الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العجوز بعد العمل

جواد طالب

2005 / 5 / 29
الادب والفن


لم يعرف مصدر الضيق الذي عانى منه. فقط شعر بوخز قوي في صدره لم يطق مجاراته. لعله أراد الخروج قليلاً لكن درجات البناء ستعييني، هي ومنظرها الدنيء، لم يكن علي أن أنزل في هذا البناء، بناء لا تجد فيه شخصاً ودوداً واحداً. ربما إن فتح النافذة على مصراعيها سيدخل قليل من الهواء ويحييه مرة أخرى. آه غراب لعين، علي أن أنظف الجرح الآن. تباً للهواء وتباً لهذه النافذة. لا يجد المرء في حياته شيئاً واحداً صحيحاً.

أين أنت الآن، دائماً علي أن أبحث عن الضمادة اللعينة، بئس هذا اليوم، أين وضعتها؟ ها هي، أتختبئين وراء التلفاز القبيح، تعالي إلى هنا. إذا انشقت نسائجك الآن لن أرحمك. صناع كَرِبون، لا أحد يتقن فعل شيء. ستنزف طويلاً قبل أن تلتئم. انظر إلى هذا الفأر، أظنك تبدو سعيداً أليس كذلك، تبحث في طعامي وتشرب من مياهي، خذ هذه، آه كسرت مزهريتي المفضلة!

لا أدري لم يبدو البيت كئيباً جداً، السقف منخفض جداً لي، الجدران بلون الرمادي. غريب، لم أشعر هكذا في حياتي كلها، لماذا الآن يبدو البيت مزعجاً جداً. أود فقد لو أضربه، لكن لا سأضطر للبحث عن الضماد مجدداً، لن أضربه اليوم، ربما غداً. آه، منكم، من ألقى الستار على المرآة، ابتعدي من هنا، تسترين كل شيء وتمنعيني من الاستمتاع بمرآتي، اغربي بعيداً، كنت لرميتك من النافذة ولكن ...، انس هذا الأمر، انظر إلى المرآة الآن.

إيه، كأنك تشعر بالقرف من جسدك الأم، الأمر الوحيد الذي يواسيني النظر إليه هو..، لا ارفع البنطال مر رقت طويل إياك أن تفعلها، نظرة واحدة فقط، أقول لا، أرجوك نظرة واحدة لن تضر أحداً، لا لا تفعل، آه، ما هذا، ألم أقل لك؟، لم يتوجب علي أن أفعل ذلك، أشعر بغصة تصل إلى حلقي. حتى النفس الذي آخذه يصطدم مع ما يبدو كحاجز عريض يملأ المجرى كله. يا له من منظر كريه. سأنظر مجدداً.

وجدتها، سأستل كتاباً من المكتبة، مر زمن طويل وأنا لم أقرأ، هات لنستمتع قليلاً، ((الحياة السعيدة))، يبدو جميلاً، ((لتشعر سعيداً عليك أن تقول لنفسك بصوت قوي جداً، اليوم سأكون سعيداً)) هراء، (( لا تجعل من كل شيء مصدر بؤس لك)) آه، أردنا أن نستمتع قليلاً فظهر لي متنمر يريد إلقاء المواعظ كيفما شاء، أقول أنه يشعر بالسعاة بنفسه، أليس كذلك، اغرب عن وجهي أنت الآخر.

من هذا الذي يزعجني في هذا الوقت –يركض كما لم يركض منذ ثلاثين عاماً- من هذا الشنيع الذي يعكرني الآن، هات لنرى، ماذا تريد؟ فاتورة الهاتف، أنت متأخر لثلاثة أشهر وقد اضطررنا لتغريمك. آه منكم أنتم شركة الهاتف يا لكم من، أتدري ماذا أعطني الإيصال فحسب، خذ هذه نقودك، ولا تعد مجدداً. إيه، انتظر، انتظر، أترغب بكوب من الشاي، سأعده طازجاً. أعتذر لدي كثير من الأعمال. إيه اغرب عن وجهي، حتى أني لا أملك الشاي، هيا اذهب. انتظر، إيه. سيدي بالفعل لدي كثير من الأعمال. كلمتان فقط، سأقولهما لك وستذهب بعد ذلك. أسمعت آخر نكتة؟

انتظر لا تذهب, آه ما الفائدة منك أنت أيضاً، هيا اذهب اتركني وشأني. شاب بغيض. آه. – جلس قليلاً يتأمل الأرض، لم تأته أية أفكار، وضع يده على وجهه وسنده بمخدة وأسلم نفسه للنوم – آه مخدة لعينة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادل إمام: أحب التمثيل جدا وعمرى ما اشتغلت بدراستى فى الهندس


.. حلقة TheStage عن -مختار المخاتير- الممثل ايلي صنيفر الجمعة 8




.. الزعيم عادل إمام: لا يجب أن ينفصل الممثل عن مشاكل المجتمع و


.. الوحيد اللى مثل مع أم كلثوم وليلى مراد وأسمهان.. مفاجآت في ح




.. لقاء مع الناقد السينمائي الكويتي عبد الستار ناجي حول الدورة