الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من القبيلة إلى الدولة

ابراهيم حجازين

2013 / 10 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


في بداية القرن العشرين كانت الأرض العربية وهي تحت الحكم العثماني تنقسم في مجملها بين مناطق حضرية مستقرة فلاحية في الأصل بالرغم من الدمار الذي اجتاحها بسبب تردي الإنتاج الزراعي خلال الحقبة العثمانية وبعضها تجاري مديني في بلدات ومراكز حضرية وساحلية والجزء الأخر بقي كما كان منذ ما قبل الاسلام مناطق نفوذ قبلية للقبائل القوية وتميزت هذه المناطق بعدم الاستقرار ليس المنبثق من طبيعة الإنتاج ذات الصبغة الصحراوية، بل وبسبب إهمال الإدارة المركزية التي كانت تقوم فقط بتقديم العطايا للزعامات المتنفذة لضمان الأمن خاصة للقوافل التجارية. وكانت القبائل تتصارع أساسا لنيل عطايا الدولة ومن هنا كانت التبدلات إما في تحالفات القبائل وصراعاتها البينية أو داخل تلك التجمعات القبلية بين الأسر المتنفذة داخلها.
قامت بعض القبائل بتحركات ضخمة وواسعة لتمد وتوسع من مناطق نفوذها طمعا بالقوة والنفوذ لإحراز مكاسب خاصة مع بدء التوسع الاستعماري الغربي في ساحات الرجل المريض وكانت الزعامات الناشئة تطمح لبناء تحالفات مع القوى الغربية، واستعانت هذه القبائل في تحركاتها بإيديولوجيات تضمن لها شرعية وتأثير ناجز استندت إليها وأصبحت هذه ذات استقلال نسبي في دورها واختراقها للوعي الجديد المتشكل للمجاميع السكانية التي أصبحت ضمن سيطرة ذلك التحالف الجديد وأساسا لرؤيتها للعالم والأخر وطريقة لإدارة مناطقها.
بعد خروج العثمانيين من المنطقة وفي ظل وقوعها تحت الهيمنة الاستعمارية الغربية. بدأت حركة بناء الدول في منطقة لم تشهد دول مركزية منذ سقوط الدولة العباسية وبعضها لم يشهد وجود دول بشكل مطلق بحكم صحراوية تلك المناطق والتي لا تتلاءم طبيعتها مع وجود دولة مركزية تحكمها. وإذا كان من الطبيعي ظهور الدول في المناطق الحضرية بحكم الاستقرار فيها، فمن غير الطبيعي أن تنشأ دول حيث لا استقرار ولا حياة اجتماعية مدنية يكون نشأة الدولة فيها استحقاق موضوعي واستجابة للضرورة التاريخية.
ونلاحظ انه مع تحيط الدول الاستعمارية وتوجهها لمنع قيام دول مركزية كبرى في المناطق الحضرية خاصة منذ تجربة محمد علي لتوحيد سوريا ومصر كأساس لبناء دولة كبرى، فإنها غضت النظر لا بل دعمت توليفة جغرافية- قبلية كقاعدة سياسية لتشكيل دول فائقة المساحة. وحتى ونتيجة للحظات تاريخية في توسيع نفوذها في مناطق الخليج حيث ظهر نموذج القبيلة-الدولة، فان القبيلة تحولت إلى دولة وبقيت الدول في إطار نظرة محركيها عبارة عن ارض تقيم عليها عائلة او قبيلة وتتحرك في مجالها لتحقيق المكاسب التي ازدادت وتوسعت مع تشكيل تلك الدول. ولكن ضمن هذه الصيرورة القسرية، فلم تمر تلك الدول بمرحلة تشكل انتماء وطني فالوطن كمفهوم يظهر ضمن الصيرورة التاريخية يؤطر السكان في بنيته لهذا بقيت الإيديولوجية والمكاسب والاقتصاد الريعي بعد ظهور النفط بديل عن هذا الانتماء. ومن هنا كانت القفزة من القبيلة للدولة، لكن لم تبقى القبيلة كما كانت يعد مرور عقود من الزمن ولم يتشكل وطن يضمن الانتماء على أساسه، فالأسر المتنفذة لا ترى بالسكان إلا رعايا دون أية حقوق بالرغم من المظاهر السطحية القائمة هنا وهناك.
هذا يفسر التحالف المؤقت الذي ظهر بين الفينة والفينة من دول قطرية نشأت بعد الاختراق الاستعماري ودولة القبيلة نظرا لتلاقي المصالح في ظل نظام التبعية للفئتين او محاولة جذب بعض تلك الدول إلى التبعية أو الصراع المطلق فيما بينهم نتيجة الاختلاف والتناقض بين الطبيعة الحضارية والمدنية لمناطق الاستقرار والسعي لتفكيكها من جانب دول المجتمعات ما قبل الدولة الحديثة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحياتي مقالتكم حبلى بافكار غنية تتطلب الاسترسال وا
4الدكتور صادق الكحلاوي ( 2013 / 10 / 17 - 03:51 )
استاذ ابراهيم مقالتكم غنية ومختصرة جدا ولكنها حبلى بافكار غنية او مقدمة واشارة لها
الامر يتطلب ان تكون مقدمة لتحويلها الى تفسير يتضمن العملية التاريخية الفريدة التي حصلت في الشرق الاوسط العربي بصورة خاصة تمييوا مثلا عما حصل في ايران وتركيا رغم امتلاك كل منهما الى صحارى وقبائل ودين اسلامي وامتلاك الصحارى العربية لاوضح ظاهرة عن توحش الصحراء -أي نشوء وعنترة -فكر-لاينتمي للفكر البشري بل امبراطوريات- واقصد به دين متوحش هو الوهابية
التعليق الاول في الفيسبوك يتعلق بتاريخ حدبث يتجاوز كل التاريخ القديم الذي نشاءت 1ل


2 - تكملة رجاء
4الدكتور صادق الكحلاوي ( 2013 / 10 / 17 - 04:09 )
ففي التاريخ القديم نشاءت دول بل وامبراطوريات عظمى كانت المؤثر الاعظم في تكون التمازج البشري-أي الاممية والتشابك بين الاثنيات وتضاؤل الاختلافات
لذالك ارى ان التعليق المحترم الفيسبوسكي لايرى شيئب في لبعملية الطويلة العريضة التي دامت الاف السنين من عمر البشرية ودولها القبل الراسمالية خصوصا ولان العامل الاقتصادي كان اساسيا ليس فقط في تشكيل الدول ومنذ القدم بل وحتى في الديانات والمذاهب
اتمنى على الاستاذ حجازين ان بستمر وربما ليكون من ذالك بحثا للعمر يحفز الكثيرين للمساهمة سيما ومقولة دور الراسمالية عامة وقد لاتكون ذات معنى لكثير من عمليات انشاء الدولة تاريخيا في كثير من الحالات
وليسمح لي الاستاذ ابراهيم-باي دي وي-ان اتساءل عن اصل لقبه الكريم فالمعروف وجود حجاز واحده ومعروف لقب عوائل كريمة عربية بمختلف اقطارنا ب-الحجازي-فمن اين جاءت هذه الحجازين
مع ارق الامنيات عموما وبمناسبة عيد الاضحى المبارك رغم انه جاء هذه السنة باحزان كثيرة وعميقة منها تغول الفاشية الدينية الاوانية في مصر العزيزة وتنمر كل وحوش العالم من عصابات حكام نجد والحجاز والامبريالية الاميركية وراس رمحها المسموم بالنازية اسرائيل


3 - الى الدكتور صادق الكحلاوي مع الشكر
ابراهيم حجازين ( 2013 / 10 / 17 - 10:51 )
اشكرك جزيل الشكر على التشجيع والتقييم المشجع، هذه الموضوع يؤرقني منذ زمن ولم امتلك الشجاعة للغوص فيه انه عمل جماعي يؤسس لنظرة جديدة لتاريخنا ومستقبلنا. لا اعرف تشجعت بالامس وكتبت بعض الافكار المختصرة علها تكون اساس اعمل مستقبلي اتمنى منك ان تساعد بافكارك الغنية وكل الشكر لحضرتك دكتور.
انا من الاردن وتوجد عدة روايات عن اصل الاسم ، هناك من يقول انها من عشائر الحجاز من وادي الريحان دام تنقلها في بلاد العرب جنوب الاردن قرون قبل ان تستقر في جنوب الاردن ومن ثم في احدى المحافظات الجنوبية وهي الكرك. معظم ما هو متناقل شفوي وغير موثق ولكن هناك اجماع ما على هذه الرواية.
مرة اخرى تمنياتي لك بعيد مبارك وايام سعيدة

اخر الافلام

.. بين الاتهامات المتبادلة والدعم الكامل.. خبايا العلاقة المعقد


.. الشيف عمر.. أشهر وأطيب الا?كلات والحلويات تركية شغل عمك أبو




.. هل ستنهي إسرائيل حربها في غزة.. وماذا تريد حماس؟


.. احتجاجات طلابية في أستراليا دعما للفلسطينيين




.. أصداء المظاهرات الطلابية المساندة لغزة في الإعلام • فرانس 24