الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-مفاوضات- يتوقَّف فيها الزمن!

جواد البشيتي

2013 / 10 / 18
القضية الفلسطينية


ليس من عبارة سياسية فاقِدَة، أو فَقَدَت، معناها كعبارة "عملية السلام (بين الفلسطينيين والإسرائيليين)"، أو شقيقتها عبارة "مفاوضات السلام"؛ وليس من مكان في عالم السياسة الواقعي تَقِف فيه على معنى "توقُّف الزَّمن" إلاَّ هذا المكان، أو الموضع؛ وها هو "كبير المفاوضين الفلسطينيين" يُعْلِن، للمرَّة الألف، أنَّ إسرائيل "تُدمِّر عملية السلام"، باستمرارها في "النشاط الاستيطاني"؛ فَكَمْ هي قوية متينة صلبة هذه "العملية" التي لم تُدمَّر بَعْد؛ مع أنَّ التدمير الإسرائيلي لها بدأ إذْ بدأت!
وعلى هامش ثنائية "البناء الاستيطاني المستمر، والهدم، أو التدمير، المستمر لعملية السلام"، يُرفِّه قادة إسرائيل عن أنفسهم بشيء من الجدل السياسي الفلسفي؛ فرئيس الدولة بيريز يُخْبِر رئيس الوزراء نتنياهو (في لهجة اللائم له على تقصيره) أنَّ السلام لا يُصْنَع بين أصدقاء، وإنَّما بين أعداء؛ فيَرُدَّ عليه (وكأنَّه يضيف اكتشافاً إلى هذا الاكتشاف) قائلاً: إنَّه (أيْ السلام) يُصْنَع مع عدوٍّ يريد السلام (وليس مع العدوِّ الفلسطيني الذي لا يريد السلام، وإنْ أكثر من الكلام عنه، ومن التفاوض في أمره).
والحقيقة هي أنَّ نتنياهو زوَّر حقيقة (إذْ زَعَم أنَّ الفلسطينيين لا يريدون السلام) مُضَمِّناً كلامه حقيقة أخرى هي أنَّ السلام الذي تريده إسرائيل يتعذَّر قبوله فلسطينياً، والسلام الذي يريده الفلسطينيون يتعذَّر قبوله إسرائيلياً؛ أمَّا الوسيط (أو الراعي) الدائم الذي لا شريك له، وهو الولايات المتحدة، فلم يَكْتَشِف، حتى الآن، طريقاً إلى سلامٍ يريده، أو لا يريده، "الطَّرفان"، اللذان كلَّما تفاوضا أكثر اكتشفا أنَّهما أَهْلٌ لمزيدٍ من الصراع، لا للسلام.
في نهاية تموز (يوليو) الماضي، وبعد مرور 20 سنة على بدء "عملية أوسلو"، استؤنِفَت المفاوضات بينهما، برعاية إدارة الرئيس أوباما؛ وفي آخر أخبار تفاوضهما (الذي يُجْريانه في خارج الزمن) حَذَّر الفلسطينيون من مغبَّة "الانهيار"، قائلين إنَّ المفاوضات (في جولتها التي لا اسم لها ولا رقَم..) توشِك أنْ تنهار؛ لأنَّ المفاوِض الإسرائيلي مُصِرٌّ على احتفاظ إسرائيل بوجود عسكري دائم لها على طول الحدود (الفلسطينية) مع الأردن؛ أمَّا نائب وزير الدفاع الإسرائيلي دانون فيَسْتَنْتِج من الرَّفْض الفلسطيني لهذا الشرط، أو المطلب، الإسرائيلي، ولغيره من شروط ومطالب إسرائيل الأمنية والتلمودية، أنَّ "عملية السلام" هي في حُكْم الميتة (ولا يحيي الموتى إلاَّ رب العالمين).
أين مكمن الخلل الكبير في "مفاوضات السلام" بين إسرائيل والفلسطينيين؟
عن هذا السؤال يجيب دانون قائلاً: إنَّه (أيْ مكمن الخلل) في "نقطة الابتداء" في المفاوضات؛ فالمفاوِض الإسرائيلي لم يُوفَّق، حتى الآن، في "إقناع" نظيره الفلسطيني بـ "المبدأ الأوَّل" للسلام، ألا وهو "حاجة إسرائيل إلى الاحتفاظ بغالبية الأراضي (أراضي الضفة الغربية) مع أقل قدر ممكن من سكَّانها الفلسطينيين، الذين، على ما صرَّح وزير الاقتصاد الإسرائيلي بينيت، ينبغي لهم (ولو ضمَّت إسرائيل إليها غالبية أراضي الضفة الغربية مع أقل قدر ممكن من سكَّانها "العرب الذين يُسمُّون أنفسهم فلسطينيين") أنْ "يشكروا" إسرائيل لكَوْنِها "لم تذبحهم"، كما يُذْبحون في سورية أو مصر!
نتنياهو يُؤْمِن بأنَّ السلام يُصْنَع مع "عدوٍّ يريد السلام"؛ لكنَّ رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يَكْشِف بَعْد لهذا "العدوِّ الفلسطيني (العنيد)" عن "سِرِّ" الدولة التي قد "يمنحها" له إذا ما "لانَ" و"اعتدل"، مُعْلِناً قبوله كل الشروط والمطالب الإسرائيلية، وفي مقدَّمها اعترافه بإسرائيل على أنَّها دولة يهودية (لا تَخُصُّ إلاَّ "الشعب اليهودي").
وهذا "السِّرُ" هو "أندورا"؛ و"أندورا" هي إمارة صغيرة (مساحةً وسكَّاناً) تقع بين فرنسا وإسبانيا. إنَّها "دولة داخلية"، لها عاصمة، وعَلَم، وبرلمان، وحكومة، ودستور؛ مزدهرة سياحياً، ليس لديها مطارات دولية، وتتولَّى فرنسا وإسبانيا الدفاع عنها.
قد يوافِق نتنياهو على مساحة لإقليم "دولة أندورا الفلسطينية" تَعْدِل مساحة الأراضي الفلسطينية التي احتلتها في حرب 1967؛ لكنَّه سيستميت في الدفاع عن "الحق التلمودي والأمني الإسرائيلي" في أن يكون إقليم الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية ضِمْن إقليم "دولة إسرائيل اليهودية"، فهذا الإقليم الفلسطيني لن يتَّصِل بقطاع غزة إلاَّ عبر إسرائيل؛ كما لن يتَّصِل بالأردن إلاَّ عبر أرضٍ من الضفة الغربية ضُمَّت إلى إسرائيل، فوجود "دولة أندورا الفلسطينية" في داخل، وضِمن، "دولة إسرائيل اليهودية"، هو جوهر "حل الدولتين" الذي قبله نتنياهو (على مضض)!
وهذه "الدولة ـ المَكْرُمة"، يجب أنْ تكون منزوعة «الوحشية العسكرية والإرهابية»، فلا سلاح لديها إلاَّ سلاح الإيمان بأنَّ لها رَبَّاً يحميها؛ فكل همزات الوصل (البرية والجوية والبحرية) بينها وبين العالم الخارجي يجب أن تكون خاضعة للسيطرة الإسرائيلية، أي أنَّ «الدولة اليهودية» يجب أن تحد «دولة» الفلسطينيين في الضفة الغربية، شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً. ستكون تلك الدولة على هيئة «جزيرة فلسطينية» في بحر إسرائيلي، إنْ لم تكن على هيئة «أرخبيل فلسطيني» في بحر إسرائيلي.
الوجود الدائم للجيش الإسرائيلي على طول الحدود مع الأردن إنَّما هو جزء من الجهود الإسرائيلية لبناء "دولة أندورا الفلسطينية"، التي ربَّما لا تُمانِع إسرائيل في أنْ تَعْدِل مساحة إقليمها مساحة الأراضي الفلسطينية التي احتلتها في حرب 1967؛ لكن بما يُوافِق مبدأ "ضم مقابل ضم"؛ فهي (أيْ إسرائيل) تَضُمُّ إليها "غالبية أراضي الضفة الغربية مع أقل قدر ممكن من سكَّانها الفلسطينيين"، مُعْطِيةً الفلسطينيين ما يَعْدلها من أراضيها الخالية من السكَّان الإسرائيليين؛ فـ "المساواة" إنَّما هي "المساواة في الكم"، وإنْ أجْحَفَت بالفلسطينيين بمعيار "النَّوْع"!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مرشحو الدورة الثانية للانتخابات الفرنسية يحاولون جذب أصوات ا


.. هآرتس: الجيش الإسرائيلي يسيطر على أكثر من ربع قطاع غزة| #نيو




.. إسرائيل توافق على أكبر عملية مصادرة لأراضي الضفة الغربية منذ


.. الإصلاحي بزشكيان والمحافظ جليلي.. تعرف على مرشحي رئاسة إيران




.. الجيش الإسرائيلي يواصل حرق منازل بحي الشجاعية شرق مدينة غزة