الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جنيف ، الكذبة الكبرى

محمد الشمالي

2013 / 10 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


.‏
انعقد مؤتمر جنيف حول القضية السورية في حزيران 2012 بحضور الأعضاء الخمس الدائمين في مجلس الأمن ‏والأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كيمون والمندوب الخاص عنان والعربي وبعض الدول العربية . الحقيقة ، لم ‏يُعقد أي أمل على هذا المؤتمر " المهزلة " حسب تعبيرغليون ومجموعة العمل التي صاغت قراراته ...وبالفعل جاءت ‏توصياته غامضة بل ومستحيلة التشفير : وضع الأسد بقي معلقا وتطلعات الشعب للحرية لم تحدد بشكل واضح ولم ‏توضع خطة للمرحلة الإنتقالية ولا أجندة خاصة بها ...إلخ الدرس الذي يمكننا تلخيصه من هذه الفسحة في السياسة ‏الدولية هو : أولا الإستبداد الروسي بالقرار الأممي ومصادرته وتحويله لصالح طغمة دمشق .ثانيا، تهلهل المعارضة ‏السورية وبؤسها . ثالثا، تجديد رخصة القتل للنظام . رابعا ، والنتيجة الأخطر التي تمخضت عن هذا المؤتمر هي: سجن ‏الحل للمأساة السورية في جنيف 2 واستبعاد أي أفق أوطرف آخر بانتظار أن يكمل الأسد مهمته في قضائه على شعبه .‏
إذا جنيف 2 للسلام كان مقررا عدة أشهر قبل اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة أيلول الماضي ، ولكن انعقاده ثانية ‏‏ كان يرتطم في نفس العقبات وأهمها عدم توفر الشرط الرئيسي للمفاوضات ( أي رحيل الأسد) . الأسد لم ينه مهمته ‏وجيشه مازال يناور ويستشرس في ردوده المتوحشة،ومع ذلك ارتسم جنيف 2 في الأفق الدبلوماسي الأممي . وأراد ‏الأمريكيون والروس تحويله من حل حقيقي للمأساة السورية إلى نصر سياسي لهما وذلك عندما شن جيش الأسد ‏هجومه الكيميائي على أهل الغوطة وسط ليل 21 آب الماضي . وهذا النصر السياسي يكمن في تحويل انعقاد المؤتمر إلى ‏وسيلة ضغط وابتزاز ضد سوريا نفسها وضد أمنها القومي عندما فرضت على الأسد المعادلة الصعبة : إما تتخلص من ‏السلاح الكيميائي وتذهب إلى جنيف بدون شروط وإما نخلعك كما خلعنا صدام من قبلك . ومع أن هذا التهديد بحاجة إلى ‏مصداقية كون مجلس الأمن لم يذكر بصريح العبارة اللجوء للقوة ضد الأسد في حال عدم تنفيذ هذا الأخير للقرار الأممي ‏الخاص بحرمان سوريا من السلاح الكيميائي ، السلاح الإستراتيجي الوحيد الرادع للسلاح النووي الإسرائيلي.‏
المكسب السياسي الثاني للعملاقين الروسي والأمريكي يكمن في تعطيل الدور الفرنسي الأوروبي وحصر ملف سوريا في ‏‏ سايكس ـ بيكو جديد يحمل بصمة الحرب الباردة لما قبل جدار برلين. المكسب الثالث وهوالإنفراج غير المتوقع أبدا في ‏العلاقة الأمريكية ـ الإيرانية تحت ضغط الملف السوري ، وبالتالي فتح الأفق أمام احتمال بدء مفاوضات مباشرة بين ‏البلدين حول الملف النووي الإيراني بمشاركة روسية . كل من شاهد لافروف و كيري أمام الكاميرات لا بد و أن يقرأ في ‏عيونهم الخبث والتضامن كلصين شريكين في سوق الجمعة . ‏
مع اقتراب الموعد التقريبي لتاريخ انعقاد مؤتمر جنيف 2 وهو 15 تشرين ثاني يبدو هذا الحدث الدبلوماسي الأممي ‏يوما بعد يوم صعب أومستحيل التحقيق في مناخ صحي . وذلك لقناعة كل العالم بأن هذ ا المؤتمر لن يفتح أفقا جديدا ‏لحل القضية السورية وبأن ما سيصدر عنه من قرارات لن تحقق للسوريين أكثر مماحققته كذبة جنيف الأولى .‏
جورج صبرا رئيس المجلس الوطني ، مقتنعا بهذه الحقيقة ، أعلن الأحد الماضي مقاطعة المجلس الوطني السوري ‏لأعمال جنيف2 ، واستقالة أعضائه من الإئتلاف الوطني في حال ذهاب الجربا إلى هذا المؤتمر . لنحلل هذا القرار على ‏ضوء المعطيات السياسية والوطنية التي تعيشها المعارضة : ‏
‏ سياسيا ، صبرا ( ومجلسه) يشعر بالتهميش . فمن خلال مكالمته التلفونية مع وكالة الأنباء الفرنسية برر رفضه ‏بالكلمات التالية ( أترجم): " كيف نعطي موافقتنا على حضور مؤتمر لا نعرف شيئا عن طريقة تشكيل الوفد الذي يمثل ‏المعارضة والشعب السوري ؟ ليست هناك تفاصيل عن أجندة المؤتمر وعن الوفد المشارك فيه ..." ‏
وطنيا ، تساءل صبرا عما إذا كان المؤتمر يمكنه تحقيق انتقال سياسي للسلطة في سوريا وأن يحقق حلم السوريين ببناء ‏الدولة الديمقراطية التعددية بدون سيطرة عائلة الأسد والحزب الواحد..." لماذا جربا قرر الذهاب لجنيف 2 ؟ وهل ‏سيذهب لوحده دون أن يجر وراءه الديمقراطيين الجدد ؟ أوحتى هيئة التنسيق كطرف جديد في إئتلاف بلا مجلس وطني ‏؟
بالتجرد عن كل ما يمكن أن يحقق مؤتمر جنيف من مكاسب للسوريين كافة على المستوى الوطني وعن كل المراهنات ‏المتعلقة بذلك ، هل الإئتلاف ( بكل من فيه من فئات ) يمثل الشعب السوري شرعا ؟وهل النظام الأسدي الطائفي يحق له ‏تمثيل شعب يذبحه كالنعاج منذ ثلاث سنوات تقريبا؟ ‏
المعارضة السياسية السورية بكل شراشيبها فقدت مصداقيتها. إئتلاف أو مجلس يتربعون على صدر السوريين باسم ‏الوطنية ، وعندما تقتضي السياسة ونفاقها وأضاليلها فإن هذه المعارضة لم تتورع في كثير من المواقف عن التخلي عن ‏أبسط الثوابت الوطنية . فبينما كان الجيش الحر يخوض أشرس المعارك في القصير كانت معارضة استنبول منشغلة في ‏تناحراتها الشخصية المخجلة ، وفي حين كان القائد المؤسس للجيش الحر العقيد رياض الأسعد يواجه الموت في ‏ديرالزور كان القنص الكلامي يأتيه من كل حدب وصوب .‏
جنيف كذبة مثل الشرعية الوطنية التي يحاول أن يتقمصها سياسيو الصدفة السوريين أو سياسيو الأمر الواقع .الثورة ‏هي الشعب السوري الذي جرده النظام من حقه في الحياة . وإن شرعية تمثيل هذا الشعب لا يمكن أن يكون إلاّ من حق ‏المؤسسة التي انبرت للدفاع عنه . إنه الجيش الحر بكل فصائله . الجيش الحر الذي يسطر اليوم أنصع صفحة من تاريخ ‏سوريا الثورة. ‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ليلى.. يا ليلاه
عمران ملوحي ( 2013 / 10 / 17 - 00:56 )
أنت قلت: -المعرضة السورية بكل شراستها فقدت مصداقيتها-.. وهذا اعتراف بواقع موضوعي، تُشكر عليه... ثم تكلمت عن (القائد المؤسس للجيش الحر العقيد رياض الأسعد) من دون إيراد كلمة (المرحوم).. وكل المتابعين السوريين يعرفون أنه دفن في أضنة التركية!.. وحين سمحت تركيا بعبور جماعة القاعدة إلى الأراضي السورية، وضعت نصب عيونها اسقاط النظام السوري ولو بالإتفاق مع الأبالسة.. وها الأبالسة كانوا أقرب الناس إلى طعن الجيش الحر.. وها هو الجيش الحر بين أمرين أحلاهما مرّ.. الاستسلام للسلطة، أو الموت ببنادق حلفاء الأمس من داعش..
وخلاصة القول لخصه شاعر جاهلي بقوله: -أتبكي على سلمى وأنت تركتها؟... لقد (ماتت) سلمى، فما أنت فاعلُ؟-...

اخر الافلام

.. اعتصامات الجامعات الأميركية وانعكاسها على الحملات الانتخابية


.. ترامب يكثف جهوده لتجاوز تحديات الانتخابات الرئاسية | #أميركا




.. دمار غزة بكاميرا موظفة في الا?ونروا


.. رئيس مجلس النواب الأمريكي يهدد بإسقاط التا?شيرة الا?مريكية ع




.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور