الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لقاء صحفي

صالح برو

2013 / 10 / 18
الادب والفن



بعد أن قضى مجمل حياته في حاوية التعب، كما يزعم، سائراً من خلال سلالم فكره الذي يرصد العمل الميؤس منه، وساقيه اللتين تطيعانه دائماً وعينيه اللتين بذلتا كل ما بوسعهما لالتقاط خفايا الأعماق الذائبة، تحت سترة الأرض المختبئة في ضريح الحقيقة، حيث يسير عليها العالم، لتحققا له نجاحاً لم يحلم به أحد من قبل، ومع ذلك فشل فشلاً ذريعاً، فقرروا منحه فرصة أخيرة لقاء تحقيق مطالب الجهة المعنية به.
إنه الصحفي المجهول بهويته، الغائص في ثيابه وصوته الشبيه بالدخان، يقوده حسب مسار الريح الذي يبث من خلال كاميرا ترافق ذراعيه أينما جاب، في الغابات، المدن، الأحياء، الشوارع، المطابخ، الحمامات، دورات المياه، حتى في أحلامه.
إذ يلتقي أخيراً بمجموعة من النباتات متفاوتة الأعمار، والمختلفة بأحجامها وأشكالها وألوانها، لكل منها لغة وسرعة وأسلوب في الاستطباب. إنها النباتات التي لا تنمو إلا في المعارك، وهو الذي يواجه ضميره لأول مرة في حياته.
انزوى معهم إلى مكان مفتت، لكنه آمن إلى حد ما، لحظات قليلة أنهى زراعة المايك بينهم وسلط الإضاءة اللازمة لإرضاء شعور الكاميرا المشيدة على قدميها، فبدأ باختيار اللقطة العامة كما تكفلت الأجواء أن تكون موسيقى مرافقة للحدث، لتضفي إيحاءات ودلائل ومعاني للمشهد المأخوذ.
في ساحة مليئة بالأسئلة ألقى شباك صوته الجهوري الذي التقط ما كان يسعى إليه من بحر ماضيه ثم سأل عن دواعي الاستعمال.
فأجابت إحداهن الأكثر معرفة بشؤون الإعلام، وهي النبتة الدبلوماسية: عادة نستخدم لمعالجة أعراض وظهور الأفكار المتنامية على وجه الأرض الناجمة عن حرية الرأي والتعبير، وقبول الطرف الآخر. هذه نقطة.
أما النقطة الثانية... فنحن ننستخدم لمن يود التخلص من القلق والتوتر النفسي المتفشي عبر الحضارات، إلى الانفتاح على عوالم جديدة، تساهم في بناء إنسان سليم متحرر من كل عاهة لصيقة به.
أما النقطة الثالثة، والأكثر أهمية فهي أننا نستخدم لمن يرغبون بالاستقلال، والاستقرار والتآخي، دون الخضوع والرجوع إلينا، هذا باختصار
- ليتك تحدثينا ولو قليلاً عن المنشأ والمصدر، ومدى تأثيركم في المرض المذكور.
- في الحقيقة المنشأ أكثر من مكان، عادة، هذه الأمور تبقى حسب المساهمات الدولية المتفق عليها سابقاً.
أما بالنسبة إلى المصدر..تقصد مصدرنا أليس كذلك؟.
- نعم بالضبط.
- مصادرنا أيضاً كثيرة ومختلفة، وهي التي تحدد بحسب أحجامنا وأشكالنا وألواننا ومقاييسنا، كالصواريخ والمدافع والقنابل والبنادق، ونصرف بحسب الوصفة الطبية التي تقدم لنا في المنشأ، وذلك من خلال الدراسات السريرية والفحوص المخبرية التي تجري وبشكل دوري على المرض، أو بالأحرى على المرضى الذين يقطنون في الأماكن المحددة فنسير إليها بحسب التوجيهات المقدمة لنا، من قبل الطبيب المختص على أساس تشخيص حالة المرض، إما بزيادة الجرعة، أو تخفيضها.
سرعان ما تدخل أحد النباتات مألوفة الشكل، ضمن الكادر ليكمل بقية الجواب، بدلاً من صديقته النبتة الدبلوماسية، بطريقة أدبيه وأكثر اتزاناً.
بدا من خلال مداخلته الجريئة أنه المعني بخصوص أجوبة، كهذه.
اقترب من الكاميرا ضمن (لقطة متوسطة) قد حددها الصحفي المجهول.
- أما بالنسبة إلى مدى تأثيرنا على المرض، كما ذكرت فإن أسلافنا قد خضعوا لتجارب كثيرة، عبر العصور ولم تحقق لهم نتائج مذهلة،كما نحن عليه الآن، فآخر ما توصلنا إليه، إزالة كل ما هو مخيف نهائياً، لعدم تشعب المرض المسمى (بسرطنة الحرية) واحتمال انتشاره في بقية الأجزاء الراكدة من العالم، وباستطاعتك أن تأخذ نموذجاً تصويرياً من هذه النتائج بنفسك، وأنا بدوري سأكمل حديثي، تعودت على ذلك، لا عليك.
هذا ما تعود عليه الصحفي المجهول أيضاً، اختيار مجموعة من اللقطات ذات الأبعاد الفنية (بان يمين، بان يسار، ميديوم، كلوز، اكستريم) يرافقها حوار النبتة مما يساعد في البناء المشهدي للصورة المأخوذة.
- تناثر الأبنية المعششة بالمرض المذكور، وكل ما فيه بشكل نهائي، كي تكتوي تحت أشعة الشمس من باب التعقيم فقط، خدش نوعي في حنجرة الهواء، تهيج وتشنج، يصيبان جميع الأصوات، نقص أعداد هائلة من الأرواح، مع السماح بمرور كميات فائضة من الدم المتخثر على سطح الأرض، الذي لا لزوم له نهائياً، التهاب مزمن يصيب جسد الأرض حتى القاع، على مدى سنوات طويلة ، بما فيها النباتات بمختلف أنواعها مع مراعاة الحيوانات، التي لا بأس بها أيضاً، فرط إفراز الأوكسجين، وأمور أخرى كحدوث نوبات صرع للظلال نتيجة الاحتكاك المفاجئ والمباشر مع الخوف، هذا ما عدا التنميل والنخر، مما يساعدنا على ضياع ملامح الشوارع، عندها يضطر المريض الثبات في المكان قدر المستطاع، حتى فترة السماح المحددة له بالخروج، ريثما تخفف جرعة العلاج المقدم له.
ــ ليتك توضحين أكثر، ما هي الغاية من ثبات المريض في المكان؟ وما هي الأهداف التي ترمون إليها؟.
ــ لسهولة حركتنا مع الأورام المتشابكة والمتشعبة في بعض المناطق المحددة، أما إذا لم يلتزموا بالنصائح والإرشادات المقدمة لهم، فنضطر حينها إلى طمر كل شيء، وهذه الحالات تحدث في بعض الأحيان، ولكن بحسب تقديري، هي طبيعية جداً، ولا خوف عليها، ولنا تجارب سابقة في مثل هذه الحالات.
ــ سيدتي...!، هل هناك تأثيرات غير مرغوب فيها، فيما يخص المريض حصرياً؟.
مشيراً بسؤاله مع حركة الكاميرا نحو إحداهن الأكثر بريقاً متمرنة على إجابة أسئلة من هذا النوع.
تقترب النبتة المعروفة بالسيدة البريقة من عدسة الكاميرا، الموجهة إليها بلقطة (مقربة )، تتخذ وضعية تجعلها أكثر جاذبية مع إخفاء ابتسامة خلف ملامحها...
ــ الأمور واضحة كوضوح الشمس للمريض، وأفهم ما ترمي إليه، وما تقصده من خلال سؤالك هذا.. لا عليك، جفاف وشلل في المواقف، إسهال في الإعلام، وبشكل مكثف، لكنه يختفي بشكل تلقائي، يمكن أن يسبب بعض النعاس، أو ما يسمى بالنعاس المطمئن لبعض الناس المعروفين بحساسيتهم المفرطة، تجاه الديمقراطية، في المقابل، هناك حالات أخرى تجري على العكس، كفقدان الحس بمجريات الواقع، والفرط في السمع مثلاً، إمساك في الجرأة، والشجاعة، ونادراً ما يسبب صحوة كاملة عند بعضهم، تعود أسبابها إلى نتيجة المشاهد المباشرة عما يجري بشكل يومي، عن تعدد أساليب العلاج، وخاصة بعد العمليات الجراحية، وبثها عبر التلفاز والراديو، لتنمية ثقافة المتلقي، والوسائط المتعددة الأخرى كالصحف والجرائد اليومية ،التي تلف بها السندويشات، ومسح زجاج السيارات، لكنها لا تسبب لنا أية مشكلة، لأنها تتلف وتتلاشى بسرعة، وهذا لا يعني ظهور كتاب و وجوه إعلامية جديدة، لمجرد تسني الفرصة لهم، وبالتالي هي من إحدى النواحي مفيدة نوعاً ما، لمكافحة البطالة، مبدئياً، هذا ما أستطيع أن أعلق عليه الآن
ــ هل من نصائح مفيدة لهؤلاء المرضى الذين لا يزالون قيد العلاج؟.
تلتفت النباتات نحو الوراء، من أثر سماع صوت النبات الأكثر حجماً ووضوحاً، أفسحوا له المجال للاقتراب من عدسة الكاميرا، بلقطة ( لقطة كبيرة) كما اختارها الصحفي، ورتب لها سابقاً، ورآها الأنسب
ــ ما تفضلت به -أستاذي الكريم - سؤال مهم
ــ أولاً على جميع المرضى بالإجماع الامتناع عن تناول الأمل، وعدم الإكثار من احتساء الطموح، وعدم الاعتماد على الجوار، وخاصة أثناء فترة العلاج، وهي الأسباب الرئيسة لتفشي حالة المرض، وانتشاره في أصقاع المجتمعات البشرية، وهذا ما يقلقنا حقيقة، وفي بعض الأحيان قد تكون الهجرة مفيدة، ولكنها بالتالي مؤقتة، لا جدوى...
ــ هل من كلمة أخيرة ؟...
ــ شكراً لك على هذا الحوار النوعي الذي أجريته معنا، على الكلمات مباشرة، ونتمنى أن نلتقي مرات عديدة في لقاءات مطولة ضمن ظروف أجمل ونتائج أهم... انتبه إلى نفسك...
(باي...)
ينـزلق وجه الصحفي، داخل الكادر كعادته (لقطة كبيرة جداً)
ــ أعزائي المشاهدين أصدقائي القراء..أحبائي المستمعين
قدمنا لكم لقاء صحفياً مع نماذج من نباتات، لا تنمو إلا في المعارك.
شكراً لكم على حسن المشاهدة والقراءة والاستماع، طاب نهاركم.
كنتم مع الصحفي...
مراسل...
من المكان...
(إظلام الكاميرا)
بعد أسبوع، يمكننا مشاهدة فيلم وثائقي، من خلال لجنة صناعة السينما والتلفزيون التابعة للسماء، عن الصحفي المجهول، وهو يقف في مكان مجهول مثله، بعد أداء التحية الخاصة به، أمام مجهول آخر، لا نرى منه سوى يديه، وهذه مشيئة الله، إنها خصوصية ملكه
(العارف... العليم)
يدان تزرعان وسام الترويج في صدر الصحفي، الذي بات معروفاً جداً... جداً.
من يود الحصول على نسخة من الفيلم، عليه أن يتسلل ليلاً إلى تلك المدينة المذكورة لنتابع الحقيقة معاً، وبعدها نتحمل عقوبة مائة جلدة إذ تقاسمناها فيما بيننا فحصة كل منا ظل جلدة... بل قبلة جلدة، والله غفور رحيم.

شتاء 2008








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - صدقي صخر بدأ بالغناء قبل التمثيل.. يا ترى بيحب


.. كلمة أخيرة - صدقي صخر: أول مرة وقفت قدام كاميرا سنة 2002 مع




.. كلمة أخيرة - مسلسل ريفو كان نقلة كبيرة في حياة صدقي صخر.. ال


.. تفاعلكم | الفنان محمد عبده يكشف طبيعة مرضه ورحلته العلاجية




.. تفاعلكم | الحوثي يخطف ويعتقل فنانين شعبيين والتهمة: الغناء!