الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
-سوريا نموذجا.... تباعد الوطني والديموقراطي -
محمد سيد رصاص
2005 / 5 / 29اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
![](https://www.ahewar.org/search/pic/113.jpg)
.كان سقوط بغداد من أهم الأحداث العربية منذ سقوط الدولة العثمانية وما أدى إليه الأخير من مجيء إنكلترا وفرنسا لاقتسام المشرق العربي بما فيه إنشاء دولة إسرائيل عبر وعد بلفور , الذي يبدو أنه كان جزءاً لا يتجزأ من اتفاقيات سايكس بيكو ولو أنه أتى بعد عام ونصف من توقيعها بين إنكلترا وفرنسا .
من غير المجدي , كما يفعل الكثير من منظّري الأنظمة العربية أو بعض المعارضين العرب الذين لم يستوعبوا متغيرات ( ما بعد 11 أيلول ) , عدم رؤية واقعة تبدل نظرة واشنطن إلى الأنظمة العربية , على ضوء النظرة الأميركية الجديدة إلى ما يسمى بـ ( بالإرهاب الإسلامي) , الذي ضرب , في ذالك اليوم , العاصمتين الاقتصادية والسياسية للعالم , حيث أصبحت الولايات المتحدة ترى في هذه الظاهرة نتيجة للديكتاتورية والفساد وللنظم التعليمية والثقافية السائدة في البلدان العربية والإسلامية , الشيء الذي دفعها للحضور المباشر إلى المنطقة العربية لإعادة صياغتها, على حد تعبير وزير الخارجية الأميركية قبيل أسبوعين من غزو بغداد , وإلى تغيير نظرتها إلى الأنظمة العربية .
أدى ذلك إلى اضطراب الأنظمة ومنظّريها وساستها , فيما رأينا ميولاً عند الكثير من المعارضين العرب إلى تلقف وملاقاة هذا التوجه الأميركي الجديد , الذي أصبح فعلاً يرى في الديموقراطية مصلحةً أميركية وخاصة إذا تمّ ضمان صندوق الاقتراع عبر اتفاق وتوافق أميركي في النظرة للأمور مع القوى المرشحة عربياً للصعود عبر الانتخابات ( أي القوى الإسلامية التي على طراز أردوغان , إن توافقت مع الرؤية الأميركية للقضايا الإقليمية والداخلية ) , وبشكل يمكن القول عبره أن الديموقراطية , ولكن المعزولة طبعاً عن البعد الوطني بحكم حاملها الأميركي الغازي للمنطقة , قد أصبحت أيديولوجية للأميركي عبر القميص الليبرالي الذي يرتديه أو يرغب بإلباسه للمنطقة العربية التي يريد احتلالها أو إخضاعها إلى النفوذ والهيمنة .
يبدو أن نموذج المعارضة العراقية , التي كانت غطاءً محلياً للاحتلال , ليس معزولاً أو خاصاً بالعراقيين , بل يشمل الكثير من المعارضات العربية , وقد رأينا كيف كان النموذج السوداني قريباً كثيراً لذلك الذي كان في بلاد الرافدين , إلا أن المفاجأة قد كانت في الشام : إن المعارضة السورية , التي دخلت في صدام منذ أواخر السبعينات مع نظام كان مدعوماً من موسكو وواشنطن , قد طرحت منذ ذلك الزمن تلازم ( الوطني ) و ( الديمقراطي ) , إلا أن هذه المعارضة لم تستطع البقاء متوحدة في مرحلة ( ما بعد بغداد ) , حيث رأينا , بعد أشهر من سقوط العراق , أحد زعماء الأحزاب السورية الرئيسية المعارضة يأخذ وضعية أحد علماء الأرصاد الجوية ليقوم بقياس كيف - على حد تعبيره - نقل الأميركان العراق (( من تحت الصفر)) إلى (( درجة الصفر)) , وهو عاد ليكرر , قبل أسابيع من الزمن ومن على شاشة فضائية (( المستقلة )) , أنه لن (( يدافع إذا أتى الأميركان لغزو البلد ما دام النظام قائماً )) , وكأن الأميركان قد أتوا إلى العراق لاحتلال قصر صدام حسين فقط . ولم يسقط العراق وبغداد معه بحكم توحيده وإلغاءه للبلد والسلطة والمجتمع في شخصه ونظامه الديكتاتوريين .
هذا الإتجاه لا يشمل فقط ذالك الرمز الأبرز للمعارضة السورية , وإنما يشمل الكثيرين – وبعضهم قد بدأ يحوّل ذلك من الشفوي إلى المكتوب - في المعارضة , سواء في الأحزاب أو في (( لجان إحياء المجتمع المدني )) أم في المنظمات الحقوقية الخاصة بحقوق الإنسان : الملاحظ على هؤلاء , إنهم كلهم قد كانوا ماركسيين وتحولوا إلى الليبرالية بعد هزيمة موسكو أمام واشنطن , وأنهم يفتقدون للجذور الاجتماعية وللامتداد الاجتماعي , والكثير منهم قد راهن على العهد الجديد حتى عام 2003 ثم انتقلوا في العامين الماضيين بعد خيبتهم من المراهنة على الصراع بين التيارين (( الإصلاحي )) و(( المحافظ )) - حسب ما كانوا يرون انه موجود في العهد الجديد - إلى المراهنة على ما وراء الحدود .
إن ذلك لم يؤدى فقط إلى انقسام المعارضة السورية تجاه الموقف من الأميركي الآتي إلى المنطقة , وإنما أساساً ينبع ِمنْ ذلك الموقف الخيط الذي يقود إلى خلافات المعارضة في القضايا الأخرى , والتي تشمل ( العراق) و ( لبنان ) وتقييم مغزى ودلالات أحداث القامشلي , فيما يلاحظ أيضاً أن هؤلاء الليبراليين الجدد يملكون تصورات جديدة - لم تكن موجودة سابقاً عندهم - تجاه قضايا ( العروبة ) و ( فلسطين ) , وهذا طبيعي ما دام أن كل تحول أيديولوجي يحوي بداخله رزمة مواقف متكاملة من قضايا عديدة .
أدى هذا الوضع , الناشئ في المعارضة السورية خلال العامين الماضيين , إلى استقطاب كبير بالحياة السورية السياسية , يخترق المعارضة والموالاة والسلطة, شبيه بالذي جرى في عام 1970 تجاه حركة (16ت2) أو بالذي حصل في عامي 1979- 1980 حيال الأحداث السورية : أحد معالم هذا الاستقطاب هو تباعد القوى المعارضة عن بعضها البعض بين تلك التي تجمع الوطني و الديمقراطي وبين تلك التي تراهن على الديموقراطية الأميركية , كما في العراق , أو التي تأمل بحدوث سيناريو شبيه بالذي جرى في لبنان - من دون غزو عسكري - عندما تمّ تحجيم الرئيس لحود وكل القوى الموالية للسوريين عبر عملية إجبار واشنطن لدمشق على الخروج من لبنان , تمهيداً لإسقاطهم واستلام المعارضة اللبنانية لمقاليد الأمور في بيروت ولكن عبر الخضوع – ربما- لعوكر بدلاً من رستم غزالة في عنجر .
هنا , من الممكن (كما توحي مؤشرات عديدة برزت بالأشهر الأخيرة ومنها تصريح كوندوليسا رايس في 23 آذار الماضي حول عدم وجود موانع عند واشنطن من استلام الإسلاميين المعتدلين للسلطة , مما يفسر – ربما - التحركات الأخيرة لجماعة الإخوان ضد الرئيس مبارك واللهجة التصعيدية لبيان الإخوان المسلمين السوريين في 3 نيسان ) أن يحصل اتفاق بين القوى الإسلامية والاميركان على طراز ما هو جارٍ في أنقرة : هذا إن حصل سيزيد استقطاب المعارضة السورية إلى معسكرين حدةً وقوة , مما سيضيف الإسلاميين إلى معسكر الليبراليين الجدد وأغلب الأحزاب الكردية في مواجهة المعارضين السوريين الآخرين الرافضين لفصل الجانب الوطني عن الديموقراطي , وهو ما يشمل حتى الآن القوميين والإسلاميين و الماركسيين .
تؤكد مواقف السلطة السورية من قضايا ( العراق ) و ( فلسطين ) وطنيتها في مواجهة الأميركان والإسرائيليين إلا أن الوضع الداخلي السوري يقول بافتقاد وطنية السلطة السورية للبعد الديموقراطي : السؤال المطروح على الساحة السورية الآن هو التالي : هل يؤدي تلاقي الوطنيين , في السلطة وفي أحزاب ( الجبهة ) ومن هم بالوسط مثل شيوعيي ( تيار قاسيون ) بزعامة الدكتور قدري جميل , مع معسكر (الوطنيين الديموقراطيين ) في المعارضة , ولكن عبر برنامج إصلاحي يبدأ من السياسة عبر بابي ( إنهاء احتكار حزب البعث للسلطة ) و( إلغاء قانون الطوارئ ) - إلى معادلة جديدة في السياسة السورية , تقوم على إنهاء حالة التباعد بين الوطني والديمقراطي ( المتزايدة باطّراد ضمن وسط المعارضة السورية فيما لم تحاول السلطة حتى الآن الجمع بينهما ) عبر تحصين الداخل الوطني بالديموقراطية في مواجهة الأميركي , بما يعنيه هذا من عزلٍِ لـ ( حزب أميركا ) المحلي في سوريا , والذي امتّد كثيراً في المعارضة السورية خلال العامين الماضيين ؟ ................
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. كلمة ايريك سيوتي عضو اليمين الفائز بمقعد البرلمان عن نيس|#عا
![](https://i4.ytimg.com/vi/lXaXtN4lHtU/default.jpg)
.. قراءة عسكرية.. محور نتساريم بين دعم عمليات الاحتلال و تحوله
![](https://i4.ytimg.com/vi/A3cirE1orBU/default.jpg)
.. تفعيل المادة 25 قد يعزل بايدن.. وترمب لا يفضل استخدامها ضد خ
![](https://i4.ytimg.com/vi/DHInISUP2BM/default.jpg)
.. حملة بايدن تتعرض لضغوطات بعد استقالة مذيعة لاعتمادها أسئلة م
![](https://i4.ytimg.com/vi/uuHHbrtJt4Q/default.jpg)
.. البيت الأبيض: المستوطنات الإسرائيلية تقوض عملية السلام والاس
![](https://i4.ytimg.com/vi/8nTsN7vaKAU/default.jpg)