحة عمياء وشديدة الخبث محجبة في سرداب مظلم لا يُسمع منها وعنها ، حتى بالكاد ، صدى نـــــقنقــــتها ونقرها.

فكما قيل في الأسطورة السومرية ، بعد ترسخ سلطة الأسياد ، أن الإله آنو قد أنزل الأنُّوناكي إلى العالم السفلي ، كذلك قرر مجمع آلهة البنتاغون والكونغرس ومجلس الشيوخ والبيت الأبيض إلباس زمرة صدام لباس الكهنوت المعمم وإنزالهم إلى العالم السفلي.

لقد تم إنزال الدكتاتور المزهوَّ بنفسه وعرباته المذهبة ورياشه الطاووسية مع محظياته وحريمه وعبيده وغلمانه إلى العالم السفلي ، هناك حيث الطين والتراب طعاماً ولحافاً وحيث العفاريت والأشباح رفاقاً وخلاناً وحيث السخام وديدان عفن القرون الوسطى والريش العالق بجثث الموتى المنتفخة وأعلاقهم المتفسخة، أما الأحياء من المحظوظين والناجين وفي مقدمتهم الدكتاتور النافق ورهطه المنافق الجديد من حملة الأقلام المأجورة أو المخصية طائفياً بالفطرة فليس تُمنح لهم غير فتات من أرغفة الخبز الموحل لإبقائهم قيد الهوان والتبعية الطائفية .

وما زال علماء الآثار غير متأكدين تماماً إن كان اللوح الثاني عشر هو اللوح المكمل حقاً لملحمة جلجامش ، وما زالوا حتى عاجزين عن حل بعض رموزه المسمارية ومفرداته ولماذا أضيف إلى نص الملحمة إن كان في الأصل مكملاً لها .

هكذا الأمر يبدو في العراق . يعيد التاريخ نفسه ولكن ليس كما في أحلام الخلود الرومانسية لمراهقي الفكر والأدب والسياسة ممن يدعي الماركسية وهو مشبع ومنقع بوحل الطائفية.

كنا حتى مطلع القرن العشرين قبائل وأمم متعايشة ، ولم يكن لنا دكتاتور ، باذخ مختال متبختر أو زاهد محتال معتكف ، لا فوق الأرض ولا تحتها ، ولا ملاحم ، ولا جلجامش ، ولا خمبابا ، إننا في الحقيقة لم نكتشف أي ملحمة ، ولم نعثر حتى على كسرة لجرة ، علماء الرأسمالية هم من إكتشف لنا تاريخنا فأصبحنا بعونهم نتفاخر بجلجامش السومري عن وهم لا عن علم ومعرفة وإذا بآلهة البنتاغون في زمن العولمة الإمبريالية تتخذ قراراً شيطانياً بإنزال دكتاتورنا ، الذي هو صنيعتها ودميتها ،إلى العالم السفلي ومنح جلجامش العوجة مرتبة دجاجة كسيحة عمياء معممة بالدجل.

أحد أصحاب الأقلام المنافقة البائسة يعلن جهاراً ، ويرى أن إستمرار الخوف من شبح الدكتاتور ، بعد زواله ، هو وهم مرضي وحالة إنعكاسية شرطية تبقى متواصلة في ذهن الضحية وتؤدي بها أحياناً إلى التعاشق مع الدكتاتو المقبور رغم أنه ،هذا المنافق ،الأكثر وعياً بحقيقة الشبح المعتكف في سردابه لأنه في تماس مباشر ومعايشة يومية مع غلمانه وعبيده ممن يداري معيشته بهم ويضمن وجوده البايلوجي بفضلهم ومن حوله تسفك أنهار من الدماء البريئة.

وآخر من هؤلاء المنافقين من أدعياء الماركسية ، وهي منهم براء ، هرب بخفي حنين مؤثراً السلامة حين طالبته بتشخيص دقيق لإسم الحاكم المستبد الأول في العراق ، هرب ليس فقط لرهابه وخوفه الذي عُرف به من تداول الرأي الذي هو ملح ومداد الفكر والثقافة الديمقراطية الحقة ، بل وأيضاً لرعبه من إفتضاح حقيقته الطائفية وتبعيته اللاواعية للحاكم المستبد المقدس في العالم السفلي والذي يحاول تعمية الأبصار عن رؤيته خلف الهراء اللفظي، رغم كل الدثارات المزركشة بماركسيته الرثة والسطحية التي يدعيها أمام الناس ويخادع بها أشباه المثقفين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من المفاوض المصري المتهم بتخريب المفاوضات بين حماس وإسرائيل؟


.. غزة: ما الجديد في خطاب بايدن؟ وكيف رد نتنياهو؟




.. روسيا تستهدف مواقع لتخزين الذخيرة والسلاح منشآت الطاقة بأوكر


.. وليام بيرنز يواجه أصعب مهمة دبلوماسية في تاريخه على خلفية ال




.. ردود الفعل على المستويات الإسرائيلية المختلفة عقب خطاب بايدن