الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنت

ابراهيم فيلالي

2013 / 10 / 18
الادب والفن


سأختار لك عنوانا و أرسمه وشما في ذاكرتي كي لا أنساك. و سأكتبه في كل صفحة جديدة أدون فيها ما أريد، حتى اذا خانتني ذاكرتي يكون ما كتبته ذاكرة لا تموت. لأن ما نكتبه لا يخشى النسيان و لايزعجه صراع التمثلات و الأفكار بداخلنا. لا يتعرض ما نكتبه " للتعرية " . أما ما نخزنه في ذاكرتنا الداخلية ، فانه يمر بسلسلة من العمليات التي تسمح بتكوين الذاكرة. لأن الأمر لا ينحصر في عمل ميكانيكي ، بل يتجاوز مجرد تخزين و حفظ الى استيعاب و ادراك و وعي بما نحفظه. و لا تشتغل الذاكرة جيدا الا اذا أبعدنا الأوهام. لا يتمتع بذاكرة قوية الا من يستعمل العقل . فالعقل و الذاكرة يتكاملان في وظائفهما. العقل يبحث عن معنى علمي للظواهر الانسانية و الطبيعية ، بمحاولة اكتشاف الأسباب و الخصائص و كيفية الترابط و القوانين الموضوعية و الغايات... يعني الكشف عما هو خفي. نفس الشيء بالنسبة للذاكرة ، في بعد آخر، فهي تستحضر لأسباب ما شيئا معينا في سياق معين و في الوقت المناسب. هي كذلك تكشف عن الخفي و المخزون حيثما دعت الضرورة. و قد تكون الضرورة علمية . يحتاج العقل في مساره لمخزون الذاكرة و لكن حسب تصور محدد. الذاكرة اذن ليست ميكانيكية و لكنها تخضع لتصور عام في اشتغالها.
قلت سأختار لك عنوانا أكثف فيه ما أريد ، كي يكون في مستوى الصورة التي تأخذ مكانك في مخيلتي. و ليس هناك عنوان بهكذا الصورة سوى "أنت".
سأختار "أنت" عنوانا لعدم النسيان. فمن المؤلم أن ننسى صديقا(ة) و رفيقا(ة) و عزيزا(ة). كلما رأيت "أنت" في جملة هنا و هناك و كلما سمعت"أنت" و كلما كتبت "أنت"...في كل هذه اللحظات أستحضر صورتك و أراك. هكذا يستحيل أن أنساك، لأنك موجودة في كل جملة و ينطقك كل واحد . أنت فوق الذاكرة. لا نحتاج للذاكرة كي تشتغل لتستحضرك في مناسبة ما. أنت هنا و هناك في كل مكان حاضرة. أنت تجاوزت الصراع مع النسيان ، لهذا فأنت مكسب للذاكرة و أنت من شروط اشتغالها. فكيف أنساك و أنت جزء مكون لذاكرتي ؟
"أنت" عنوان لأجمل وردة رأيتها ... و قالت لي انها لا تخشى سوى الرياح. فعلا ، فالرياح أقوى منها و مني. فكرت طويلا و قلت في نفسي، و اذا حملتها معي و مشيت بعيدا عن أرض الرياح؟
لسببين ، الأول ، كونها صريحة و لديها جرأة الاعتراف بضعفها( الخوف من الرياح) ، لا تنافق نفسها. و الثاني، حبي لها. لهذين السببين سأحملها معي و سأجدها أينما مشيت.
قالت لي : احذر من الحبال و انتبه جيدا.
فقلت: كيف؟ فأنا أعرفها جيدا. ثم أضفت ، ضاحكا، و هل ستخدعني و تمأزقني؟ و هل تعرف الغدر و الخيانة؟ الجبال طبيعة ، نحن من نغيرها أما هي فانها ثابتة.
و قالت: تماما، هذا ما أريد أن تقول. ثابتة. و لأنها كذلك فاياك أن تصبح كالتلال.
فقلت: كيف؟
فقالت: انها شامخة و واقفة على الدوام. و لكنها لا تتحرك أبدا من مكانها . فلم يسبق أن سمعنا بجبل انتقل من مكان الى آخر. الجبال لا تهاجر و لا تسافر و لا تتحرك. و لكننا لا نجد جبلا منحني الرأس . كل الجبال واقفة مرفوعة الرأس و لكنها لا تسافر.
وقلت: شكرا. سأحملك معي كي لا نصبح مثل الرياح. و سنمشي و سنتفادى الرياح و سنمر من طريق آخر.
فقالت: قلت انني أخشى الرياح لأن الزكام يصيبني و تضعف قدراتي و لا ألمع جيدا و لا أتفتح و لا أحيا كما أريد. أما الآن فالرياح لم تعد تهمني و لا أخشاها، لأنك غيرت المكان، فالطريق ليس هو المكان، لأنك حين تحررت من الجبال ، تحررت أنا أيضا من الخوف من الرياح. و من هنا تبدأ رحلتنا : أن نتحرر من الرياح و الجبال. و نبقى صديقين.
و ما الصداقة؟ قلت .
فقالت: هي التكامل. فالحب طفل التكامل. أليس كذلك ؟
وقلت: بلى. الحب طفل التكامل، الحب طفل التكامل... هكذا أردد و أنا أحزم حقائبي لاستئناف الرحلة.
ثم أضافت: الترحال متعة و روعة ، مبتسمة، و ليست الهجرة غربة . فكم من غريب يشبه التلال ؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا