الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مع عمنا جابر عصفور في مجلة العربيّ ....

حسن مجاد

2013 / 10 / 17
الادب والفن


بجنيه واحد تلتقي مع عمنا عُصفور كل شهر ...!

كم تحتاج من وجاهة الأبله كي تصبحَ حكيماً على هذه الدرجة من اللباقة ، إذ حتى صديقك الجدع اللي اسمو "عفيفي" هكذا نادى الضابط المخضرم في سجن " طرة " على احد الجنود الحراس ؛ لكي يحضروا " محمد عفيفي مطر " المودع عندهم بتهمة التآمر ضد أمن الدولة ، ولربما بتهمة أن يكون هذا القرويّ القادم من " رملة الأنجب " يعملُ لصالح نظام صدام حسين ، لم يفعلها قبلك !
كان عفيفي مطر قبل أحداث الخليج الثانيّة في العراق يعمل في مجلة الأقلام العراقيّة ، ولكن حين حدثت الواقعة ودكّت الطائرات الأميركية معاقل الدكتاتور العادل ، كان يتمشى في شوارع القاهرة العارية الا من أصدقاء قل عددهم ..
حدثت الواقعة ببساطة دخل جيش البطريرك بنزوته العابرة للقارات دولة مجاورة وكان ما قد حدث ، واصطدم عفيفي بهول عاصفة الحقيقة ،كيف لا وهو الذي نشأ على مفاهيم الناصريّة والحلم العربيّ والنزوع القوميّ ؟!، وإن كان ذلك لا يظهر بشكل واضح في تجربته الشعريّة بسبب من طبيعة تقعيد البناء اللغويّ والغموض الشعريّ في التعبير التي تقتضي مهارة اقتناص الدلالة عبر خفة التأويل ، غير أنّ عفيفي كان واضحاً في موقفه مثل صديقه أمل دنقل رفضا واحتجاجاً ، وظل يجوب الحارة كأي ضائع في عالم الانفتاح الساداتيّ ..
أقول حتى عفيفي مطر الذي خرج من اعتقالات مبارك بــ( احتفاليات المومياء المتوحشة ) راصداً خراب العالم وذبول القرية ،ذبول الحلم الذي كان يراه على طيف وسادة البراريّ لم يفعلها قبلك ، كان متصالحاً مع ذاته اتفقنا معه ام اختلفنا في الرؤى ...
أترك " الجدع اللي اسمو عفيفي "، لأنتقل إلى الحديث عن عمنا جابر عصفور الذي ظل يحلم أيضاً بالربيع العربيّ في عصر الستينيات ، ولكن حين جاء الربيع لا على عادته ارتقى السلم راكلاً بقدمه اليسرى " الوجه الأمبيذوقليسي "للحكمة ، أن تمتلك شجاعة الموقف ، كي يكون بإمكانك أن تقول : لا واضحة وخالية من بُحّة الخائف او لكنة الهارب ، أو أن تصمت وتواري خطواتك في عتمة المشهد !
قلتُ لصاحبي : ولكن ماذا فعل عصفور لكي تتحدث بهذه النبرة القاسيّة ؟
- لم يفعل شيئاً ، ولكن كلّ شهر ألتقي بعصفور على صفحات مجلة العربيّ الكويتية بجنيه ونصف مع " أوراقه الأدبيّة " التي يكررها ويجري تعديلات عليها أحياناً ، تراه ينشر ذلك في كتابه " محبة الشعر " الصادر عن الدار المصريّة اللبنانيّة 2009 ، ويعيد بعضاً مما نشره في مجلة العربيّ بعددها 659 الصادر في اكتوبر 2013 .
ولا مشكلة في الإضافة ، ولا شأن لي بها ، ولكن في كلّ مرة يسرّب عمنا تبريراته لموقف قد قام به في نهاية حكم مبارك ، حين أصبح وزيراً لأسابيع ، يبررُ كثيراً ،بمناسبة أو بدون مناسبة ، وهذا الـأمر مزعج للقارئ ، فكيف للكاتب وقد أزعجه حتى بات ينشر كلّ شيء ويدس تبريراً هنا وتسويغاً هناك لفعلة قام بها ، ولعله لا ينصتُ كثيراً لذاته ، بل ينصت لنميمة المقاهي ، وتأتيه الكلمة من صديق ، فيُجرح بها ، وجرحُ القريب على الكريم كبائرُ ! ، ولعله يندفع مأخوذاً بحمى نميمة الأبعدين ، ويكتب المقالة والأخرى مستحضراً موقفه مبرراً له واضعاً إياه في سياق يبدو فيه مثل طلقة بندقية وسط موسيقى بيانو على نشاز الصوت وتلعثم العبارة ! .
لننظر في هذا العدد ، ولنطل معه على ما قاله في سياق موضوع مختلف:
( وذهبتُ من كلية الآداب إلى قسم طه حسين ، وقبل أن أمضي في دراستي العليا حرصتُ على أخذ الإذن بالمضي في طريقه فأذن لي ، وارتقيتُ في المناصب الجامعيّة إلى أن جلستُ على كرسيه رئيساً لقسم اللغة العربيّة ، وورثتُ عنه أنَّ الأستاذ الجامعيّ هو المثقف المهموم بالعمل العام في مجالات الثقافة ؛ فقبلتُ أن أكون أمينا عاماً للمجلس الأعلى للثقافة ، ولم أنسَ ما اخذته عنه من الإباء الذي لا بد أن يتحلى به الرجل الصادق مع نفسه ، فاستقلت منصب وزير الثقافة ، حين شعرتُ أني لستُ في حكومة تليقُ بما تعلمته من أفكار طه حسين ، ولا أزال ماضياً على الدرب الذي لا يمنع التلميذ من الإضافة الى مآثر الأستاذ ،بادئاً من حيث انتهى الأستاذ ) 74 .
أضاف صديقي قائلاً : أقرأُ مقالة عصفور في اكتوبر وأبتسم على سذاجة تبريراته التي لم تعد نافعة ، ولعل الأولى به أن يكون أكثر جرأة أو يترك ورقته تسقط في الريح ، أقرأ عصفور متذكراً " سلسلة اقرأ " التي أنشأها طه حسين ، وكان قد أصدر في عددها الأول يناير 1943 " أحلام شهرزاد" وهي سلسلة في ثراء المعرفة وسعة الأفق تولاها العميد طه حسين برعايته وكتب مقدمة لحلقتها الأولى مشيعاً ثقافة الحق والخير والجمال بين طبقات الشعب ، ومن ثم ينهض الشعب بما ينوء به و ( حتى يكون هذا اللقاء الخصب الذي يعم به نفع العلم والفلسفة والأدب ) !
وليس هنا محل المقارنة ، بل المقارنة في علاقة الاب بأبنائه ، وعصفور هنا يدعى نسباً لموقف كبير ، بإشارة غامضة تصله بالعميد ، وهو يوم ذاك كان عاملاً او طالباً في الاتصالات ، وكانت سهير القلماوي من أكثر طلاب طه حسين وأنضجهم وعيا وفكراً ففي 28 اكتوبر عام 1973 ينتقل طه حسين إلى جنة الخلد ، وفي 28 أكتوبر 1974 تمر ذكرى رحيله على تلميذته الكبرى الدكتورة سَهير القلماويّ " وتكتب في سلسلة اقرأ " ذكرى طه حسين " وهي تستوحي العنوان من آفاق طه حسين الذي كتب أول أطروحة أكاديميّة عنوانها ( ذكرى أبي العلاء ) ليكتمل المعنى نشيداً خالداً بين الأب وابنته في رحلة عمر امتدت من قاعة الدرس إلى حفلة الزواج الذي أمضاه بيده ، فقد كان لها أكثر من أب قرأت على يديه ألف ليلة وليلة وهو الذي كان من ذي قبل مبعداً من الجامعة ! .
وحديث القلماوي عن أبيها أكثر صفاء ومحبة وصراحة ، حديث تلميذ يتعثر أمام أستاذه ، وحديث عصفور عن طه حسين حديث من وجد فيه شماعة يعلق عليه زيف الحاضر مسوغاً عثرة قد تبدو له في أول الطريق سلماً لكنها سلم للهاوية بعد عمر من العقلانيّة والتشدق بها ! ، تستذكر القلماوي اختبارا جرى لها في أيام التحصيل :
( وسألني أستاذي [ وتعني به طه حسين ] قرب النهاية وأنا أقرأ نصّا شعريّاً :
- وما معنى الثبور ؟
- أجبتُ متسرعة :
- لا أعرفُ .
قال :
- ألا تعرفين الويل والثبور وعظائم الامور ؟
- لا أعرف
-ألم تقرئي ألف ليلة وليلة ؟
- كلا ، لم أقرأ .
- فضحك ، وقال :
- ولا بالانجليزيّة .
- مشيراً إلى أني كنتُ متخرجة في مدرسة تعلمتُ فيها كل مواد الدراسة الثانويّة بالانجليزيّة وكنت أكثر من استعمال تعبيرات يستشف منها ، بحسه الدقيق أنها أجنبية )
وسهير في اختبار الليسانس لم تعرف ( الثبور ) ، ولكنك يا عمنا الكبير أظنك لم تعرف بعد( معنى الثبور ) وأنت وزير الثقافة وأمين مجلسها الأعلى، ومن قبل ومن بعد كاتب مقالات معادة ومكررة في العربيّ ، لم تقرأ الليالي العربيّة المعاصرة ، ولم تجد معنى لــ( الويل والثبور وعظائم الـأمور ؟ ) حتى في البنيويّة !
ضحكتُ بعد أن أنهى صديقي حديثه ، وقلتُ له : أو تظنّ أنَّ من كان على شاكلته في العراق من عرف ( الويل والثبور وعظائم الأمور ) !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعة ديوك الأميركية ضد الممثل الكوميدي جيري ساي


.. المغرب.. إصدارات باللغة الأمازيغية في معرض الكتاب الدولي بال




.. وفاة المنتج والمخرج العالمي روجر كورمان عن عمر 98 عاما


.. صوته قلب السوشيال ميديا .. عنده 20 حنجرة لفنانين الزمن الجم




.. كواليس العمل مع -يحيى الفخراني- لأول مرة.. الفنانة جمانة مرا