الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تعب ثوار الفضائيات السوريون؟

محمد جمول

2013 / 10 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


خلال الفترة الأولى من عمر ما يسمى الثورة السورية، كان فرسان القنوات التلفزيونية من المفكرين والسياسيين السوريين الذين باعوا أنفسهم لفيلسوف الشر برنار ليفي والمخابرات الغربية والإقليمة يتوجهون إلى الشعب السوري وشعوب المنطقة بثقة لاتقل عن ثقة عرافي معبد دلفي وهم يضربون الموعد بعد الآخر لسقوط النظام السوري خلال ساعات أوأيام أوشهور. ولأن النبوءات كلها سقطت وتحولت إلى تهريج سقط المتنبئون بها وصاروا مجرد مهرجين.
لكن عصافير الشاشات التلفزيونية استمرت في إطلالاتها مع اختلاف في الدور. في الفترات الأخيرة بات المواطن السوري المثقل بروائح الدم وأخبار القتل اليومية بحاجة لشكل خاص من الترفيه يتناسب والمرحلة. وبات هؤلاء الفرسان هم ذاتهم نجوم المرحلة وهم يطلون علينا بأحاديث مملة مكرورة لايتعدى مضمونها ما يمكن قوله في ثلاث أو أربع جمل: على النظام ان يتنحى وأن الجيش السوري مستمر في قتل شعبه، وأن العالم وعلى رأسه الولايات المتحدة خانهم، وأن إيران وحزب الله وحدهما يقاتلان على الأرض السورية لأن الجيش السوري تلاشى على أيدي مقاتليهم مثلما حدث لكتيبة بريطانية كاملة في معركة "غاليبولي" خلال الحرب العالمية الأولى ضد العثمانيين. وقليل من هؤلاء ينسى تكرار القول إنه- استلام الحكم في سوريا- سيقتل ويسجن كل من لم يقف معه.
الآن وبعدما تبين أن ما جرى في سوريا لم يكن هو ما أراده الشرفاء الوطنيون،
وافتضحت كذبة السلمية- التي ادعوها- في الشهور الأولى والتي من خلالها دخل كل زناة الأرض إلى سورية ونفذت أسوأ عمليات القتل والغدر. وبعدما تبين أن شعارات الحرية والديمقراطية التي رعاها أعداء الإنسانية والتقدم والحداثة كانت أكبر عملية دعارة تحت عنوان الشرف والعفة. بعدما تبين هذا كله ألا يحق لنا أن نحاسب من خدعونا وكذبوا علينا أربعين عاما وكنا نصدقهم وهم يكتبون لنا عن الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان بعدما ضبطناهم في أوكار اللصوص يتقاضون منهم ثمن ما يقولون ويكتبون؟
ولسنا هنا مطالبين بالتحدث عن السلطات ورموزها لأننا لم نكن نظن خيرا بأحد منهم، وكنا نعرف أن لهم مصلحة في نشر وتعميق الفساد والاستبداد اللذين لا ننكر أنهما الحامل الأساسي لما وصلنا إليه. لكن عاقلا واحدا لا يمكن أن يقبل بالنموذج القطري أو السعودي ولا المخابرات الأمريكية وأشباهها بديلا عن الوضع القائم. فهل البديل هو داعش وجبهة النصرة، وقطع الرؤوس وأكل الأكباد حتى ولو مع" التكبير"؟
بعد الدمار الكبير الذي لحق بسورية، وبعدما اعترف العالم كله بوجود إرهابيين من 83 دولة يدمرون ويقتلون الشعب السوري، وبعدما تبين أن "ثوار" سورية وجيشها الحر ليس أكثر من مجموعات صغيرة محدودة العدد والقوة ملحقة بجحافل الإرهاب العالمي بقيادة غيفارا المسلمين بندر بن سلطان وقبله غيفارا الشعوب المضطهدة حمد القطري( ولك ان تختار واحدا منهما لشدة تدافعهما وتفانيهما في الدفاع عن الشعوب)، بعد هذا كله هل يستحي واحد من هؤلاء ويتقمص لحظة شجاعة ليقول: لم يكن الجيش السوري هو القاتل الوحيد على الأرض السورية وأن حزب الله لم يكن القوة الخارجية الوحيدة ولا أول المتدخلين في سورية. شرف الكلمة والشرف الشخصي يقتضيان قول كلمة صدق عن عشرات آلاف المواطنين والجنود الذين قتلهم " ثوار" بندر والحمدين، ومثلهم من المفقودين والمخطوفين، وكلمة صدق أخرى عن عشرات المذابح التي ارتكبت من قبل هؤلاء لأسباب طائفية بحتة بقصد إثارة حرب طائفية في "شرق الطوائف" المتعايشة منذ فجر التاريخ. والأدهى من ذلك أنهم دائما كانوا يؤكدون أن هذه المذابح من فعل الجيش السوري، لكن حبل الكذب قصير، كما يقال. فتبين أن جبهة النصرة ليست صنيعة النظام كما ادعوا في البداية قبل أن يعودوا للدفاع عنها واعتبارها القوة الضاربة لثورتهم. لكنهم وقعوا في شر أعمالهم حين بدأت تلتهمهم.
من البداية قالوا لنا إنهم يعتمدون فقط على الله والشعب في ثورتهم، ولأن الواقع
أثبت انهم لم يكونوا يعتمدون إلا على الولايات المتحدة وعملائها طلعوا بنغمة خيانة الولايات المتحدة والعالم لهم وغاب الله والشعب عن أسباب فشلهم لأنهما بالأصل لم يكونا سوى غطاء لما يراد لسورية والشعب السوري من قتل ودمار لا يخدم سوى إسرائيل ومن يدعمها.
الآن دخلنا مرحلة جديدة من بهلوانيات سيرك الناشطين والمثقفين السوريين الذين أدمنوا الفضائيات ذات الأجور المرتفعة والصوت العالي. فقد بدأوا يتبرأون من أنفسهم ومما كانوا يقولونه. لقد كانت الخيبة كبيرة مع تراجع الولايات المتحدة وامتناعها لأول مرة عن اقتناص فرصة أخرى، هي هذه المرة سورية الشعب والوطن إرضاء لبرهان غليون وعبد الرزاق عيد وجلال صادق العظم وصبحي الحديدي وآخرين ممن نظّروا للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فصل جديد من التوتر بين تركيا وإسرائيل.. والعنوان حرب غزة | #


.. تونس.. مساع لمنع وباء زراعي من إتلاف أشجار التين الشوكي | #م




.. رويترز: لمسات أخيرة على اتفاق أمني سعودي أمريكي| #الظهيرة


.. أوضاع كارثية في رفح.. وخوف من اجتياح إسرائيلي مرتقب




.. واشنطن والرياض.. اتفاقية أمنية قد تُستثنى منها إسرائيل |#غرف