الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعليق على كاتب يمني وملاحظات حول كتابه المسمى رؤية يمنية في ادب الرحلات

غسان الراوي

2013 / 10 / 15
الادب والفن



تعرفت خلال أحدى محطات حياتي العملية بعدد من الأصدقاء اليمنيون كأستاذ جامعي فقد بدأت معرفتي بطلاب عرب ويمنيون منذ أن كنت طالبا في جامعة بغداد ولكن معرفتي بمؤلف كتاب رؤية يمنية في أدب الرحلات للكاتب اليمني والدبلوماسي السفير عبدالوهاب العمراني لم تكن في اليمن ولا في العراق وإنما جمعتنا الصدف الثقافية في بلد ثالث في الأردن ولطالما لاحظته يرتاد مكتبة الجامعة الأردنية العامرة وفي فعاليات ثقافية في مكتبة مؤسسة شومان ، والمكتبة الوطنية فلاحظته يتتبع ذخائر ونفائس المطبوعات ، وكنت في بداية الأمر أظنه باحثا لمتطلبات دراسات أكاديمية كتحضير رسالة دكتوراه ونحو ذلك في تلك المكتبة التي التابعة للجامعة التي علمت بها ، ولكن بعد ذلك عرفت بأنه يحظر لكتابه المعنون (رؤية يمنية في ادب الرحلات ، مشاهدات وأنطباعات من الشرق والغرب) ، ولعلي من القلة من تسنى لهم قرأت الكتاب عندما كان مجرد مسودة ومشروع كتاب لعلاقتي بالكاتب من جهة وحبي لهذا النوع من الأدب من جهة ثانية ومن ثم قرأته حينما أنجزه مطبوعاً في حلته في حلة قشيبة ومجلد فاخر طبع في بيروت ، ولأني أصلا مغرم بالكتابات ذات الطابع الأدبي والتاريخي وسبق وأن قرأت بعض نماذج من هذا اللون من الأدب ولكني حقيقة كنت اجهل بعض التفاصيل ولاسيما فيما يتعلق بتاريخ أدب الرحلات عند العرب وكذا اعلام من اليمن في هذا المجال ودور اليمنيون فيه ، ناهيك عن تفاصيل سير الرحلة الطويلة للكاتب نفسه في عدد من البلدان في اغلب قارات المعمورة زها ثلث قرن ، واعتبره بدون مبالغة أو مجاملة لكاتبه (والذي سيفاجاء حتماً بهذه الخاطرة) كتحفة وآية في الإبداع في مجال أدب الرحلات شكلاً ومضمونا فلقد استقى مصادره من أمُهات الكتب في هذا اللون من الأدب ولم يكتفي بأخر ما يصدر من الكتب والدوريات بل لاحظت اهتمامه بأقدمها وأشهرها عبر كل العصور ولاحظت أيضا همته ومثابرته وتيقنت عن قرب مدى عشق كثير من المثقفين اليمنيين للمعرفة رغم الظروف الاقتصادية والسياسية التي تلازم بلداننا العربية ومنها اليمن ،
الذي يمثل جيل من الدبلوماسيين الموهوبين بملكات الكتابة الغنية بالثقافة المتنوعة وما ان استهلت قراءة هذا الانجاز الرائع وبرغبة مزدوجة إلا وقد انغمست في آفاق رحبة لبستان من المعرفة من خلال أدب الرحلات الذي خيل لي أن الكتاب سيكون على غرار ما قرأته لكُتاب آخرون يحصرون اهتمامهم بالتركيز فقط على مشاهداتهم دون التعمق فيما وراء الأسباب كما يقول المؤلف في رحلتي بين صفحات الكتاب سوا في المتن آو الهوامش وانتابني أحاسيس بعشق المعرفة واكتشاف المجهول وبعبق التاريخ الذي يلازم معظم فصول الكتاب ،زادت من حبي لهذا النوع من الكتابات الشيقة ولاسيما أن كاتبه يضفي عليها صبغة أدبية وبعمق تاريخي ، لقد أذهلني حجم وكثافة المعلومات بين دفتي هذا الكتاب وفي مفردة واحدة ضمن احد عشر موضوعا شملها الكتاب وهى العراق ، لقد عرفت خلال حواري مع مؤلفه مدى حبه لتاريخ العراق وشعبه ليس فقط لأنه عاش مع أقرانه أثناء دراسته الجامعية نهاية السبعينيات ، ولكنه في مؤلفه كتب عن العراق بأحاسيس أبناء الرافدين ولفت نظري مدى غزارة المعلومات والتي عكست لاشك معرفة ودقة في مصادره قد لايعرفها الكثير من العراقيون أنفسهم سوا بوصف المجتمع العراقي وتاريخه الحديث ودياناته وقومياته ، ولقد أعجبت بتواضع الكاتب في مقدمته عندما يقول: «لست شاعراً أديبا ولا مؤرخا ، ولكني أحاول ببساطة نقل مشاعري يفي تجربة أدبية متواضعة »
و بدوري أشارك الأديب عبدالعزيز المقالح والذي سطر بقلمه الرشيق كلمات الإعجاب والثناء في مقدمة الكتاب ومما قاله أديب اليمن الكبير المقالح بهذا العمل الأدبي المميز« .. كما جائت لغة الكتاب بديعة خالية من التكلف والتصنع يمكن للقارئ متابعتها بسلاسة ويسر، وكلما قطع جزءاً من الكتاب زاد شوقه إلى استكمال بقية الأجزاء. وبوصفي واحداً من أوائل قرائه أتمنى أن يواصل المؤلف كتاباته عن أسفاره الجديدة بالمستوى الأدبي الراقي وإخلاص الأديب المبدع . »
بينما قدم الإصدار الأخير (الذي نحن بصدده) سعادة الدكتور حميد العواضي سفير اليمن السابق في اليونسكو وهو مثقف يمني ومبدع في علم اللسانيات ، وقد أجاد الوصف في مقدمته الرائعة فيبدو بأنه قد قرأ مسودة الكتاب بعناية وتأني حيث تناول أدق التفاصيل ، ومما جاء في تلك المقدمة «..ومن وجه آخر فإن المكتبة اليمنية تفتقر لهذه النوع من الكتب مقارنة بمجمل محتويات المكتبة العربية ، ويضيف مقدم هذا الكتاب الدكتور العواضي في هذا السياق بكتابه هذا يعد أول مؤلف تناول بهذه الشمولية نطاقا واسعا من الدول والأماكن التي شملتها تلك المشاهدات أو في وصف أدب الرحلات كجانب نظري حيث تضمنت مقدمة الكتاب طرفا من تاريخ أدب الرحلات عند العرب وغيرهم منذ اقدم العصور وحتى عصرنا الحاضر . كما يحسب له أنه أوجز في هذا السياق دور اليمنين في هذا الجنس من الكتابة.
لقد لفت انتباهي عشق المؤلف لهكذا كتابة في وصف البلدان والأمصار في لغة اليوم بعبق تاريخ تلك الأمم ، فوصفه لاصفهان وبلاد الهند والسند وأقصى الشرق في الملايو وسنغفورة ، أما في تركيا فبالاضافة لسرد رحلته وتداخلها مع بعض الانطباعات الاجتماعية والثقافية فقد ربط بين تأثير توسع العثمانيون في المشرق بتداخل مفرداتتهم في اللهجات العربية المحلية وضرب مثلا لعشرات المفردات التي دخلت قواميس الأمم المغلوبة ، وهو الأمر نفسه لأكثر من محطة في رحلاته فلا يكتفي بوصف وسرد رحلاته بل ويبحث فيما وراء الأسباب ويتطرق لطبائع تلك الشعوب ومقارنتها ببلدان عربية وباليمن تحديدا ، وأتجه الكاتب غربا ليستطلع المغرب الأقصى متنقلا بين في مراكش وفاس ومكناس وأقصى شماله في طنجه منطلق الرحالة ابن بطوطه فينقل بصورة سلسلة وبليغة طبائع تلك المجتمعات من عرب وأفارقة وبربر، ويربط بين تاريخ المغرب بأثآر حضارة الأندلس التي يتكون جزاء من المجتمعات المغربية من بقايا المهجرين فيتحدث عن فنونهم وثقافتهم وطباعهم فضلا عن المشاهدات السياحية المعتادة ، ومن ثم يصعد بنا شمالا إلى اسبانيا في صورتها العربية ففي فصل الأندلس يبحر بنا في عمق المجتمع الأندلس بثقافته وموشحاته وعبق التاريخ على أنغام الحان زرياب ، وبعد ذلك يرحل بنا في بضع مدن اوروبية كمدينة النور باريس وعاصمة أوروبا بروكسل ثم يحلق بنا في أقدم الحواضر الأوربية وأعرقها أثينا وبلاد الإغريق فيجول بنا في جزرها ومدنها وأثآر أول حضارة أوروبية .
وأجمالا فهذا النوع من الكتابات في مجال أدب الرحلات تجذب الكثيرون ولاسيما وكاتبها قد ضمن بين دفتي مؤلفه أنواع من المعرفة المتداخلة بين التاريخ والأدب والاجتماع واللسانيات والأديان ونحو ذلك فجعل القارئ وكأنه في بستان متعدد الألوان وبأسلوب سلس وممتع بالفعل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | الناقد طارق الشناوي يرد على القضية المرفوعة ضده من


.. ياسمين سمير: كواليس دواعى السفر كلها لطيفة.. وأمير عيد فنان




.. تفاعلكم | بعد حالة الطوارئ الثقافية التي سببها في الرباط، حو


.. تفاعلكم | مخرج فيلم -آخر سهرة في طريق ر-، محمود صباغ، يرد عل




.. أحمد السقا يروى كواليس تعرضه للخطر في أفلامه ونجاته من الموت