الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الآخرون في غيهب مــــــا

عباس الحسيني
شاعر ومترجم وكاتب معرفي

(Abbas Alhusainy)

2002 / 11 / 10
الادب والفن


 

 

عبر شهقة يتيمة الروح ،  كسيرة القلب ، وممزقة  التراث ، قال لي  صديقي الطيب ، الكاتب والباحث الفلسفي " د . رسول محمد رسول " : متسائلا : "  من ذا يقرأ كتب السيرة في زمن موات السير واهل السير ؟؟ " ،  كان ذلك يحدث في زمن تتوالي  فيه هزائم الإنسان قبالة اخيه الإنسان .

أمــا موضوع السيرة فهــــي براعة وصدق الأسطر التي قرأتها قبل عشر سنوات ، والتي تحّدث فيها واحد  من اهم اعمدة التفكير الأدبي والإجتماعي العربي والعراقي على حد سواء ، وهو الدكتور : علي الوردي ، في معرض تقديمه لـسيرته الشخصية ، وهو يقوم بتأديية واجبه التربوي الأول ،  كمعلم  تعهـــد  به  وزارة المعارف – التربية حاليا – ليكون مبعوثها ( معلمها )  التربوي الى محافظة  – ذي قار – في مدينة الناصرية  .

ولكم هذه الكلمات التي انقلها كما كتبها استاذنا واستاذ  الجميع بخط  يده : " وركبت القطار المتجه الى مدينة الناصرية ، وبعد رحلة قاربت الثمان ساعات ، في واحد من ايام صيف 1927 ،  فوجئــت عند وصولي ، ان متصرف المدينة – وأسمه " جعفــر حمندي " أي المحافظ حاليا – يقف ولزمن  طال أو قصر ، لا ادريه تماما ، بانتظار وصول القطار الذي يقلني الى هناك ،  ومن ثم اصطحبني مع شديد اسفه لحرارة الجو وطول زمن الرحلة ، الى داره حيث اقمت فيه ، لأسبوع ضيفا عزيزا ومبجلا ، من الأسرة التعليمية الكبرى " وهو اللقب الذي  كان يقدمني به الى اسرته ومساعديه وغيرهم .

الى هنا نقف ثانية لنتذكر مقاطع من سيرة الشاعر العربي الكبير " نزار قباني "  ، وهو يقول : " وحين وصلت الى مطار صوفيــا في بــلغاريا ، اخذني ضباط المطار ليصطحبونني الى جناح خاص ، وقد جلست داخل الجناح منتظرا ما قد يحدث لي في هذا البلد الغريب ،  ولا أخفي عليكم مرارة ما يمكن ان تصل اليه نوات التفكير امراض الخيال المهدد  ، حين تتأرجح تلك الرؤى اسيرة بين قسوة نوايا الـــدرك العربي  ، وما قد تنتهي اليه ، سخونة ايـدي الحراس الشبقية الضرب والتعذيب ،  فـــي وداخــــل وضمـــــن وعلـــى .....   مشارف الوطن العربي !!!

، لقد كنت اعيش هذا الموقف بحزن وسوداوية لا مثيل لهما ، حيث وانا في اهيم  حيرة من امري ، اطل علي رجل بهندام مدني غاية في الرقة والدعة والأدب الجم ، وهو يحمل شيئا من القهوة الساخنة ، وقد حياني بلغة عربية ذات لهجة تدل على قصر تجربته في نطق لغة الضاد  ،  وكان يعيد بين الحين والآخر ودونما حاجة منطقية ، يردد  تلك العبارة  التي زادها تلعثمه جمالا  : " السلام عليكم " عدة مرات ومن ثم نبهني الى ان المعلمين والشعراء اذا زاروا صوفيا ، فإن لهم استقبال وجناح استراحة خاصيين  بهما وذلك  ليليقا بهؤلاء الأفذاذ من الرجال في اممهم ، ولما لهم من ثقل وتمثيل قييمين في مجتماعتهم .

إذا كان في كل من هذين المثالين اسوة وامثلة اخلاقية حية ، فانها دلالة على اهمية التعليم والنشاط التربوي في عموم المجتمعات الأرضية ، وكما اشارت حكمة الرب الى نبي الرحمة الأمــي إذ قال له ربه " إقرأ " ، ليتخذ منه تلميذا يعرج الى ربه بعظيم امتنانه إذ يقول (  ص ) : " ادبني ربي فاحسن تاديبي "

-   وهو الأمــر  تاذي جعل ،  أعتــى طغاة القرن العشرين ، في عراقنا الحبيب ، يقفون الى جانب تهديم وتحطيم وتهميش هذه الحقيقة الأبدية ، وذلك لكــي تغيـّـيب قســرا عن نواظر واقيسة اخلاق النشأ المتعلم ، انــّـى كان ،وحيثما اتجــه ،  كل صور الفضيلة والتكامل المعرفي ، الذي هو خطوة لا بد منها للوصول الى  مسارات التكامل الإخلاقي والذي  ولا غنى عنه لنيل درجات التفوق المعرفي ، وهما جوهران وحقيقتان ، لا غــــنى عنهما ، ازاء صنع الرجال الأماجد من  ممثلي الأمم والحضارات الشامخة  ،  لا كما يذهب حاكم بغداد في تقصيّـه اللا أخلاقي واللا إنسانــي  في  زج ملايين  الطلبة والدراسين ، وعلى اختلاف مراحلهم وتكويناتهم مع اساتذتهم ومعلميهم  في المعسكرات الدموية والشوارع الخاوية ،  مرددين تلك الشعارات الفارغة والمكررة  واللا هادفة ، مع غـيه السادر في قتل احلامهم وزمنهم الذي كان اولى  به ان يمدهم بـــه ،  غذاء زكيا  وملبسا  كريما وحرية مطلقة  ، لقد اصبح المعلم والمدرس ورجل الجامعة محتاجا و مستدينا الى  ما شاء الله  وكرم القائد لقضاء ما ياتي من الشهر ، صوما وجوعا وحرمانا ، حتى تدهورت صورة رجل التعليم في نواظر تلامذته وغاب عنهم ذلك السؤدد الذي يمدهم بضياء الوعي ونقاط التدبـير ، والى ذلك كان الأمين والمأمون يشكويا الى ابيهما الخليفة قسوة معلمهما الجسدية على الرغم من احترامهما له ، وعدم اقترافهما لأي ذنب كان ، والى ذلك قال المعلم " لا لشـــىء ، إلا  لتـشــعرا بمـــرارة من يعذب  ظلما،  دون ذنب اجرمه او واجب  تـــناســـاه " .

                     فهــــل تجــــدي الســير ؟؟؟؟ .

 

 

 :  – شاعر ومترجم – أميركا

     

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي