الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منظمة راية الشغيلة وتجربتي معها 3 ــ 5

جاسم الحلوائي

2005 / 5 / 30
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


حدث هذا قبل نصف قرن ــ القسم الثاني
منظمة راية الشغيلة وتجربتي معها
( 3 ــ 5 )
بعد إعتقال بهاء الدين نوري في نيسان 1953 تولى كريم احمد سكرتارية اللجنة المركزية. وبعد فترة وجيزة ضُمّ حسين الرضي(سلام عادل) اليها. وقد لعب الأثنان دوراً أساسيا في محاولة التخلص من النهج اليساري الأنعزالي، وقد إنعكست تلك المحاولة في الوثيقة التي صدرت عن اجتماع اللجنة المركزية في كانون الثاني 1954، والموسومة ( جبهة الكفاح الوطني ضد الأستعمار والحرب)، وفي السلوك العملي للحزب ايضا. فعندما أعلنت حكومة أرشد العمري في ايار1954 ، عن إجراء إنتخابات برلمانية، ولأول مرة مباشرة وليس على درجتين كما كان الأمر سابقا، في 9 حزيران، بادر الحزب (وكان سلام عادل مسؤولاًعن لجنة العلاقات الوطنية بالاضافة الى قيادته للجنة بغداد) الى تشكيل جبهة وطنية. وبتضافر جهوده و جهود الأحزاب الوطنية الأخرى أعلن في 12 ايار 1954 عن تاليف جبهة وطنية للانتخابات. ونشر ميثاقها، ذو الطابع الوطني الديمقراطي، في اليوم التالي، موقعاً من قبل حزبي الوطني الديمقراطي والاستقلال وكذلك ممثلو العمال والفلاحين والمحامين والطلاب والأطباء والشباب، وكان هؤلاء يمثلون في حقيقة الأمر الحزب الشيوعي العراقي .
كان الوضع محرجاً بالنسبة لمنظمة راية الشغيلة، وبالرغم من ذلك، فإنها سلكت سلوكا مستقلا. فرشحت الشيخ محمد الشبيبي في النجف الى جانب مرشح الحزب الدكتورخليل جميل الجواد . وفشلت المفاوضات بين الحزب والمنظمة للإتفاق على مرشح واحد لكي لاتنقسم الأصوات ، ففشل الأثنان في الأنتخابات . وفي بغداد فاز المرشح المستقل عبد الوهاب القيسي الذي ساندته منظمة راية الشغيلة. أما في كربلاء فقد ساندت المنظمة سعد عمر، وهو وطني مستقل . كانت خطة المنظمة إستثمار اجتماعات ومظاهرات الدعاية الأنتخابية لتحريك الجماهير ورفع معنوياتها وخلق أجواء ملائمة للنشاط الثوري . ولم تكن تأبه لنتيجة الأنتخابات .
لقد كنت هتافا نشطا في الفعاليات الجماهيرية للدعاية الأنتخابية، الامر الذي انتبه اليه المرشح سعد عمر، فأرسل من يخبرني بأنه يطلب اللقاء بي في بيته. وقد ذهبت، بعد أن وافقت المنظمة على ذلك. كان في بيته جمع غفيرمن المؤيدين وكان هوجالسا في صدر المجلس موفورالصحة يلمع نظافة وأناقة. ذهبت إليه بملابسي المحلية (دشداشة ونعال والجاكيت على الكتف معلقاً بالسبابة !!). ذهبت هكذا وفي بالي سخرية الشيوعيين بقادة النقابات الأنكليزية، الذين يتأنقون عندما يلتقون بالوزراء البرجوازيين. كان فحوى حديث سعد عمر، هو إن الجهد يجب أن ينصب على إرسال اكبر عدد من المندوبين الوطنيين الى المجلس، وهذا يتطلب تعبئة أكبر عدد ممكن من الناس، والشعارات المتطرفة لاتخدم هذا الهدف مثل شعار توزيع الأراضي على الفلاحين . أجبته بأن إرسال مندوب أو مندوبين زيادة الى المجلس لايغيًر من الأمر شيئاً؛ فالمجلس في نظامنا الراهن يمكن حلًه بجرة قلم؛ في حين إن رفع مستوى الوعي لدى الجماهير هو الضمان لتطور الحركة الوطنية. وهكذا إفترقنا مختلفين. وعشية الأنتخابات قررت المنظمة مقاطعتها إحتجاجا على مضايقات السلطة. ولم يفز سعد عمر، بل فاز مرشح الحكومة عبد الحسين كمونة.
في هذه الفترة حصل تغيرهام على قيادة الحزب. فقد تمكنت منظمة السجن في بعقوبة من تدبيرهروب ناجح لحميد عثمان ، وذلك في 16 حزيران 1954 . لقد سعى حميد عثمان بمختلف الأساليب لكى يكون قائدا فعليا للحزب وهو في السجن. مستغلا صلابة موقفه في التحقيق والظروف الشاذة التى كان يمر بها الحزب ، في تحقيق طموحه غير المشروع . وقد سلمه الرفيق كريم أحمد القيادة كأمرمفروغ منه. لقد أحبط حميد عثمان محاولة القيادة السابقة (كريم احمد وسلام عادل) للتخلص من النهج اليساري ـ الأنعزالي، والقيادةالفردية والبيروقراطية . فبدلا من الدعوة الى حكومة وطنية ديمقراطية، أخذ يدعو الى إقامة سلطة شعبية تحت قيادة الطبقة العاملة. [1] وكانت قيادته فردية، فقد أقدم على وضع ونشر برنامج جديد بإسم اللجنة المركزية بدون أخذ موافقة اللجنة المركزية عليه مسبقاً. [2] ولم تكن قيادة حميدعثمان تختلف، في نظري، من حيث الجوهر عن قيادة بهاء الدين نوري. وكان ذلك أحد أسباب إستمرار الأنشقاق في الحزب الشيوعي العراقي.
في صيف 1955 بادرت منظمة "راية الشغيلة" الى الدعوة لوحدة الحزب في صحيفتها "راية الشغيلة"؛ وأرسل مسؤولها جمال الحيدري رسالة الى اللجنة المركزية يطلب فيها عقد لقاء لبحث الأوضاع في العراق بعد دخوله في الأحلاف العسكربة. ولكن حميد عثمان لم يطلع اللجنة المركزية على الرسالة. وإنفرد بالإجابة عليها بالرفض. وقد عثر سلام عادل على الرسالة في أوراق حميد بعد إستلام مهمته كسكرتير للجنة المركزية، وأجاب عليها طالبا المباشرة بالحوار؛ بعد حصوله على تخويل من اللجنة المركزية بذلك. وضع سلام عادل نصب عينيه توحيد الشيوعيين في حزب واحد كمهمة أولى له بعد توليه مهمته الجديدة. [3] وقد دُرست رسالة سلام عادل في إجتماع ضمّ ( 15 ــ 20 ) من الكوادر المتقدمة في منظمة "راية الشغيلة". وكان من بين الحضور جمال الحيدري وحمزة السلمان وعبد الرزاق الصافي. وحينما باشر حمزة السلمان قراءة الرسالة إعترض الصافي على نبرة السلمان المتحيزة، فأعطيت الرسالة للصافي لقراءتها. وكان غالبية المجتمعين مع المباشرة يالحوار؛[4] والذي استغرق من آب 1955 الى حزيران 1956 !!
عند خروجي من السجن في صيف 1955 تقرر إنتقالي الى النجف كتدبير صياني . كانت إقامتي في بيت حسين سلطان، عضو المركز القيادي لمنظمة "راية الشغيلة" ومسؤول منظمة الفرات. الأوسط وكان نفوذها بالأساس في محافطة كربلاء ولديها بعض الركائز هنا وهناك خارج المحافظة. إنتظمت في هيئة يقودها كاظم فرهود (أبو قاعدة) ومعنا رفيق آخر. وكنت على إتصال برفيقين في الكوفة وخلية فلاحين في أبو صخير. وفي أول إجتماع للهيئة تحدث ابو قاعدة لنا، بحماس ، حول المساعي الجادة المبذولة لتحقيق وحدة الحزب. الإنطباع الذي خرجت به من حديثه هو إن نوعا من الإندماج سيحصل بين الحزب والمنظمة، وليس حل المنظمة وتقديم طلبات فردية من قبل اعضائها الى الحزب، كما كان يؤكد الحزب قي كل مناسبة[5].
في بداية حزيران 1956 القى القبض عليّ في الكوفة. اخذت مباشرة الى مفوض الخفرالذي لم يكن في مقرعمله الرسمي ــ مركز الشرطة، بل كان واقفا بالقرب من جسر الكوفة. إستفسر عن أسباب وجودي في الكوفة، فأجبته : " لبيع دبس الرمان". وبعد تفتيشي ، لم يجدوا شيئا معي ً. أمر بتوقيفي . وفي اليوم التالى سُفرت الى كربلاء.
في منتصف حزبران وصل محمد حسن مبارك الى موفف كربلاء، وهو في طريقه الى النجف قادما من موقف السراي . وبعد ان تعارفنا أخبرني بأن وحدة الحزب قد تحققت؛ وإن هناك بيان صادر من منظمة "راية اشغيلة" يقضي بحل نفسها. ولم تكن لديه أية تفاصيل عن البيان؛ فقد سمع الخبر في موقف السراي.. لم أعد أتحمل البقاء في الموقف، وقررت أن أخرج بأي صورة من الصور. أرسلت مذكرة الى حاكم التحقيق أطلب فيها تزويدي بحيثيات قراره القاضي بتوقيفي، لأني أنوي إستئناف القرار. فأطلق سراحي على إثر ذلك. سافرت في نفس اليوم الى النجف، ومباشرة الى "البيت الصيفي".[6]
يتبع
[1] ـ القاعدة 7 حزيران.
[2] ـ انظر ثمينة ناجي يوسف ونزار خالد "سلام عادل ، سيرة مناضل" ،الجزء ألأول ص 100.
[3] ـ المصدر السابق، ص 120 .
[4] ـ مخابرة تلفونية مع الصافي أوائل نيسان 2005
[5] ـ عرفت لاحقاً بأن كاظم فرهود كان قد إلتقى سلام عادل في تلك الفترة، بناء على إتفاق بين جمال الحيدري وسلام عادل ، يقضي بتنظيم لقاءات بين الأخير والمتشددين من قادة المنظمة. وإن سلام أقنع كاظم بضرورة حل المنظمة ، بعد نقاش دام من الصباح الباكر حتى منتصف الليل. للمزيد راجع المصدر السابق ، ص 121 .
في تلك الفترة إستنتجت بأن حسين سلطان إلتقى بسكرتير الحزب، وذلك من خلال تلميحاته وتعليقاته (على سبيل الثرثرة)، بعد عودته من سفرة الى بغداد.
[6] ـ هكذا كنا نسمي الصريفة التي بنيناها ، في خريف1955، في أطراف النجف ، أنا وحسين سلطان وحزام عياّل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف