الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعارضة السورية مريضة بداء البعث

محمد الشمالي

2013 / 10 / 14
مواضيع وابحاث سياسية



مع غياب نهج ديمقراطي حقيقي في قيادة الدولة السورية منذ وصول حزب البعث للسلطة ( 1963) عن طريق انقلاب ‏عسكري أصبح البحث عن الشرعية السياسية المزيفة هو هاجس الدولة ومحور حركة ابداعها في أساليب الكذب والخداع ‏والتمويه وذلك من أجل حماية واستمرارية مصلحة فئة أو أقلية وضعت يدها على مقدرات المجتمع والدولة بالقوة وبكل ما ‏تحمل كلمة " قوة " من ترجمات يومية بدأ من التهديد بقطع لقمة العيش ومن ثم السجن وأخيرا القتل والتصفيات الجسدية .‏

الشرعية السياسية للسلطة جاءت على شكل قشرة رقيقة من القيم النظرية التي حاولت دولة البعث الفاشية من خلالها إيهام ‏المجتمع الدولي باحترامها لمبادئ حقوق الإنسان وأهمها عدم ممارسة التعذيب والقتل والسجن التعسفي و حق الإنسان في ‏ممارسة إنسانيته وحرياته في التعبير والتنقل ...إلخ لقد تبنت الدولة السورية هذه المباديء نظريا ولكن أبطلت مفعولها ‏وقيدتها عمليا بأحكام قانون الطوارىء المعلنة في الأمر العسكري رقم 2 والمرسوم التشريعي رقم 51 ( 1963 )الذي يمنع ‏التظاهر وحرية التعبير والنشر ويخضعها مباشرة لرقابة الدولة. ‏

التزييف البعثي شمل أيضا شكل الحكم .وكي يموّه استبداده بالسلطة المحصورة دستوريا به فقد لجأ حزب البعث لتأسيس ‏‏" الجبهة الوطنية التقدمية " والتي حاول من خلالها ذر الرماد بعيون السوريين وإقناعهم بأنه ليس منفردا بالسلطة ولكن ‏يحكم البلاد مع كل الأحزاب التقدمية السورية الأخرى التي حاولت معارضته ولو شكليا منذ وصوله للسلطة . هذا التزييف ‏الممنهج للحياة السياسية انعكس مباشرة على أسلوب السوريين وتصورهم للعمل السياسي في داخل مؤسسات النظام أو في ‏خارجها . فسيطرت النخبوية الثقافية على أي حركة سياسية تماما كما سيطرت على حزب البعث طول فترة نضاله ‏السياسي الذي قاده لإنقلاب 1963 ، وسيطرت الروح الإنتهازية والإقصائية والشللية تماما كالتي قادت للحرب الداخلية ‏في حزب البعث وتشرزمه وتمزقه إلى عدة شلل تكيد لبعضها المكائد وتطعن بعضها في الخلف تماما كما في انقلاب شباط ‏‏1966 وانقلاب الأسد 1970 ...‏

بالمفهوم الشعبي العفوي للسوري العادي ، السياسة هي انتهاز وهي وصولية وهي المنفعة الشخصية المباشرة : الحصول ‏على وظيفة ، على منحة دراسية ، على حقيبة وزارية ، على مصدر للرزق .هذه الرؤية وهذه الأخلاق اللتين تربت عليهما ‏أجيال عديدة من السوريين فرغت العمل السياسي من وطنيته ومن ثقافته المدنية وغدا السياسي بعثيا كان أم شيوعيا أم ‏قوميا وصولي بامتياز، كذاب بمهارة، ولا وطني بحرفية . نسي السوري الثوابت الوطنية والقومية ، ونام الجولان بحضن ‏يهودي دافىء، تبددت الثروة الحيوانية وذهبت أموال سوريا لجيوب قلة من بطانة الأسد وعائلته ، وأصبحت سوريا مزرعة ‏يديرها الأسد البعثي العلوي بامتياز .‏

انطلقت شرارة ثورة الكرامة على هذه القاعدة الأخلاقية الهشة وعلى نفسية المواطن المسلوب من حريته ومن مبادرته ‏الشخصية كإنسان منفصل تماما عن وطنيته ومواطنته وشعوره الوطني والقومي . النظام ليس وطنيا منذ بداية البعث وأي ‏نظام مهما كن شكله لايمكنه تهيئة مجتمع للقيام بثورته إذا لم يهيىء هذا النظام الظروف الملائمة لذلك. لويس السادس عشر ‏هيأ شعب فرنسا للقيام بثورته على نظامه الملكي دون أن يعلم . لقد قوى ثقة الفرد الفرنسي بنفسه وأعطاه كل الوسائل التي ‏تجعل منه ثوريا بكل ماتعني الكلمة . لكي نقتنع بهذا الطرح علينا أن نعرف بأن الثورة الأمريكية لم يكن ليكتب لها النجاح ‏لولا دعم لويس السادس عشر لجورج واشنطن.هذا الدعم المادي الكبير الذي أفرغ الخزانة الفرنسية من ذهبها وأدى ‏لأزمات اقتصادية حادة في فرنسا وإلى قيام الثورة الفرنسية .هذه هي مفارقة التاريخ وعظمائه !‏

لنتأمل الحركة السياسية في الثورة السورية ، لنتوقف عند التمزق والنهش اليومي بين مختلف العاملين فيها ، لنرصد عدد ‏الأحزاب السياسية التي ماتت قبل أن تلد والتي لم يكن هدفها إلا رفع وصولي وانتهازي إلى المجلس الوطني أو الإئتلاف ، ‏لنسبر هذا التنقل المؤسف والمبكي من مؤتمر لآخر ، لنقرأ هذا التذبذب اللحظي من أقصى الشمال لأقصى اليمين ليساري ‏الأمس . للننظر كيف النخبة المثقفة التي حاولت طوال عقود اقناع السوريين بأنها كانت يوما تلامذة فاكلافل أو تشيفاليزا ‏أو السين أصبحت اليوم حصانا أعرجا تحت فخذ مقاول سعودي أو قطري يملك المال ويحضر لسباق مقرف خيولا ‏عاهرة لا عربية ولا أعجمية لا مسيحية ولا إسلامية . ‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سوليفان في السعودية اليوم وفي إسرائيل غدا.. هل اقتربت الصفقة


.. مستشار الأمن القومي الأميركي يزور السعودية




.. حلمي النمنم: جماعة حسن البنا انتهت إلى الأبد| #حديث_العرب


.. بدء تسيير سفن مساعدات من قبرص إلى غزة بعد انطلاق الجسر الأمي




.. السعودية وإسرائيل.. نتنياهو يعرقل مسار التطبيع بسبب رفضه حل